Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أنهت النيابة المصرية التحقيق في "قضية الفيرمونت"؟

تحول مفاجئ بعد مناقشة 40 شاهداً ومرور تسعة أشهر

دار القضاء العالي وسط العاصمة المصرية (رويترز)

بعد تسعة أشهر من التحقيقات، أسدلت النيابة العامة المصرية الستار على قضية اغتصاب فتاة داخل أحد الفنادق، التي عرفت إعلامياً باسم "قضية الفيرمونت"، وذلك باصدار أمر بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وبررت قرارها بعدم كفاية الأدلة وأمرت بإخلاء سبيل المتهمين المحبوسين احتياطياً.

التحول المفاجئ للقضية سبقه قرار من النيابة باغلاق البريد الإلكتروني الذي خصص لتلقي الأدلة على حدوث الواقعة، التي يزعم أنها جرت عام 2014. وفي مساء يوم الثلاثاء الماضي أصدرت النيابة العامة بياناً أوضحت فيه أن تحقيقاتها في القضية استمرت تسعة أشهر، قامت خلالها بكل الإجراءات الممكنة بهدف الوصول إلى الحقيقة، وتوصلت إلى أن ملابساتها تتمثل في "مواقعة المتهمين المجني عليها بغير رضائها بجناح بالفندق حال فقدانها الوعي خلال حفل خاصٍّ حضرته عام 2014".

وأكدت النيابة أن الأدلة لم تكن كافية لتقديم المتهمين إلى المحاكمة الجنائية عن الواقعة.

مناقشة الشهود

ظهرت واقعة الاغتصاب إلى الواجهة في يوليو (تموز) من العام الماضي عبر حساب مختص بمناهضة وقائع التعدي على المرأة على موقع "تويتر"، الذي أشار إلى أنها ترجع إلى 21 فبراير (شباط) 2014، حين تعرضت فتاة للاغتصاب الجماعي على يد مجموعة من الشباب داخل فندق "فيرمونت نايل سيتي" بعد تخديرها، ثم وقّع كل منهم على جسدها بالحرف الأول من اسمه، إضافة إلى أنهم سجلوا فعلتهم من خلال مقطع فيديو أرسلوه إلى أصدقائهم للتباهي، بحسب ما نشره الحساب الذي يتابعه أكثر من 170 ألف شخص.

وعقب نشر التفاصيل، تصدر وسم "جريمة الفيرمونت" قائمة الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وقام بعض المغردين بنشر صور المتهمين بالاغتصاب، وقالوا إنهم من عائلات ثرية وذات نفوذ، وأنهم يهددون كل من يحاول كشفهم، فيما ذكر القائمون على الحساب أنهم "تعرضوا لتهديدات بالقتل، ما دفعهم لإغلاقه مؤقتاً".

وفي الشهر التالي، تقدمت المجني عليها ببلاغ إلى النيابة العامة، التي فتحت التحقيق في الواقعة، وألقت قوات الأمن القبض على عدد من المتهمين، كما أعيد ثلاثة منهم كانوا قد فروا إلى لبنان، بعد تواصل بين قوات الأمن في البلدين والشرطة الدولية (الإنتربول) في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

وفق بيان النيابة العامة، مرت التحقيقات بمرحلتين. كانت الأولى في يوليو (تموز) من العام الماضي، حين رصدت النيابة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حول الحادث، وتبع ذلك الاستماع إلى أقوال المجني عليها وشاهد واحد تواجد في الجناح الفندقي محل الواقعة وقت حدوثها، إلى جانب 39 شاهداً صنفتهم النيابة بأن منهم من رأوا ثواني من مقطع فيديو مصور للواقعة بعد فترة وجيزة من وقوعها، وآخرين سمعوا عن واقعة الاغتصاب وعن الفيديو من دون مشاهدته، إضافة إلى مسؤولين في الفندق وأطباء شرعيين وضباط شرطة شاركوا في التحريات. وأضافت النيابة أنه قُدم لها صور فوتوغرافية نسبت إلى فيديو الواقعة، تظهر جسد فتاة عارية لا يظهر وجهها، ولا يتضمن أحداً غيرها.

إجراء غير مسبوق

أما المرحلة الثانية في التحقيقات فكانت دعوة النيابة كافة المواطنين إلى تقديم مقطع تصوير الواقعة، عبر بيان رسمي في فبراير الماضي، لأن توفره يسهم في كشف حقيقة الواقعة، سواء من خلال تسليمه مباشرة أو عبر بريد إلكتروني أنشئ خصيصاً لذلك، وهو ما وصفته النيابة بالإجراء غير المسبوق.

وأوضحت النيابة أنها تلقت عبر البريد الإلكتروني تسجيلات صوتية لمحادثات نُسبت لبعض الشهود، فاستدعتهم لمناقشتهم وكان من بينهم شاهد أقر بتلقيه مقطع الفيديو عبر بريده الإلكتروني عام 2015 وحذفه من دون مشاهدته، فحصلت النيابة منه على بيانات البريد الإلكتروني وخاطبت الشركة المالكة للموقع الإلكتروني المنشأ به البريد، سعياً لاسترجاع الفيديو، لكن الشركة ردت باستحالة ذلك فنياً. وأضافت النيابة العامة أن بعض الشهود أفادوا بأن فتاة أجنبية مقيمة في إحدى الدول العربية تحتفظ بمقطع الفيديو، فطلبت النيابة من السلطات القضائية في تلك الدولة سؤالها، لكنها نفت حيازتها له.

وشددت النيابة المصرية على أنها حرصت منذ البداية على اتخاذ إجراءات تجاه المتهمين، حيث تم إدراجهم على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، وأصدرت أوامر بضبطهم قبل مباشرة التحقيق.

أسباب عدم كفاية الأدلة

وشرحت النيابة العامة أسباب عدم كفاية الأدلة لتحريك الدعوى الجنائية، ومنها الاختلاف الواضح في تاريخ الحفل الذي تزامن مع واقعة الاغتصاب، الذي كان له أثر في صحة أقوال الشهود وتحديدهم أطراف الواقعة ومرتكبي الجريمة، إلى جانب عدم توصل التحقيقات إلى مقطع فيديو الواقعة أو مبادرة أحد بتسليمه، وهو ما نال من قوة الأدلة، وفق بيان النيابة.

وأضافت أن الصور التي تم تقديمها لجسد فتاة عارية على أنها ملتقطة من فيديو الواقعة، لم تؤكد أنها ترجع إلى المجني عليها بسبب عدم ظهور ما يميزها، مضيفة أن العديد من الشهود الذين اطلعوا على الصور لم يتمكنوا من تحديد هوية من فيها، بما في ذلك الشاهد الوحيد الذي كان موجوداً في الجناح الفندقي، والذي لم ير سوى جانب يسير لم يتضمن "مواقعة المتهمين المجني عليها، التي لم يكن على صلة بها وقتئذٍ، ولكن عَلِم لاحقاً من آخرين أنها المعنية بالواقعة"، بحسب البيان.

وأشارت النيابة إلى أن ما أسمته "التراخي في الإبلاغ" عن الواقعة لمدة ست سنوات خلق صعوبة في حصول النيابة على الأدلة الفنية والمادية. ومن أسباب ضعف الأدلة تضارب أقوال الشهود بين دس مخدر للمجني عليها أو تعاطيها المخدر بمحض إرادتها. كما قال بعض الشهود إن المجني عليها واقعت "بعض" المتهمين بإرادتها ونفى شهود آخرون ذلك، إضافة إلى عدول بعض الشهود عن أقوال سبق أن أدلوا بها، وكثير من الشهود كانت روايات سماعية نقلوها عن آخرين، من دون تحديد مصدر معلوماتهم.

وفي نهاية بيانها، أكدت النيابة العامة أن أمرها بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة هو أمر مؤقت، ويمكن إعادة التحقيق في حالة تقديم دليل جديد قبل مضي مدة تقادم الجريمة (20 عاماً بحسب القانون).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المتهمون يعودون إلى منازلهم

من جانبه، أكد أشرف عبد العزيز، محامي أحد المتهمين في القضية، أنه خلال الساعات المقبلة، تنتهي إجراءات إخلاء سبيل المتهمين من الحبس الاحتياطي، بعد نحو ثمانية أشهر من البقاء فيه. وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن المتهمين سيقضون عيد الفطر مع أسرهم، رافضاً التعقيب على قرار النيابة سوى بالقول "الحمد لله".

وحاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع محمد حمودة محامي المجني عليها في القضية، لكنه لم يرد على عدة اتصالات هاتفية أو طلب للتعقيب عبر تطبيق "واتساب".

وقالت الفنانة نهي العمروسي، والدة نازلي كريم، واحدة من المتهمين بالقضية المخلى سبيلهم في وقت سابق، إنها تشكر كل من ساندوها وابنتها في الأزمة، مؤكدة في تصريحات صحافية احترامها قرارات القضاء، وأن غلق التحقيقات لم يكن ليصدر إن كانت هناك أدلة.

 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات