يبدو أن الرياح التي تقود سفن الحكومة أتت على ما اشتهت وخططت لأجله، على الرغم مما شهدته جلسة مجلس الأمة الكويتي، الثلاثاء 13 أبريل (نيسان) من سجالات وتراشق بالألفاظ، وصلت حدّ التطاول على الأمين العام للمجلس ومهاجمة النواب المؤيدين للحكومة والتشكيك بنزاهتهم وانتمائهم ومشروعية وصولهم إلى مقاعد البرلمان، إلا أن الجلسة عبرت عبر الاحتكام إلى رأي الغالبية، إذ حسم المجلس المعركة التي أعدّت لها المعارضة جيداً، بالموافقة على التصديق على ما تم إقراره في الجلسة الماضية رغماً عن موقف المعارضين، عبر آلية التصويت بـ 32 مقابل 28، وبالنتيجة ذاتها رفض فتح بند ما يستجد من أعمال، لمناقشة طلب صدور قرار بعزل رئيس المجلس من منصبه الذي تسعى كتل نيابية إلى تمريره.
لا صوت يعلو على المكبّر
ومن خلال الـ32 صوتاً أيضاً، حسمت الحكومة ورئيسها صباح الخالد معركة العبور من مأزق الاستجواب الذي طاردها حتى قبل أن تؤدي القسم، إذ تم التصديق على قرار تأجيل مساءلة رئيس الوزراء، إلى ما بعد دور الانعقاد الثاني، أي بعد قرابة السنة والنصف.
وافتتح مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة، الجلسة العادية العلنية، ثم تلا الأمين العام أسماء الأعضاء الحاضرين والمعتذرين والغائبين من دون إذن أو إخطار، قبل أن يندفع أعضاء المعارضة منذ بداية الجلسة، محاولين تشتيت انتباه الحكومة والمجلس في إدارة الجلسة، بعد أن توعّدت في تصريحات ليلة أمس أنها لن تسمح للجلسة بأن "تمرّ بسلام" ما لم يتم استجواب رئيس الحكومة فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتمثلت أبرز تجليات الصدام، بأن أقدم النائب محمد المطير على استخدام مكبر صوت يدوي داخل قاعة عبدالله السالم وصعوده أعلى المنصة الرئاسية بجانب نواب المعارضة، احتجاجاً على تصويت تأجيل استجوابات رئيس الوزراء، وذلك للتأثير في مجريات الجلسة، مردّداً عبارة "هذا الطلب ما يمشي" و"هذا اللي قاعدين تسوونه غلط" و "الإجراءات باطلة"، وسط صيحات مناصريه من تكتل المعارضة.
نجاة الحكومة الثانية
بعد ذلك، أعلن الرئيس مرزوق الغانم رفض مجلس الأمة طلباً نيابياً بإلغاء قرار اتخذ في الجلسة الماضية، بشأن تأجيل استجوابات رئيس الحكومة صباح الخالد إلى ما بعد نهاية دور الانعقاد العادي الثاني.
وقال الغانم في كلمة بعد انتهاء التصويت إن "النتيجة جاءت بعدم موافقة 32 عضواً من إجمالي الحضور وعددهم 60 عضواً"، وبالنهاية رفع الجلسة على أن تستكمل ظهر غد الأربعاء.
وكان البرلمان الكويتي وافق في جلسته بتاريخ 30 مارس (آذار) الماضي على طلب سمو رئيس مجلس الوزراء بتأجيل الاستجوابات المقدمة ضده في جلسة أداء القسم، وذلك لوجود " عدد كبير من الملفات العالقة والمهمة والشائكة التي تحتاج إلى جهد وتفانٍ وتعاون ووقت كافٍ لحلّها".
بدوره، قال الخالد "يؤلمني أن أشاهد وأسمع هذه الممارسات بحق ديمقراطيتنا ودستورنا، فأنا أول من يحترم الدستور ويعمل به وينبغي على الكل احترامه والعمل به"، وتساءل "هل يعقل تخريب مسيرة 60 عاماً من الديمقراطية التي بناها الآباء والأجداد بهذه الممارسات الخاطئة، فإننا لا نريد استجوابات تدمر الديمقراطية، ومن غير المعقول أن تأتي استجوابات خارج إطار الضوابط الدستورية"، متمنياً أن يسود الهدوء والتفاهم بين النواب والحكومة في المرحلة المقبلة.
وأكد النائب عبد الكريم الكندري من جانبه أن استجواب رئيس الحكومة قائم وعليه الصعود إلى المنصة، ومن وافقوا على تأجيل الاستجوابات "لم يحصنوا رئيس الوزراء فحسب، بل أغلقوا كل شيء برلماني، وهذا الدستور يُعمل به منذ عام 62، وما يحصل فيه اليوم بدعة"، معتبراً أن ما يحدث "انهيار للديمقراطية".
من جهته، قال النائب ثامر السويط "لسنا من دعاة الفوضى بل نحن من يحترم الدستور والقانون"، مؤكداً ضرورة مراعاة أحكام الدستور واللائحة وأن ما حدث من "تجاوز على الدستور، يُعدّ جريمة كما وصفها الشعب الكويتي".