Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحالفات الأقوياء تشق طريقها قبيل الانتخابات العراقية

الحزب الديمقراطي الكردستاني يجرى حوارات مع التيار الصدري

مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية هو الرئيس الحالي برهم صالح (رويترز)

يبدو أن التحالفات التقليدية التي فرضت نفسها منذ سقوط نظام صدام حسين، في عام 2003، لتشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة والعملية السياسية برمتها، قد وصلت إلى مرحلتها النهائية، لتحل محلها تحالفات جديدة تبتعد عن التوافق الوطني وتسلُك الأغلبية السياسية كطريق لتشكيل الحكومة المقبلة بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وهذه التحركات بدت واضحة من خلال سلسلة اجتماعات عقدها التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، والذي يعد أقوى جهة شيعية وأكثر تنظيماً على المستوى الشعبي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود البرزاني، وهو يعد الحزب الأكبر كردياً والأكثر تأثيراً في المشهد داخل إقليم كردستان.

نهاية التحالفات التقليدية

الاجتماعات التي عُقدت على مستوى رفيع بين الطرفين، في أربيل وبغداد، بحسب بيانات رسمية للطرفين، وأخرى في النجف مركز القرار الشيعي، تحدثت عنها مصادر مسؤولة بكونها لبنة لاتفاق تاريخي يتم فيه التراجع تدريجاً عن التحالفات التقليدية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى الشيعية التقليدية مثل "حزب الدعوة" و"تيار الحكمة" و"منظمة بدر"، التي بموجبها تشكلت أغلبية الحكومات العراقية.

وربما يتمخض عن هذا التحالف الجديد اتفاقات لتقاسم السلطة بين الطرفين، تستغل تراجع شعبية القوى الشيعية التقليدية والاتحاد الوطني الكردستاني.

وقد شكل التيار الصدري لجنة لإرجاع أملاك المسيحيين والصابئة والأقليات التي استولت عليها ميليشيات وجماعات مسلحة ومتنفذون. وتتكون هذه اللجنة من شخصيات تابعة للتيار، منها نائب رئيس مجلس النواب حسن الكعبي، تأثراً بتجربة الحزب الديمقراطي في حماية الأقليات التي تعيش داخل مدن الإقليم والمناطق المتنازع عليها.

وبحسب مصادر مسؤولة، فإن هذه اللجنة شُكلت باستشارة من مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني بهدف تحسين صورة التيار الصدري لدى كثير من الجهات السياسية، وخصوصاً الأقليات، وتبديد مخاوفها في حال تسلمه منصب رئيس الوزراء.

نتحالف مع من يمثل مصلحتنا

ويشير النائب الكردي سليم حمزة إلى أن الكتل السياسية الكردية ستتحالف مع من يمثل مصلحة الإقليم في مختلف المجالات.

ويضيف حمزة أن "الكرد جربوا في السنوات الماضية التحالف مع جميع الكتل السياسية من السنة والشيعة، ولذلك فإنهم الآن يتعاملون مع الواقع، ومن يحقق مصلحة الإقليم"، لافتاً إلى أن السياسية عبارة عن مصالح متبادلة بين الأطراف.

ويلفت حمزة إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني أجرى حوارات مع الصدريين، لكن لا نعلم هل توصلت هذه التحالفات إلى تفاهمات أم لا، مضيفاً، أن أي تحالف سياسي للكرد يجب أن يكون بين الأحزاب الكردية كتحالف وتلك الجهة.

ويتابع حمزة، إن من حق الحزب الديمقراطي الكردستاني عقد تحالفات مع أي جهة سياسية، إلا أن تحالفها لن يكون ممثلاً للكرد، لكونه لا يمتلك سوى 25 مقعداً في مجلس النواب العراقي، مشيراً إلى أن لدى الاتحاد الوطني الكردستاني 18 مقعداً، ولدى بقية الأحزاب الكردية 15 مقعداً، بالتالي فإن أي تحالف يجب أن يكون مع هؤلاء مجتمعين.

سيفرضون شروطهم على الآخرين

من جانبه، يعتقد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن الحوارات والتحالفات المقبلة ستكون للأقوياء في المكونات العراقية، وهي من يحدد شروط الانضمام إلى أي تحالف جديد، لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات المقبلة.

ويضيف الشمري أن "الانقسامات داخل البيت السياسي الكردي أثرت بشكل كبير في أن يظهر الكرد كتلة سياسية  صلبة  أمام الآخرين، بعكس السنوات السابقة. ما أعطى مساحة لأن يفكر كل من الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بمعزل عن ذلك النموذج السياسي الذي وحد البيت الكردي".

ويتوقع الشمري أن "يظهر نمط جديد في التحالفات، يعتمد على أقوياء المكونات، بالتالي، فالتيار الصدري هو الأقوى من ناحية الجمهور الثابت العقائدي الذي يتبع رجل الدين مقتدى الصدر. وفي المقابل، هناك الحزب الديمقراطي الكردستاني والأقوياء داخل الكتل السياسية الأخرى".

ويتابع الشمري، "التفاهمات الأولية ستكون ما بين الصدري والديمقراطي الكردستاني، وهما سيشكلان مساحة كبيرة جداً، إلا أنهما لن يتخليا عن القوى الأخرى، لكنهما سيفرضان الشروط داخل مكوناتهما السياسية باعتبارهما الأقوى"، لافتاً إلى أن التيار الصدري يسعى إلى اختيار رئيس الوزراء مقابل حصول الديمقراطي الكردستاني على إحدى الرئاسات.

رغبة إيرانية وفقدان الثقة

بدوره، يلاحظ الكاتب علي البيدر إلى أن طروحات كل من التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني تتقارب.

ويضيف البيدر، "هناك عوامل عدة لتقارب هذين القطبين، أولها عدم وجود رغبة إيرانية بتقاربهما، فضلاً عن فقدان ثقة الديمقراطي وجمهوره في الأطراف الشيعية، خصوصاً حزب الدعوة الذي عمل ضد تطلعات الديمقراطي"، لافتاً إلى أن "الديمقراطي فقد ثقته في "تحالف الفتح"، وقد نشهد تحالفاً مع تحالف العزم  لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر عدداً التي تختار رئيس الوزراء.

ويستبعد البيدر توحيد الصف الكردي الذي بات مختلفاً، لا سيما بعد أحداث 2017. ما أدى إلى نشوب مزيد من التقاطعات.

وأجرت حكومة إقليم كردستان استفتاء الانفصال في 25 سبتمبر (أيلول) من عام 2017، وما نتج منه من أزمة بين حكومتي بغداد وأربيل.

ويرجح البيدر أن يتحاور الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل منفرد مع الصدريين، إذا ما حقق مقاعد أعلى مما حققه في انتخابات 2018. ما سيعطيه حرية أكبر في قيادة القرار الكردي.

التضحية برئاسة الجمهورية

ويرجح البيدر أن يسعى الديمقراطي الكردستاني للحصول على منصب رئيس البرلمان، كونه يبحث عن قوانين تكتب لمصلحة المكون الكردي، لافتاً إلى أن الديمقراطي قد يضحي بمنصب رئيس الجمهورية. ما سيؤدي إلى خلاف داخل المكون، كون هذا المنصب من حصة الاتحاد الوطني لسنوات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتحدث مصادر رسمية عراقية عن قيام أكبر تحالفين للمكون السني، وهما "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي و"العزم" بقيادة خميس الخنجر، بإجراء مشاورات مع مختلف الكتل السياسية الشيعية للحصول على موافقتها للحصول على منصب رئيس الجمهورية وضمان حصول مرشحيه عليها.

لكن الرئيس المشترك للاتحاد الوطني، بافل طالباني، رفض في مقابلة تلفزيونية أي مساس بمنصب رئيس الجمهورية، وعده من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني. وأكد أن مرشح الاتحاد لهذا المنصب بعد الانتخابات المقبلة هو الرئيس الحالي برهم صالح.

وبموجب الدستور العراقي، فإن مجلس النواب العراقي ينتخب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية، بأغلبية ثلثي عدد أعضائه، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة، يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات، ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني.

التظاهرات أضعفت القوى التقليدية

ويقول الصحافي باسم الشرع، إن تحالف الأقوياء بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني سائر في اتجاه التحقق، خصوصاً مع رغبة التيار في الحصول على منصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وعبرت عنه أغلبية قياداته.

ويضيف الشرع، "إن هذا التحالف سيفرض شروطه على الآخرين من الشيعة والكرد في المرحلة المقبلة، إذا ما تم، لكون طرفيه الأقوى سياسياً وشعبياً والأكثر تنظيماً في المناطق الشيعية والكردية"، مشيراً إلى أن التيار الصدري يستغل تراجع شعبية القوى التقليدية الشيعية لفرض شروطه في تشكيل الحكومة المقبلة التي يسعى إلى أن يكون رئيسها منه.

ويتابع، إن شعبية الأحزاب الشيعية مثل "الدعوة" و"الحكمة" و"المجلس" و"تحالف الفتح" الممثل للفصائل الشيعية، تراجعت في المناطق الوسطى والجنوبية، بسبب مواقفها من التظاهرات التي قادها الشباب الشيعي في هذه المناطق، وفشلها الفظيع في تقديم أي نموذج للأعمار والتنمية وتحسين مستوى الخدمات، على الرغم من تخصيص مبالغ ضخمة في الموازنة العراقية لإعمار تلك المناطق التي كانت تعيش استقراراً أمنياً ملحوظاً.

ويوضح الشرع أن هذه "الأحزاب تعاني حالياً من مشكلة تسويق نفسها للجمهور في المناطق الوسطى والجنوبية، في ظل مقارنة فئات واسعة من الجمهور بين الإعمار في كردستان وما يجري من تطوير وإعمار وتحسين نوعية الخدمات في محافظة الأنبار وبين الخراب في مناطق تلك الأحزاب"، لافتاً إلى أن التيار الصدري يقدم نفسه على أنه يستطيع ضبط الأوضاع في مناطق الوسط والجنوب وتفعيل حركة الإعمار فيها، إذا ما أُتيح له منصب رئيس الوزراء.

المزيد من العالم العربي