Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحركات مدنية تطالب بإنهاء مرحلة الغموض في تونس

دعت منظمات وأحزاب الرئيس قيس سعيد إلى توضيح الرؤية حول مستقبل البلاد

حالة من الغموض تكتنف المشهد السياسي والشارع التونسي (رئاسة الجمهورية)

تسود حالة من الترقب المشهد السياسي والشارع التونسي، بسبب عدم توضيح رئيس الجمهورية، قيس سعيد، إلى الآن، معالم المسار الجديد الذي دخلته البلاد، في 25 يوليو (تموز) 2021.

تردد وغموض

وأكدت منظمات وجمعيات مدنية، في بيان مشترك، أن "إنهاء منظومة الحكم الفاسدة لا يمكن أن تعوض بسياسة التردد والضبابية، وغياب برنامج عمل واضح وشفاف، للفترة القادمة ومحدد بسقف زمني"، وأضافت المنظمات أن التأسيس لمرحلة ما بعد 25 يوليو 2021، يجب أن "يبنى على نقاش مجتمعي واسع، تسهم فيه مؤسسات المجتمع المدني، والقوى الديمقراطية، والوطنية في البلاد، بعيداً عن الحوارات المغشوشة والالتفافية والشعارات الاستعراضية"، كما اعتبرت أن "النوايا الطيبة لا تكفي لبناء مشروع وطني للدولة والمجتمع، من دون وضع سياسات عمومية، تلبي التطلعات الحقيقية للشعب التونسي".

ووقّع البيان كل من النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وجمعية القضاة التونسيين، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية.

رفع القيود على الحريات

وطالب رمضان بن عمر، الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، رئيس الجمهورية، بضرورة توضيح الرؤية للمرحلة المقبلة، من خلال برنامج محدد بجدول زمني واضح، يبنى بشكل تشاركي، كما طالب برفع القيود على الحريات، كفرض الإقامة الجبرية، اعتماداً على قانون الطوارئ، الذي اعتبره "غير دستوري، وتجاوزه الزمن"، لأنه يعود إلى سنة 1978، بينما "تغيرت السياقات السياسية والأمنية في تونس".

وأكد بن عمر، أن التونسيين استبشروا بإنهاء مرحلة المنظومة السياسية السابقة، التي أفسدت كل ما له علاقة بالديمقراطية، خلال 10 سنوات، إلا أننا "لن نرضى بأن يكون البديل، حالة الانتظار، والضبابية التي تعيشها تونس اليوم".

ولفت المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى تخوف عدد من منظمات المجتمع المدني، من مصير منظومة الحقوق والحريات، بخاصة بعد التعيينات الأخيرة في وزارة الداخلية، التي أعادت إلى المناصب العليا شخصيات متورطة في انتهاك حقوق الإنسان، حسب تقديره.

تخوف من استدامة الوضع الاستثنائي

وأشار بن عمر إلى تراجع النقاش في الفضاء العام، وسيطرة رأي واحد في ما يتعلق بالمسار السياسي، وغياب التعددية في بعض المضامين الإعلامية، بما من شأنه أن يحول مؤسسات الإعلام إلى جهاز اتصالي يوظف للترويج لوجهة نظر واحدة، محذراً من خطورة التحريض وشيطنة الآراء المختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب رئيس الجمهورية بإجراءات اقتصادية واجتماعية، مصاحبة للمسار السياسي، مع تعزيز منظومة الحقوق والحريات، من أجل الاستجابة لانتظارات شرائح واسعة، من المجتمع التونسي، بخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

وفي إجابته عن سؤال، يتعلق بالوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد، دعا رمضان بن عمر، إلى عدم تأبيد الوضع الاستثنائي، معبراً عن تخوفه من عبارة "إشعار آخر" الواردة في بلاغ رئاسة الجمهورية، حول التمديد في الإجراءات الاستثنائية.

وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد أصدر في 24 أغسطس (آب) 2021، أمراً رئاسياً جرى بمقتضاه التمديد في التدابير الاستثنائية "إلى غاية إشعار آخر" واعتزامه التوجه ببيان للشعب في قادم الأيام.

احترام الفترة الاستثنائية

في المقابل، اعتبر رابح الخرايفي، أستاذ القانون والباحث في القانون الدستوري، تحرك المنظمات المدنية ضد التمديد في الإجراءات الاستثنائية، أمراً طبيعياً، داعياً إياها إلى احترام الوضع الاستثنائي الذي تمر به تونس، وأكد أن الوضع الاستثنائي يحتاج إلى تفكير استثنائي، يضع في الحسبان كل المخاطر المحدقة، كما يحتاج إلى "قاموس استثنائي" يخص تلك المرحلة من دون غيرها.

ورأى الخرايفي أن تحرك هذه المنظمات يكون وجيهاً، لو كانت المحكمة الدستورية موجودة، لتتثبّت من واقعة وجود الخطر، وواقعة استمراره، قائلاً، "ما دامت المحكمة الدستورية غير موجودة، فإن التأويل الرسمي لوجود الخطر الداهم، واستمراره في الزمن، هو فقط ما يصدر عن رئيس الجمهورية، باعتباره المؤول الوحيد للدستور".

وحمّل مسؤولية الوضع الراهن في تونس، لحركة "النهضة"، وكل من كان في صفّها، لتقاعسها في إرساء المحكمة الدستورية، داعياً رئيس الجمهورية، إلى مخاطبة الشعب، وتوضيح الرؤية، حول مستقبل البلاد الذي بات مشغل كل التونسيين.

قانون مؤقت لتنظيم السلطات

وحول ما يمكن أن يتخذه رئيس الجمهورية، قيس سعيد، من قرارات قريباً، في البيان الذي سيتوجه به إلى الشعب التونسي، رجح الخرايفي أن يجري إعلان، قانون مؤقت لتنظيم السلطات، وهو ما يعني نهاية البرلمان الحالي، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية اعتبر عند تفعيل الفصل 80 من الدستور، أن الخطر الداهم مُتأتٍّ من البرلمان.

وينظم القانون المؤقت للسلطات العمومية العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، ويستفرد رئيس الجمهورية بإصدار مراسيم إلى حين انتخاب برلمان جديد، ورجح الخرايفي أن تستمر الفترة الاستثنائية في تونس بين ستة أشهر وعام.

تجدر الإشارة إلى أن تونس عرفت في تاريخها استخدام قانون مؤقت لتنظيم السلطات في ثلاث مناسبات، عند انتخاب أعضاء المجلس القومي التأسيسي، سنة 1955، وفي مناسبتين سنة 2011.

البرلمان خطر جاثم على الدولة

وفي انتظار البيان الذي سيتوجه به رئيس الجمهورية، إلى الشعب التونسي، انتقد سعيد، خلال لقاء جمعه بمحمد العقربي، رئيس الجمعية المهنية التونسية للبنوك، مساء الجمعة 27 أغسطس 2021، الدعوات المنادية إلى تنظيم حوار وتشكيل حكومة إنقاذ، قائلاً إن "الإنقاذ يجب أن يكون من هؤلاء، والخطر الجاثم على الدولة هو من البرلمان نفسه".

واعتبر أن "البرلمان وعديد الأطراف التي تتعامل معه، خطر جاثم على الدولة، فكيف لا أتخذ تدابير للحفاظ عليها"، مضيفاً، "الحكومات تذهب وتتغير، لكن الدولة يجب أن تبقى، والوطن يجب أن يبقى، ويجب أن نضع حداً لكل من يتجاوز القانون مهما كان السلك الذي ينتمي إليه".

وتتجه الأنظار إلى رئاسة الجمهورية في الساعات المقبلة، في انتظار البيان الذي سيتوجه به الرئيس إلى الشعب التونسي، حول الفترة المقبلة، وسط تنامي الضغوط المدنية والحزبية، من أجل توضيح الرؤية، ووضع جدول زمني لهذه الفترة الاستثنائية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات