Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اشتباك بين برلمانيين ليبيين يطيح بجلسة إقرار الموازنة العامة

غطى الخلاف بشأن زيارة وزير الدفاع التركي إلى طرابلس على السبب الحقيقي للتجاذب بين الفرقاء

رئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري ملتقياً وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في طرابلس في 12 يونيو الحالي (أ ف ب)

لم يكن الشارع الليبي ينتظر أن تمرّ الموازنة العامة للحكومة الموحدة، في جلسة البرلمان الأخيرة التي عُقدت الإثنين 14 يونيو (حزيران) الحالي، لمناقشة المقترح المعدل بشأنها، ولكنه لم يكن ينتظر أن تصل الأمور حد التشابك بالأيدي بين نائبين، حول موضوع بعيد تماماً من موضوع الجلسة.
المشادة الكلامية التي تطورت إلى عراك بالأيدي بين النائبين مصباح دومة وعبدالوهاب الزوليه، حدثت على خلفية اعتراض دومة على زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى طرابلس، من دون تنسيق مسبق مع السلطات الليبية، وتفقده الجنود الأتراك في قاعدة معيتيقة، الأمر الذي اعتبره الزوليه نقاشاً خارجاً عن موضوع الجلسة، قبل أن يحدث ما حدث.
واعتبر مراقبون أن ما جرى يشكل دلالة على حجم التوتر الذي يسود المشهد السياسي الليبي في الآونة الأخيرة، والمستوى الذي وصلت إليه الخلافات بين فرقاء الأزمة، بعد ربيع قصير من التوافق والتقارب والتفاهمات المبشّرة.

تعليق الجلسة

بعد ساعات من تعليق جلسة البرلمان الليبي، صرح المتحدث باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، أن "جلسة مجلس النواب عُلّقت ليوم الثلاثاء، لمناقشة جدول الأعمال نفسه"، بعد تسريبات عن تعليق الجلسة الثانية أيضاً.
وكانت جلسة البرلمان التي جرت في مدينة طبرق انعقدت لبحث ملفات عدة، أبرزها اعتماد الموازنة العامة المقدمة من قبل الحكومة، إضافة إلى آلية اختيار قيادات المناصب السيادية، لكن الجلسة أخذت مساراً غير متوقع تماماً، بعد مقاطعة النائب عبدالوهاب زوليه لزميله مصباح دومة، مما تسبب في شجار بينهما اشترك فيه نواب آخرون، بسبب استنكار الأخير ما اعتبره "إهانات وتجاوزات خلوصي أكار وزير الدفاع التركي في طرابلس"، ليحاول زوليه إسكاته، فرد دومة "هذه قاعة ليبيين يا عصملي، واذا فيكم أتراك يعلنوها".
وكان مصباح دومة يطالب في كلمته خلال الجلسة، قبل مقاطعته الزوليه، بـ "مساءلة المجلس الرئاسي أمام البرلمان بخصوص زيارة وزير الدفاع التركي إلى طرابلس من دون إذن مسبق". واعتبر دومة الزيارة "إهانة لكل مواطن ليبي لم يبع نفسه للخارج".


غضب الشارع وانقسام النواب

ما حدث تحت قبة البرلمان وشاهده الشعب الليبي على الهواء مباشرة تسبب بغضب شعبي عارم، وظهر ذلك بوضوح في تعليقات المدونين على مواقع التواصل، بينما انقسم النواب في البرلمان إلى فريقين، واحد دعم النائب مصباح دومة والثاني عاضد زميله عبدالوهاب الزوليه.
ودعم رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي البرلمانية النائب طلال الميهوب موقف زميله دومة، وأشار إلى أن "أعضاء في المجلس كانوا يرغبون من خلال الجلسة التي عُلقت أن تعلن حال الطوارئ في البلاد على خلفية انتهاك سيادة الدولة"، مضيفاً أن "أغلب النواب يستهجنون ما يقوم به الأتراك في المنطقة الغربية من ليبيا".
وذهب النائب عبدالمنعم العرفي أبعد من ذلك بقوله إن "الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع التركي إلى قاعدة معيتيقة جاءت لتدبير هجوم عسكري على الجفرة"، مؤكداً أن "من أتى إلى طرابلس هي غرفة عمليات تركية متكاملة تنتظر ساعة الصفر للهجوم".
في المقابل، انتقدت النائب ربيعة أبوراص موقف دومة الذي تسبب برأيها في عراك بالأيدي بينه والزوليه، معتبرة أن "ما حدث في جلسة البرلمان بمدينة طبرق كان عبارة عن مزايدات بخصوص زيارة الوفد التركي إلى العاصمة طرابلس، واستغفال للناس عما يحدث في قواعد ومعسكرات الجنوب والجفرة والشاطئ وسرت، والتهريب وتسلل الارهابيين والفاغنر"، في إشارة إلى شركة الأمن الخاصة الروسية.
وتابعت أبوراص، "كل هذا يستدعينا للضحك من الثورة التي حاول زوراً وبهتاناً أن يقودها عضو مجلس النواب عن مدينة سبها مصباح دومة، والتي أفشل بها جلسة مناقشة الموازنة والمصادقة عليها، وبث السم في وسائل التواصل الاجتماعي، وعرّض سلامة النواب لخطر الاستهداف بحجة الجهاد ضد الأتراك".

وأشارت في تصريحها الذي نشرته على صفحاتها في مواقع التواصل إلى أن "ما يحدث أخيراً قد يهدم التفاهمات التي أُنجزت سابقاً، ويعود بالجميع إلى المربع الأول. يبدو أننا لم نقطع أي مسافة بعد نحو توحيد مواقفنا من الخطر الحقيقي الذي يهدد كياننا كشعب يعيش في دولة تُسمى ليبيا، كل شيء يعيدنا إلى الصفر، وبهذا الشكل لن نتقدم، ويبقى شبح انقسام المؤسسات والدولة هو سيد الموقف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعقيد على تعقيد

ولم يكن شجار النائبين السبب الوحيد لتعثر التصويت على مشروع الموازنة المقدَم من حكومة رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة، بل إن إتمام عملية التصويت لم يكن متوقعاً، بحسب مجريات الجلسة، للسبب ذاته الذي أفشل إقرار الموازنة لأسابيع عدة، وهو استمرار الخلافات بين البرلمان ومجلس الدولة حول تقاسم المناصب السيادية.
هذا الموقف القائم على مقايضة مرور الموازنة بحسم ملف المناصب السيادية عبرت عنه كلمات نواب كثر في الجلسة، من بينهم رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية عيسى العريبي، الذي طالب صراحة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح "بعدم اعتماد الموازنة المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة إلا بعد تسمية المناصب السيادية، خصوصاً محافظ مصرف ليبيا المركزي والرقابة الإدارية وديوان المحاسبة".

تداعيات أخرى للزيارة التركية

أما الزيارة التركية المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع التركي رفقة حشد من وزراء بلاده إلى العاصمة الليبية السبت الماضي، من دون تنسيق مع القيادات الليبية، ولقائهم بضباط وجنود أتراك في قاعدة معيتيقة، فلم تنحصر تداعياتها على جلسة البرلمان الليبي وحسب، بل قوبلت بمواقف رافضة لها من قبل "الجيش الوطني الليبي" في الشرق، إضافة إلى أبرز المناهضين في الآونة الأخيرة على الساحة السياسية الليبية للوجود العسكري التركي في البلاد، وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.

وعلّق المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري على الزيارة، معتبراً أن "غرب ليبيا منطقة محتلة من الأتراك ولا يوجد لها توصيف غير هذا الوصف، وما يحدث انتهاك للسيادة الليبية وإنما للصبر حدود". وأضاف، "لا نعلم من جاء مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى طرابلس على الطائرة ذاتها، وهل هم قادة من تنظيم القاعدة أو عناصر إرهابية أخرى؟".
وتابع المسماري، "نقول لمن يدعون محاربة عسكرة الدولة، ماذا تقولون في دخول وزير الدفاع التركي إلى طرابلس من دون تنسيق مع الدولة الليبية؟".
من جهتها، ردت المنقوش على الزيارة التركية بتحرك لتسريع خروج القوات الأجنبية من ليبيا عبر لقائها الإثنين (14 يونيو) أعضاء اللجنة العسكرية 5+5 لهذا الغرض. وأشارت وزارة الخارجية الليبية في بيان إلى أن "الاجتماع جاء للتشاور والتنسيق قبيل مؤتمر برلين". وأكدت الوزيرة على "دعمها الكامل لعمل اللجنة وجهود أعضائها الـ 10 في مساعيهم لفرض سيادة الدولة وتحرير القرار السيادي فيها"، معتبرة "ألا تهاون تجاه هذا المبدأ الوطني".

المزيد من العالم العربي