Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرض "تجسيري" من الخزانة الأميركية للسودان

تمضي الحكومة الانتقالية في ملف الديون بخطى ثابتة من خلال خريطة طريق واضحة المعالم

سوداني يحمل علم بلاده أمام البيت الأبيض في وقفة نُفذت بتاريخ 8 يونيو 2019 (أ ب)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية يوم الجمعة 27 مارس (آذار) الحالي، تقديمها قرضاً تجسيرياً للسودان بقيمة 1.15 مليار دولار، لتسوية متأخرات دَين لصالح البنك الدولي. وأشادت الخزانة الأميركية في بيان بجهود الحكومة المدنية في السودان بشأن الإصلاح الاقتصادي، وفي السياق أثنت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين على الحكومة المدنية في السودان لتنفيذها إجراءات اقتصادية "صعبة ولكن ضرورية"، وأن تسوية المتأخرات تساعد السودان في الاستفادة من "مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون"، معتبرةً أن "هذا ما يحتاجه السودان الآن".
وأشار بيان الخزانة الأميركية إلى أن الحكومة المدنية في السودان نفذت برنامج إصلاح اقتصادي قوي يدعم الانتقال الديمقراطي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وأشار البيان إلى جهود الحكومة السودانية في تعزيز الحوكمة ودعم استقلالية البنك المركزي وتوفير دعم للأسر المتأثرة بالإصلاحات الاقتصادية، وختمت الخزانة بيانها باستمرار جهودها مع الشركاء الدوليين في دعم الإصلاحات الاقتصادية في السودان ودعمه في تخفيف الدين في عام 2021".
وتُعدّ هذه الخطوة بمثابة تنفيذ لتعهد سابق للإدارة الأميركية عندما زار وزير الخزانة الأسبق ستيفن منوشين الخرطوم في يناير (كانون الثاني) 2021 ووقع مع الحكومة السودانية قرضاً تجسيرياً بهدف تسوية متأخرات مستحقة عليها للبنك الدولي، وتأتي ضمن حزمة مساعدات تعهدت بها الحكومة الأميركية للسودان بعد إزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب في ديسمبر (كانون الأول) 2020.
البنك الدولي يعلن تصفية مديونية مستحقة

كما أعلن البنك الدولي عن تصفية السودان مديونية مستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية (IDA) وهذا الإجراء يمكّن السودان من الاستفادة من تمويل قدره 2 مليار دولار، تخصصه المؤسسة الدولية للتنمية للتخفيف من حدة الفقر ودعم توازن الاقتصاد. هذا ما أشار إليه البيان الصادر عن البنك الدولي بهذا الخصوص، حيث تطرق إلى نقطة شديدة الأهمية، وهي أن السودان بهذه الخطوة يكون قد قام بخطوة مهمة في الطريق لإعفاء شامل للديون تحت مبادرة الهيبك (مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بداية ذوبان جبل الديون السودانية

الحكومة المدنية في السودان تمضي في ملف الديون بخطى ثابتة من خلال خريطة طريق واضحة المعالم، وتحقق نجاحات متتالية واختراقات مهمة، كانت ضربة البداية التسوية مع أسر ضحايا المدمرة "كول" وضحايا تفجير السفارة الأميركية في نيروبي ودار السلام، هذا المسار القضائي كان أحد المسارات المهمة في ملف خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، (دخل السودان هذه القائمة في العام 1993 وأعقب ذلك فرض الولايات المتحدة الأميركية لعقوبات اقتصادية في العام 1997).
وكان لتوقيع اتفاقية سلام جوبا في أكتوبر (تشرين الثاني) 2020، في عاصمة دولة جنوب السودان، أثراً إيجابياً، وتكللت مساعي حكومة عبدالله حمدوك بالنجاح في إخراج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في ديسمبر 2020.
وعلى صعيد الإصلاحات الاقتصادية التزمت الحكومة تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي صارم وقاس تحت مراقبة موظفي صندوق النقد الدولي، وقامت بعملية إصلاح منظومة الدعم وإزالة التشوهات.
وفي 21 فبراير (شباط) 2021 قامت الحكومة الانتقالية السودانية بخطوة كبيرة عبر توحيد سعر الصرف. ومكّنت كل هذه الجهود الكبيرة التي قام بها السودان من بناء سجل نتائج كان بمثابة المفتاح لعديد من الأبواب الموصدة منذ ثلاثة عقود. ديون السودان تجاوزت 60 مليار دولار، 11 في المئة من هذا الدين مملوك لمؤسسات التمويل الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي) و36 في المئة مملوك لأعضاء نادي باريس و14 في المئة مملوك لدائنين تجاريين و39 في المئة لمقرضين من خارج نادي باريس. وشكّل سوء إدارة ملف الديون من قبل نظام الرئيس الأسبق عمر البشير، تركةً ثقيلة ورثتها حكومة الفترة الانتقالية، و85 في المئة من هذا الدين الكبير عبارة عن غرامات ومتأخرات. هذه التركيبة من الدائنين تحتاج إلى غطاء دولي يرعى التفاوض بشأن الإعفاء الكامل أو الجزئي وهذا الغطاء أصبح متوفراً الآن والخطوة القادمة للحكومة الانتقالية في السودان ستكون الحصول على إعفاء جزئي أو كلي من هذه الديون ضمن مبادرة الهيبك.
مكاسب عودة السودان إلى مجتمع التنمية الدولي

بعد ثلاثة عقود يعود السودان إلى المجتمع الدولي، ويستطيع مباشرةً الاستفادة من تمويل قدره 2 مليار دولار من المؤسسة الدولية للتنمية IDA، وأيضاً الاستفادة من مؤسسة التمويل الدولي IFC التابعة لمجموعة البنك الدولي، المعنية بدعم وتطوير القطاع الخاص وذلك بتيسير تعبئة رأس المال والتمويل والاستثمار في شركات القطاع الخاص ومساعدة الحكومات في تحسين مناخ الأعمال. وتقدم مؤسسة التمويل الدولي قروضاً متوسطة الأجل من 7 إلى 12 عاماً، وبلغ إجمالي القروض التي قدمتها هذه المؤسسة 7 مليار دولار في عام 2019.
أيضاً سيستفيد السودان من خدمات "الوكالة الدولية لضمان الاستثمار" MIGA التي توفر ضمانات للمقرضين مقابل المخاطر السياسية، أيضاً سيستفيد السودان من مبادرة الهيبك والوصول إلى نقطة اتخاذ القرار وإعفاء الديون. عليه، يمكن القول بأن السودان دخل فعلياً مرحلة جديدة في إعادة التوازن لاقتصاده، وتوفير مصادر تمويل عدة لمشاريع التنمية وتحسين مناخ الأعمال سيرفع من تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة.

المزيد من اقتصاد