الأخطبوط كائن غير عادي، ليس فقط بسبب أطرافه الثمانية وقلوبه الثلاثة ودمه الأزرق والحبر الذي ينفثه للدفاع عن نفسه وقدرته على التمويه والحقيقة المأساوية المتمثلة في موته بعد التزاوج، بل بنومه أيضاً.
فقد أظهرت دراسة نشرها باحثون في البرازيل الخميس 25 مارس (آذار) أن لذلك الحيوان البحري الذي ربما يعتبر بالفعل أذكى اللافقاريات، نمطَين رئيسَين من النوم المتناوب، يشبهان إلى حد بعيد الموجودَين لدى الإنسان، بل وإنه قد يحلم مثله.
قال الباحثون إن هذه النتائج تقدّم أدلة جديدة على أن الأخطبوط يملك جهازاً عصبياً معقداً ومتطوراً يشكّل الأساس لمخزون من السلوكيات المتطورة بالقدر ذاته، في حين تقدّم أيضاً رؤية أوسع لتطور النوم، وهي وظيفة حيوية مهمة.
"النوم الهادئ" و"النوم النشيط"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان من المعروف عن الأخطبوط أنه ينام ويغيّر لونه أثناء النوم. وفي الدراسة الجديدة، وضع الباحثون نوعاً منه يعرف باسم "إنسولاريس"، تحت الملاحظة في مختبر. ووجدوا أن تغيّر الألوان هذا مرتبط بحالتي نوم متمايزتين، هما "النوم الهادئ" و"النوم النشيط".
فخلال "النوم الهادئ"، يظلّ الأخطبوط ساكناً ويكون جلده باهت اللون وعيناه مغلقتين تقريباً. أما أثناء "النوم النشيط"، فإنه يغيّر لون جلده وملمسه ويحرّك عينيه، بينما ينكمش جسمه وتحدث له تشنجّات عضلية.
ولاحظ الباحثون تكرار ذلك خلال النوم. "فالنوم الهادئ" يستمر عادةً سبع دقائق تقريباً، مقابل أقل من دقيقة "للنوم النشيط".
قال الباحثون إن هذه الدورة تشبه على ما يبدو "حركة العين السريعة" و"حركة العين البطيئة"، وهما نمطان للنوم عند الإنسان وكذلك الثدييات الأخرى والطيور والزواحف.
الأحلام
وتحدث الأحلام الواضحة خلال نوم حركة العين السريعة، إذ يصبح التنفّس غير منتظم ويزداد معدل ضربات القلب وتصاب العضلات بالشلل. أما نوم حركة العين البطيئة، فيتميّز بأنه أعمق وأقل أحلاماً.
تقول رئيسة فريق البحث سيلفيا ميديروس إن النتائج تشير إلى أن الأخطبوط ربما يحلم أو يمرّ بشيء مماثل.
وأضافت ميديروس، وهي طالبة دكتوراه في علم الأعصاب بمعهد الدماغ التابع للجامعة الاتحادية في ريو غراندي دو نورتي، "إذا حلمت الأخطبوطات بالفعل، فمن غير المرجح أن تمرّ بقصص وحكايات ذات دلالة معقدة مثلنا".
وشرحت أن "مدة النوم النشيط في الأخطبوط قصيرة جداً، وعادةً من بضع ثوان إلى دقيقة واحدة. وإذا كان هناك أي حلم خلال هذه الحالة، فيجب أن يكون أشبه بمقاطع مصوّرة صغيرة أو حتى صور".
ويسعى العلماء من وراء ذلك كله إلى الوصول إلى قدر أكبر من الفهم لأصل النوم وتطوّره.