Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الملاريا" يقتل فرحة منتخب ليبيا في نيجيريا

الوباء ضرب الفريق وأحد اللاعبين توفي وحبس رئيس اتحاد كرة القدم المصغرة وهذه تفاصيل الرحلة الموبوءة

خاض لاعبو المنتخب الليبي لكرة القدم المصغرة رحلة من ليبيا إلى نيجيريا والعكس في ظروف قاسية (اندبندنت عربية)

تحولت فرحة الليبيين النادرة بتأهل المنتخب الليبي لكرة القدم المصغرة إلى نهائيات كأس العالم للعبة، إلى فاجعة محزنة، بعد إصابة أغلب الطاقم الفني واللاعبين والوفد المرافق لهم بمرض الملاريا، بعد نهاية بطولة كأس أفريقيا في نيجيريا، التي أحرز فيها منتخب ليبيا المركز الثاني، ما أدى إلى وفاة لاعب ودخول باقي زملائه غرفة العناية المركزة في حالة حرجة بعد تأخر علاجهم.

وفاة لاعب المنتخب الليبي لكرة القدم المصغرة أيمن النقريش (22 سنة)، متأثراً بإصابته بفيروس الملاريا قلبت الدنيا في ليبيا، ولم تقعدها حتى اليوم، وتسببت بغضب شعبي كبير من إهمال المسؤولين الليبيين، بعد سفر الفريق إلى البطولة، من دون تلقي الأمصال المضادة للمرض.

ومع تحول القضية في ليبيا إلى رأي عام، وتراكم الأدلة على إهمال شديد من المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة والصحة، تحركت السلطات الليبية لفتح تحقيق موسع أدى حتى الآن إلى حبس رئيس اتحاد كرة القدم المصغرة بأمر من النائب العام، واستمرار التحقيق مع بقية المسؤولين عن هذه الحادثة.

إنجاز في ظروف قاسية

قبل يومين من وفاة لاعب المنتخب الكروي الليبي المصغر، كان الجميع في ليبيا منتشياً بما حققه الفريق في البطولة الأفريقية، في ظل ظروف أقل ما يقال عنها أنها صعبة، وضمانه التأهل إلى كأس العالم، على الرغم من خسارته المباراة النهائية واكتفائه بالمركز الثاني في البطولة، التي استضافتها نيجيريا في مدينة "أبيدان".

ما كشفت عنه الأحداث المتسارعة بعد ذلك زاد من احترام الشارع الليبي للمنتخب، لتحقيقه هذا الإنجاز وسط ظروف أصعب مما توقع الجميع، وحنقه على المسؤولين الذين أرسلوا المنتخب الكروي إلى جحيم حقيقي في بيئة تنتشر بها الملاريا وفيروس كورونا، دون اتخاذ أي إجراءات احترازية تحميهم من الإصابة بهذين المرضين.

حديث مؤلم

وتناقلت وسائل الإعلام في ليبيا حديثاً مروعاً يكشف طبيعة الظروف المؤسفة التي عاشها المنتخب الليبي طيلة وجوده في نيجيريا فترة البطولة، أدلى به لاعب المنتخب الناجح الأربد، وقال فيه "بسبب إهمال المسؤولين سافرنا إلى نيجيريا بصحة جيدة لنعود مصابين بالملاريا وكورونا، في رحلة شاقة عبر طيران تجاري من لاغوس عاصمة نيجيريا إلى طرابلس، مروراً بالقاهرة والإسكندرية، فيما يصول ويجول المسؤولون بالطائرات الخاصة والرئاسية".

وكشف الناجح، الذي عاد من نيجيريا مصاباً بفيروس كورونا، أن "الإداريين في المنتخب نقلوا لهم عن مركز مكافحة الأمراض تأكيدات قبل سفرهم إلى نيجيريا بعدم الحاجة إلى التطعيم ضد الملاريا بالأقراص المخصصة للغرض، التي تقدم قبل السفر بأسبوعين وبعده، بزعم أن الملاريا قد انتهت من نيجيريا، وأن هذا ليس موسمها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصف تفاصيل الظروف المؤلمة التي عاشوها أثناء إقامتهم في نيجيريا، التي أدمت قلوب الليبيين وضاعفت حجم غضبهم تجاه هذه المأساة "كنا جوعى طيلة فترة الإقامة دون وجبة الإفطار، نأكل الجبن والتونة التي نقتنيها من السوق، كان الإفطار عبارة عن أرز أو معكرونة في مياه، وأحيانًا أرز مع لحم لا نعرف ما هو، كنا مع منتخب الصومال في نفس المكان، بينما رفض منتخب السنغال الإقامة في هذا المكان الموبوء".

وتابع، "تحدث عدد من اللاعبين مع الإداريين في المنتخب عن غياب دور السفارة الليبية في نيجيريا عن رعايتهم أو نقلهم لمكان إقامة يليق بالبشر، أو حتى تنبيههم عن وجود الملاريا وما ينبغي عليهم ارتداؤه، كون البعوضة الناقلة للمرض تلسع في مكان محدد من الجسم".

ولم تنته معاناة الفريق الليبي عند هذا الحد، بل استمرت أثناء رحلة العودة الشاقة إلى بلادهم، التي يقول عنها الناجح إن "خط عودتهم كان من لاغوس إلى القاهرة ومنها إلى الإسكندرية للسفر منها إلى طرابلس، إلا أنهم وصلوا قبل الرحلة بليلة، فلم يجدوا أمامهم سكناً، ولم تهتم بهم السفارة الليبية في القاهرة، ولا اتحاد الكرة ولا وزارة الرياضة ولا أي جهة، حيث أمضوا ليلة كاملة في مقهى، وهم مرضى بين نائم على الأرض أو على كرسي تعتصره حمى الملاريا، حتى حان وقت رحلة طرابلس ليعودوا منهكين وصحتهم متدهورة".

تحرك السلطات الليبية

حجم الوقائع الكارثية التي كشف عنها لاعبو المنتخب الليبي لكرة القدم المصغرة حول رحلتهم من ليبيا إلى نيجيريا والعكس، والظروف القاسية التي وضعهم فيها المسؤولون عن الرياضة، والتي أدت إلى عودتهم محملين بالأمراض، وردود الفعل الكبيرة عليها في مواقع التواصل، دفعت المسؤولين لاتخاذ حزمة من القرارات لتخفيف حدة الغضب الشعبي وتحديد المسؤولية عن هذه الحادثة.

وأدت تحقيقات النائب العام الصديق الصور في القضية إلى حبس رئيس اتحاد كرة القدم المصغرة حسين طويلب، على ذمة التحقيق في واقعة إصابة لاعبين من المنتخب، ووفاة آخر بالملاريا.

وقال الصور، في بيان صحافي، "التحقيقات أفضت إلى حبس الطويلب مع استمرار التحقيق مع من تثبت مسؤوليته حول واقعة وفاة اللاعب أيمن النقريش، وإصابة آخرين من منتخب كرة القدم المصغرة بمرض الملاريا"، مشيراً إلى أنه "اتضح من خلال التحقيقات الأولية وجود إهمال وتقصير".

وحدد البيان طبيعة الإهمال والتقصير الذي كشفته التحقيقات "تمثل الإهمال في عدم اتخاذ الاتحاد المعني الإجراءات الطبية والاحتياطية قبل سفر بعثة المنتخب للمشاركة في بطولة أفريقيا في نيجيريا، وهو ما نتج عنه إصابة اللاعبين بمرض الملاريا، ووفاة اللاعب أيمن النقريش متأثراً بإصابته".

من جانبه شكل، وزير الرياضة عبد الشفيع الجويفي لجنة برئاسة وكيل شؤون الأندية بالوزارة جمال أبو نوارة، للتحقيق في واقعة الوفاة.

تبادل التهم

في المقابل، وجه الاتحاد الليبي للطب الرياضي لومه إلى اتحاد الكرة المصغرة في ليبيا، لعدم تواصله مع الاتحاد قبل سفر منتخب ليبيا إلى نيجيريا، لمعرفة سبل الوقاية من مرض الملاريا.

وأوضح الاتحاد في بيان أنه "لم يتم الاتصال بهم لمعرفة الاحتياطات الطبية التي يجب أن تتم، قبل وفاة لاعب منتخب ليبيا للكرة المصغرة أيمن النقريش".

وطالب البيان "كل اتحادات الألعاب الرياضية في ليبيا بضرورة التواصل مع الاتحاد الليبي للطب الرياضي، للتعاون معها على المستوى الطبي والصحي لتلافي مثل هذه الأمور".

المطالبة بإجراءات أشد

ويرى الإعلامي الليبي مراد الرياني أن "الإجراءات التي اتخذت حتى الآن بخصوص حادثة وفاة لاعب المنتخب الليبي أيمن النقريشي وإصابة زملائه بالملاريا وكورونا، بسبب إهمال لا يخفى من المسؤولين، غير كافية ومتساهلة".

واعتبر الرياني أن "ما حدث استخفاف بحياة الرياضيين يجب أن يكون الرد عليه بحجم المأساة"، مطالباً بـ"استقالة وزيرة الشباب والرياضة والصحة وكل المسؤولين عن اتحاد الكرة الليبي، في أسرع وقت، احتراماً لعائلة اللاعب الذي قتله إهمال هؤلاء المسؤولين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات