Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير الخزانة الأميركي في السودان وحقبة جديدة من العلاقات

العقوبات حرمت الخرطوم من تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة

سعت حكومة الرئيس عبد الله حمدوك جادة إلى إعادة العلاقات مع اشنطن (غيتي)

وقعت الحكومة السودانية والولايات المتحدة الأميركية مذكرة تفاهم، لبدء حقبة جديدة من العلاقات بين البلدين بعد قطيعة اقتربت من الثلاثة عقود. وقع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين ووزيرة المالية السودانية المكلفة هبة محمد علي على قرض تسدد واشنطن بموجبه متأخرات ديون السودان المستحقة للبنك الدولي. ما يمكن الخرطوم من الوصول إلى موارد مالية تبلغ 1.5 مليار دولار سنوياً. كذلك، وقع السودان على معاهدة أبراهام للسلام والتعايش.

وكان الوزير الأميركي قد وصل إلى الخرطوم، في الزيارة الأولى لوزير خزانة أميركي إلى السودان. وتكتسب الزيارة أهمية إقتصادية وسياسة وتأتي بعد ثلاثة أسابيع من إزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وهي اللائحة التي وضع فيها السودان لمدة 27 سنة، ونتيجة لذلك انعزل الاقتصاد السوداني وتقطعت أوصاله مع العالم الخارجي، وحُرِم من التطور والاستفادة من الطفرة التكنولوجية خلال فترة الانعزال.

وبقي السودان محجوباً عن تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة، بعد ما تجنبت المؤسسات المالية التعامل مع السودان تفادياً للمخاطر بما يعرف "De-Risking". وهذا يعني أن "تجنب المخاطر أفضل من إدارة المخاطر".

وتطرق وزير الخزانة إلى أجندة تتجاوزالقضايا الاقتصادية. وكان قد غرد لدى وصوله إلى مصر في 5  يناير (كانون الثاني) 2021، أن أجندة مباحثاته مع الجانب المصري ستتركز على الاقتصاد والأمن والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها التوصل إلى اتفاق شفاف وعادل بين الدول الثلاثة (السودان ومصر وإثيوبيا) في شأن ملء سد النهضة وإدارته.

وأشار منوشين في تغريداته إلى الفرص الاقتصادية بين الخرطوم وتل أبيب، بعد توقيع السودان معاهدة إبراهام.

ولعل زيارة المسؤول الأميركي إلى السودان ترسل إشارات إلى المؤسسات والمصارف الخارجية، بأن العلاقة بين واشنطن والخرطوم تتجاوز التصريحات والقرارات بإزالة اسمه من لائحة الإرهاب إلى زيارة ومباحثات وعلاقات جديدة هذه الإشارات سوف تساعد البنوك السوداني في مباحثاتها بشأن التعامل الخارجي.

السودان بعد قائمة الإرهاب  

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017 كانت نهاية العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان بعد 20 سنة، مع استمرار اسم السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب، وقد خرج منها في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2020. وكانت العقوبات تتضمن حظراً اقتصادياً، إضافة إلى تجميد الأصول الحكومية والحد من قدرة الخرطوم على التعامل بالعملة الأميركية. وقد مُنع السودان من الحصول علي المساعدات الأميركية.

ويمكن القول، إن العقوبات الاقتصادية، إضافة إلى لائحة الإرهاب، قد تسببتا في خنق الاقتصاد المحلي خلال 27 سنة الماضية. وبعد التغيير في السودان، حددت الحكومة الانتقالية أولويات على رأسها الخروج من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وقد حدث هذا في وقت قياسي قبل نهاية عام 2020. وهو أحد إنجازات حكومة الفترة الانتقالية، نظراً لأهميته بالنسبة إلى بدء مرحلة جديدة للاقتصاد وتنفيذ مشروع الإصلاح الاقتصادي الشامل، ونظراً إلى ما يتيحه للمواطنين في الداخل والخارج للحصول على الخدمات المالية والتكنولوجية والتخلص من القيود المفروضة بموجب لائحة الإرهاب. فالطريق إلى ذلك، تمر بواشنطن وحكومة عبد الله حمدوك تعلم ذلك جيداً. لهذا، سعت جادة إلى إعادة العلاقات مع اشنطن إلى سابق عهدها.

الخرطوم تترقب دعماً أميركياً 

في عام 2019، قدمت الولايات المتحدة الأميركية مساعدات بلغت 47 مليار دولار، إلى عشر دول ثلاث منها أفريقية حصلت على 3.1 مليار دولار. وكان نصيب مصر 1.46 مليار دولار، ثم إثيوبيا التي حصلت على نحو 922 مليون دولار، وكان نصيب نيجيريا 793 مليون دولار. وبعد عودة العلاقات السودانية الأميركية إلى طبيعتها، تتطلع الخرطوم الي تعاون كبير مع واشنطن. وبحصول الخرطوم على قرض تجسيري يفتح أمامها الباب للاستفادة من موارد مالية تقدر بـ1.5 مليار دولار. وتتطلع الخرطوم لمساعدات فنية من الولايات المتحدة لعودة النظام المصرفي إلى الاندماج بالنظام العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويحتاج السودان بصورة عاجلة إلى مشروع إصلاح قانوني ومؤسساتي كي يعوض الغياب ويتجنب مخاطر الضعف الهيكلي للمؤسسات المالية.

إن بداية العودة إلى الاندماج بالنظام المالي العالمي، له متطلبات داخلية تقع مسؤوليتها على عاتق الحكومة، وأخرى خارجية يحتاج فيها البلد إلى عون الشركاء والأصدقاء، ومنها عودة البنوك المراسلة للتعامل مع الخرطوم، وهي التي خرجت في عام 2014.

وفيما يحتاج السودان إلى تمويل خارجي يقدر بنحو 5 مليارات دولار، يحتاج إلى تطور في العلاقات مع المصارف المحلية التي ستعزز قدرتها على جذب تحويلات المغتربين وعوائد الصادرات. ما يسهم في تقليص هذه الفجوة.

مكاسب السودان

سيحقق السودان مكاسب متعددة ومهمة في توقيتها بعد الزيارة التاريخية لوزير الخزانة الأميركي، وعلى رأسها المساعدة في اندماج القطاع المصرفي المحلي بالعالمي وحصوله على التكنولوجيا المالية. ومن المكاسب المهمة موقف الولايات المتحدة في نادي باريس ودعم الخرطوم لمعالجة قضية ديونها، إذ إن الموقف الموحد لأعضاء نادي باريس مطلوب ومن دونه لا يمكن المضي قدماً في هذا الملف.

وعلى هذا الصعيد، تحتاج الخرطوم إلى صوت إسرائيل داخل نادي باريس (مع العلم أن تل أبيب ليست دولة دائنة للخرطوم، ولكنها عضو في النادي). ومن شأن التطور في العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب أن يصحح هذا الأمر. ما يمهد لحصول الخرطوم على المساعدات الأميركية سنوياً. وستساعد زيارة الوزير الأميركي المؤسسات المحلية في سرعة بناء شبكة من المراسلين، ورفع القيود التي لا تزال مفروضة على حركة الأموال.

فهذه الزيارة بمثابة تصويت على ثقة التعامل المالي والاقتصادي مع الخرطوم، ويبقى عليها العبء الأكبر من الاستعداد للاستفادة من هذه المكاسب من خلال تسريع عمليات الإصلاح الاقتصادي والمؤسساتي والقانوني. فالكرة في ملعب الحكومة السودانية والمؤسسات التي عليها أن تحسن التعامل مع الزيارة والفرصة الجديدة.

المزيد من اقتصاد