Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل وصلت محادثات فيينا إلى طريق مسدود؟

يستبعد مراقبون التوصل إلى اتفاق قبل 21 مايو وتمديد فترة المحادثات يلقي بمخاطر أكبر

تواصل إيران رفع تخصيب اليورانيوم وسط استمرار المحادثات الدولية حول برنامجها النووي (أ ف ب)  

بينما بدأت القوى الدولية مطلع الأسبوع الماضي، الجولة الرابعة من محادثات فيينا المتعلقة بالملف النووي الإيراني، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، إن طهران خصبت اليورانيوم بنسبة نقاء وصلت إلى 63 في المئة بمنشأة نطنز، وهو ما يفوق نسبة 60 في المئة التي أعلنتها من قبل، مما يلقي مزيداً من التعقيدات على إحياء الاتفاق النووي.

وبحسب وكالة "رويترز"، الثلاثاء، ذكرت الوكالة الدولية أن "تحليل الوكالة للعينات (البيئية) المأخوذة في 22 أبريل (نيسان) 2021 يظهر مستوى تخصيب يصل إلى 63 في المئة".

وهذه ليست المرة الأولى التي ترفع فيها إيران مستوى تخصيب اليورانيوم منذ بدء المفاوضات الدولية التي تهدف للعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي الموقع في يوليو (تموز) عام 2015، مقابل رفع الولايات المتحدة العقوبات والعودة إلى الاتفاق بعد انسحاب الإدارة الأميركية السابقة منه في مايو (أيار) 2018.

وبعد أسبوع من بدء محادثات فيينا في مطلع أبريل الماضي، أعلنت إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي تتيح تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر، يمنع استخدامها بموجب اتفاق 2015، إذ دشن الرئيس الإيراني حسن روحاني سلسلة من 164 جهازاً للطرد المركزي من نوع "آي آر 6" في منشأة نطنز النووية وسط البلاد، ما شكل خرقاً واضحاً للاتفاق في خضم المحادثات الدولية الجارية على قدم وساق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي 13 أبريل، أعلنت الحكومة الإيرانية عزمها بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، وهي نسبة تقربها من القدرة على استخدامه في أغراض عسكرية، إذ جاء الإعلان بعد يوم من اتهام طهران إسرائيل بالوقوف وراء هجوم استهدف منشأة نطنز النووية.

تعثر خلف الكواليس

مواصلة طهران رفع مستويات التخصيب تشكل خطوة إضافية وغير مسبوقة في تراجع مستمر من جانبها عن الالتزامات التي قطعتها بموجب الاتفاق الدولي (خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA) المبرم مع القوى الكبرى، وتلمح إلى تعثر وخلافات في كواليس المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة الجارية في العاصمة النمساوية، حيث يستبعد مراقبون التوصل إلى اتفاق قبل الموعد المحدد في 21 مايو الحالي.

واستؤنفت المحادثات في فيينا في السابع من مايو الحالي بين الأطراف الباقية في الاتفاق، وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا التي اجتمع ممثلوها في فندق فاخر، بينما ظل في فندق آخر ممثلو الولايات المتحدة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ووفقاً للاتفاق النووي، لا تستطيع طهران تخصيب ما يزيد على 3.67 في المئة من درجة نقاء اليورانيوم، ومن شأن التخصيب بنسبة 63 في المئة أن يجعل إيران قادرة على الانتقال بسرعة إلى نسبة 90 في المئة وأكثر، وهي المعدلات المطلوبة لاستخدام هذا المعدن الخام لأغراض عسكرية، في حين نفت طهران، مراراً، عزمها حيازة السلاح النووي، متحدثة عنه كمحظور أخلاقي وديني.

ملامح التوترات برزت في تعليقات المسؤولين أيضاً، فخلال إفادة صحافية، الإثنين، قال متحدث الخارجية الأميركية نيد برايس، حول الجولة الرابعة من محادثات فيينا، إنه "لا تزال هناك تحديات كبيرة قائمة"، مضيفاً "لا تزال الهوة واسعة بين ما يقف عنده الإيرانيون وما نعتقد أنهم بحاجة إلى أن يقفوا عنده إذا كانوا يرغبون في استئناف الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة".

وأفاد موقع "العربية" أن وسائل إعلام إيرانية ذكرت أن محادثات فيينا وصلت إلى طريق مسدود، بعد رفض أميركا رفع العقوبات عن 500 اسم وكيان. وقالت "برس تي في" الإيرانية إن الإبقاء على هذه العقوبات سيمنع طهران من الاستفادة الكاملة من العودة إلى الاتفاق كما سيمنعها من تطبيع علاقاتها التجارية مع بقية دول العالم.

العقوبات

وقال متحدث الخارجية الأميركية بشكل لا لبس فيه، "إن العقوبات ستظل آلية تعمل بها الولايات المتحدة لمحاسبة إيران على سلوكها في مجالات أخرى، إرهابها، ودعمها الوكلاء، وانتهاكاتها حقوق الإنسان"، مضيفاً "لا يوجد شيء في خطة العمل الشاملة المشتركة يزيل العقوبات كأداة سياسية لمعالجة تلك المجالات المحددة، وسنواصل محاسبة طهران".

وكان دبلوماسي أوروبي كشف قبل أسبوع لوكالة "رويترز"، عن أن واشنطن طرحت اقتراحاً شاملاً، يتضمن رفع العقوبات عن قطاعات رئيسة، مثل النفط والغاز والبنوك، ولمحت إلى قدر من الانفتاح على تخفيف العقوبات المتصلة بالإرهاب وحقوق الإنسان. لكنه، أشار إلى أن "إيران لم تبد رغبة في تقليص أي خبرة قد تكون اكتسبتها من العمل على أجهزة الطرد المركزي المتقدمة أو تدميرها".

 

ولا يمكن فصل التوترات في المنطقة عن المفاوضات القائمة، إذ أطلق خفر السواحل الأميركي رصاصات تحذيرية، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، بعد ما اقترب 13 زورقاً سريعاً تابعاً لبحرية الحرس الثوري الإيراني من قطع أميركية في مضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي، وهو ما اعتبره الحرس الثوري "عملاً استفزازياً".

فيما قال متحدث وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، إن السفن الإيرانية كانت تتصرف على نحو "شديد العدوانية". وهذه هي المرة الثانية التي تطلق سفن حربية أميركية رصاصات تحذيرية خلال الشهر المنصرم، بسبب ما وصفته بسلوك غير مأمون من جانب سفن إيرانية في المنطقة، بعد هدوء نسبي لمثل هذه المواجهات خلال العام الأخير.

إطار زمني ضيق

وفي حين قالت فرنسا، الثلاثاء، إنه جرى إحراز بعض التقدم في المفاوضات بشأن عودة إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي، فإنها حذرت من أنه لا يزال هناك كثير من العمل الذي ينبغي إنجازه لإحياء الاتفاق في إطار زمني ضيق للغاية، إذ يأمل المفاوضون التوصل إلى اتفاق بحلول 21 مايو، عندما ينتهي أجل التفاهم بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المراقبة المستمرة لبعض الأنشطة النووية الإيرانية.

وقبل ثلاثة أشهر، عقدت الوكالة الدولية وطهران اتفاقاً مؤقتاً بشأن عمليات التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية، بعد أن أقر البرلمان الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، قانوناً يلزم الحكومة وقف العمل بالبروتوكول الإضافي للاتفاق النووي، وطرد مفتشي الوكالة في حال لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات المصرفية والنفطية التي تفرضها على بلادهم.

وقالت متحدثة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول، إن الوكالة الدولية وإيران ستحتاجان إلى التفاوض على تمديد اتفاقهما الثنائي الفني، إذا لم تعُد طهران إلى الامتثال بحلول نهاية أجل الاتفاق الفني الأول. وأشارت إلى أنه "لا تزال هناك خلافات رئيسة في ما يتعلق ببعض النقاط الأساسية التي يجب تسويتها من أجل التوصل إلى اتفاق ينص على عودة إيران والولايات المتحدة وتنفيذهما الكامل للاتفاق. وما زال هناك كثير مما ينبغي القيام به في إطار وقت محدود للغاية".

الانتخابات الإيرانية

وعلى الرغم من أن إيران أعلنت في وقت سابق أنها ربما تمدد الاتفاق التقني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، غير أن تمديد فترة المحادثات لن يكون في صالح الجهود الدولية الساعية لتقويض البرنامج النووي الإيراني بالنظر إلى مواصلة طهران رفع تخصيب اليورانيوم وانتهاك الالتزامات النووية. وهو ما لمح إليه السفير الروسي لدى الوكالة الدولية ميخائيل أوليانوف، إذ غرد على حسابه في "تويتر"، الأحد الماضي، مشيراً إلى أنه على الرغم من إمكانية مواصلة المحادثات بعد 21 مايو، "لكن في مثل هذه الحالة، ستكون الشكوك والمخاطر أكبر".

ويعتقد مراقبون أن مماطلة إيران تتعلق بالانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل. وتقول الكاتبة السياسية الأميركية لورا روزين، إن المسؤولين الأميركيين أشاروا مراراً وتكراراً بعد ثلاث جولات سابقة من المحادثات غير المباشرة خلال الشهر الماضي إلى أنهم لا يعتقدون أن المفاوضين الإيرانيين حصلوا بعد على الضوء الأخضر السياسي من طهران لاتخاذ القرارات الجوهرية اللازمة لإحراز تقدم سريع لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق، بما في ذلك كيفية إزالة أجهزة الطرد المركزي غير المسموح بها بموجب اتفاق 2015.

ويعتقد بعض الخبراء الإيرانيين أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي ربما لا يرغب في تحقيق انفراجة كبيرة في محادثات فيينا، لتعزيز نسبة المشاركة في انتخابات يونيو، التي يرجحون أنها ستمنح ميزة لمرشحين أكثر اعتدالاً. بحسب روزين، فإن خبيراً إيرانياً يشارك في المشاورات مع الفريق الأميركي قال الأسبوع الماضي، إن القيادة "ربما لا ترغب في إحراز تقدم سريع قبل الانتخابات"، فلا يبدو أن المفاوضين الإيرانيين لديهم "مساحة مناورة كافية لاستكشاف الحلول".

المزيد من سياسة