Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة في الجيوش العربية... قوة العسكر الناعمة (1)

لا توكل لهن سوى مهمات الطبابة والإدارة فيما تشكو ضابطات من عدم أداء التحية لهن من قبل الرجال

مجندات ليبيات في عرض عسكري عام 2003 (غيتي)

عاشت المرأة العربية أزمنة من الجدل حول أهليتها، بداية من محيطها الشخصي والأسرة، وصولاً إلى حقها في التعليم أو الحقول المهنية التي يحق لها العمل فيها. ولطالما قسمت قضية المرأة المجتمعات العربية بين ذوي الحجج الدينية، وأصحاب المواقف الاجتماعية، ومع هذا نجحت في التسرب إلى مختلف القطاعات بشق الأنفس، حتى وصلت إلى السلك العسكري في عدد من الدول العربية التي كثيراً ما تعاملت معها على أنها وظيفة ذكورية، لكن بدرجات مختلفة وربما أقل من الرجل.

السعوديات منذ 20 عاماً

في السعودية، لم تكن قصة العسكريات جديدة كما يتصورها البعض، إذ دخلت المرأة السعودية السلك العسكري على استحياء منذ حوالى 20 عاماً، في قطاعات ومهمات محدودة جداً تتبع لوزارة الداخلية.

إذ تولت المشاركة في العمليات التي تتطلب تعاملاً مباشراً مع النساء في أجهزة الأمن العام التي تشمل مكافحة المخدرات، وإدارات السجون، والجوازات، والبحث الجنائي، والدفاع المدني، والجمارك، والحراسات الأمنية، ونحوها.

إلا أن ذلك بدأ بالتوسع في 2016، حين بدأت التغييرات في القوانين المتعلقة بالمرأة، لتطال القطاع العسكري في 2019، فالبلد الذي يخوض حرباً على حدوده الجنوبية، أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 فتح باب التجنيد للمرأة في القطاعات التابعة لوزارة الدفاع، في رتب "جندي أول، وعريف، ووكيل رقيب، ورقيب"، ضمن القوات المسلحة السعودية، لتستمر الوزارة في تخصيص مقاعد سنوية للنساء. وشملت أفرع القوات المسلحة المتاحة لهن "القوات البرية، وقوات الدفاع الجوي، والقوات الجوية، والبحرية، وقوة الصواريخ الاستراتيجية، والإدارة العامة للخدمات الطبية".

قيادة السيارة ليست إلا الحلقة الأولى

لكن قبل هذا التاريخ، لم يعرف المجتمع السعودي المرأة بالزي العسكري إلا في وظيفة "السجانات" التابعات للمديرية العامة للسجون، إذ تولت فيها المرأة المهمات العسكرية والمدنية على حد سواء داخل السجون النسائية، قبل أن تقتحم في السنوات الماضية بقية القطاعات.

وقدمت المديرية عدداً من الدورات التأهيلية والتدريبية للعسكريات، للتمكن من العمليات الأمنية والحراسات الداخلية وأمن وحماية السجينات، وصولاً إلى مكافحة المخدرات والأمن الفكري، ضمن مركز تدريبي خاص هو الأول في البلاد.

وكان لخطوة السماح بقيادة المرأة للسيارة أثر بالغ في تحرير عدد من القطاعات من سيطرة الرجال، إذ خلقت الخطوة مهناً جديدة في قطاع المرور مثلاً، بداية من التوقيف والحوادث وتحرير المخالفات وغيرها.

 

وينطبق ذلك على التغيرات الاجتماعية الأخرى التي رافقت دخول المرأة للقطاعات المختلفة وحضورها للمناسبات أيضاً، فدعت الحاجة إلى تخصيص عسكريات لأمن الملاعب حفاظاً على خصوصية المرأة عند وقوع الطوارئ.

وتمتد قطاعات الخدمة العسكرية للنساء وصولاً إلى العمل في الحرمين المكي والمدني بهدف تنظيم دخول النساء للأماكن المقدسة، وقد عيّن مدير الأمن العام الفريق أول خالد الحربي، دفعة جديدة للعسكريات، شملت 99 عنصراً أمنياً في القوة الخاصة لأمن المسجد النبوي، بعد تدريبهن ميدانياً وإدارياً، في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.

وسعت السعودية لتقديم الفرص العلمية في المجالات الأمنية، عبر الدراسة والتأهيل في كلية الملك فهد الأمنية التي تؤهل طالباتها للحصول على الشهادات العليا في تخصص العلوم الأمنية، والحصول على التدريب في معهد التدريب النسوي التابع للكلية، بهدف إتاحة فرص وظيفية عسكرية في القطاعات المختلفة.

الشروط مختلفة بين الرجال والنساء

وتشابهت الشروط المفروضة على الجنسين للوظائف العسكرية في وزارة الدفاع السعودية، مثل شرط الأصل والمنشأ وحسن السيرة والسلوك، وأن يكون الزوج سعودي الجنسية، وغيرها من الشروط التقليدية.

إلا أن أبرز الاختلافات كان شرط العمر، إذ يبدأ التسجيل للرجال وفق نظام الكليات العسكرية من عمر 17 وحتى 22 سنة لحملة الثانوية العامة، في حين ترفع الشهادة الجامعية الحد الأعلى للعمر إلى 20 عدا الأطباء العسكريين 30 عاماً، في حين لا يحق للمرأة التسجيل إلا بعد بلوغها 21 سنة.

أما وزارة الدفاع فتحدد الحد الأدنى للرجال عند 18 عاماً، وتأخر النساء إلى حين بلوغهن 21 عاماً، دون تحديد لنهاية الفرص للجنسين والاكتفاء بـ"لا يزيد عن الشرط الخاص بالوظيفة المطروحة".

ولم تحدد القطاعات الرتب التي لا يحق للمرأة التوظيف عليها، إلا أن كل فرص الوظيفية التي أتيحت لم تتجاوز رتبة الجندي.

ولا يمكن قبول المرأة الحامل نظراً لتعارض إجراءات الكشف الطبي مع صحة الحمل، كما أنه لا يسمح للرجال ممن هم أدنى طولاً من 160 سم بالتسجيل، وأما الحد الأدنى لطول النساء يتوقف عند 155 سم.

وتحاول السعودية إجراء إصلاحات شاملة في مجال حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، بدأت من إعطائها حقوق السفر والعيش بمفردها مروراً بقيادة السيارة وإسقاط شرط موافقة ولي الأمر لإنجاز الاحتياجات اليومية والإجراءات الرسمية، وصولاً إلى الالتحاق بالجيش.

معاناة النساء في المؤسسات العسكرية العراقية

وكما في بقية مجالات العمل، تعاني النساء في المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية من إشكالات عدة تتصدرها العقلية الذكورية التي تسيطر على هذا المجال، إذ لا تعطى المرأة في هذه المؤسسات مساحة مساوية للرجال، فضلاً عن عدم الاهتمام بتدريبها على المهمات القتالية والاكتفاء في إيكال مهمات أخرى لها.

وغالباً لا توكل للنساء سوى مهمات الطبابة والإدارة وغيرها من الأعمال غير العسكرية، فيما تشكو ضابطات من عدم أداء التحية لهن من قبل الرجال، نتيجة التمييز الممارس ضدهن.

وتشكو ضابطات ومنتسبات إلى السلك العسكري من العديد من الإشكالات، حيث تحدثت "اندبندنت عربية" لعدد من النساء في هذا السلك، وعبرن عن استيائهن من عدم تمكين المرأة والاهتمام بها في الأجهزة الأمنية لتكون مساوية للرجال فيه.

وتقول ضابطة في الجيش العراقي، فضلت عدم الكشف عن هويتها، إن "قسم الطبابة العسكرية يحوي غالبية النساء في الجيش، وهذا معمول به منذ بدايات نشوء الجيش العراقي مطلع القرن الماضي"، مبينة أن "عدد النساء في الصنوف القتالية قليل جداً".

وتضيف "في سنوات ماضية تم منع تطوّع النساء في الجيش، ولذلك الآن لا يوجد مثلاً أي نقيب امرأة"، مردفة "في صنف المشاة هناك نحو خمس ضابطات، أما الغالبية ففي صنوف أخرى إدارية وقانونية وإعلامية، فضلاً عن قسم الطبابة الذي لم يتوقف عن قبول النساء".

وتشير إلى أن "هناك من يشكو من سلوك المرأة في وزارة الدفاع، لكن السبب الرئيس يعود إلى عدم اخضاعهن للتدريب العسكري".

المهمات العسكرية

وبالرغم من حضور النساء ضمن القوات الأمنية في معارك تحرير المدن العراقية من تنظيم "داعش"، إلا أن المهمات التي أوكلت لهن اقتصرت غالباً على نقل الجرحى وإجلاء العوائل. أما المهمات القتالية فتوقفت منذ سنوات طويلة.

وكان للنساء دور في مهمات أمنية ومداهمات في الفترة التي وجدت فيها القوات الأميركية، إلا أن ضابطة تتحدث عن "إشكالات أمنية منعت النساء المشاركات في المهمات العسكرية من الحديث عنها أو نشرها".

وتلفت إلى أن "وجود النساء في الأجهزة الأمنية العراقية أمر ضروري، خصوصاً وأن المرأة هي المتضرر الأكبر من الإشكالات الأمنية في البلاد".

وتشير إلى أن "وزير الدفاع الحالي أولى اهتماماً أكبر بالنساء من خلال إضافة تدريبات لهن، لكن ذلك ما زال تدريبات أكاديمية وليست قتالية"، لافتة إلى أنه "تم تفعيل قسم تمكين المرأة وربطه بمكتب الوزير، الأمر الذي سيساهم إلى حد ما في إعطاء النساء مساحة أكبر".

وتتابع أن "تدريبات النساء في المؤسسة العسكرية تقتصر على المشاة، وبما يتعلق باستخدام السلاح فلا ميادين رماية لهن إلا مرة واحدة في السنة".

مهمات قتالية

وتجيب نساء في السلك الأمني والعسكري على ادعاءات عدم قدرتهن على القيام بمهمات قتالية بحضور النساء في "البيشمركة" في إقليم كردستان، ومشاركتهن في المهمات الأمنية والقتالية.

وبالإضافة إلى الحضور الضعيف للمرأة في الأجهزة الأمنية، لا تتوفر مقاعد لهن في الكلية العسكرية، فيما كشفت ضابطة عن أن هناك موافقات ابتدائية لإنشاء أقسام للنساء فيها.

وبحسب ضابطات، فإن حضور النساء في السلك العسكري لا يتجاوز الـ700 امرأة، بما فيها قسم الطبابة العسكرية، بينهن نحو 500 من المراتب ونحو 200 ضابطة، فيما يقدر الحضور المدني للنساء في وزارة الدفاع بنحو 1700 امرأة.

أما في وزارة الداخلية، فتفيد المعلومات المتوافرة بأن من بين 750 ألف منتسب في الوزارة لا تشكل النساء سوى 10 آلاف، وفي أدنى مراتب السلك.

ويتركز حضور النساء في وزارة الداخلية في الشرطة المجتمعية ومجالات التفتيش والأعمال الإدارية، فيما لا يشكل حضورهن في المهمات الأمنية شيئاً يذكر.

لا تحية عسكرية للضابطات العراقيات

غالباً لا تؤدى التحية للنساء مهما علت مراتبهن في السلك العسكري أو الأمني، فيما تتصدر عبارة "التقاليد والأعراف العشائرية" التبريرات لتلك الحالة. في المقابل، تعلن العديد من الضابطات رفضهن استبدال التحية ببدل مالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنص المادة 11 من قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي على العقاب بـ"الاعتقال كل من لم يؤد مراسم الاحترام إزاء آمره أو من فوقه". أما المادة 41 من قانون العقوبات العسكري فتنص على أنه "يعاقب بحجز الثكنة كل من لم يقم بما يفرض عليه مراسيم الاحترام إزاء آمره أو ما فوقه عند قيامه بالواجب العسكري". فيما لم تشر تلك المواد إلى استثناء النساء من أداء التحية.

وتتذمر ضابطة من عدم أداء التحية العسكرية لها ولزميلاتها في الجيش العراقي. وفيما تشير إلى أن "هناك من يتحجج بعدم أدائها بالبدل المالي، لكن في الحقيقة لا يوجد لنا بدل تحية".

وتتابع أن "الأعراف العشائرية هي الحجة الرئيسة في عدم أداء التحية للنساء"، مبينة أنه "في الأردن والإمارات وعمان تؤدى التحية للضابطات بالرغم من أنها بلدان تشبه طبيعة المجتمع العراقي".

وتختم أن "بعض الضباط يؤدون التحية لنا على الرغم من تنمر الضباط الأعلى مرتبة عليهم".

طريق التحاق المرأة بالقوات المسلحة المصرية "وعرة"

وبين قيود اجتماعية وأخرى دينية وثالثة مرتبطة بالتكوين السيكولوجي، لا تزال طريق التحاق المرأة بالقوات المسلحة المصرية "وعرة" إلا من اختصاصات محددة، فرضتها طبيعة المرحلة والتحديات، وفق ما يقول مراقبون، على الرغم من الدور الذي لعبته النساء كمحاربات في مصر الفرعونية، كما كان الحال بالنسبة للملكة أباح حتب (زوجة الملك سقنن رع أول ملك يقف في وجه الاحتلال ويموت في أرض المعركة ضد الهكسوس) في القرن الـ17 قبل الميلاد، والملكة حتشبسوت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وذلك بعد أن عرفت مصر إنشاء أول جيش نظامي في العالم بعد توحيد الملك مينا لها عام 3200 قبل الميلاد.

فعلى مدار التاريخ الحديث، ومع بدايات تبلور الجيش بشكله الحالي مع وصول محمد علي باشا إلى حكم البلاد في عام 1805، بقي الجيش المصري خالياً كأغلب الجيوش العربية، من العنصر النسائي في الصفوف الأمامية، وكانت طبيعة "المجتمع المحافظة والمحددات الدينية، فضلاً عن وجهة النظر الممثلة في قدرة المرأة من خوض المعارك"، حائلاً دون إلحاق المرأة في صفوف الجيش، لكن الأمر تغير تدريجياً، لا سيما في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وتحديداً مع إنشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة التابع لوزارة الدفاع المصرية، في عام 1979، إذ بات بمقدور المرأة الالتحاق باختصاصات محددة داخل الجيش، والتي شملت التمريض والتطبيب والعلوم وعلم النفس، بالإضافة إلى العمل في القطاعات المدنية والإدراية التي تشرف عليها القوات المسلحة في البلاد.

ومنذ ذلك الحين، بقي التحاق المرأة بالجيش خلال العقود الأربعة الماضية محل جدل ونقاش، تتصاعد وتيرته حيناً، وتخبو حيناً آخر، بين من يؤيدون حق المرأة في الانضمام للجيش انطلاقاً من مساواتها في الحقوق بجانب الرجل، وبين من يعارضون الفكرة، انطلاقاً من اعتبار المرأة وقدرتها الجسدية المحدودة يحدان من روح العمل الجماعي والأداء القتالي لما كان تاريخياً منوطاً بالرجل وحده.

مشاركة محدودة فرضتها التحديات

ويعتبر اللواء المصري، جمال مظلوم، رئيس قسم الأمن الإنسانى بكلية العلوم الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية لـ"اندبندنت عربية"، أن "انضمام الفتيات إلى القوات المسلحة المصرية كان ولا يزال تشوبه المصاعب، سواء من حيث قدرة المرأة على تحمل المشاق والصعوبات التي يتحملها المقاتلون، أو بسبب اللوائح والقوانين المنظمة لعمل ضباط الجيش"، مشيراً في الوقت ذاته إلى "سماح القوات المسلحة بانضمام الفتيات كضباط وموظفين مدنيين ومعاونين".

ويرجع مظلوم صعوبة التحاق الفتيات إلى الصفوف الأمامية بالقوات المسلحة المصرية، إلى مجموعة من العوامل، من بينها "طبيعة المجتمع والثقافة المسيطرة عليه، واعتبار أن من يتحمل مسؤولية حماية المرأة الرجل، وليس العكس طوال الوقت". ويتابع، "منذ منتصف السبعينيات بدأت القوات المسلحة تدخل المرأة ضمن بعض قطاعاتها، لا سيما الأعمال المكتبية والإدارية، فضلاً عن مجالات التمريض وتكنولوجيا المعلومات وبعض القطاعات العلمية الأخرى، وعليه استطاعت خلالها أن تحقق المرأة إضافات ملموسة ورائدة"، معتبراً أن مثل تلك الوظائف كان العامل المشترك فيها "توفير البيئة الآمنة بعيداً عن الخطر لعمل المرأة في الجيش المصري".

وبينما لم ينكر مظلوم الدور الواسع الذي باتت تلعبه المرأة في أغلب القطاعات، ومن بينها الحياة العسكرية حول العالم من قيادة مقاتلات أو تدريبات أو المشاركة في عمليات عسكرية وغيرها، لا سيما في بعض الجيوش الغربية، إلا أنه ذكر أنها تبقى فكرة "غير سيئة، ويمكن تعظيم الاستفادة منها بما يتوافق مع العادات والقيم العربية والشرقية".

تجنيد الإناث إلزامياً مساواةً بالذكور؟

وكان لافتاً بعد أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وتنحي الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وكذلك بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وإطاحة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وانتشار حوادث الإرهاب في العديد من المحافظات المصرية، خروج أكثر من مبادرة وحركة نسائية مطالبة بإلحاق المرأة ضمن الصفوف الأمامية للقوات المسلحة المصرية والتعبير عن رغبتهن في المشاركة في مكافحة "الإرهاب".

وفي عام 2010، أقيمت دعوى قضائية، ضد رئيس الجمهورية حينها، ووزير الدفاع، ورئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الشورى لإلزامهم بإقرار تجنيد الإناث إلزامياً مساواةً بالذكور، مستندة في ذلك على أن الدستور المصري أقر مبدأ المساواة بين المواطنين، ولم يفرق بين الرجل والمرأة، على عكس قانون الخدمة العسكرية والوطنية، والذي يحصر الخدمة العسكرية على المصريين من الذكور فقط. ورأى صاحب الدعوى في عدم تجنيد الإناث تفضيلاً للذكور عليهم وحرماناً للإناث من شرف الخدمة العسكرية، وهو ما يتنافى مع حقوق المرأة المصرية التي كفلها الدستور، على حد وصفه.

وحينها، رأى تقرير هيئة مفوضي الدولة، رداً على تلك الدعوة، التي رفضها، مستنداً إلى أن مصلحة الأسرة المصرية وتوفيق المرأة بين واجباتها نحو أسرتها وعملها العام يقتضي أن يكون التجنيد الإجباري محصوراً على الذكور فقط، وذلك "صوناً للمرأة المصرية وحماية لها باختيار مجالات العمل المناسب لطبيعتها"، وفق ما جاء في التقرير، الذي نص كذلك، على أنه من حق المرأة الالتحاق بالوظائف المتصلة بالعمل العسكري دون أن تكون من نفس طبيعته القتالية، كالتمريض والأعمال الإدارية. واستند التقرير أيضاً إلى آراء فقهية تقضي بأن المرأة غير مطالبة بالقتال.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر، فتوى، قالت فيها إن تجنيد الفتيات "غير مستحب شرعاً"، معتبرة "مشاق التجنيد امتهاناً للمرأة" التي وصفتها الفتوى بأنها تتحمل مشاق أخرى لا تقل صعوبة عن مشاق التجنيد مثل الحمل والولادة. وقالت الفتوى إن المرأة مطالبة بإكمال دور الزوج الغائب للمشاركة في الجيش أو الحرب، عن طريق تربية الأطفال وإدارة شؤون المنزل وحسن معاشرته عند عودته. وفي الوقت ذاته خرجت توضحيات دينية أخرى رأت "في مشاركة زوجات الصحابة (من اتبعن النبي محمد) ممن شاركن في غزوات المسلمين الأوائل، وعلاج مصابيها وحمل بعضهم السلاح دليلاً لا يمنع انضمام الفتيات ضمن الصفوف الأمامية للقوات المسلحة المصرية".

القيم والعادات أقوى

وعليه، يعتبر اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن "مصر دولة شرقية تحكمها العادات والتقاليد والأعراف التي لا تسمح بما قد تسمح به نظيراتها في المجتمعات الغربية"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، أن "لا يجوز مثلاً وجود امرأة ورجل غير متزوجين لأوقات طويلة مع بعضهما البعض في مكان واحد، وعليه فإن القوات المسلحة عندما تسمح بانضمام المرأة في بعض وظائفها الإدارة أو التمريضية أو ما شابه ذلك فهي بذلك لا تختلف كثيراً مع ما هو قائم وموجود في الحياة المدنية".

وبحسب رأي العمدة، فإن خدمة المرأة لوطنها وبلدها لا تقتصر فقط على الحياة العسكرية والانضمام للجيش، بل إن دورها يتجاوز ما هو أكثر من ذلك، لا سيما على صعيد الاهتمام بصون وتربية الأسرة". وتابع، "تعد رغبة الفتيات في الانضمام إلى القوات المسلحة نموذجاً للوطنية يتوجب احترامه وتقديره والثناء عليه".

من جانبها، ترى، رحاب العوضي، أستاذة علم النفس السلوكي، أن دعوات تجنيد المرأة، وما شابه من مبادرات وحركات، تشجع على هذه الحركة "تفتقر إلى المنطقية والواقعية"، موضحة "يبقى الأصل في تجنيد الذكور لأنهم الأقدر على التحمل نفسياً وبدنياً لطبيعة المهام الشاقة التي تتطلبها الحياة العسكرية".

وتتابع العوضي، "لا يتوجب علينا التوافق مع كل الأفكار والطموحات التي تطرحها الحركة النسائية، إذ يبقى بعض منها غير متوافق مع السياقات والظروف المجتمعية، فضلاً عن كون بعضها غير منطقي"، مضيفة "أعطت القوات المسلحة المصرية دوراً كبيراً للمرأة في قطاعاتها المدنية، وبالأخص القطاعات الطبية والتمريضية والعلمية، وبات في بعض تلك المواقع تقود المرأة الرجال في الدرجات الوظيفية"، معتبرة أن دور المرأة "خارج السياقات العسكرية" هو في حد ذاته لا يقل عن دور القوات المسلحة.

ولا توجد إحصائية رسمية توضح نسبة مشاركة المرأة المصرية في القطاعات العسكرية المدنية أو القطاعات التي تشرف عليها القوات المسلحة في البلاد.

أدوار صغيرة في تاريخ المرأة الليبية بالمؤسسة العسكرية

ولا يزال انخراط المرأة الليبية في مجالات معينة من العمل تتطلب قوة بدنية من الأمور غير المألوفة، في مجتمع يصنّف من المجتمعات المحافظة أو المنغلقة. وعلى الرغم من حقوق كثيرة نالتها المرأة ومجالات عدة خاضتها، فإن ليبيا لا تزال تعد من بين ثلاث دول إسلامية لا تجند النساء إجبارياً حتى اليوم، مع السودان وإيران.

واستمر هذا الوضع منذ استقلال البلاد، على الرغم من المادة 16 من الإعلان الدستوري الصادر عام 1969 بعد تسلم القذافي السلطة، والذي أشار إلى أن " الدفاع عن الوطن واجب مقدس، وأن الخدمة العسكرية شرف للشعب الليبي".

إلا أنه لم يصدر نص قانوني يخضع المرأة لقوانين الخدمة العسكرية صراحة، حتى مع إقرار المادة الثالثة من القانون رقم 20 الصادر عام 1991، الذي جاء فيه أن "الدفاع عن الوطن حق وشرف، ويجب ألا يحرم ذكر أو أنثى منه"، إلا أن الانخراط في الخدمة العسكرية استمر في ليبيا تطوعياً من دون إجبار قانوني، بسبب الخوف من ردود الفعل المجتمعية في حال إلزام المرأة بأداء الواجب العسكري.

أدوار خجولة

وعلى الرغم من أن الراحل القذافي تجنب إصدار قانون إلزامي يفرض الخدمة العسكرية على المرأة، إلا أن كثيراً من النساء بدأن ينخرطن في العمل العسكري بعد خطاب شهير ألقاه من طرابلس العام 1978، وشدد فيه على دور الرجال والنساء في الجيش، وأطلق فيه مشروع تسليح الشعب برمته، وبدأ بعدها كل الليبيين، رجالاً ونساء، يخضعون للتدريب العسكري من خلال مراكز سماها مراكز التدريب الشعبي، وهي مراكز رسمياً لا تتبع القوات المسلحة الليبية.

وفي الخطاب ذاته، حاول القذافي تبديد شكوك المتخوفين من أن تتحول قضية المجندات إلى مشكلة دينية، قائلاً إن "قيام النساء بدور عسكري كامل في ليبيا الإسلامية ليس ضد الدين، ولا مناقضاً للزواج، كما أنه لا ينتقص شيئاً من الجانب الأخلاقي".

وفي محاولة منه لفرض تجنيد النساء ولو عبر التطوع، افتتح القذافي في طرابلس العام 1979 كلية عسكرية نسائية لتدريب المتطوعات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 13 و17 عاماً، وكن يخضعن لدراسة المواد العسكرية الأساسية، إضافة إلى استخدام أسلحة عدة.

لكن الكلية أغلقت أبوابها العام 1983، وتضاربت الآراء بعد ذلك بين معارض لدخول النساء مجال الخدمة العسكرية ومؤيد للفكرة.

وعلى الرغم من المساعي التي بذلها القذافي للرفع من شأن المجندات باعتبارهن صورة حضارية ثورية نسـائية تقدمية، إلا أن النظرة المجتمعية الرافضة لتجنيد النساء استمرت، ولم يعرف في مرحلة من المراحل التي مر بها الجيش الليبي في سنوات حكم القذافي دور مهم للمرأة الليبية في القوات المسلحة.

حارسات القذافي

مع فشل مشروع القذافي لفرض التجنيد على الليبيات، لجأ إلى فكرة بديلة ليظهر نجاح مشروعه، فبدأ يظهر في خطاباته ورحلاته الخارجية محاطاً بعدد من الحارسات اللواتي يرتدين الزي العسكري ويحملن رتب عسكرية كبيرة.

أشهر حارسات القذافي والأكثر ظهوراً معه، كانت عائشة عبدالسلام، وهي واحدة من أعلى الضباط النساء رتبة في الجيش الليبي في زمانه، والتي كشفت عن سرّ تجنيده للنساء خلال اعترافات لها بعد الثورة، قائلة إنه "أراد أن يصوّر للعالم أن نساء ليبيا يتمتعن بحقوق الرجل نفسها، كما كان يفضل دائماً غير المتزوجات كي يتفرغن لهذه الوظيفة".

وأشارت إلى أن القذافي كان يريد دائماً أن تلازمه ثلاث نساء بشكل دائم حين يذهب لأي مكان داخل ليبيا، إلا أنه كان يطلب حارسة رابعة في رحلاته الخارجية، قائلة "كنت أنا من يقوم باختيار حارسات القذافي".

استبعاد بقرار رسمي

وبعد سقوط نظام القذافي أغلق باب دخول النساء الجيش نهائياً، بقرار رسمي صدر عن المجلس الانتقالي، أول جسم تشريعي مؤقت للبلاد أثناء الثورة، بموجب القرار رقم 42 الذي ينص على أن تُستبعد المرأة من العمل العسكري في الجيش الليبي.

لكن القائد الجديد للجيش الوطني المشير خليفة حفتر فتح، بعد تسلم مهماته بقرار من مجلس النواب العام 2014، الباب من جديد لعودة انخراط النساء بالجيش الليبي، وبدأت تظهر في عدد من المحافل ضابطات برتب عالية في المؤسسة العسكرية الليبية شرق البلاد، وهو الأمر الذي لم يحدث في غربها حتى الآن.

وتقول آمر شعبة التوثيق والإعلام بإدارة المراسم العسكرية الرائد حواء مبروك سليمان، في تصريحات صحافية، "مع بداية الثورة الليبية العام 2011 هُمشنا من جماعات التيار الديني المتشدد، بسبب قرارات صدرت بشأننا".

وأوضحت أنه "بعد الثورة حدثت تغيرات كثيرة أدت إلى عدم وجودنا في المؤسسة العسكرية، إلى أن اتضح لنا وللجميع أن الجماعات الإرهابية المتطرفة هي من كانت ضد عمل المرأة في المؤسسة العسكرية".

ورأت بأن "المرأة الليبية كما استعادت دورها السياسي ستفرض وجودها في المؤسسات العسكرية، شأنها شأن نظيراتها في كل دول العالم، على الرغم من كل محاولات الرفض والاستبعاد".

المرأة السودانية محصورة بالمناصب الإدارية والخدمات الطبية

من جهتها، استطاعت المرأة السودانية منذ زمن طويل حجز مقعد لها في كل المناصب بمختلف أنواعها. فكانت الموظفة والمديرة والبرلمانية والقاضية والمدرّسة والضابطة بأعلى الرتب.

وعلى الرغم من التحديات التي تعاني منها في ظل الحكومات المتعاقبة والتي قيدت حركتها، إلا أنها أثبتت وجودها وانتزعت حقها. وجاءت ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، لتستكمل ما تبقى من نضال. وشاركت في التظاهرات وكانت الأكثر وجوداً. ومن ثم عيّنت في الحكومة الحالية في أهم المناصب.

الجيش السوداني

التحقت سيدات سودانيات بالجيش، واستطعن الوصول إلى مراتب عالية، ولكن على رغم ذلك، حُصرن بمجالات معينة، ولم تكن المشاركة في الحروب وحفظ الحدود من ضمنها.

في هذا الصدد، يقول الناطق الرسمي للجيش السوداني السابق محمد بشير لـ "اندبندنت عربية"، إن "المرأة في الجيش السوداني دخلت مبكراً، لعدة عقود ولكن حصرت في وظائف معينة غالبيتها إدارية، وفي الخدمات الطبية، لعدة عوامل أبرزها العادات والتقاليد في المجتمع. إذ يرى البعض أن مجرد ارتداء المرأة الزي العسكري عيب كبير، وظلت على رغم ما وصلت له من علم ومنصب تحت نظر ورعاية الرجل الذي يعتقد أن بنيتها الضعيفة لا تؤهلها للعمل العسكري، في حين أنهم إذا نظروا للأمر من ناحية دينية سيجدون أن السيدة فاطمة شاركت في غزوة أُحُد والمرأة السودانية قادرة على تحقيق مكاسب داخل الجيوش".

ويوضح الفريق بشير أن "تخلف الجيوش العربية عموماً وراء عدم وصول المرأة المكانة المنشودة، إضافة إلى نظرة المجتمع، لذلك يجب أن توضع مناهج جديدة وتربية وطنية تنشأ عليها الأجيال. وأيضاً فإن عمل المرأة تحت حكم ديكتاتوري أو شمولي يؤثر كثيراً لأنها بطبعها العاطفي لن تشارك في مؤسسات متهمة بالقتل وإثارة الحروب كما تُروج لها الأنظمة الديكتاتورية".

في سياق متصل، يقول اللواء ركن أمين إسماعيل مجذوب إن "وضع المرأة السودانية في الجيش من أدنى الأوضاع في العالم لأسباب متعلقة بالدين والعادات، ولكن مع التطور الاجتماعي والثقافي ودخول الألفية الثالثة احتلت المرأة مكانة عالية في الخدمات الطبية تحديداً وفي التعليم والتوجيه المعنوي والإعلامي، ووصلت إلى رتبة الفريق ممثلة في الدكتورة سعاد الكارب التي عينت وزير دولة بوزارة الصحة عام 2019، وهناك نساء وصلوا إلى رتبة لواء وعقيد في مجال الترجمة والإدارة".

ويوضح مجذوب "أن القوات المسلحة تسير وفقاً للاتفاقيات العالمية والدستور الذي يتيح 25 في المئة من المناصب للمرأة، ولكن يصعب إدخالها في الوحدات العسكرية الميدانية لصعوبة المهام التي تُكلف بها ومكانة المرأة السودانية ومشقة العمل. لكن هذا لا ينفي أنها كانت محاربة في عهد الرئيس الراحل نميري حيث كان يتم تدريب المرأة عسكرياً حتى وصلت لرتبة المقدم والعقيد في الشرطة وجهاز الاستخبارات العامة".

رأي آخر

في المقابل، ترى فئة معينة أن عمل المرأة في الجيش محفوف بالمخاطر وغير لائق، إلا أن هناك جهات تنادي بضرورة تأهيل المرأة وجعلها رائدة في الجيش وعدم حصرها في مهام معينة.

وأعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان السماح للمرأة بالالتحاق بالكلية الحربية، ويأتي ذلك كخطوة جديدة وجريئة في تاريخ البلاد.

وكتب نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان على صفحته بـ"توتير"، "فتح الكلية الحربية للنساء يجب الترحيب به كجزء مهم من إصلاح المؤسسة العسكرية أمام مساهمة النساء التاريخية في الدفاع عن الوطن من لُدن مهيرة بنت عبود ورابحة الكنانية ومندي بنت السلطان عجبنا. الاتجاه نحو السودان الجديد لن يتحقق من دون النساء".

فيما تشير المحللة السياسية سلمى مرتضى إلى أن "المرأة السودانية قادرة على القيام بكل الأعمال حتى وإن كانت صعبة. فمنذ المهدية كانت مشاركة في الحروب، وما قبل الميلاد كانت حاكمة لممالك كبرى، وجودها في الجيش السوداني كمحاربة لن يقلل منها ولن يصعب عليها. إلا إذا أرادت بعض الجهات حصرها في أدوار معينة خوفاً منها أو شكاً في قدراتها التي لا يمكن أن تكون موضع شك".

اندماج نسائي محدود في السلك العسكري المغربي

وعلى الرغم من فتح الدول العربية باب الانخراط في قوات الجيش والأمن أمام المرأة، إلا أن حجم ذلك الانخراط يبقى خجولاً مقارنة مع دول الشمال، ويرتبط وجود المرأة في ذلك المجال بمهمات مكتبية بشكل عام.

وبقيت المشاركة ضعيفة من حيث العدد وطبيعة الوظيفة، إذ ظل يُسند للمرأة المنخرطة في الجيش مهمات الرعاية الصحية والأعمال الاجتماعية والمكتبية أكثر من تلك العسكرية.

وتؤكد الممثلة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رويدا الحاج، أنه على الرغم من دخول المرأة العربية إلى قلب الحياة العسكرية، وأن أعدادها ارتفعت تدريجياً، لكن اندماجها في الجيوش العربية يبقى محدوداً، معتبرة أنه لم يقتصر الأمر على بقاء عدد النساء منخفضاً نسبياً وحسب، بل وأيضاً وصولهن إلى المناصب العليا في القوات المسلحة لا يزال أمراً صعباً، ووصولهن إلى مواقع صنع القرار أمر لا يُعطى أي أهمية أو انتباه.

وتشير رويدا الحاج إلى أنه "بعيداً من بعض الاستثناءات، ما زالت النساء في الجيوش العربية تُعطى أدواراً تقليدية ونمطية، كأمينات سر ومترجمات وممرضات وراسمات خرائط وما إلى ذلك، وتم استبعادهن بشكل منهجي من مواقع القتال وقيادة العمليات العسكرية، وقد جعل ذلك من الصعب ترقيتهن إلى صفوف معينة تُعتبر الخبرة القتالية من المتطلبات الأساسية لها".

غياب المساواة

وتعاني الجيوش العربية غياب المساواة بين الجنسين، حيث يظل الرجل يحتكر المهمات العسكرية الأساسية. وتعتبر ممثلة الأمم المتحدة أن المؤسسة العسكرية العربية ما زالت منمطة للرجال، وربما تكون هذه، على حد قولها، أهم عقبة أمام انخراط المرأة الكامل في القوات المسلحة العربية، ومع ذلك، تؤكد الحاج، أن الانخراط لا يعني ببساطة إدراج مزيد من العنصر النسائي في القوات المسلحة، مشيرة إلى وجود فجوة واضحة بين خطاب المساواة وواقع المرأة في تلك المؤسسات، وللتغلب على هذه الفجوة، توصي الحاج القيادة العسكرية بأن تبدأ بالنظر إلى النساء كونهن جنديات كاملات الأهلية لهذا النوع من العمل.

وتعبر أن دور المرأة داخل المؤسسة العسكرية هو "انعكاس لدورها الرعائي في المجتمع، وهذا يضر بالمؤسسة أولاً، إذ يؤدي إلى خسارتها فرصة عمل أفراد أكفاء من النساء في المهمات العملياتية من خلال حصر عملهن في وظائف مكتبية وخدماتية، ومن جهة أخرى فإن هؤلاء النساء يفقدن الحافز والدافع للتطور المهني، إذ يعلمن جيداً أنه ليس لديهن فرص متساوية مع زملائهن في العمل من الرجال. كما أنه بغياب سياسات مراعية للنوع الاجتماعي، فمن الطبيعي أن تواجه الجندية، مثلها مثل أي إمرأة عاملة في بلداننا، الصعوبة المتمثلة بالوضع العائلي والأمومة".

المرأة المغربية في الجيش

لم تنخرط المرأة في الجيش المغربي إلا بداية ستينيات القرن الـ 20، وذلك جراء توجه النظام المغربي إلى تحريرها من قيود الأعراف التي أبعدتها من مجال العمل بشكل عام.

لكن عملها في قوات الجيش ظل مرتبطاً بمجال الطب والأعمال الاجتماعية، بعيداً من الحضور في ساحات العمل الدفاعي الميداني، الأمر الذي حد من أفق وجودها في مراتب عليا في القوات المسلحة.

إلا أن الضابطة، زينب الغازي، ترفض التقليل من أهمية الخدمة الاجتماعية في الجيش، معتبرة إياها عملاً جد مهم، يتطلب التزاماً جماعياً وتنسيقاً كبيراً بين العناصر العسكرية النسائية كافة، مؤكدة أن تحقيق هذه الغايات يتطلب الخضوع إلى تدريب عسكري دقيق يمتد على مدى أربعة أعوام، يضم تكويناً نظرياً في تخصصات عدة، إضافة إلى أنشطة بدنية ورياضية، وتدريب الاستعراضات العسكرية، فضلاً عن تدريب المحاكاة القتالية، إلى جانب فن حمل السلاح.

من جانبها، تمكنت الملازم أميمة زكريا، من تغيير النظرة للمرأة في الجيش وربطها بمجال الأعمال الاجتماعية، وذلك إثر ترؤسها مناورات "مصافحة الأطلس 21ــ1"، التي نظمت قبل أسابيع في إطار المناورات العسكرية المغربية - الأميركية.

وتشغل أميمة منصب نائب مصلحة محاربة الغواصات على ظهر الفرقاطة المغربية علال بن عبدالله، ضمن القوات البحرية المغربية.

مكانة جيدة في مجال الأمن

وفي المقابل، تمكنت المرأة المغربية من الوصول إلى مراتب رفيعة في سلك الأمن إثر تولي عدد من النساء مناصب سامية.

وبعد أن كان قانون الإدارة العامة للأمن الوطني المغربي لا يسمح بعمل المرأة كشرطية، شكل التعديل الذي طرأ على ذلك القانون العام 2001 مدخلاً أمام النساء للانضمام لأجهزة الأمن.

وتشكل عميد الشرطة الممتاز، سعاد عزي، واحدة من أبرز أمثلة إصرار المرأة المغربية على إثبات قدراتها في المجال الأمني، إذ عُينت أخيراً في منصب رئيسة المصلحة الإدارية للمنطقة الأمنية في مدينة المهدية.

وبعد انضمامها لجهاز الأمن كشرطية مسعفة، تمكنت سعاد على مدى أكثر من عقدين، بفضل تفانيها في عملها من الترقي في السلم الوظيفي إلى أن أصبحت رئيسة مصلحة.

 

المزيد من تحقيقات ومطولات