Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ريتشي سوناك قد يرغب في عودة الموظفين إلى المكاتب لكنه لا يستطيع إجبارهم

أسباب الاختلاط بالزملاء تتعلق بـ"رأس المال الاجتماعي"

عودة الشباب إلى المكاتب لا يكفيها كلام الوزير ريتشي سوناك (رويترز)

بدأ في شكل جدي إعطاء قوة دفع إلى عودة الموظفين إلى المكاتب. فقد خرج ريتشي سوناك مجدداً كي يحض الموظفين على تلك الخطوة، مؤكداً أهميتها في تطوير الحياة المهنية للشباب. وقد ذكر أنه ما كان ليبني "علاقات قوية" أثناء وظيفته الأولى من خلال العمل من المنزل. لكن، في حين يستطيع المرء أن يرى لماذا يتوجب على وزير المالية أن يحض الموظفين على ذلك، في ضوء التعطل الكبير الذي أصاب الاقتصاد، لا تشمل صلاحيات السياسيين تقرير هذا الأمر.

إذ يستطيع السياسيون استخدام قوة القانون في منع الموظفين من الذهاب إلى المكاتب، على غرار تمكنهم من وقف السفر الجوي. في المقابل، ليس في مقدور السياسيين إجبار الناس على العمل بطريقة لا يرغبون بها. وستحدد العوامل الاقتصادية ماذا سيحصل، وليس العوامل السياسية.

إذاً، ما الذي نعرفه عن العوامل الاقتصادية؟ أولاً، وما الذي يريده العاملون؟ بالأحرى، ما الذي تريده المجموعة المتميزة إلى حد كبير من الموظفين الذين يؤدون أعمالاً يمكن تأديتها من بعد؟ نسأل لأن علينا أن نتذكر أن العمل من بعد ليس خياراً بالنسبة إلى معظم القوة العاملة.

ثمة دلائل كثيرة تشير إلى أن العمل من المنزل يأتي بمنافع. مثلاً، أشار استطلاع أجرته الخريف الماضي شركة "توك توك" التي تعمل في تقديم خدمات الإنترنت، إلى أن أكثر من نصف العاملين يعتقدون بأنهم يُضْحون أكثر إنتاجية حين يعملون من المنازل. كذلك ثمة استطلاع نفذته مؤسسة "يوغوف" أفاد بأن أقل من أربعة من كل 10 موظفين يرغبون في العمل بعيداً من المنازل بدوام كامل فور انتهاء الجائحة. واختار الباقون إما دواماً جزئياً في المكاتب أو دواماً كاملاً في المنازل.

من ناحية أخرى، تعود تلك النتائج إلى العام الماضي حين توفر عامل جديد (إغلاق كورونا). فحتى لو رغب أصحاب العمل آنذاك في إعادة الموظفين إلى المكاتب، ما كان ليُسمَح لهم بذلك، ما لم تكن الخطوة ضرورية في شكل مطلق. والآن، إذ تستطيع المكاتب إعادة فتح أبوابها، يبدو التوازن أكثر دقة. ففي الولايات المتحدة، لا تزال الغالبية العظمى من الموظفين راغبة في العمل من المنزل أقله في دوام جزئي، فيما لا تعرض أكثرية الوظائف المعلن عنها على منصات التوظيف ذلك الخيار.

ومن الجهة الأخرى، يجد أصحاب العمل الذين يعرضون خيار العمل من المنزل أنهم بالفعل يتمتعون بأفضلية في سوق التوظيف. وتبدو سوق الوظائف الأميركية (والسوق البريطانية فعلياً) ضيقة جداً في الوقت الحالي، لذا فقد تدفع العوامل الاقتصادية الشركات إلى عرض العمل من المنزل بهدف جذب من تحتاج إلى توظيفهم.

في المقابل، ثمة مسألة بدأت الشركات في ملاحظتها، وتتمثل في أن ما قد ينجح في الأجل القريب ليس بالضرورة أن يكون كذلك في الأمد البعيد. وكذلك تبرز مشكلة مفادها أن جمع الموظفين في مكان العمل يبني رأس المال الاجتماعي، أي المعرفة المشتركة لموظفي الشركات. وتعتمد الشركات على رأس المال هذا تماماً مثلما تعتمد على رأس المال المالي والمادي. وقد تنبه مدير "معهد الدراسات المالية"، بول جونسون، إلى هذا الأمر. إذ كتب، "في حين أن نظاماً هجيناً قد ينجح جيداً، تقترح الأدلة الاقتصادية الأوسع أن الاقتصار على العمل من المنزل يكون في معظم الظروف أقل إنتاجية من العمل من المكتب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي "معهد الدراسات المالية"، حققوا نجاحاً فاق مخاوفهم، لكن ذلك قد لا يستمر بالضرورة. وقد شرح جونشون ذلك مشيراً إلى أن "السبب يعود جزئياً إلى أننا عشنا على رأس مال اجتماعي متراكم. فمنذ مدة، استقر فريق الموظفين الأعلى مستوى، ونعرف بعضنا بعضاً جيداً. واستمر الدوران الوظيفي للموظفين (حلول موظفين جدد محل قدماء) بصورة معتدلة نسبياً. ولا يزال معظم الموظفين يعرفون بعضهم بعضاً ويعرفون ثقافة المؤسسة. لكن شيئاً فشيئاً وشهراً فشهراً، يفقد رأس المال الاجتماعي المتراكم قيمته".

وهذا صحيح بالتأكيد. من الصعب جداً قياس رأس المال الاجتماعي. ولا تحاول غالبية الشركات ذلك حتى. إذ تستطيع قياس الدوران الوظيفي للموظفين، لأنه رقم واضح، وتحاول جهدها إبقاءه متدنياً لأنه يفرض تكاليف عليها. وكذلك تستطيع قياس رأس المال البشري لموظفيها، على الرغم من أن تحقيق ذلك بأي صورة مفهمومة يشكل أمراً فائق الصعوبة. في المقابل، يعرف أصحاب العمل الحكماء أن من الواجب رعاية رأس المال البشري، ويقدر الموظفون الحكماء إسهامهم الخاص في مجموعة رأس المال الاجتماعي.

وثمة شيء آخر، شيء يقدره ربما الشباب أكثر من غيرهم، ويتمثل في التعرف على أشخاص جدد. ففي الولايات المتحدة، يُعَد مكان العمل الطريقة الثانية الأكثر احتمالاً للتعرف على شريك الحياة، وقد أعطته إحدى الدراسات  حوالى (15 في المئة)، وحل وراء التعرف على شخص من خلال الأصدقاء (39 في المئة) وجاء قبل الحانات وأماكن عامة أخرى (12في المئة). وفي المملكة المتحدة، وجدت "يوغوف" العام الماضي، أن مكان العمل يحل في المرتبة الأولى بالتساوي مع الأصدقاء، فقد نال كل منهما (18 في المئة)، وهما يسبقان "الخروج والتنقل" الذي نال (15في المئة). وحل التعارف عبر الإنترنت في موقع متدن في البلدين كليهما.

ليس (رأس المال الاجتماعي) شيئاً يستطيع أصحاب العمل استخدامه كأداة في محاولة جذب الموظفين أو إعادتهم إلى المكاتب. في المقابل، يشكل الالتقاء مع أشخاص يحبهم المرء جزءاً من بناء رأس المال الاجتماعي، ونحتاج جميعاً إلى ذلك في هذه الأوقات الوعرة.

© The Independent

المزيد من آراء