Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يجب الترحيب باللاجئين الأفغان القادمين عبر البر

أهلاً باللاجئين: ليس انسحاب القوات نهاية الأزمة. سوف يأتينا المزيد من ملتمسي اللجوء في حالة من الصدمة والإنهاك، ومن واجبنا دعمهم

"ما المُنتظر من هؤلاء الناس المعرضين للخطر، الذين "تُركوا" فعلياً؟" (رويترز)

بعد مشاهد الرعب الكلي لأجساد تتساقط من الطائرات، وأطفال يُمررون فوق الأسلاك الشائكة، وضحايا ينزفون ويُدفَعون في عربات اليد، انتهت عملية الإجلاء من أفغانستان بقيادة الجيش.

هذا هو نص الرواية الرسمية على أي حال. وبينما لقيت الأزمة تعاطفاً يستحق الإعجاب، لمَّحت ردة الفعل هذه في الوقت نفسه إلى أن انسحاب القوات الأميركية هو النهاية، وفصل الختام الدموي في منافسة رهيبة، نجح فيها الفائزون السعيدون بالهرب فيما تُرك الخاسرون المأسوف عليهم لمصيرهم.

لكن ليس هذا ما سيحدث. فبدل أن يكون الانسحاب نهاية الأزمة، سيكون على الأرجح بدايتها. من وجهة نظري، بصفتي مؤسسة شبكة للاجئين تدعم المنظمات الخيرية في المملكة المتحدة وشمال فرنسا واليونان، من الواضح جداً للأسف ما سيحدث تالياً.

حتى بعد انتهاء عملية الإجلاء، سوف يكون آلاف الذين تُركوا معرضين للأذى، بينما يهدد خطر الجوع والمرض والاضطهاد باقي السكان.

ما المُنتظر من هؤلاء الناس المعرضين للخطر، الذين "تُركوا" فعلياً؟ أن ينتظروا ليتأكدوا إن تم اختيارهم للمشاركة في أحد برامج إعادة التوطين. لكن على أرض الواقع، ما فرصهم بالحصول على موقع في أحد البرامج؟

يتعهد برنامج إعادة التوطين البريطاني باستقبال 20 ألف شخص على خمس سنوات لكن الخطر ليس مقسوماً على خمس سنوات. هؤلاء الأشخاص يعيشون وضعاً يهدد حياتهم الآن، وهم أكثر من عشرين ألفاً. لو كانت هذه عائلتي، لبذلت كل ما بوسعي من أجل نقلها إلى بر الأمان الآن. وهو أيضاً ما ستفعلونه أنتم وسياسيوكم.

في الوقت الراهن، لا يتوجه إلى المملكة المتحدة سوى أقل من 0.5 في المئة من اللاجئين الأفغان، ولكن نظراً إلى عدد الأشخاص الذين هم في خطر الآن، من المحتمل جداً أن يتجه بعضهم ناحيتنا. علمتني السنوات الست الماضية أنه حين يهرب أشخاص من أفغانستان، تستغرق رحلتهم وصولاً إلى كاليه بين ثلاثة وأربعة أشهر بالمعدل، وإن استطاع بعضهم الوصول في فترة أقل.

يعمل الزملاء الذين يديرون منظمات خيرية في شمال فرنسا الآن على حشد الموارد والمتطوعين، ترقباً لوصول اللاجئين الأفغان إلى كاليه ابتداءً من أول أكتوبر (تشرين الأول). سوف يكونون مصدومين ومنهكين، بعد أن شهدوا بأم العين فظائع أكثر رعباً من تلك التي رأيناها على شاشات التلفزة. سوف يكونون في غاية الخوف على مصير الذين تركوهم ومرتبكين لوجودهم على قارة أخرى. وسوف يكون على المنظمات الخيرية مثل المركز النسائي للاجئات (Refugee Women’s Centre)، ومبادرة معالجة صدمة اللجوء (Refugee Trauma Initiative)، ومنظمة إنفو باص للاجئين Refugee InfoBus، أن تدعمهم، سواء في كاليه أو في بعض الحالات، داخل المملكة المتحدة.

أعتقد أن الشعب البريطاني سيرحب بهؤلاء اللاجئين -وغيرهم- أكثر مما فعل في الماضي. خلال الأسابيع القليلة المنصرمة تلقت المنظمات الخيرية في جميع أنحاء البلاد مستويات غير مسبوقة من الدعم والتبرعات للاجئين الأفغان، في حالات كثيرة، من أشخاص وأماكن لم يكن الوضع يعنيها في السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد أن درست عن كثب المواقف البريطانية من اللاجئين طيلة السنوات الست الماضية، أعتقد بأن ردة الفعل هذه ليست استثناء لمرة واحدة بل انعطاف كامل. بدأ الخطاب المعادي للاجئين الذي غذاه البعض زهاء عشر سنوات بالتلاشي. لماذا؟ لأنه للمرة الأولى، شاهد جمهور الإعلام المعاصر لماذا وكيف يصبح الناس لاجئين- تأتي قوى لا نفوذ لهم عليها لتضع حياتهم في خطر لا يمكنهم تفاديه ولا التصدي له داخل دولهم.

لكن السؤال الأهم هو، كيف ستستجيب الحكومة البريطانية؟ هل ستقدم لهم "استقبالاً حاراً"؟ وفقاً لمشروع قانونها المعادي للاجئين، الذي وصل حالياً إلى مرحلة الدراسة في البرلمان، سيكون هؤلاء الأفغان الآخرون لاجئين من الدرجة الثانية، لأنهم لم يأتوا عن طريق برنامج إعادة التوطين الرسمي. صحيح أن "طالبان" تهدد حياتهم. وصحيح أنهم ربما شهدوا مقتل أعضاء من عائلتهم حتى. لكن الأمر الوحيد الذي يهم حكومتنا هو طريقة السفر التي اختاروها- مع أن طريقة السفر غير مذكورة في التعريف القانوني الدولي للاجئ.

إن تطبيق مشروع قانون الحكومة الجديد المعادي للاجئين على الأزمة الحالية في أفغانستان سيعطينا تصوراً واضحاً وواقعياً للغاية عن طريقة تطبيقه عملياً- ومدى سوئه من الناحية الأخلاقية. فلنأخذ مثلاً، إن الطفل الذي مُرر إلى جُندي فوق السياج الشائك لم يُؤخذ على متن طائرة. تلقى الطفل علاجاً طبياً ثم أعيد إلى أبيه. فلنتخيل أن عزم ذلك الأب على إنقاذ ولده يعني أنه لن ينتظر ليرى إن كان سيظل على قيد الحياة ريثما يُعرض عليه مكان في برنامج إعادة التوطين. وأنه يتمكن بشكل من الأشكال من تفادي نقاط التفتيش التي وضعتها "طالبان" ويصل إلى باكستان. ثم ينجح في عبور الطريق الخطر في اتجاه إيران ويشتري وثائق مزورة لكي يبلغ تركيا. بعدها، يتمكن هو وابنه بطريقة ما من النجاة من وحشية ورعب الطريق عبر البلقان، ويصل إلى كاليه. وفي النهاية، يأخذان المخاطرة المريعة بركوب زورق هش يأخذهما إلى المملكة المتحدة. ماذا عندها؟

من وجهة نظر حكومتنا، الرجل وابنه مهاجران غير شرعيين ولا يستحقان الحماية الكاملة المُعطاة للاجئيها "المفضلين". أهذا ما نريده نحن بصفتنا مجتمعاً رؤوفاً؟ يبدو من غير المعقول أن يقبل الشعب البريطاني بمزاجه الحالي بسيناريو كهذا. أن يصبح آلاف الأشخاص الذين يتبرعون ويجمعون ويعرضون المساعدة على اللاجئين الأفغان -لأنهم شعروا بصدمة عميقة أمام يأس ذلك الرجل الذي يمرر ابنه فوق الجدار- فجأة سعداء بأن تتخلى حكومتنا عن ذلك الرجل وترفض مساعدته بسبب طريقة هروبه.

هل سيستمر المزاج الجديد أم سيدخل النفاق وفقدان الذاكرة على الخط؟

بصفتي شخصاً متفائلاً يثق بالشعب البريطاني، أعتقد أن الاحتمال الأول هو الصحيح. ولهذا السبب أنظم مسيرة خارج البرلمان مع شركاء مثل منظمة نساء من أجل اللاجئات (Women For Refugee Women) لكي أبين لحكومتنا ونوابنا وأعضاء أحزابنا بأننا نستطيع الارتقاء بجهودنا تجاه طالبي اللجوء وهذا واجبنا، وأنه علينا عدم السماح بتمرير مشروع قانون الجنسية والحدود.

روس إريرا هي مُؤسِّسة التضامن مع اللاجئين Solidarity with Refugees

© The Independent

المزيد من آراء