Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رايتس ووتش": انتخابات قطر لحظة تاريخية مشوهة

فرز القانون الانتخابي المواطنين إلى مستويات في حق التصويت والانتخاب على أساس عرقي

تستعد قطر لتنظيم أول انتخابات برلمانية جزئية في ظل جدل حقوقي حول نظام الانتخابات (أ ف ب)

منذ أن أقرّت السلطات في الدوحة نظامها الانتخابي الجديد في أواخر يوليو (تموز) الماضي، والذي يمنع القطريين الذين يصنفهم قانون الجنسية المثير للجدل "متجنسين" مقابل "المواطنين الأصليين" من التمتع بكامل الامتيازات في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) على ثلثي مقاعد "مجلس الشورى"، والاعتراضات داخلياً، وعلى المستوى الدولي، تتصاعد، إذ تشهد الساحة المحلية القطرية جدلاً ونقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى أرض الواقع، بعد أن شهدت العاصمة القطرية تجمعات احتجاجية، قادتها قبيلة "آل مرة"، إحدى أكبر القبائل المتأثرة بالتصنيف الجديد، وهو ما ردت عليه السلطات القطرية بتوقيف واحتجاز بعض قادة الحراك لما وصفته بـ"إثارة النعرة القبلية والعنصرية".

لحظة تاريخية لكنها شوهت

الجدل حول القانون الانتخابي الذي أقرّه أمير البلاد في 29 يوليو لم يتوقف على الداخل القطري، بل انتقل للمنظمات الحقوقية الدولية، خاصة في بنده السادس الذي قسّم القطريين إلى ثلاث درجات، وهي: قطريون أصليون يحق لهم الترشح والانتخاب، وقطريون مجنسون مولودون في قطر، وجدّهم قطري، وهؤلاء يحق لهم الانتخاب، ولكن لا يحق لهم الترشح، بينما هناك فئة ثالثة هي المجنسين، الذين لا يحق لهم الترشح أو الانتخاب.

وعلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، في تقرير لها حول هذا البند المثير للجدل، قائلةً "إن القوانين التي أقرت أواخر يوليو لتنظيم الانتخابات التشريعية الأولى في قطر ستحرم فعلياً آلاف القطريين من الاقتراع أو الترشح".

وأوضح نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة الحقوقية، آدم كوغل، أنه كان من الممكن لقطر أن تجعل إشراك المواطنين في الحكم "لحظة تاريخية يحتفى بها، لكنها شُوّهت" بفعل حرمان عديد من القطريين من حقوق المواطنة الكاملة في القوانين الجديدة التي جعلت القطريين غير متساوين، بحسب كوغل.

صلاحيات تشريعية باستثناء

وبحسب الإعلان القطري، فإن النظام الجديد سيمنح مجلس الشورى صلاحيات تشريعية لممارسة نفوذه على السلطة التنفيذية، باستثناء الهيئات التي تضع السياسات الدفاعية، والأمنية، والاقتصادية، والاستثمارية. وستكون ضمن صلاحياته اقتراح قوانين، والموافقة على الميزانية الوطنية، أو رفضها، بحسب المنظمة الدولية.

وسيمثل 30 عضواً منتخبين 30 دائرة انتخابية، ويستمر الأمير الذي كان يعين جميع أعضاء المجلس الـ45، بتعيين الـ15 الباقين، إلا أن تقسيم أفراد المجتمع أمام حق المشاركة أحال "الاستحقاق الديمقراطي" الجزئي إلى جدل لم يتوقف على الرغم من سلسلة الإيقافات التي نفذتها السلطات القطرية خلال الأسابيع الماضية لناشطين معارضين للقانون، بحسب منظمات حقوقية.

هذه الإثارة دفعت أستاذ القانون الدستوري في كلية القانون في جامعة قطر، حسن السيد، للتحذير من العواقب المترتبة على القانون الجديد بقوله، "إن التقسيم المبني على الأساس القبلي والانتخاب الفردي سينجم عنه تشكّل ظاهرة من يحقق أكبر قدر من المكاسب القبلية، وعدم وصول بعض الكفاءات من الأفرع الصغيرة في القبيلة أو من الأسر الصغيرة التي أدرجت في دائرة انتخابية، وعدم وصول أي امرأة إلى مجلس الشورى بالمقعد الوحيد المخصص لمن يمثل القبيلة فقط".

قطر: اعتقلنا عدداً قليلاً

من جانبه، رد "مكتب الاتصال الحكومي" القطري على طلب "هيومن رايتس ووتش" للحصول على معلومات محددة تتعلق بالاعتقالات. وقال إن السلطات استدعت عدداً قليلاً فقط من الأشخاص خلال فترة تسجيل الناخبين بسبب "الخطاب المحرض على الكراهية، والسلوك المسيء عبر الإنترنت تجاه الناخبين، والتحريض على العنف تجاه مسؤولي إنفاذ القانون، وغيرهم من الجمهور"، وإن معظم القضايا "تم حلها ولم يتخذ أي إجراء آخر". ولم يتضمن البيان معلومات عن أي من الحالات الفردية المحددة التي استفسرت عنها المنظمة.

وأصدرت وزارة الداخلية القطرية بياناً، أشارت فيه إلى أن السلطات القطرية لن تتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد "كل من يحاول النيل من وحدة المجتمع وتماسكه".

وأضافت، "تضمنت القوانين آلية تظلم يمكن للقطريين استخدامها للطعن في استثنائهم من الاقتراع أو الترشح في الانتخابات".

بنود قانون الجنسية

وتتلخص معظم الانتقادات لقانون الانتخابات القطري الجديد حول ما يتعلق بقانون الجنسية الجديد في البلاد الذي يحمل رقم 6، وينص على "أن بإمكان المواطنين البالغين 18 عاماً وما فوق الذين جنسيتهم الأصلية قطرية أو المتجنسين الذين يمكنهم إثبات أن أجدادهم ولدوا في قطر الاقتراع في الدائرة الانتخابية التي يقع فيها عنوانه الدائم"، أي "محل إقامة القبيلة أو العائلة"، بينما يمنع جميع المواطنين المجنسين الآخرين من حق الاقتراع. ويمنع جميع المواطنين المجنسين من الترشح أو التعيين في هيئات تشريعية".

وتقسم قانون الجنسية الجديد المواطنة لعدة المستويات بخلاف قانون الجنسية القطري لسنة 2005، الذي يعرف "القطريين أساساً" على أنهم جميع "المستوطنين" في قطر قبل 1930، وأولئك المثبت أنهم من أصول قطرية بقرار أميري.

وبحسب هذا القانون، لا يسمح للذين استعادوا جنسيتهم بالترشح في الانتخابات أو التعيين في أي هيئة تشريعية.

كما نص القانون على أنه "لا يجوز التسوية بين من اكتسب الجنسية القطرية وبين قطري، بالنسبة لحق شغل الوظائف العامة، أو العمل عموماً، قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ كسبه الجنسية".

ويسهل القانون على الدولة سحب الجنسية من القطريين "المتجنسين"، ويخضع أطفال المواطنين المجنسين المولودين في قطر بعد اكتساب الجنسية لهذا الوضع القانوني، بغض النظر عن مكان ولادتهم، ما يطيل أمد الحرمان من حقوق المواطنة الكاملة عبر الأجيال.

احتجاجات قبلية

وبدأت الاعتصامات الرافضة للقانون الانتخابي الجديد في 8 أغسطس (آب) الماضي، وبعد أن منحت اللجنة الانتخابية القطريين فترة خمسة أيام للتسجيل للاقتراع، بدأ القطريون الذين لم تقبل طلباتهم بالتعبير عن استيائهم على الإنترنت، والعديد فعل ذلك على "تويتر". كان بينهم كثيرون من قبيلة آل مرة، الذين طالما انتقدوا حرمانهم من حقوق المواطنة الكاملة.

وفي اليوم نفسه، أحالت وزارة الداخلية سبعة أشخاص إلى النيابة العامة بتهمة "نشر أخبار غير صحيحة وإثارة النعرات العنصرية والقبلية"، من دون أن تنشر أسماءهم.

في اليوم التالي، نظم أفراد من قبيلة "آل مرة" الاعتصام الأول من سلسلة اعتصامات يومية في مختلف الأماكن قرب الدوحة، قال أفراد من "آل مرة" على "تويتر"، إن "القوى الأمنية القطرية اعتقلت على الأقل 14 شخصاً بين متظاهرين ومنتقدين آخرين للقانون".

ويذكر أن علاقة بعض أفراد آل مرة، التي تضم عشائر عدة، بالعائلة الحاكمة في قطر مضطربة منذ عقود. وبدأ الأمر في 1996 عندما سحبت الجنسية القطرية من عائلات من عشيرة "الغفران" من "آل مرة"، ما ترك بعضهم من دون جنسية حتى اليوم، والبعض منهم استعاد الجنسية بعد 2005، ولكنهم صنفوا "متجنسين" بدلاً من مواطنين أصليين".

وكانت أولى خطط انتخابات مجلس الشورى الجزئية قد وضعت للمرة الأولى في الاستفتاء الدستوري في قطر في 2003، وقدمت الوعود بإجراء انتخابات نيابية في 2007 و2010 و2011 و2017، لكن لم تجرِ أي منها، ومن المتوقع أن تبدأ أول نسخة انتخابية في الثاني من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي