Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليلة دامية على مشارف العاصمة الليبية وأزمة بين الجزائر وسلطات الشرق

تصريحات تبون بشأن التدخل العسكري ضد "الجيش الوطني" تهدد وساطة بلاده

يُعقد مؤتمر "برلين الثاني" في نهاية يونيو الحالي (صفحة المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة الليبية على فيسبوك)

تستعد العاصمة الألمانية برلين للمرة الثانية لجمع الأطراف المحلية والدولية المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالأزمة الليبية، حول طاولة حوار كبيرة لدعم المسار السياسي في البلاد واتخاذ إجراءات حاسمة لتنفيذ الاتفاقات المنصوص عليها في مؤتمر "برلين 1"، التي تعثّر تنفيذ غالبيتها حتى الآن.
ويُعقد مؤتمر "برلين الثاني" في نهاية الشهر الحالي ويتزامن مع تجدد تعقيد المشهد السياسي الليبي، خصوصاً مع تعثّر خروج القوات الأجنبية من البلاد، بحسب الاتفاق المبرم بين الأطراف الدولية في مؤتمر "برلين الأول"، بداية العام الماضي، والذي يُتوقع أن يكون الملف الأبرز والمحوري في الجولة الثانية من المفاوضات الخاصة بليبيا في العاصمة الألمانية.
في موازاة ذلك، تسببت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن ليبيا التي أدلى بها في مقابلة تلفزيونية، بإثارة أزمة بين بلاده من جهة، والبرلمان و"الجيش الوطني" في الشرق الليبي من جهة أخرى، إذ قال إن "الجزائر كانت مستعدة للتدخل لمنع سيطرة قوات (المشير خليفة) حفتر على طرابلس العام الماضي".

التحضير لـ"برلين 2"

من جهة أخرى، كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن تحركات واسعة لرئيسها يان كوبيش، مع الأطراف الفاعلة على الصعيدين المحلي والدولي، للتحضير لمؤتمر "برلين الثاني"، لحشد مزيد من الدعم للعملية السياسية متعددة المسارات التي تسيّرها المنظمة. وذكرت البعثة في بيان أن "كوبيتش أجرى على الصعيد المحلي عدداً من المكالمات الهاتفية مع مجموعة من الأطراف الليبية، بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة وقائد القوات المسلحة خليفة حفتر، دعاهم خلالها إلى المشاركة في مؤتمر برلين الثاني، نهاية الشهر الحالي".

وبيّنت البعثة أن كوبيتش "تواصل مع عدد من المسؤولين الدوليين، ودعاهم إلى المشاركة في المؤتمر الخاص بمناقشة الأزمة الدولية، على رأسهم مسؤولون في روسيا والإمارات ومالطا وتركيا". وبحسب البعثة، فإن "المبعوث الخاص شدد في اجتماعاته على حتمية إجراء الانتخابات الوطنية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل وضرورة أن يسرع مجلس النواب في سَنّ القاعدة الدستورية والتشريع الانتخابي اللازم ومناقشة التحضيرات لمؤتمر برلين الوزاري الثاني في 23 يونيو" (حزيران) الحالي.

ليلة دامية قرب طرابلس

في سياق آخر، عاش سكان مدينة العجيلات، غرب طرابلس، ليلة دامية، الجمعة (11 يونيو)، بعد نشوب اشتباكات استُخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة بين تشكيل مسلّح من مدينة الزاوية بإمرة محمد بحرون، ومجموعة أخرى من مدينة العجيلات بإمرة محمد بركة.
وأفادت مصادر محلية متطابقة من المدينة بسقوط سبعة قتلى، من بينهم طالبة في كلية التربية تدعى شفاء قروز، ما أثار حملة تعاطف واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأقدم مسلحو بحرون على إحراق منازل عائلة محمد بركة بالكامل.

واندلعت هذه الاشتباكات بعد توتر تواصل طيلة الأشهر الماضية بين الفصيلين المسلحين، بسبب صراعهما على النفوذ والتمدد والسيطرة على المناطق الحيوية، الممتدة من بوابة مدينة الزاوية، وحتى بوابة رأس إجدير الحدودية مع تونس.

وأثارت هذه الأحداث ردود فعل شعبية غاضبة ومخاوف جديدة من تداعيات الوضع الأمني المتردي أخيراً بشكل واضح على مسار العملية السياسية في البلاد، والإيفاء بإجراء الانتخابات العامة في موعدها، نهاية العام الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستنكرت "منظمة رصد الجرائم" الليبية في بيان هذه الأحداث. وقالت إنها تابعت عن كثب "الاشتباكات المسلحة التي دارت في مدينة العجيلات، غرب طرابلس، صباح يوم الجمعة، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة ثلاثة آخرين على الأقل، من بينهم نساء". وأوضحت المنظمة أن "الاشتباكات دارت بين مجموعة مسلحة تتبع محمد سالم بحرون، وهو رئيس قسم البحث الجنائي في مديرية أمن الزاوية، ومجموعة أخرى تتبع محمد بركة، الموالي لجهاز دعم الاستقرار، الذي يقوده غنيوة الككلي التابع لحكومة الوحدة الوطنية، ما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين وأضرار مادية أخرى".
وتابعت المنظمة "ندين ونستنكر بأشد العبارات هذه الجريمة البشعة التي تُعدّ بمثابة انتهاك صارخ للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان والقوانين الوطنية، والتي تستهتر بحياة المدنيين الأبرياء وتهدد السلم الاجتماعي".
وحمّل البيان "حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية القانونية الكاملة حيال هذه الجريمة"، وطالبت المنظمة النائب العام بتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
وأكدت المنظمة أنها "ستعمل على تقديم الأدلة كافة إلى محكمة الجنايات الدولية ولجنة تقصي الحقائق المعنية بليبيا، لملاحقة الجناة دولياً".

أزمة بين الجزائر وسلطات الشرق

بالعودة إلى تصريحات تبون بخصوص الأزمة الليبية، تحديداً معركة طرابلس التي دارت العام الماضي بين "الجيش الوطني الليبي" وقوات "حكومة الوفاق"، فقد أثارت غضباً واسعاً لدى سلطات شرق ليبيا، ممثلةً بالبرلمان و"الجيش"، ما ربما يهدد جهود الجزائر الساعية إلى لعب دور محوري في الملف الليبي عبر استضافة مؤتمر للمصالحة كشفت عنه سلطاتها قبل أسابيع قليلة.
وكان تبون قال في لقاء تلفزيوني إن "بلاده كانت على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط طرابلس". وأضاف "حينما قلنا إن طرابلس خط أحمر، كنا نقصد أنها لن تكون أول عاصمة مغاربية وأفريقية يحتلها المرتزقة، وكنا سنتدخل آنذاك". وعندما سُئل خلال المقابلة، إذا كان ذلك التدخل سيكون عسكرياً، أجاب "نتدخل بصفة أو بأخرى ولا نبقى مكتوفي الأيدي، ولمّا قلنا خط أحمر، حقيقة كان خطاً أحمر، وفهمونا، ووصلت الرسالة، ولم تُحتل طرابلس". وتابع تبون "نحن أناس مسالمون لكن كما يقول الجزائريون: لما يطلع الدم في المخ خلاص، الحق يبقى حقاً والظلم يبقى ظلماً، ليس عندنا منطقة رمادية، وفي بعض الظروف إما أبيض وإما أسود".
في المقابل، أصدرت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي بعد المقابلة، بياناً استنكرت فيه بشدة مواقف تبون، وقالت "تابعنا باستغراب شديد التصريحات التي أدلى بها الرئيس الجزائري والتي وصف فيها القوات المسلحة العربية الليبية بالقوات المرتزقة، وإشارته غير المفهومة إلى أنه أرسل رسائل لمَن يهمه الأمر بأن سقوط العاصمة طرابلس، عاصمة كل الليبيين، خط أحمر، وما رافق ذلك في حديثه عن تعديل الدستور الجزائري، بما يسمح لبلاده بإرسال قواتها ووحداتها العسكرية إلى الخارج، في إشارة واضحة إلى احتمال تدخلها عسكرياً في ليبيا، ما يُعدّ تهديداً باستخدام القوة وشكلاً من أشكال العدوان".

واعتبرت "لجنة الدفاع والأمن القومي" تصريحات تبون "تدخلاً غير مقبول في الشأن الليبي"، مؤكدةً أن "القوات المسلحة  تستمد شرعيتها ومشروعيتها من البرلمان المنتخب من الشعب، وعناصرها ليبيون أقسموا قسماً مقدساً على حماية التراب الوطني والدفاع عن أراضي ليبيا". وأشارت اللجنة البرلمانية إلى أن "مثل هذه التصريحات لا تخدم جهود إحلال الأمن والسلام والاستقرار، وهذا هو ردّ الجميل الذي كنّا ننتظره نتيجة دعمنا للثورة الجزائرية، لا الانحياز إلى طرف على حساب طرف".

كذلك، اعتبر الناطق باسم "الجيش الوطني الليبي" اللواء أحمد المسماري أن تصريحات تبون أتت "داعمةً للجماعات الإرهابية على حساب الشعب الليبي".

المزيد من العالم العربي