تكبدت أسعار النفط خسائر حادة في الأسبوع الثالث من أغسطس (آب) الحالي، بفعل استمرار مخاوف بشأن الطلب العالمي على الخام بسبب تزايد القلق بشأن الإصابات الجديدة بوباء كورونا مع تفشي متحور دلتا على نطاق واسع.
كما تأثرت أسعار الخام خلال الأسبوع ببيان محضر "الفيدرالي الأميركي" الذي أشار إلى إمكانية تقليص برنامج شراء الأصول وقوة الدولار حيث ارتفع خلال الفترة الأخيرة إلى أعلى مستوياته في 9 أشهر.
وهوى سعر عقود برنت القياسي، تسليم أكتوبر (تشرين الأول) بنسبة 7.7 في المئة، أي بما يعادل 5.41 دولار، ليغلق تحت مستوى 66 دولاراً، عند 65.18 دولار للبرميل، وهو المستوى الأدنى منذ مايو (أيار) الماضي، فيما نزل سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم سبتمبر (أيلول) 6.30 دولار، بنسبة 9.2 في المئة خلال الأسبوع، ليغلق عند 62.14 دولار للبرميل.
أطول سلسة خسائر يومية منذ 2019
وبنهاية الجمعة 20 أغسطس، آخر تعاملات الأسبوع، عمقت أسعار النفط خسائرها للجلسة السابعة على التوالي بنحو 2 في المئة، مسجلة أطول سلسلة خسائر متتالية منذ عام 2019.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت، الجمعة، بنسبة 1.91 في المئة بعد ما هبطت 2.7 في المئة، الخميس (19 أغسطس)، فيما هبط الخام الأميركي بنحو 2.14 في المئة بعد انخفاض 2.6 في المئة في الجلسة السابقة.
عمليات إغلاق جديدة
وأدت عمليات الإغلاق الجديدة في البلدان التي تواجه حالات متزايدة من سلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا، إلى إضعاف توقعات الطلب على الوقود، بحسب وكالة "رويترز". وقال محللو السلع الأولية لدى بنك "أيه.أن.زد" في مذكرة بحثية، إن "القيود المتزايدة على التنقلات تثير مخاوف بشأن الطلب على النفط".
وقالت منظمة الصحة العالمية، إن السلالة دلتا في المناطق التي تكون فيها معدلات التطعيم منخفضة تسرع وتيرة انتقال الفيروس. كما ارتفع عدد الوفيات المرتبطة بكورونا في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي.
وفرضت الصين، قيوداً جديدة في ظل سياستها الخاصة بفيروس كورونا، والتي تقضي بعدم السماح بأي حالات إصابة، مما أثر على سلاسل الشحن والتوريد العالمية. وفرضت الولايات المتحدة والصين قيوداً متبادلة على رحلات الطيران.
كما أدى تفشي السلالة دلتا في أستراليا ونيوزيلندا إلى فرض إجراءات عزل عام صارمة.
ضعف الطلب العالمي
وتزامنت المخاوف حيال ضعف مستويات الطلب العالمي على الوقود، مع ارتفاع مفاجئ في مخزونات البنزين في الولايات المتحدة، وتراجع الطلب بشكل حاد في الصين.
ففي الولايات المتحدة، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الأربعاء (18 أغسطس)، صعود مخزونات البنزين الأسبوع الماضي بنحو 696 ألف برميل إلى 228.2 مليون برميل، على خلاف توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى انخفاض بنحو 1.7 مليون برميل، في علامة سلبية لمستويات السحب والطلب المحلي لدى أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وأعلنت الوكالة أيضاً ارتفاع إنتاج النفط في الأسبوع المنتهي في 13 أغسطس الماضي، بنحو 100 ألف برميل، في ثاني زيادة أسبوعية على التوالي، ليرتفع إجمالي الإنتاج إلى 11.4 مليون برميل يومياً، وهو الأعلى منذ الأسبوع المنتهي في 9 يوليو (تموز) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الإدارة، إن صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي تراجع بمقدار 813 ألف برميل يومياً.
وفي الصين، تراجع معدل تكرير النفط الشهر الماضي إلى أدنى مستوى على أساس يومي منذ مايو (أيار) 2020، بعد ما خفضت المصافي المستقلة الإنتاج، إثر تراجع مستويات الطلب والسحب على الوقود في البلاد، بسبب تشديد قيود الإغلاق والعزل الصحي.
كما هوى إجمالي واردات النفط الخام لدى الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، الشهر الماضي قرابة 20 في المئة عما كان قبل عام، إذ واجهت شركات التكرير المستقلة مخصصات استيراد أقل عدداً في ظل تضييق حكومي على تداول التصاريح.
صعود الدولار
وصعد مؤشر الدولار، الذي يُعتبر ملاذاً آمناً، الجمعة، بنسبة 0.15 في المئة، ليوسع مكاسبه لليوم الخامس على التوالي، مسجلاً أعلى مستوى في تسعة أشهر عند 93.70 نقطة، عاكساً استمرار الصعود الواسع لمستويات العملة الأميركية مقابل سلة من العملات العالمية.
وترفع قوة الدولار تكلفة النفط لحائزي العملات الأخرى، وهو ما قال المتعاملون، إنه يضغط سلباً على أسعار الخام.
ويأتي الارتفاع الواسع في مستويات الدولار الأميركي بعد ما عزز محضر الاجتماع الأخير للبنك الفيدرالي الاحتياطي احتمالات قرب تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وأظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي لشهر يوليو أن مسؤولي البنك المركزي الأميركي أشاروا إلى أن انتشار السلالة المتحورة دلتا قد يؤجل مؤقتاً إعادة الفتح الكامل للاقتصاد ويُكبل سوق الوظائف.
حفارات النفط الأميركية
في السياق، واصلت أعداد حفارات النفط في الولايات المتحدة ارتفاعها للأسبوع الثالث على التوالي، بينما تراجعت منصات الغاز الطبيعي.
وأظهر التقرير الأسبوعي لشركة "بيكر هيوز" للاستشارات والخدمات النفطية، الجمعة، زيادة عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة، وهو مؤشر مبكر للإنتاج المستقبلي، بمعدل ثماني منصات إلى 405 منصات في الأسبوع المنتهي في 20 أغسطس (آب) 2021.
وجاءت غالبية الزيادة من أحواض خارج منطقة النفط الصخري مع إضافة 6 حفارات في حقل ويليستون، ليصل الإجمالي إلى 66 حفارة. وارتفع عدد حفارات التنقيب في حقل برميان بمقدار حفارتين إلى 246 حفارة. وتراجعت أعداد حفارات الغاز الطبيعي خلال الأسبوع الماضي بنحو 5 منصات إلى 97 حفارة، بينما ارتفع إجمالي حفارات الغاز الطبيعي والنفط معاً بنحو 3 حفارات إلى 502.