Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف كسر السودان حدة فيضان 2021؟

البلاد تمكنت من اجتياز المخاطر وسط تنبؤات بهطول أمطار غزيرة على الهضبة الإثيوبية هذا العام

تمكّن السودان من كسر حدة فيضان 2021 من دون حدوث أضرار بشرية ومادية تذكر (اندبندنت عربية – حسن حامد)

ما إن أعلنت إثيوبيا، مبكراً، انتهاء عملية المرحلة الثانية لملء سد النهضة في 19 يوليو (تموز) الماضي، بدأت مخاوف كثير من السودانيين بتعرض بلادهم لموجة فيضان شبيهة بما حدث العام السابق، في ظل التنبؤات التي أشارت إلى هطول أمطار غزيرة على الهضبة الإثيوبية هذا العام، لكن، تمكّن السودان، على لسان وزير الري، ياسر عباس، من كسر حدة فيضان 2021، من دون حدوث أضرار بشرية ومادية تذكر، فما هي الوسائل والإجراءات والتدابير التي اتبعتها السلطات السودانية المختصة للحيلولة دون وقوع فيضان مدمر؟

تجربة فيضان العام الماضي

يقول أستاذ المياه في كلية الهندسة في جامعة الخرطوم، والمستشار السابق للوفد السوداني في مفاوضات سد النهضة، الصادق شرفي، "في الحقيقة، إن السلطات المختصة بشؤون الري والسدود في السودان استفادت من تجربة فيضان العام الماضي من خلال المتابعة الديناميكية بشكل يومي لتفادي حدوث فيضان مدمر، لكن الواضح أن إثيوبيا تعيش في حالة تناقض من ناحية توفير المعلومات الخاصة بملء سد النهضة، ففي أبريل (نيسان) 2021، ذكرت أنها ستقوم بتصريف نحو مليار متر مكعب لكي تبدأ في تعلية الممر الأوسط، وهي نقطة إيجابية، إلا أنه يعيبها أنها تمت من دون تنسيق بين البلدين، كما أشارت السلطات الإثيوبية إلى أنها ستقوم بتخزين 13.5 مليار متر مكعب في سد النهضة خلال شهري يوليو، وأغسطس (آب)، لكن قامت بملء ما يقارب خمسة مليارات متر مكعب، وكل ذلك قاد الجانب السوداني لاتخاذ تدابير وتحوطات مسبقة بتكاليف باهظة بسبب انعدام التعاون في تبادل المعلومات".

الإدارة الديناميكية

وتابع شرفي، "واضح أن وزارة الري السودانية طورت أداءها هذا العام بشكل ملحوظ، واعتمدت على الإدارة الديناميكية بالتحكم في مناسيب المياه وتقليل الضرر، خلافاً لما كان في السابق بأن تتم إدارة الفيضان عند بلوغ القمة في منتصف أغسطس، ما ساهم في كسر حدة الفيضان، فضلاً عن تجهيز السدود السودانية، البالغ عددها ستة، ومتابعتها بشكل يومي، وهي سد الروصيرص على نهر النيل الأزرق الذي يبعد نحو 100 كيلومتر عن سد النهضة، وسد سنار على النيل الأزرق الذي يبعد نحو 400 كيلومتر من الحدود السودانية - الإثيوبية، وسد مروي الذي يقع على نهر النيل شمال الخرطوم، وسد جبل أولياء على نهر النيل الأبيض جنوب الخرطوم مباشرة، وسد خشم القربة على نهر عطبرة المتدفق من الهضبة الإثيوبية في ولاية القضارف شرق السودان، وسد ستيت على نهر ستيت المتدفق من الهضبة الإثيوبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت الصادق شرفي إلى استقرار الوضع الآن من ناحية الفيضان، إذ مرت الفترة الماضية من هطول الأمطار على الهضبة الإثيوبية بسلام من دون حدوث أضرار تذكر، وتبقى الأيام المقبلة من شهر سبتمبر (ايلول)، فهناك ترقب بأن يبلغ الفيضان ذروته في حال كانت كميات الأمطار كبيرة، منوهاً بالجهود والمحاولات التي تمت لتخفيف المياه خلف سد الروصيرص بحيث لا يزيد تصريف المياه على 570 مليون متر مكعب للحد من الضغط على الخرطوم.

واعتبر أستاذ المياه في كلية الهندسة في جامعة الخرطوم، طريقة ملء سد النهضة، غير حضارية، لافتاً إلى أن على الجانب الإثيوبي أن يولي مسألة التعاون في تزويد السودان بمعلومات الملء والتفريغ والتشغيل أهمية قصوى من خلال اتفاق ملزم، لأن هذه المعلومات يبنى عليها مصير حياة 20 مليون من السكان يقطنون حول ضفاف النيل الأزرق، ويعتمدون على الزراعة بالدرجة الأولى بري محاصيلهم من مياه التيل الأزرق مباشرة.

تقليل المخاطر

في المقابل، قال وزير الري السوداني السابق، عثمان التوم، "صحيح، إن فيضان هذا العام كان أقل من فيضان العام الماضي الذي كان غير مسبوق، وتجاوز فيضانات السنوات الـ100 الماضية، لكن بشكل عام، فيضان 2021 لم يكن سهلاً، إلا أن وزارة الري السودانية استخدمت السدود، وبخاصة سدي الروصيرص ومروي لكسر حدته، إضافة إلى تشكيل لجان فنية للوصول إلى التصريف الآمن للمياه، وألا يكون هناك خطر على مناطق البلاد كافة، وهذا ما حدث بالفعل".

وبيّن التوم أن وزارة الري توصلت من خلال الدراسات إلى أن يقوم سد الروصيرص بتمرير 650 مليون متر مكعب من المياه، على أن يحجز باقي المياه، ثم انخفضت الكمية إلى 550 مليون متر مكعب بعد تدفق كميات كبيرة من المياه على النيل الأبيض، وعلى الرغم من ذلك، وجد أن تصريف تلك الكميات كان آمناً، كما ساهمت المتابعة الدقيقة، والخبرة التراكمية في تقليل مخاطر الفيضان، إلا أن وزير الري السوداني السابق يرى أن خطر الفيضان ما زال ماثلاً، ونوه بأن سد النهضة ساهم بشكل كبير في تقليل كمية الطمي في نهر النيل الأزرق، ما مكّن من تخزين بعض المياه في سدي الروصيرص ومروي.

إيراد كبير

وسط هذه الأجواء، أشار وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، إلى أن من أهم سمات فيضان هذا العام، الإيراد الكبير غير المتوقع من نهر النيل الأبيض، (تعد بحيرة فيكتوريا مصدر مياهه الأساسية)، والذي يفوق كل ما تم رصده خلال الأعوام الـ100 السابقة.

وأوضح تعليقاً على نتائج جلسة مجلس الوزراء السوداني عقدت أخيراً لبحث تقارير عن موسم فيضان 2021-2022، أن متوسط إيراد النيل الأبيض كان يتفاوت بين 70 و80 مليون متر مكعب يومياً في الأعوام السابقة خلال شهر يوليو، ليرتفع لما بين 120 و130 مليون متر مكعب في اليوم في الموسم الحالي.

موسم الفيضان

أضاف عباس أن وزارته تمكنت بنجاح خلال موسم الفيضان الحالي، وللمرة الأولى من استخدام الخزانات السودانية، ولا سيما الروصيرص ومروي، في كسر حدة الفيضان خلال شهري يوليو وأغسطس، وحددت لجنة الفيضان للمرة الأولى ما يسمى التصريف الآمن، الذي بلغ 800 مليون متر مكعب خلف سد مروي، و550 إلى 650 مليون متر مكعب خلف سد الروصيرص، مؤكداً أنه "على الرغم من الملء الأحادي لسد النهضة، عبرت المياه الممر الأوسط بالسد في 20 يوليو، وبعد ذلك كل إيراد النيل الأزرق الذي يدخل السد هو ما يخرج منه، أي ليس هنالك أثر للسد على فيضانات هذا العام، لكن عدم تبادل المعلومات قبل الملء أجبر السودان على اتخاذ تحوطات مكلفة ذات أثر اقتصادي واجتماعي كبير".

ونوه وزير الري السوداني بأنه استعرض بمجلس الوزراء أيضاً تقريراً عن الفيضان بمدينة الفاو، والدمار الكبير الذي حدث، والأراضي الزراعية التي غمرت، مبيناً أنه كان هناك نقاش مهم حول ضرورة تصريف هذه المياه بأسرع ما يمكن لكي تصبح كل المساحات المغمورة جاهزة للموسم الشتوي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات