Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تتخوف من موجة وبائية جديدة قد تتسبب في وفاة 40 ألف شخص

رئيس الوزراء يرجئ "يوم الحرية" (إنهاء الإغلاق) إلى 19 يوليو ويقول حان الوقت للجم الاندفاع نحو إزالة القيود

يأمل المسؤولون البريطانيون في إنقاذ آلاف الأرواح وتطعيم ملايين من الناس خلال فترة تمديد الإغلاق لأربعة أسابيع (أ ف ب)

أعرب علماء بريطانيون عن خشيتهم من احتمال وفاة أكثر من 40 ألف شخص هذا الصيف، مع تفشي المتحور "دلتا" لفيروس "كورونا" في مختلف أرجاء المملكة المتحدة، حتى بعد قرار رئيس الوزراء بوريس جونسون إرجاء رفع قيود الإغلاق لمدة أربعة أسابيع أخرى، حتى التاسع عشر من شهر يوليو (تموز) المقبل.

ونبهت ورقة بحثية تلقتها "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" Scientific Advisory Group on Emergencies (Sage) التابعة للحكومة البريطانية، إلى أن موجة الصيف من الإصابات بعدوى "كوفيد"، وحالات الاستشفاء والوفيات التي ستتأتى منها، باتت "مرجحة الحدوث"، سواء تم رفع القيود الراهنة أم لا، وذلك نتيجة الطبيعة شديدة الوطأة لمتحور الفيروس، لكن معدل الذروة للوفيات بالفيروس يمكن أن يتم تخفيضه من 700 حالة إلى 500 في اليوم، من خلال تأخير تنفيذ الخطوة الرابعة من خارطة الطريق التي وضعها بوريس جونسون (الرفع الكامل لجميع قيود الإغلاق)، عن التاريخ المخطط له في الحادي والعشرين من يونيو (حزيران) الحالي.

وكان رئيس الحكومة البريطانية قد أكد، الإثنين الفائت، أنه أصبح "واثقاً" من أن ما يسمى "يوم الحرية" - الذي ستتم فيه إزالة معظم قواعد التباعد الاجتماعي المتبقية، وعودة الناس إلى حضور المباريات الرياضية والأحداث والفعاليات الفنية - لن يتم إرجاؤه مرة أخرى بعد التاسع عشر من يوليو المقبل، وأنه لن يكون من الضروري إعادة فرض أي من القيود على المتاجر ومؤسسات الضيافة، التي كانت قد رفعت خلال الأشهر القليلة الماضية.

لكن الأرقام التي تتحدث عن أسوأ السيناريوهات الوبائية في بريطانيا التي وضعتها "كلية لندن للصحة والطب الاستوائي" London School of Hygiene and Tropical Medicine، لا بد من أن تنعش الجدل المتعلق بتأخر بوريس جونسون في فرض قيود على السفر إلى المملكة المتحدة من الهند، حيث ظهر متغير "دلتا" للمرة الأولى، في وقت كان يخطط فيه رئيس الوزراء للقيام بزيارة لدلهي ذات أهداف تجارية مهمة في مارس (آذار) الماضي.

وفي هذا الإطار، لوحظ أن البلدان الأوروبية التي حظرت دخول مسافري الدولة الواقعة في جنوب آسيا إليها قبل أن تتخذ المملكة المتحدة قرار المنع، عانت أقل من آثار متحور "دلتا"، الذي يعتقد أن لديه قدرة أكبر على الانتشار بنسبة 40 إلى 80 في المئة من السلالة الأساسية لـ"كوفيد - 19"، وبات يشكل الآن نحو 9 من كل 10 حالات إصابة بالعدوى بين البريطانيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع اعتبار رئاسة الحكومة البريطانية في "داونينغ ستريت" أن الأسابيع المقبلة ستكون أشبه بسباق ما بين تفشي الفيروس وتسريع وتيرة حملات التطعيم، فقد تم تقريب فترة إعطاء الجرعة الأولى من اللقاح لجميع البالغين في إنجلترا، من أواخر شهر يوليو إلى التاسع عشر منه.

وتم في المقابل تقليص مدة التأخير بين الجرعتين الأولى والثانية من 12 أسبوعاً إلى 8 أسابيع، للأشخاص الذين هم ما فوق الأربعين عاماً، وذلك بعد ما توصل العلماء إلى أن زيادة تلقي الأفراد جرعات كاملة من اللقاح يعد أمراً بالغ الأهمية، لمواجهة أسوأ آثار الموجة الثالثة من الوباء.

وترى السلطات البريطانية أنه في إطار زيادة التطعيمات، سيتم إعطاء الجرعة الثانية لنحو ثلثي السكان البالغين، قبل حلول التاسع عشر من يوليو، ما من شأنه أن يخفض إلى حد كبير خطر دخول الناس إلى المستشفيات، وأن يقلل عدد الوفيات بالآلاف.

لكن الدراسة التي أعدتها "كلية لندن للصحة والطب الاستوائي" والتي قدمت إلى "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" في الثامن من يونيو الجاري، أشارت إلى أن تأخير موعد إزالة القيود نهائياً لمدة خمسة أسابيع من انطلاق العطلة الصيفية، لن يساهم ضمن أسوأ السيناريوهات المتوقعة، إلا في خفض عدد الوفيات بحسب تقدير مركزي يصل إلى 43,500 حالة - ضمن نطاق يتفاوت ما بين 31,200 و62,900 حالة وفاة. أما في حال المضي قدماً في الموعد المحدد لتخفيف القيود وإزالتها في الحادي والعشرين من يونيو الجاري، في ظل هذا السيناريو، فستشهد البلاد وفق تقدير مركزي قرابة 49,700 حالة وفاة خلال موجة الصيف، في نطاق يتفاوت ما بين 35,600 و67,200 حالة.

وفي آخر تصريح عن الموضوع، قال رئيس الوزراء جونسون: "لقد حان الوقت الآن للجم وتيرة الاندفاع والحماسة (نحو إلغاء القيود)، لأن من خلال توخي الحذر الآن، لدينا فرصة في الأسابيع الأربعة المقبلة لإنقاذ آلاف من الأرواح من خلال تطعيم ملايين آخرين من الناس".

وستجرى مراجعة للوضع الصحي بعد نحو أسبوعين، وذلك في الثامن والعشرين من يونيو، لكن دوائر الحكومة في "داونينغ ستريت" أوضحت أنه من غير المرجح أن يكون الوضع قد تحسن بما يكفي بحلول ذلك الوقت، للسماح بتقديم موعد رفع القيود إلى الخامس من يوليو المقبل. إلا أن نتيجة مراجعة ثانية أعلن أنها ستجرى في الثاني عشر من الشهر المقبل، من المتوقع أن تفضي إلى رفع القيود المتبقية بعد أسبوع من ذلك التاريخ.

على صعيد آخر، أظهر رئيس الوزراء البريطاني تعاطفاً مع الأزواج الذين يخططون لعقد قرانهم أو للدخول في شراكات مدنية خلال الأسابيع المقبلة، بإعلانه عن زيادة الحد الأقصى للتجمع خلال احتفالات الزواج وحفلات الاستقبال، إلى 30 شخصاً.

وفي المقابل، لن يضطر المقيمون في دور الرعاية إلى عزل أنفسهم لمدة 14 يوماً بعد قيامهم برحلات خارج المبنى. أما التجارب في شأن الحضور الجماعي لأحداث وفاعليات فتشهد حشداً من مختلف الأحجام فستتواصل، ما يعني أنه لن يكون هناك تغيير في أعداد المشجعين المتوقع السماح لهم بحضور مباريات "بطولة أمم أوروبا 2020" في كرة القدم.

إلا أن جونسون أكد أنه لن يكون هناك دعم مالي إضافي للشركات التي تضررت نتيجة تمديد الإغلاق، على الرغم من التحذيرات التي أطلقت بأن التأخير قد يكلف قطاع الترفيه الليلي والضيافة وحده ما يصل إلى 3 مليارات جنيه إسترليني (4.23 مليارات دولار أميركي). وسينتهي العمل بقرار منع إخلاء المحلات التجارية كما هو منتظر في مطلع يوليو، على الرغم من عدم تمكن كثير من الشركات الآن من إعادة فتح أبوابها إلا بعد ذلك التاريخ.

معلوم أن المملكة المتحدة تشهد الآن نحو 8 آلاف حالة إصابة بفيروس "كوفيد" كل يوم، وهو أعلى مستوى وصلت إليه البلاد منذ شهر فبراير (شباط). وترتفع الأرقام بنسبة 70 في المئة على المستوى الوطني أسبوعاً تلو الآخر، فيما تتضاعف أسبوعياً في المناطق التي تتزايد فيها مستويات الإصابة بالعدوى، وتتركز في شمال غربي إنجلترا، لكنها تشمل الآن ثلث البلاد.

أما متوسط عدد الأشخاص الذين يدخلون إلى المستشفيات، فقد ارتفع بنسبة 15 في المئة كل أسبوع، لكنه بلغ في المناطق الشمالية الغربية نسبة 66 في المئة. لكن الوفيات لا تزال منخفضة، بحيث تم تسجيل ثلاث حالات فقط على مستوى البلاد الإثنين الفائت.

وأظهرت محاضر اجتماع "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" في التاسع من يونيو الجاري، أن خبراء "المجموعة العلمية للإنفلونزا الوبائية المعنية بالنمذجة" Scientific Pandemic Influenza Group on Modelling (SPI-M)  (تقدم مشورة لوزارة الصحة وللحكومة حول طريقة الاستجابة لوباء الإنفلونزا أو لتهديد الأمراض المعدية الأخرى) قدروا وقوع ما بين 7 آلاف و13 ألف إصابة جديدة يومياً في إنجلترا. وقد تراجعت نسبة دخول المستشفيات بشكل كبير بسبب التطعيم، كما أن الكبار في السن- الذين يفترض أن يتطعموا بجرعتي اللقاح- يشكلون نسبة متناقصة عن أولئك الذين يحتاجون إلى العلاج في المستشفى.

لكن اللافت في الأرقام هو أن عدد الإصابات وحالات دخول المستشفيات ما زالا مترابطين، وما زال هناك "مقدار كبير من حال عدم اليقين" المهيمن في ما يتعلق بحجم التفشي الجديد المتوقع للعدوى، وعدد الحالات التي قد تستدعي الدخول إلى المستشفيات.

وأشارت "المجموعة العلمية للإنفلونزا الوبائية المعنية بالنمذجة" إلى أن المضي قدماً في تخفيف قيود الإغلاق، يمكن أن يؤدي إلى بلوغ عدد حالات الاستشفاء الذروة التي سجلت مع الموجة الأولى من الوباء في مارس عام 2020، حينما تم إدخال ما يتفاوت بين 2,500 و3,000 مريض إلى المستشفيات التابعة لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS بشكل يومي.

وأياً يكن السيناريو المتوقع، فإن "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" ترى أن تأخير المرحلة الرابعة من خريطة الطريق التي وضعها جونسون، من شأنه أن يجنب البلاد حالات دخول إلى المستشفيات ووفيات، لأنه يمنح الناس وقتاً إضافياً لتلقي التطعيم. وتأتي أغلب الفوائد في الأسابيع الأربعة الأولى من التأخير- يعود ذلك جزئياً إلى أن "يوم الحرية" يقترب في موعده من بدء العطلات المدرسية، التي من شأنها أن تخفض الإصابات بالفيروس- ويمكن كذلك تقليص معدلات الذروة للدخول إلى المستشفيات بنسبة الثلث إلى النصف خلال هذا الوقت.

وتقول محاضر مجموعة Sage، إن "الحد من حال عدم اليقين في ما يتعلق باحتمال حدوث ضغط غير مستدام على مرافق ’الخدمات الصحية الوطنية‘، يخفض أيضاً من خطر الاضطرار إلى التفكير في إعادة فرض التدابير مرة أخرى، وذلك على الرغم من وجود خطر حدوث ضغوط غير مستدامة حتى مع اعتماد التأخير، فإنها تظل أقل بكثير".

وتوقعت دراسة "كلية لندن للصحة والطب الاستوائي" التي قدمت إلى "المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ" في الثامن من يونيو، حدوث موجة صيفية من الإصابات بعدوى "كوفيد" شبيهة بتلك التي حصلت في ربيع عام 2020 وخريفه، مع بلوغها الذروة في شهر أغسطس (آب) أو في سبتمبر (أيلول).

وخلصت إلى القول إن من المتوقع أن يكون نصف عدد حالات دخول المستشفيات والوفيات، من بين الأفراد الذين لم يتلقوا تطعيمهم بعد، مع تركز حالات الوفاة ضمن الفئة العمرية التي تزيد عن 75 عاما.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة