Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل استوعبت أسواق النفط صدمة "أوبك +"؟

5 تحديات تواجه المنتجين وسط ترقب ارتفاع الطلب واستمرار تراجع الأسعار

لم يتمكّن أعضاء تحالف "أوبك+" من تجاوز خلافاتهم خلال الاجتماع الأخير (رويترز)

في الوقت الذي تشهد سوق النفط حالاً من الارتباك بعد عدم توصل تحالف "أوبك+" إلى اتفاق بشأن خطة الفترة المقبلة، تشير التقديرات الأولية إلى ارتفاع الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثاني من 2021 ليصل إلى نحو 95.3 مليون برميل يومياً، أي بنسبة زيادة تبلغ نحو 2.5 في المئة، مقارنة بمستويات الربع السابق من العام الحالي.

ووفقاً للتقرير الشهري للتطورات البترولية بالأسواق العالمية، فقد ارتفع طلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 4.1 في المئة ليصل إلى نحو 44.5 مليون برميل يومياً، كما ارتفع طلب باقي دول العالم 1.1 في المئة ليصل إلى نحو 50.7 مليون برميل يومياً.

ومن المتوقع أن يقفز الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثالث من 2021 ليصل إلى نحو 98.2 مليون برميل يومياً، إذ يرجح ارتفاع طلب مجموعة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى نحو 45.5 مليون برميل يومياً، كما يتوقع ارتفاع طلب باقي دول العالم إلى نحو 52.7 مليون برميل يومياً.

الأسعار تواصل التراجع

في سوق النفط، واصلت الأسعار تراجعها خلال تعاملات اليوم الخميس، قبل صدور بيانات المخزونات الأميركية، ومع متابعة مستجدات سوق الخام بعد إخفاق "أوبك+" في التوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج.

ووفق وكالة "رويترز"، قال محللون لدى "إيه إن زد" إن عدم توصل مجموعة "أوبك+" إلى اتفاق جديد للإنتاج لدعم اقتصاد عالمي يتعافى من جائحة كورونا يخلق حال عدم يقين.

في الوقت نفسه، توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية تراجع إنتاج الخام في الولايات المتحدة 210 آلاف برميل يومياً في 2021 إلى 11.10 مليون برميل يومياً، مقارنة بالتوقعات السابقة بأن ينخفض بنحو 230 ألف برميل يومياً.

وعلى صعيد التداولات، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم سبتمبر (أيلول) 0.2 في المئة إلى مستوى 73.29 دولار للبرميل، كما هوت أسعار عقود خام "نايمكس" الأميركي تسليم أغسطس (آب) 0.3 في المئة عند مستوى 71.99 دولار للبرميل.

وأشارت مصادر إلى أن المنتجين سيقررون موعداً لاجتماع جديد في الوقت المناسب من دون إعطاء أي إشارة عما إذا كان أي حل وسط قد يكون ممكناً خلال الأيام المقبلة.

واتفقت مجموعة "أوبك+" العام الماضي على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً اعتباراً من مايو (أيار) 2020، مع خطط للتخلص التدريجي من تلك القيود على الإمدادات بحلول نهاية أبريل (نيسان) 2022، لتحقيق استقرار للسوق بعد تراجع الطلب على النفط بشكل كبير بسبب أزمة كورونا.

"أوبك" تشدد على أهمية تأمين إمدادات الطاقة

وفي تصريحات حديثة، قال الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو، إن استقرار أسواق الطاقة يظل أمراً حيوياً لأسلوب حياة العالم، وأشار في تصريحات على هامش ورشة عمل فنية حول تغير المناخ إلى التزام الدول الأعضاء في "أوبك" بالقضايا العالمية الرئيسة، مثل تغير المناخ والحاجة إلى التنمية المستدامة، منوهاً بأن أعضاء المنظمة الـ 13 يواصلون الإسهام بشكل إيجابي في الجهود العالمية بموجب مبادئ الإنصاف و"المسؤوليات المشتركة".

وشدد على أنه من المتوقع أن يستمر النفط في تشكيل "جزء حاسم من مزيج الطاقة العالمي الحالي والمستقبلي"، بالنظر إلى النمو المتوقع للاقتصاد العالمي والسكان والطلب على الطاقة، لافتاً إلى أهمية تأمين إمدادات طاقة ميسورة الكلفة ومستدامة للعالم، وسلط الضوء على أن "فقر الطاقة يمثل محنة تتطلب استجابة جماعية من جميع أصحاب المصلحة المعنيين".

تحديات أمام التحالف

وقال متخصصون نفطيون لـ "اندبندنت عربية"، إن هناك تحديات عدة تعوق استقرار السوق، وقد تؤدي إلى تضرر الصناعة النفطية، إذ لم يعد التحالف إلى مساره الطبيعي في دعم أساسيات السوق لبقاء الأسعار عند مستويات جديدة للمنتجين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يتمكن أعضاء تحالف "أوبك+" وعددهم 23، من تجاوز خلافاتهم خلال الاجتماع الأخير الإثنين، بعد إعتراض الإمارات ، حيث عبرت أبو ظبي منذ انطلاق الاجتماعات الخميس الماضي عن "صوت معارض" ضمن مجموعة كان لديها اتفاق على الطاولة، مما أدخل آخر قمة للتحالف إلى طريق مسدود.

ويتوقع أن يصل العرض الإماراتي إلى نحو 2.74 مليون برميل يومياً خلال الشهر الحالي، لتشكل البلاد بذلك أكثر بقليل من سبعة في المئة من إجمالي إنتاج دول "أوبك+" الخاضعة لنظام الحصص، باستثناء إيران وفنزويلا وليبيا.

هبوط الأسعار

وكانت أسعار النفط هبطت أمس بأكثر من 1.5 في المئة عند الإغلاق أيضاً، في تعاملات متقلبة مع عدم اليقين في شأن سياسة الإنتاج لتحالف "أوبك+"، إضافة إلى ارتفاع الدولار الأميركي خلال التعاملات، مما يجعل شراء النفط أكثر كلفة بالنسبة إلى حائزي العملات الأخرى.

وشهدت أسواق الخام تقلبات على مدى اليومين الماضيين عقب انهيار مناقشات بين المنتجين الرئيسين في "أوبك+"، مما يشير إلى أن المستثمرين غير متأكدين مما تعنيه المجابهة داخل التحالف في ما يخص الإنتاج العالمي.

حل توافقي

ويرى المختص النفطي محمد الصبان أن هناك تحديات عدة تواجه تحالف "أوبك+"، يأتي في مقدمها "كيفية تلبية المطلب الإماراتي، وتوقيت الحل التوافقي لذلك"، مضيفاً أن التحدي الثاني يتمثل في "عدم التزام من قبل الأعضاء بالاتفاق حول الإنتاج، ومن ثم مواجهة ما حدث من حرب أسعار في شهري مارس وأبريل 2020، والثالث تفكير بعض الدول الأعضاء في الخروج من التحالف للاستفادة من ارتفاع الأسعار".

وأشار إلى أن التحدي الرابع يتضمن توقف إنتاج النفط الصخري مع الانخفاض الكبير، وهو ما تؤكده الإحصاءات الصادرة أخيراً من أن مخزون الخام الأميركي تراجع بما لا يقل عن 11 مليون برميل للأسبوع الخامس على التوالي، موضحاً أنه سينتج من ذلك ضغوط سياسية كبيرة من قبل الولايات المتحدة نتيجة تحسن الطلب وتقلص الإمدادات، وعلى دول تحالف "أوبك+" أن تزيد إنتاجها.

وأكد أن النفط الصخري سيعود تدريجياً للأسواق وسيمثل مشكلة، معتقداً أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها التحالف زيادات الطلب على النفط الصخري، وبالتالي يمكنه التعامل معه، وأيضاً التعامل مع الزيادة التي قد تحدث في حال رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا، وحينها ستكون الولايات المتحدة أكثر استعداداً لرفع العقوبات وتوقيع الاتفاق النووي، وستقوم إيران بطرح نحو مليون برميل يومياً للأسواق، ومن ثم سيخف ذلك من الضغط على أسعار النفط.

موازين السوق

من جهته، قال المحلل النفطي كامل الحرمي إن "أوبك+" يواجه "معادلة صعبة في ظل مخاوف من دخول كميات جديدة قد تقلب موازين الإمدادات النفطية من دول منظمة "أوبك"، لا سيما مع وجود حصص إنتاجية فائضة بأكثر من 6 ملايين برميل لعدة دول، بينها السعودية والإمارات والكويت والعراق، إلى جانب احتمال عودة الصادرات الإيرانية المرتقبة، لا سيما أن مسار انتعاش الطلب على الخام لا يزال هشاً، علاوة على أن الأسعار المرتفعة تثير استياء بعض كبار المستهلكين مثل الهند.

وتابع الحرمي أن الأسواق النفطية ما زالت غير مستقرة بسبب التحورات المتلاحقة لوباء كورونا، إلى جانب عدم انتظام النمو الاقتصادي المتقلب بين الدول الصناعية الكبرى، لافتاً إلى أن التحالف معتاد على الخلافات وتمكن من تجاوز خلاف كبير مطلع العام الماضي، تسبب في حرب أسعار قصيرة، فيما يعمل التحالف عادة بشكل أفضل عندما يواجه تحديات كبيرة وتدهوراً في الأسعار.

وأضاف، "يجب التريث والصبر وعدم الاستعجال، خصوصاً أن تحالف "أوبك+" استطاع الوصول بسعر البرميل إلى 76 دولاراً، وهو أعلى مستوى منذ 2018، والأسعار أيضاً مرشحة للصعود، ولكن باعتدال وليس بمعدل أكبر من 80 دولاراً".

الحصص وكميات الانتاج

من جهته، حدد المتخصص في الشؤون النفطية خالد بودي أربعة تحديات رئيسة تواجه "أوبك+" حالياً، مشيراً إلى أن التحدي الأول "يتمثل في تحقيق التوافق بين أعضاء التحالف على كمية الإنتاج وعلى القرارات المتعلقة بالزيادة أو الخفض، ويمكن تخفيف حدة هذا التحدي عبر تطوير آلية اتخاذ القرار داخل التحالف".

وقال بودي إن التحدي الثاني "يكمن في الخفوض الإضافية التي يتبناها بعض الأعضاء بأعلى من الاتفاق المبرم، في المقابل يقوم البعض الآخر بزيادة الإنتاج لأسباب تتعلق بدعم الإيرادات العامة للموازنة الحكومية، وهذا قد لا يكون مقبولاً عند الأعضاء الآخرين، ويمكن مواجهة ذلك من خلال العمل على وضع معايير لقبول أو رفض طلبات بعض الدول بتحديد كميات الإنتاج بصورة تختلف عن الحصص المقررة لكل عضو في التحالف".

وأشار بودي إلى أن "كميات النفط المتدفقة من دول ليست أعضاء في التحالف تمثل التحدي الثالث، التي قد تزيد في بعض الأحيان مسببة ضغطاً على الأسعار، ويمكن التخفيف من تأثيرها من خلال توسعة تحالف "أوبك+" ليضم أعضاء جدداً، وبالتالي تحقيق التوافق معهم على كميات الإنتاج".

وأوضح أن التحدي الرابع يتمثل في "الأزمات الاقتصادية والجائحة التي قد تؤدي إلى تراجع الطلب على النفط ومن ثم تراجع الأسعار، كما حدث في الأزمة الاقتصادية عام 2008، وكذلك خلال جائحة كورونا، حين انحدرت الأسعار إلى مستويات متدنية نتيجة توقف كثير من الأنشطة، واستمر ذلك لفترة تزيد على العام، ثم عادت إلى الارتفاع بعد استعادة بعض الأنشطة الاقتصادية عافيتها، وهذا التحدي خارج سيطرة "أوبك+"، ولكن يمكن التخفيف من حدة تأثيره من خلال تعديل كميات الإنتاج بحسب أوضاع السوق".

وأشار بودي إلى أن النفط الصخري الذي وصل إنتاجه إلى نحو 8 ملايين برميل يومياً في الولايات المتحدة "قد يشكل تحدياً" مع ارتفاع الأسعار، لكنه ليس "تحدياً رئيساً"، إذ استوعبت الأسواق كميات النفط الصخري منذ فترة، وأية زيادة في كمية إنتاجه قد تكون محدودة، وبالتالي فالتأثير في الأسواق "قد يكون محدوداً أيضاً".

وساطة أميركية

وصرح البيت الأبيض في بيان بأن "الولايات المتحدة تراقب من كثب مفاوضات "أوبك+" وتأثيرها في التعافي الاقتصادي العالمي من الجائحة".

وقالت متحدثة البيت الأبيض جين بساكي، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ" الإخبارية، "إن المسؤولين الأميركيين متشجعون إزاء محادثات "أوبك"، وتحدثوا مع نظرائهم في السعودية والإمارات على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف ارتفاع النفط".

أوضحت بساكي أن التأثير في أسعار البنزين بالولايات المتحدة يشغل اهتمام الإدارة الأميركية، كما أن هناك حاجة إلى استقرار أوضاع سوق النفط لتغذية التعافي والوفاء بوعد الإدارة وجعل أسعار الطاقة في مقدور المستهلكين.

وفي الوقت الذي توقع بنك "جيه بي مورغان" التوصل إلى اتفاق، فإن مصرف "أي إن جي غروب" الهولندي أشار إلى احتمال نشوب حرب أسعار، لكن جميع المعنيين سيحاولون تجنب ذلك.

وتوقع بنك الاستثمار الأميركي "جي بي مورغان" في مذكرة أن يوافق "أوبك+" في نهاية المطاف خلال الأسابيع المقبلة على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر خلال الفترة المتبقية من 2021.

فيما قال بنك "جولدمان ساكس"، إن فشل المناقشات ألقى بظلال من الضبابية على سياسة إنتاج "أوبك"، غير أن البنك أكد توقعاته بأن سعر خام برنت سيرتفع إلى 80 دولاراً للبرميل أوائل العام المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز