Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينهي إنشاء منطقة منزوعة السلاح الإشكال الروسي – التركي في سوريا؟

استبق الاتفاق بين لافروف وجاويش أوغلو اجتماع أستانا المزمع بعد أيام

لا يعول مراقبون كثيراً على إنشاء المنطقة المذكورة (اندبندنت عربية)

دون ربطتي عنق، هكذا ظهر اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، في مدينة أنطاليا التركية. الأجواء بدت إيجابية بالشكل، بينما ظل مضمون الاجتماع حبيس الغرف المغلقة بين 2 من أبرز اللاعبين الدوليين على الأراضي السورية.
وكان لافتاً ما توصلت إليه أنقرة وموسكو من اتفاق على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب، شمال غربي البلاد، دون تحديد خريطتها، وحدودها، وآلية إدارتها، بينما اقتصر حديث الوزيرين المعلن على علاقات البلدين التجارية ومواقفهما السياسية حيال ملفات عدة، منها تهدئة القتال في ريف إدلب، وتمسك موسكو بضمان وصول المساعدات عبر المعابر الشرعية للسلطة.

منطقة منزوعة السلاح

في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى ما ستفضي إليه جلسة مجلس الأمن في العاشر من يوليو (تموز) الحالي، سعياً إلى تطبيق القرار رقم 2254 الصادر في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2015، والرامي إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في سوريا، وذلك بهدف ضمان توصيل المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى.

وسيؤشر عدم استخدام روسيا حق "الفيتو" ضد القرار، بلا شك إلى نجاح تسوية ما، أو اتفاق أميركي - روسي، وإشارة إلى عودة جادة للعلاقات بين واشنطن وموسكو، بعد أن شهدت توتراً كبيراً يبدو أن قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، فككته في جنيف في 16 يونيو (حزيران) الماضي.

في المقابل، لا يعول مراقبون كثيراً على إنشاء المنطقة المذكورة، والتي تذهب الترجيحات إلى كونها نفس منطقة التهدئة التي بدأت ملامحها تظهر في عام 2019، فالحشود العسكرية وطبول الحرب لم تتوقف منذ إعلان بوادر التسوية. ويتحدث أطراف النزاع عن معركة حاسمة، على الرغم من الأجواء الهادئة التي لفحت مناطق شمال غربي سوريا المتوترة، معتبرين أن لقاء لافروف – جاويش أوغلو لا يعدو عن كونه لقاءً تشاورياً يسبق اجتماع أستانا في العاصمة الكازاخستانية "نور سلطان" من السادس إلى الثامن من الشهر الحالي.

الطريق بين الشمال والغرب

ويتوقع أن تكون المنطقة الخالية من الوجود العسكري المزمع إقامتها تمثل "الممر الآمن" على طول طريق "أم 4" الواصل من حلب شمالاً إلى اللاذقية غرباً، تطبيقاً لاتفاق موسكو في مارس (آذار) 2020. ويبلغ طول الطريق الممتدة من منطقة أريحا في محافظة إدلب إلى اللاذقية، على مسافة 98 كيلومتراً. وتسعى كل الأطراف إلى الاستحواذ على هذا الطريق لما له من أهمية كبيرة لن يفرط به الروس بسهولة، حيث يكتسي بعداً محلياً ودولياً من البوابتين الاستراتيجية والاقتصادية على حد سواء، إذ يربط حلب، أكبر المدن الصناعية السورية، بمرفأ اللاذقية، ومن جانب ثانٍ سيربط دولاً إقليمية كالعراق بالبحر المتوسط.

نزاع القياصرة والسلاطين الخفي

وطفق الجانبان الروسي والتركي بمعالجة عاجلة لملفات الصراع السوري على الأرض، في مناطق تمتد على طول الشمال السوري بشطريه الشرقي والغربي، للاستحواذ على نفوذ أكبر، عبر دعم كل طرف للمجموعات التابعة له. ويواصل "القياصرة" دعم الجيش النظامي السوري في حملته لاستعادة إدلب، أما "السلاطين" فيدعمون معارضين في الشقين السياسي والعسكري.
في المقابل، لاحت أجواء توتر روسي – تركي، إثر تلويح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ببناء قاعدة عسكرية في أذربيجان، الأمر الذي أغضب الكرملين وسارع إلى إصدار بيان يؤكد أهمية أمنه الإقليمي.

وفي الشطر الشرقي من الشمال السوري، يتضح التطابق في سياسة الدولتين، فموسكو لا تزال تحاول ضبط الإيقاع على حدود الشمال الشرقي الساخنة، وتبقي عود الثقاب بعيداً عن براميل البارود المتراكمة بين الأتراك والفصائل الكردية المقاتلة، حيث سيرت يوم الخميس في الأول من يوليو (تموز) الحالي، دورية روسية – تركية مشتركة في إطار اتفاقية سوتشي جالت في الدرباسية، بريف الحسكة.

الكلمة للميدان

في هذه الأثناء، تشي مصادر ميدانية بزج القوات النظامية حشود عسكرية كبيرة سبقت اللقاء الروسي - التركي، إضافة إلى ارتفاع وتيرة دخول عربات ومصفحات تركية عبر معبر كفرلوسين إلى نقاط تمركزها في جبل الزاوية.

وانتشرت أخيراً القوات التركية بشكل كثيف على طول طريق "اللاذقية – حلب"، الأمر الذي أقلق الروس، الساعين إلى الحد من توسع النفوذ التركي المقلق هناك، في حين قال ناشطون من المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية قامت بعمليات تمشيط في 27 يونيو (حزيران) الماضي، ضمن الطريق انطلاقاً من منطقة مصيبين إلى جسر أريحا.
وبذلك تنبئ المفاوضات الساخنة بين الدول الضامنة للتسوية السياسية السورية (روسيا وتركيا وإيران) عن وضع لمسات حول تفاهمات لن تفلح وسط التوترات والحشود على تخوم خطوط التماس، فيما يبدو الحل السياسي بعيد المنال في الصراع الداخلي السوري من جهة، وصراع المصالح الإقليمية الدولية التي لا تتوقف على الأرض من جهة أخرى.

المزيد من الشرق الأوسط