Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آخر فصول "ثقافة الإلغاء" في الولايات المتحدة

أستاذ جامعي ونائب أميركي يرى أن صاحب الرأي المختلف في بلاده مصيره النبذ و"الإقصاء" إثر شيوع ثقافة الإلغاء

سقراط تجرع السم وصدع بالقرار عوض الفرار إلى بر الأمان ليكون مثالاً على الصدوع بالقانون المدني (غيتي)

سقراط اليوم حاضر في الساحة السياسية الأميركية. وقبل أيام صار جزءاً من النقاش السياسي الدائر في الولايات المتحدة، إثر اعلان المحامي والنائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، أنتوني ساباتيني، أن سقراط لو كان يتناول في أعماله الفلسفية حال المجتمع الأميركي اليوم لكان "ألغي [أقصي] على الفور" في شجب لما يعرف بـ"ثقافة الإلغاء" cancel culture.

وإثر هذا التصريح، تدفقت آلاف التغريدات على "تويتر"، للرد على النائب، مذكرة إياه بأن الفيلسوف اليوناني واجه أقصى درجات الإقصاء والإلغاء، أي القتل والإعدام. فهو "اضطر حرفياً إلى تجرع السم". وقال أستاذ جامعي إنه لو وقع على مثل هذا التصريح في جواب طالب لاستنتج على الفور "أنه لم يدرس"، وأنه لا يفقه في الأمر شيئاً، ولكن ساباتيني أستاذ فلسفة وتاريخ، وأجاب أنه لا يجهل المصير الذي لقيه سقراط.

"ففي القرن الخامس قبل الميلاد، كان تحدي الصواب السياسي يودي بالمرء إلى التهلكة، واليوم إلى الإلغاء"، غرد ساباتيني على "تويتر".

وسلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الضوء على هذا النقاش، ونقلت تفاصيله. ودافع سياسي محافظ مثير للجدل مرشح إلى الكونغرس عن ساباتيني، قائلاً إن ما قاله ينم عن "سخرية سقراطية"، وهذه يعرفها قاموس أكسفورد للغات على أنها "موقف يفترض به الجهل لحمل الآخرين واستدراجهم إلى الطعن فيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانشغل المغردون على منصة "تويتر" في أميركا بهذه المسألة، وكان مدار النقاشات على "إلغاء" سقراط، وعما إذا كان إنزال عقوبة "الإلغاء" به مقبولاً أم لا؟ وغذى النقاش هذا، على ما نقلت الصحيفة، الشقاقَ السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة. ورأى كثيرون، شأن ساباتيني، أن مجتمعهم لم يعد "متسامحاً ورحوماً، ويقتص من أصحاب الآراء غير السائدة وغير الشعبية، فيتعرضون للإقصاء واللفظ". ويذهب آخرون إلى أن "الإلغاء الثقافي" تهمة توجه إلى صاحب انتقاد مشروع، سواء كان مصيباً أم لا.

"ثقافة الإلغاء"

 ومنذ مقتل جورج فلويد على يد رجل شرطة، تؤدي شبهة العنصرية إلى سقوط كبار المسؤولين في الأوساط الثقافية الأميركية، ومنهم عدد من مديري المتاحف الذين راحوا ضحية "ثقافة الإلغاء"، على ما نقلت صحفية "لوموند" الفرنسية في أغسطس (آب) الماضي.

فعلى سبيل المثل، وقع 77 موظفاً سابقاً في متحف الفن المعاصرة بديترويت رسالة تشجب مديرة المرفق هذا، فصرفت إليسيا بوروي ريدير من منصبها في يوليو (تموز). وتذهب مراسلة الصحيفة الفرنسية، روكسانا عظيمي، إلى أنه مع موت جورج فلويد حلت تهمة العنصرية محل تهمة التحرش الجنسي التي حملتها حركة مي-تو. فترددت أصداء حركة "حياة السود مهمة" في شرايين الحياة الثقافية الأميركية، وأدت إلى تنحية من يشتبه في ميولهم العنصرية. وأدت هذه "الثقافة" إلى وصم أشخاص بارزين بالتمييز العنصري، و"سحل" كل مخالف بالرأي سحلاً رمزياً. ويرى مؤرخ الدراسات الفنية، ديفيد جوزليت، أن هذه الحركة في محلها. فمعظم العاملين في المتاحف وزوارها هم من البيض. ويجد ما يذهب إليه أستاذ تاريخ الفن في هارفرد سنداً في دراسة أعدتها "فونديشن أندرو دبلو ميلو". فقد وجدت في 2015 أن 4 في المئة فحسب من مديري المتاحف والقيمين الفنيين هم من الأفارقة الأميركيين، في وقت يشكل فيه السود 13 في المئة من سكان الولايات المتحدة.

وفي مقالة نشرتها "لوموند" الفرنسية، ندد الكاتب الأميركي، دوغلس كينيدي، بثقافة الإلغاء، ولاحظ أنها تفتقر إلى حس الفكاهة وتنزل بالمخالفين أشد أنواع الإدانة، وتقصيهم. أما روس دوثات فسلط الضوء في "نيويورك تايمز" الأميركية على طابع "ثقافة الإلغاء" الفضفاض. فهي يصعب تعريفها تعريفاً واحداً. ولا تقوم قائمة لـ"الإلغاء" من دون طرد من منصب أو قطع الأرزاق؛ فالشتيمة والشجب وحدهما لا يؤديان إلى "إلغاء". ولا يُقصد بالإلغاء القتل والتصفية الجسدية.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة