Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"اجتماع أوبك+" بين ضغوط الأسعار وتوقعات الطلب

التحالف النفطي يجتمع الأربعاء لتقييم أداء الأسواق ومستوى الإنتاج

توقعت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها أن الأسواق ستمر بتراجع حاد خلال الفترة المتبقية من العام (رويترز)

تراجعت أسعار النفط عن أعلى مستوياتها في أربعة أسابيع، وبعد مكاسب حققتها على مدى جلستين متتاليتين ووسط ترقب الأسواق لاجتماع "أوبك+"، الذي يتزامن مع انحسار المخاوف حيال إعصار "أيدا" الذي ضرب منطقة خليج المكسيك في الولايات المتحدة.
ونزل سعر عقود "برنت" القياسي، تسليم أكتوبر (تشرين الأول)، بنسبة 0.9 في المئة، تعادل 66 سنتاً إلى 72.75 دولار، بعد ما ربح واحداً في المئة في جلسة الاثنين 30 أغسطس (آب) الحالي.
كما تراجع سعر العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي تسليم أكتوبر، التي من المقرر أن تنتهي الثلاثاء (31 أغسطس)، بنسبة 1.1 في المئة، تعادل نحو 78 سنتاً، ليصل إلى 68.43 دولار للبرميل، بعد ما زاد 0.7 في المئة في الجلسة السابقة.
وتتجه أسعار الخامين القياسيين إلى تسجيل خسارة شهرية خلال أغسطس، هي الأكبر منذ أكتوبر الماضي. 

السوق في وضع الانتظار

وقال رافيندرا راو، نائب الرئيس المعني بالسلع الأولية لدى "كوتاك سيكيوريتز"، لوكالة "رويترز"، إن "سوق النفط في وضع الانتظار والترقب، إذ يجري تقييم أثر الإعصار أيدا على كل من الطلب والعرض". وأضاف "المتعاملون في السوق يحجمون عن القيام برهانات كبيرة قبل اجتماع (أوبك+) الخاص بالمراجعة غداً" 1 سبتمبر (أيلول). 
وأوقف الإعصار "أيدا" ما لا يقل عن 94 في المئة من إنتاج النفط والغاز البحري في خليج المكسيك وتسبب بأضرار "كارثية" لشبكة الكهرباء في لويزيانا.
ويقول مسؤولو مرافق عامة إن انقطاع الكهرباء قد يستمر ثلاثة أسابيع، مما يبطئ جهود إصلاح واستئناف عمل منشآت الطاقة، والتي قد تستغرق ما لا يقل عن أسبوعين لاستئناف العمليات بالكامل. 

اجتماع "أوبك+" 

ومن المقرر أن تجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، المعروفة باسم "تحالف أوبك+"، الأربعاء (1 سبتمبر)، لتقييم أداء أسواق الخام العالمية وتوقعات الطلب مع استمرار تفشي وباء كورونا، والسلالات المتحورة وعلى رأسها متغير "دلتا" السريع الانتشار. واتفق وزراء "تحالف أوبك+"، الذي يضم 23 دولة بقيادة السعودية وروسيا، خلال يوليو (تموز) الماضي، على زيادة إمدادات النفط اعتباراً من أغسطس الحالي، في خطوة نحو تهدئة الأسعار التي صعدت إلى أعلى مستوى لها في عامين ونصف العام مع تعافي الاقتصاد العالمي من الجائحة، إذ أقر التحالف زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر، حتى نهاية عام 2022.
وعلى الرغم من أن وزير النفط الكويتي محمد الفارس قال الأحد (29 أغسطس)، إن "أوبك+" قد تعيد النظر في زيادة الإنتاج المقررة بـ400 ألف برميل يومياً، قال مندوبون في "أوبك" لوكالة "رويترز"، إنهم يتوقعون أن تمضي المجموعة قدماً في زيادة الإنتاج، وهو ما سيحدُّ من الأسعار، إذ سيكون القرار على الأرجح تخفيفاً آخر لتخفيضات إنتاجية قياسية نفذتها العام الماضي.
وحثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "أوبك" وحلفاءها على تعزيز إنتاج النفط، لمواجهة ارتفاع أسعار البنزين الذي ترى الإدارة أنه يهدد التعافي الاقتصادي العالمي. وقال دانييل هاينز، كبير استراتيجيي السلع في مجموعة "أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة" لوكالة "بلومبيرغ"، إن السوق ستراقب اجتماع "أوبك+" بحثاً عن أي إشارات تظهر أن الطلب قد لا ينتعش بالقوة التي كانوا يتوقعونها، مضيفاً "لقد تحول المد في الأسابيع الأخيرة، إذ أصبحت السوق أكثر راحة، لأن تعافي الطلب لم يخرج عن مساره بسبب متحورة دلتا".

 أسباب الانخفاض

وأكد الباحث في شؤون النفط، أنس الحجي، في تحليله لتراجع أسعار النفط، أن "هناك أسباباً عدة لهذا الانخفاض، أهمها أن النفط الصخري الأميركي لم يكن موجوداً في عام 2005، وهو الآن ينتج نحو سبعة ملايين برميل يومياً. كما أن إنتاج خليج المكسيك نفسه زاد بشكل ملحوظ. ومستوى المخزون التجاري للنفط الخام حالياً أكبر من المخزون الذي كان في فترة إعصار كاترينا بنحو 125 مليون برميل، في الوقت الذي كانت فيه مدخلات النفط إلى المصافي هي نفسها". وأوضح الحجي أن "هناك العديد من الفروق، منها أن الولايات المتحدة كانت تستورد الغاز المسال والآن تصدره بكميات كبيرة. كما أن صادراتها من الغازات السائلة والمنتجات النفطية زادت بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، الأمر الذي يجعل آثار الأعاصير في خليج المكسيك أعمّ وأكبر من ذي قبل".
لا قرارات مفاجئة 

ويرى المختصون في شؤون النفط أن التوقعات بشأن اجتماع "أوبك+" تشير إلى إبقاء التحالف على سياسة الإنتاج من دون تغيير. وقال الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، "إنه لا يبدو أن تحالف (أوبك+) سيتخذ أي قرارات مفاجئة خلال الاجتماع المقبل، وذلك بسبب التعافي في أسواق النفط، وأداء أسواق المال العالمية، ما يؤدي إلى عدم حدوث أي تغييرات في سياسة التحالف خلال الفترة المقبلة". 
وأوضح الرفاعي أن "العوامل التي تؤثر في أسعار النفط أكثر من اجتماعات (أوبك+)، تتمثل في وضع الاقتصاد العالمي ومتحورات كورونا"، لافتاً إلى أن "هذه العوامل تُشير إلى حدوث اتجاهات إيجابية للنفط، وأن الاجتماع المقبل لن يكون له تأثير كبير في أسعار الخام". 
من جانبه توقع الباحث في الشؤون النفطية، خالد بودي، أن يستمر تحالف "أوبك +" في سياسته المُعلنة سابقاً، وذلك بزيادة الإنتاج بنحو 400 ألف برميل شهرياً، بخاصة بعد التحسن الذي طرأ على الأسعار أخيراً، عقب تراجعها في وقت سابق، موضحاً أنه "على الرغم من المخاوف من تأثير متحورة دلتا في حجم الطلب على النفط، فإن هناك نوعاً من التفاؤل بشأن الأسواق والأنشطة الاقتصادية، كما أن حركة السفر في طريقها إلى التحسن مع زيادة وتيرة التطعيم، واكتشاف لقاحات لوباء كورونا". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعديل سياسة الإنتاج

وأشار خالد بودي إلى أن "استمرار (أوبك+) في سياستها مرهون بعدم حدوث أي تطورات ينتج عنها ضغوط على أسعار الخام، إلى أن يتم الوصول إلى توازن بين العرض والطلب، والتأكد من عدم تراكم فوائض نفطية في الأسواق". وأكد أهمية توافر المرونة لدى "أوبك+"، بحيث تُعدَّل سياسة الإنتاج حسب أوضاع السوق، سعياً إلى تحقيق سعر عادل للنفط، ومقبول من الدول المنتجة، في الوقت الذي لا يُشكل السعر الحالي عبئاً كبيراً على الدول المستهلكة للنفط. 
وأوضح بودي أنه "ليس من مصلحة (أوبك) صعود الأسعار إلى مستويات عالية، مما يؤدي إلى إحجام بعض الدول المنتِجة عن الشراء أو خفض كمية طلبها، ومن غير المتوقع أن تؤدي الزيادة التدريجية في الإنتاج إلى تراجع الأسعار في ظل زيادة الطلب على النفط".

الطاقة الدولية

وكانت وكالة الطاقة الدولية توقعت في أحدث تقاريرها عن الطلب العالمي بأن الأسواق ستمر بتراجع حاد خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، مع عودة تفشي وباء كورونا، والسلالات المتحوِّرة عنه في الدول التي تعدُّ من كبار مستهلكي الخام، في حين توقَّعت الوكالة وجود فائض جديد في السوق خلال عام 2022.
وتعدُّ التوقعات الجديدة تحولاً ملحوظاً في موقف الوكالة التي كانت قبل شهر واحد فقط تحثُّ تحالف "أوبك+" على فتح صنابير الخام، أو المخاطرة بارتفاع مدمِّر في الأسعار. وأضافت "تمَّ خفض النمو في النصف الثاني من عام 2021 بوتيرة حادة، إذ يبدو أن القيود الجديدة لمكافحة كوفيد-19 المفروضة في دول كبيرة عدة مستهلكة للنفط، بالأخص في آسيا، ستقلِّص التنقلات واستخدام النفط".
وتابعت الوكالة الدولية "تقديراتنا الآن تشير إلى أن الطلب هبط في يوليو، فقد أدى الانتشار السريع للسلالة المتحوِّرة دلتا من كوفيد-19 إلى تعطيل عمليات التسليم في الصين، وإندونيسيا، وأجزاء أخرى في آسيا".

التزام الخطة

ويُتوقع أن يمضي تحالف دول "أوبك+" في خطة التراجع عن تخفيضات إنتاج النفط، عندما تجتمع الدول الأعضاء يوم الأربعاء مع تعافي أسعار الخام، وذلك وفق استطلاع أجرته "بلومبيرغ". 
ويتفق غالبية التجار والعديد من الباحثين الذين شملهم الاستطلاع على أن التحالف سيمضي قدماً في زيادة الإنتاج المخطط له في اجتماعهم هذا الأسبوع، في الوقت الذي تتراجع فيه الشكوك حول الاقتصاد العالمي، وتعافي النمو في الصين.
وفي السياق قال أحد الباحثين إن تحالف "أوبك+" سيلتزم على الأرجح الخطة إذا استمر التعافي.

المزيد من البترول والغاز