Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تتسلل إلى الفناء الخلفي لروسيا على مقربة من إيران

أذربيجان على طريق تقارب أكثر مع تل أبيب واحتمالات وساطة مع تركيا

مخاوف من عدم التزام أذربيجان باتفاقات وقف إطلاق النار التي وقّعتها مع أرمينيا (أ ف ب)

ما كشفت عنه قناة "روسيا اليوم" الناطقة بالعربية حول مباحثات تجري بين إسرائيل وأذربيجان بشأن توريد أسلحة جديدة، يثير كثيراً من الجدل الذي يحتدم حول مدى التزام أذربيجان اتفاقيات وقف إطلاق النار التي وقّعتها مع أرمينيا تحت رعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأشارت المصادر الروسية إلى أن الحديث حول احتمالات شراء أسلحة إسرائيلية تُقدّر قيمتها بملياري دولار، جاء مواكباً "لتكرار تبادل إطلاق النار على طول الحدود القديمة الجديدة بين الجانبين، فيما يراه محللون قابلاً لأن يتطوّر باتجاه حرب قره باغ الثالثة".

مفاوضات مع شركات إسرائيلية

وأضافت المصادر أن باكو تُجري حالياً "مفاوضات مع شركات إسرائيلية من مختلف المجالات، بالتزامن مع توافد طائرات الشحن الأذربيجانية إلى مطار بن غوريون للعودة محمّلة بأنواع مختلفة من الذخيرة والأسلحة المنتجة في إسرائيل، بما في ذلك صواريخ باليستية ومروحيات" على حد إشارة موقع "يسرائيل هيوم".

ومن اللافت في هذا الصدد أن الحديث عن "صفقات أسلحة إسرائيلية" مع أذربيجان جاء مواكباً لأخبار تقول إن الكونغرس الأميركي أقر ما يُسمّى بـ "تعديل بالوني" (نسبة إلى اسم مقترحه، عضو الكونغرس الديمقراطي فرانك بالوني) حول قطع المساعدة العسكرية الأميركية عن أذربيجان. وجرى الإعلان عن إقرار هذا القانون على خلفية تفاقم الوضع في منطقة النزاع في قره باغ، وسعي تركيا إلى تحقيق الاعتراف باستقلال شمال قبرص، وهو ما تعتبره أذربيجان ثمرة ضغط "اللوبي الأرميني" في الولايات المتحدة، على حد ما أشار إليه البيان الذي أصدرته سفارتها في واشنطن بهذا الشأن.

وكانت وسائل الإعلام الأذربيجانية سارعت إلى التهوين من هذه الخطوة، بإشاراتها إلى "أن الخسائر التي ستلحق بموازنة الدفاع نتيجة قطع تعاون واشنطن معها لن تكون كبيرة". وقالت إن المساعدة السنوية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى باكو في مجال الدفاع لا تتجاوز 100 مليون دولار، في الوقت الذي تبلغ موازنة الدفاع مليارات عدة من الدولارات، وإن كان القرار الأميركي في هذا الشأن يمكن أن تكون له دلالات أخرى، أهمها "أن إقرار العقوبات، بحد ذاته، يعني أن علاقة الولايات المتحدة الخاصة مع هذا البلد انتهت"، وفق مراقبين في العاصمة الروسية.

أذربيجان تنوع سياساتها الخارجية

ومن هنا، يمكن القول إن أذربيجان تواصل ما سبق وسارت على نهجه منذ أعوام طويلة بشأن تنويع سياساتها الخارجية، ومصادر التسليح التي تظل روسيا وتركيا وأخيراً إسرائيل أهم نقاطها الأساسية، بكل ما يعني ذلك من تبعات والتزامات. وكانت الأعوام القليلة الماضية شهدت تكثيفاً للزيارات المتبادلة بين العسكريين الأذربيجانيين والإسرائيليين والمؤسسات العسكرية المعنية من الجانبين، ما أسفر عن توقيع كثير من عقود التعاون وإبرام الصفقات حول توريد مختلف الأسلحة الإسرائيلية إلى أذربيجان، ومنها الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار ومدافع الهاون والذخيرة وأجهزة الاتصالات وأنظمة التوجيه.

وكان المراقبون في روسيا وخارجها توقفوا كثيراً عند تكثيف التعاون بين إسرائيل وأذربيجان التي كانت أولى الجمهوريات الإسلامية، التي بادرت بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب عام 1992، وإن تظل حتى اليوم تتخذ موقفاً متحفظاً من افتتاح سفارة لها في إسرائيل، مكتفية بافتتاح ممثلياتها التجارية والسياحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وثمة من يقول إن "اللوبي اليهودي" في البلاد يلعب دوراً بارزاً في توطيد العلاقات الخارجية لأذربيجان مع كثير من بلدان الجوار القريب منه والبعيد، وهو ما نشهد نتائجه في ازدهار علاقاتها مع كل من روسيا وإسرائيل، الأمر الذي تبدّت نتائجه خلال الأشهر القليلة الماضية، في ما حققته من انتصارات هائلة في حربها مع أرمينيا، التي أسفرت عن استعادة مقاطعة قره باغ المتنازع عليها بين البلدين منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، إلى جانب تحريرها لكامل التراب الأذربيجاني.

وتوقف عند ذلك ياكوف كيدمي (كازاكوف)، جنرال الموساد والمنشق السوفياتي السابق. وفي هذا الصدد قال في تصريحات للتلفزيون الإسرائيلي إن المصالح المشتركة تربط أذربيجان بكل من روسيا وتركيا وإسرائيل. وتحدث كيدمي الذي سبق وأشرف على جهاز "ناتيف" الخاص بتنظيم شؤون هجرة اليهود السوفيات إلى إسرائيل، عند تعزيز التعاون بين هذه البلدان وأذربيجان في مجال التسليح. وقال إن "تل أبيب أبرمت اتفاقية توريد أسلحة لباكو، وتعلقت في معظم بنودها بالإلكترونيات والطائرات من دون طيار، ومنصتي صواريخ لورا مقابل 1.5 مليار دولار".

وأضاف أن روسيا لم تقِف بمعزل عن هذا الاتجاه، بحيث زوّدت بدورها أذربيجان بالأسلحة والمعدات العسكرية التي تبلغ قيمتها ما يقرب من 5 مليارات دولار. ولفت كيدمي الأنظار إلى الموقع الجغرافي المتميز لأذربيجان، وحدودها المتاخمة لإيران، في إشارة من جانبه إلى المشروع النووي الإيراني الذي وصفه بأنه "التهديد الرئيس المحتمل لإسرائيل". وخلص في هذا الشأن إلى أن "العلاقات الخاصة مع أذربيجان تخدم المصالح الإسرائيلية في كل ما يتعلق بإيران".

النفط الأذربيجاني

وأضاف أن أهم مجالات التعاون التي تدعم المصالح المشتركة للبلدين، تتمثل في النفط الأذربيجاني الذي تشتريه إسرائيل، إضافة إلى ما تقدمه الأخيرة إلى باكو من إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة. وأبرز معلقون آخرون أهمية الدور الذي لعبته تل أبيب في الحرب الماضية بين أذربيجان وأرمينيا.

وفيما وصف دينيس فيدوتدينوف، رئيس تحرير مجلة "الطيران بدون طيار"، إسرائيل بأنها "كانت في الحرب الأخيرة لاعباً مهماً خارج المنطقة في جنوب القوقاز"، قال "إن مفهوم سياستها الخارجية يقوم على تشكيل تحالفات لضمان الأمن، في ما يتعلق باعتبار إيران مركزية في هذا السياق" على حد تعبيره، وهو ما يفسّر ارتفاع مستوى التعاون العسكري والعسكري التقني بين إسرائيل وأذربيجان، إلى جانب "المستوى العالي لأداء الأسلحة الإسرائيلية الحديثة"، ما ربما يكون سبباً في احتمالات زيادة الإقبال على طلبه في السوق العالمية، وما يؤكد أن إسرائيل انضمت إلى قائمة المستفيدين من الحرب بين أذربيجان وأرمينيا.

وفي هذا الصدد، توقّع مراقبون في موسكو وفي تل أبيب أن "تتلقّى المؤسسات الصناعية العسكرية الإسرائيلية طلباً أكبر بمبلغ 200 إلى 300 مليون دولار من أذربيجان بدلاً من الأسلحة التي جرى استخدامها خلال الحرب"، كما رجّح آخرون المشاركة في تنفيذ "مشاريع على الحدود مع إيران، واحتمالات الاتفاق بين الجانبين حول مشاركة الشركات الإسرائيلية في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في مناطق قره باغ والأراضي الأذربيجانية التي جرى تحريرها، فضلاً عن دورها في إزالة الألغام في هذه المناطق"، وهو ما أكدته مصادر أذربيجانية رسمية خلال مراسم الاحتفال في تل أبيب بافتتاح مقر الممثلية التجارية والسياحية خلال الأيام القليلة الماضية. وقالوا أيضاً إن ذلك "ربما يكون ذا أهمية خاصة لتل أبيب، انطلاقاً من أن بعض هذه المناطق تقع على الحدود مع إيران، وهو ما يمكن أن يكون تفسيراً لما يتردد حول ضرورة قيام طهران بتعزيز مواقعها في شمال البلاد، حيث سقط جزء من القذائف خلال الحرب على إيران، وانتهاك عدد من الطائرات من دون طيار الإسرائيلية المجال الجوي للجمهورية الإسلامية".

تضارب المصالح

ونظل مع إيران التي نقول إن الحرب الأخيرة في جنوب القوقاز، كشفت عن غيابها كعنصر مؤثر في سير العمليات بالمنطقة، فضلاً عن استبعاد أي مشاركة لطهران في عملية التسوية بعد إعلان الاتفاق حول وقف إطلاق النار تحت رعاية روسية، وإنشاء مركز مراقبة روسي مع مشاركة تركية تظل محدودة بدرجة كبيرة، وإن كان من الممكن أن تخلق مشكلات جديدة لإيران كمنافس على القيادة الإقليمية. كما أن المنافسة غير المعلنة بين طهران وأنقرة في هذا الصدد تصبّ عملياً في مجرى مصالح إسرائيل، التي وفّرت لها الحرب الأخيرة فرصة الظهور كعامل إضافي يمكن أن يشكّل لها لاحقاً الأرضية اللازمة للظهور كواحدة من "مراكز القوة الإقليمية".

وتختلط المصالح وتتضارب بين البلدان المعنية في المنطقة، على النحو الذي يقتضي ظهور طرف إقليمي مؤثر، تتنازع دوره البلدان الثلاثة تركيا وإيران وإسرائيل. وثمة من يقول إن الأحداث الأخيرة كشفت عن احتمالات دخول أذربيجان طرفاً، يمكن أن يُسهم في تقريب وجهات النظر بين تركيا وإسرائيل، وهو ما لا يتناسب مع مصالح إيران.

ونقلت المصادر بهذا الشأن عدداً من توصيات خبراء معهد دراسات الأمن القومي للقيادة السياسية الإسرائيلية بشأن تطبيع العلاقات مع تركيا، سعياً وراء الحد من النفوذ الإيراني. وأشارت هذه التوصيات إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار الدور المأمول لأذربيجان، التي حظيت بدعم الأطراف المعنية خلال الحرب، وإن تباينت نسبة الدعم بقدر تباين علاقاتها مع كل من هذه الأطراف.

وكشفت المصادر الروسية عن تقارير تقول بإنشاء قناة سرية للحوار بين إسرائيل وتركيا من أجل تشكيل خريطة طريق لتطوير العلاقات الثنائية، في توقيت يشهد اهتماماً متزايداً من الجانب الإسرائيلي بمنح باكو موقعاً متفرداً على خريطة استراتيجية السياسة الخارجية لتل أبيب، لا سيما ما يتعلق منها بما تصفه بالتهديدات المحتملة من جانب إيران، وذلك في توقيت يشير إلى تحوّل باكو صوب محاولة تنشيط دور رعاياها في الخارج، على ضوء ما حققه "اللوبي الأذربيجاني اليهودي" في معظمه، من نجاح باهر في موسكو على صعيد دعم مواقف القيادة الأذربيجانية في حربها ضد أرمينيا.

ومن هذا المنظور، ثمة من يقول إن أذربيجان لا تزال تعلّق على "اللوبي اليهودي" في الولايات المتحدة الكثير من آمال تصحيح العلاقة مع الكونغرس والبيت الأبيض، في مواجهة "اللوبي الأرميني" المعروف باتساع نفوذه وانتشاره بين الأوساط السياسية والبرلمانية هناك.

أما المقابل، فهو إلى جانب تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري، يظل في إتاحة الفرصة أمام إسرائيل للحصول على موقع خاص في هذه البقعة الجيوسياسية المتميزة "لاستخدامها في النشاط الاستخباري ضد إيران"، على حد قول إلدار محمدوف، مستشار البرلمان الأوروبي.

وكان محمدوف أشار أيضاً إلى عدم وضوح مواقف أذربيجان من سياسات إسرائيل في الشرق الأوسط وتعثّر التسوية الإسرائيلية الفلسطينية. وقال إن أذربيجان لم تبدِ يوماً موقفاً مناهضاً للسياسات الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين في الأرض المحتلة على النقيض من سياسات تركيا التي تقف دوماً إلى جانب القضية الفلسطينية. لكنه وعلى الرغم من ذلك، اعترف لتل أبيب بدورها في تحقيق أذربيجان النصر في حربها نهاية العام الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير