Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا تعيد رسم إطار الاتفاق مع "أونروا" لمساعدة الفلسطينيين

الوكالة الدولية تعتبر واشنطن أهم المانحين وأنها خففت الأزمة المالية

أونروا تقول إن أميركا تعد أهم المانحين للوكالة الأممية (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)

بعد انقطاع استمر ثلاث سنوات، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي استئناف تمويلها بشكل جزئي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) بمبلغ قدره 150 مليون دولار، وبعد ثلاثة أشهر تبرعت بشكل إضافي للمؤسسة الدولية بقيمة 135 مليون دولار.

استئناف التمويل والدعم الإضافي لم يعد من دون شروط، بل جاء بعد اتفاق جرى بين الحكومة الأميركية وإدارة "أونروا"، على أن تلتزم الأخيرة بالمبادئ الإنسانية للأمم المتحدة وعلى رأسها الحياد إلى جانب بنود أخرى.

وعلى الرغم من أن هذه الأموال خففت الأزمة المالية، إلا أن اللاجئين الفلسطينيين والدوائر المهتمة في شؤونهم داخل القوى السياسية والأحزاب، رفضوا إعادة التمويل وفق شروط وضعتها أميركا، والتي تسمح لها بالتدخل في طبيعة عمل "أونروا"، التي من المفروض أنها تتمتع بحرية في اختيار نشاطاتها وعملها.

وبشكلٍ مباشر أسهمت منح أميركا في تخفيف حدة الأزمة المالية التي تعيشها "أونروا"، والتي أثرت في طبيعة عملها عبر مناطق خدماتها كافة وبالتحديد في قطاع غزة، إذ قلصت السلة الغذائية التي توزعها على اللاجئين الفقراء، وكذلك فصلت عدداً من موظفيها وكادت تدفع رواتب العاملين معها بشكل مقطوع.

اتفاق إطار

وعلى أي حال فإن المراقبين لطبيعة "أونروا" يعتبرون أن الاتفاق الذي جرى بين الطرفين بمثابة "اتفاق إطار" ويسمح لأميركا التدخل في الوكالة الأممية وفرض شروط عليها تحدد طبيعة عملها، بينما ترى الهيئة الدولية أن هذا الاتفاق هو آلية تقليدية يتبعها المانحون لتحديد الأولويات المشتركة والبرامج التي يرغبون في تمويلها.

وبحسب ما جاء في وثيقة "اتفاق الإطار" فإن "أونروا" تشكل "التزامات سياسية للسنتين التقويميتين 2021 و2022، وتعتزم الولايات المتحدة و"أونروا" العمل معاً لتقديم الخدمات بكفاءة، وتستخدم الوكالة إطاراً لحياد مرافقها وموظفيها، ولن تقدم أميركا أي إسهامات إلى "أونروا" إلا إذا اتخذت جميع التدابير الممكنة "لضمان عدم وصول أي جزء من هذه المساهمة إلى أي لاجئ يمارس أعمالاً عدائية".

وتتضمن الوثيقة "التزام أونروا بالإبلاغ عن أية انتهاكات جسيمة للحياد مع الولايات المتحدة في الوقت المناسب، ومعالجة أي انتهاكات من هذا القبيل بما يتماشى مع متطلبات إطار الحياد الخاص بها، وتحسين قدرة الوكالة على مراجعة الكتب المدرسية المحلية والمواد التعليمية لضمان الجودة التي تستخدمها لتحديد واتخاذ التدابير لمعالجة أي محتوى يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة في المواد التعليمية".

لضمانات أميركية أم لحياد "أونروا"؟

وعلى الرغم من الاتفاق بين الوكالة الأممية وأميركا جرى بشكل غير معلن إلا أن الطرفين يقران بإتمامه، ويقول وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن إن إدارة بايدن ستسعى إلى إصلاحات في "أونروا"، فيما يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أنه تم تخصيص المساعدات بما يتسق تماماً مع القانون الأميركي، بعد الحصول على ضمانات سارية بعدم وقوع الأموال في أيدي المسلحين، لا سيما في قطاع غزة الذي تحكمه "حركة حماس".

وبهذا الشأن يقول المفوض العام لـ "أونروا" فيليب لازاريني، "إن توقيع إطار عمل الولايات المتحدة و"أونروا" والدعم الإضافي يوضح أن لدينا مرة أخرى شريكاً مستمراً في الولايات المتحدة يتفهم الحاجة إلى تقديم مساعدة حرجة لبعض اللاجئين الأشد عرضة للمخاطر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك ذكرت "أونروا" في موقعها الإلكتروني أن أطر عمل التعاون هي الآلية التقليدية التي من خلالها تضع واشنطن والوكالات الدولية أهدافاً وأولويات مشتركة، وأن هذا الاتفاق يؤكد التزام الطرفين بالمبادئ الإنسانية للأمم المتحدة، بما في ذلك الحياد.

وفي الوقت ذاته، يقول المستشار الإعلامي لـ "أونروا" عدنان أبو حسنة إن الولايات المتحدة أصحبت في الوقت الحالي من أهم المتبرعين للوكالة الدولية، بعد أن استأنفت دعمها الكبير المالي، وتبعاً لذلك بدأت الأمور المالية للوكالة الدولية تسير بشكل جيد بسبب وصول التبرعات من أميركا ودول عدة.

ليست في مصلحة اللاجئين خصوصاً سكان غزة

لكن لهذا الاتفاق آثاراً سلبية على طبيعة عمل "أونروا"، وعلى الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، وتحديداً في قطاع غزة، إذ في حال عملت الوكالة ببند قطع المساعدات عن الذين ينتمون للفصائل الفلسطينية فإن التوقعات تشير إلى وقفها عن 25 في المئة من اللاجئين الذين يتلقون معونات منها، إذ من المعروف أن لسكان القطاع انتماء سياسياً أو مناصرة للأحزاب العاملة، مما دفع بمراقبي "أونروا" إلى الاعتقاد بأن هذا الاتفاق يجعل الوكالة الأممية أسيرة للولايات المتحدة.

ويقول مسؤول دائرة اللاجئين في الجبهة الديمقراطية فتحي كليب إن الذي جرى من شأنه أن يفتح باب التدخلات الأميركية في شؤون الوكالة، ويفرض قيوداً على طبيعة عملها، فإلزام "أونروا" بتقديم معلومات عن موظفيها واللاجئين الذين تقدم لهم المساعدات يمنح واشنطن فرض شروط عليها، وهذا أمر مرفوض بالنسبة للفلسطينيين كونها مؤسسة تتبع للأمم المتحدة وليس لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

ويوضح كليب أن الأمر يمتد إلى مراجعة الكتب المدرسية المحلية، وهذا بند خطر، ففي هذه الحالة يكون أمام "أونروا" إما شطب جزء كبير من المناهج أو تأليف مساقات دراسية جديدة تنسجم مع الرغبة الأميركية والإسرائيلية، كون هذه الأطراف ترى أن مناهج وزارة التعليم الفلسطينية تحرض على العنف ضد إسرائيل وتنفي أحقيتها في الأرض.

ويرى مراقبون أن الاتفاق فيه تجاوز لحقيقة أن الإسهامات المالية للدول المانحة هي تبرعات طوعية غير مشروطة، خصوصاً أنها إحدى منظمات الأمم المتحدة التي تخضع للأنظمة والمواثيق الداخلية لها، وبالتالي ليست ملزمة سوى باحترام تلك الأنظمة من دون الموافقة على شروط أي اتفاق من شأنه التحكم في عملها وأنظمتها الداخلية.

المزيد من تقارير