على الرغم من أنها فقدت زوجها الأمير فيليب، شريك العمر، وصديقها الحميم لفترة زمنية حطمت الأرقام القياسية، لا توجد فرصة تُذكر، في اعتقاد المراقبين، لأن تتنازل الملكة إليزابيث، البالغة من العمر 94 عاماً، عن العرش.
توفي فيليب، زوج إليزابيث، لأكثر من سبعة عقود، بعد أطول فترة يقضيها رفيق لملكة في التاريخ البريطاني، أمس، عن 99 عاماً.
كان فيليب، حب حياتها، قد تزوجها عام 1947، وعاش معها طوال فترة ولايتها على العرش المستمرة منذ 69 عاماً. وكان أول من نقل إليها خبر وفاة والدها جورج السادس أثناء وجودهما في كينيا في 1952، وأنها أصبحت ملكة لبريطانيا وهي في سن الخامسة والعشرين.
وعلى الرغم من الفراغ الهائل الذي تركته وفاة فيليب في حياتها، يقول مساعدون ومتخصصون في شؤون العائلة الملكية، إن الوفاة لن تفضي إلى تنازل الملكة، أكبر ملوك العالم سناً، وأطولهم بقاءً على العرش، لابنها وولي عهدها الأمير تشارلز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويوضح المؤرخ في الشؤون الملكية هوغو فيكرز "بإمكاني أن أؤكد لكم أن الملكة لن تتنازل عن العرش. كل الدلائل موجودة على أن الملكة تتمتع بصحة جيدة للغاية، واحتمالات أن ستظل ملكتنا لأطول فترة ممكنة قوية".
تنفيذ المهام
استمرت إليزابيث في تنفيذ مهامها الرسمية، وإن كان ذلك عن بعد بسبب قيود كوفيد-19، حتى في أثناء وجود فيليب بالمستشفى لمدة أربعة أسابيع في وقت سابق من هذا العام.
ويرى المراقبون أن قسماً من الإجابة عن سؤال لماذا لن تتنازل إليزابيث عن التاج يرتبط بالطريقة التي أصبحت بها ملكة للبلاد. فعندما ولدت في 1926، لم يكن يتوقع على الإطلاق أن تصبح هي الملكة.
لكن عمها إدوارد الثامن تنازل عن العرش بسبب حبه للمطلقة الأميركية واليس سيمبسون، الأمر الذي اعتبرته المؤسسة البريطانية ارتباطاً غير مقبول. وكان ذلك مقدمة لأزمة دستورية ترتب عليها انتقال التاج إلى والدها جورج السادس عندما كانت في العاشرة من عمرها.
وذات مرة، قالت إليزابيث "إنها وظيفة مدى الحياة"، مرددة وعداً قطعته في عيد ميلادها الحادي والعشرين، وكان ذلك في عام 1947.
وفي كلمة للشعب البريطاني أثناء قيامها بجولة في جنوب أفريقيا قالت، "أعلن أمامكم جميعاً أن حياتي كلها، طالت أم قصرت، ستكون مكرسة لخدمتكم وخدمة عائلتنا الإمبراطورية العظيمة التي ننتمي إليها جميعاً".
كررت هذا الوعد في الذكرى الستين لتبوئها العرش، وعندما يسأل كبار مساعدي قصر باكنغهام عما إذا كان التنازل فرضية محتملة، يكررون الإجابة ذاتها "مدى الحياة تعني مدى الحياة".
معنى ذلك أنها لن تحذو حذو ملوك أوروبيين آخرين مثل خوان كارلوس ملك إسبانيا الذي تنازل عن العرش في 2014، وملك بلجيكا ألبرت الذي تنحى في 2013، والملكة بياتريكس ملكة هولندا التي تنازلت عن العرش في العام نفسه.
وبالنظر إلى شخصيتها التي تتسم بالتدين الشديد، وكونها رئيسة فخرية لكنيسة إنجلترا، ترى إليزابيث، بحسب ما يقول المعلقون، وأولئك الذين يعرفونها جيداً، أن الوعود التي قطعتها على نفسها في يوم تتويجها لا يمكنها الحنث بها.
نقل الأعباء
مع ذلك، قد تنقل الملكة إليزابيث مزيداً من الأعباء الرسمية إلى تشارلز (72 عاماً)، وأعضاء آخرين من عائلة وندسور الذين يضطلعون بالفعل بالكثير من مهام عملها.
وفي العقد الماضي، أنهت جميع الجولات الدولية تقريباً، وقلصت عدد المؤسسات والجمعيات تحت رعايتها، ونقلت دورها في عشرات الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأكاديمية والهيئات الرياضية إلى أعضاء آخرين في العائلة المالكة.
ويقول المؤرخ في الشؤون الملكية روبرت لاسي "قد تتوارى الملكة بعض الشيء، وسنرى بصورة أكثر تكراراً الأمير تشارلز والأمير ويليام يقومان بأعمال بالنيابة. وعلى الرغم من ذلك ستبقى الملكة هي الملكة ثابتة القدمين".
ويشير إلى الخطط التي أعلنت عنها الحكومة بالفعل لإحياء الذكرى السبعين لتوليها العرش في الصيف المقبل.
وإذا سارت إليزابيث على خطى والدتها التي كانت تعرف بالملكة إليزابيث الملكة الأم وظلت تظهر في المناسبات العلنية حتى وفاتها عن عمر 101 عام في 2002، قد تظل إليزابيث في صدارة الحياة العامة البريطانية لفترة من الزمن.