Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتخلص الحكومة المصرية من عبء صناعة الدخان؟

القاهرة تعتزم التخارج تدريجياً لصالح القطاع الخاص

نسبة المدخنين بين سكان مصر تتعدى بقليل 25 في المئة (غيتي)

تدرس الحكومة المصرية الخروج من صناعة التبغ والدخان والتنباك تدريجياً في غضون 10 سنوات، قبل حلول 2030، بعد أكثر من 130 سنة على الصناعة التي احتكرها الوالي محمد علي باشا عندما كان حاكماً لمصر.

البداية بيع حصة في البورصة

تشكلت الملامح الرئيسة لنية الحكومة، في نهاية فبراير (شباط) 2019، عندما قررت التخلي عن حصة تبلغ 4.5 في المئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني"، التي تحتكر صناعة الدخان في مصر، حين طرحت حصة إضافية من أسهم الشركة، في بورصة الأوراق المصرية.

وتحتكر "الشرقية للدخان" صناعة السجائر في مصر، وتنتج السجائر، وتبغ الغليون، والسيجار، والتنباك، وتبلغ الحصة السوقية للشركة نحو 70 في المئة مقابل نحو 30 في المئة للشركات الأجنبية.

تقلص الملكية إلى 50.5 في المئة

بعد طرح الحصة الإضافية في البورصة، تقلصت ملكية الحكومة المصرية في "إيسترن كومباني" إلى نحو 50.5 في المئة من الأسهم، من خلال ملكية الشركة القابضة للصناعات الكيماوية (المملوكة للدولة)، ويتوزع باقي هيكل الملكية بواقع 6.1 في المئة لاتحاد العاملين المساهمين، و41 في المئة هي أسهم حرة التداول بالبورصة.

"الشرقية للدخان" تأسست عام 1882

يمتد تاريخ "إيسترن كومباني" إلى نحو 137 عاماً، عندما تأسست نواتها الأولى عام 1882 على يد الإخوة "ماتوسيان"، ومن ثم انتقلت ملكيتها إلى الدولة المصرية، بعد قرارات التأميم التي أعقبت ثورة 1952، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الشركة شرياناً رئيساً يضخ ما لا يقل عن 70 مليار جنيه (4.4 مليار دولار) للخزانة العامة للدولة يسهم بنسبة لا تقل عن 4 في المئة من إيرادات الموازنة العامة للدولة المصرية.

طرح مزايدة تمنح تراخيص إنتاج السجائر لشركات

مع مطلع مارس (آذار) الحالي طرحت الهيئة العامة المصرية للتنمية الصناعية مزايدة تمنح تراخيص لإنتاج السجائر التقليدية والإلكترونية، يرتقب ترسيتها على الشركات في يونيو (حزيران) المقبل، ما قد يكسر احتكار الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" لصناعة السجائر في البلاد، إلا أن 4 شركات تبيع السجائر في مصر طالبت في خطاب موجه إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بتجميد المزايدة، ودراسة طرح رخص تسمح لجميع الشركات بالتصنيع.

انتقادات من الشركات في السوق المحلية

ووفقاً لـ"رويترز" انتقدت الشركات في خطابها اقتصار حق تصنيع الجيل الجديد من السجائر الإلكترونية، ومنتجات التبغ المسخن على الشركة الفائزة. وقالت لرئيس الوزراء، إنه يخلق حالة من الاحتكار، ويضر بمناخ الاستثمار.

وبحسب الخطاب الذي وجهته 4 شركات لرئيس الوزراء، تشترط المزايدة المزمعة مساهمة "الشرقية للدخان" بنسبة 24 في المئة من رأسمال الشركة التي سيؤسسها صاحب العرض الفائز، وألا يقل الإنتاج السنوي للشركة الجديدة عن 15 مليار سيجارة، وأن يكون سعر منتجات الشركة الجديدة أعلى من سعر بيع السجائر الشعبية التي تنتجها "الشرقية للدخان" بما لا يقل عن 50 في المئة من سعر أدنى منتج للشركة الشرقية، مع عدم طرح رخصة جديدة لمدة عشر سنوات من حصول الشركة الفائزة على الترخيص.

وقال مصدر بإحدى شركات السجائر الأجنبية في مصر "تم إبلاغنا بالمزايدة مطلع مارس الحالي، على أن يتم تقديم العطاءات خلال 30 يوماً، في حين سيتم إرساء التراخيص في يونيو المقبل".

ورأت شركات "أدخنة النخلة"، و"بريتش أميركان توباكو"، و"إمبريال توباكو"، و"المنصور الدولية للتوزيع"، أن المزايدة لا تتسم بالعدالة، وتخالف قانون حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية، كما أن الحد الأدنى الذي اشترطته المزايدة لعدد السجائر المنتجة سنوياً، والبالغ 15 مليار سيجارة، سيقيد من إمكانية منافسة عدد أكبر على الترخيص، إذ لا يتناسب مع واقع صناعة السجائر في مصر بحسب "رويترز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"الشرقية للدخان" ترد رسمياً

في المقابل، ردت الشركة الشرقية للدخان، في بيان رسمي، قالت فيه إن هيئة التنمية الصناعية المصرية أصدرت دفتر شروط خاصاً للحصول على رخصة جديدة لإنتاج السجائر خارج حدود "إيسترن كومباني".

وأضافت الشركة في بيان للبورصة المصرية، أن أحد الشروط هو إتاحة الخيار للجمعية العامة للشركة الشرقية في المشاركة في رأسمال الشركة الجديدة بنسبة 24 في المئة من دون تحملها جزءاً من تكلفة الرخصة، ما يحقق استعاضة جزئية لأي خسارة قد تلحق بها في حالة خروج أحد المصنعين الحاليين لديها، وحصوله على الرخصة الجديدة، في ظل اشتراط أن الرخصة الجديدة تشمل تصنيع السجائر الإلكترونية الجديدة.

وشملت شروط الدفتر عدم أحقية الشركة الجديدة في إنتاج سجائر في الفئة السعرية الشعبية التي تسيطر عليها الشركة الشرقية، وتمثل 98 في المئة من مبيعاتها، ما يضمن عدم وجود أي تهديد تنافسي من الشركة الجديدة.

وذكرت الشركة أن مجلس الإدارة، كان قد كون مجموعة من اللجان، ومنها لجنة دراسة المخاطر التي كان على رأس أولوياتها كيفية التعامل مع دخول منافس جديد في قطاع تصنيع السجائر، وقد أعدت خططاً جديدة للتعامل مع هذا التطور، وتدرس مشروعات مهمة عدة سيتم الإعلان عنها تباعاً.

في المقابل، ألغت البورصة المصرية جميع العمليات المنفذة على الورقة المالية "الشرقية للدخان"، المنفذة قبل الإعلان البيان الرسمي يوم الأربعاء الماضي 18 مارس الحالي.

أسباب تدعو الدولة للتخلي عن الصناعة

وقال نائب رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، التي تملك حصة الأغلبية في "إيسترن كومباني"، وليد الرشيدي، إن هناك أسباباً عديدة تجعل الدولة تتخلص من عبء صناعة الدخان والمعسل والدخان تدريجياً تتعلق بأمور فنية ومالية وصحية.

تخارج تدريجي حتى 2030

وأوضح أن الدولة لن تتخلى عن صناعة الدخان بشكل سريع، لافتاً إلى أن الأمر سيأتي تدريجياً، وقد يستغرق سنوات حتى عام 2030 للخروج من تلك الصناعة لصالح القطاع الخاص، بينما تكتفي هي بدور الرقيب وتنظيم السوق فحسب.

صناعة سيئة السمعة

وحول أسباب اتجاه الدولة للخروج، قال إن في مقدمة تلك الأسباب، أن صناعة التبغ من الصناعات "سيئة السمعة"، لما تسببه من أضرار صحية، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن تعاطي التبغ يمثل أهم أسباب الوفاة في جميع أنحاء العالم، لافتاً إلى أن 5.4 مليون شخص يتوفى بسبب التدخين 4 ملايين منهم بين الدول النامية، مشيراً إلى أن الحكومة تفكر جدياً في التخلي عن عبء هذه الصناعة والأضرار السلبية للتدخين أحد الأسباب.

عبء العمالة

وأضاف نائب رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية أنه على الرغم من أن" الشرقية للدخان" تحقق أرباحاً جيدة، فإن عدد العمالة في الشركة يزيد على 11 ألف عامل في مصانع الشركة المختلفة، وفي السنوات الأخيرة حدثت اعتصامات ووقفات احتجاجية لزيادة المرتبات والأجور، مشيراً إلى أن شركات القطاع الخاص التي تصنع التدخين تستخدم نحو 20 في المئة فقط من هذا العدد من العمالة التي تعمل داحل الشركة الحكومية.

4.4 مليار دولار حصة الدولة من الضرائب على التبغ والدخان سنوياً

وحول تأثر الخزانة العامة للدولة نتيجة تراجع الدولة عن صناعة التبغ، أكد وليد الرشيدي أن الدولة تحصل على نحو 70 مليار جنيه (نحو 4.4 مليار دولار) سنوياً على الأقل من الضرائب على السجائر والتنباك، وليست أرباحاً مباشرة من الصناعة، لافتاً إلى أن تلك الحصيلة لن تتأثر إذا تركت الدولة صناعة الدخان أو قلصت من حجم إنتاجها من السجائر.

واستدرك "على العكس تماماً، ستطرح الحكومة رخصاً لصناعة الدخان بملايين الدولارات تدخل الخزانة العامة للدولة، وفي الوقت نفسه لن تتأثر الحصيلة الضريبة من السجائر على العكس ستزيد بزيادة الإنتاج والبيع".

الشركة لن تصنع للشركات الأخرى

وأكد أن المرحلة الأولى من التخارج ستبدأ من تخلي "إيسترن كومباني" عن التصنيع لصالح الغير بعد طرح الرخصة الجديدة وإنتاج 15 مليار سيجارة، وهذا يعد حجم السجائر الذي تنتجه الشركة الشرقية للدخان لصالح الشركات الأجنبية، وهي الحصة نفسها التي ستخرج منها، ما يعني أن إجمالي المعروض في السوق لن يتغير كثيراً عن الوضع الحالي.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن نسبة المدخنين بين سكان مصر البالغ عددهم 100 مليون نسمة، تتعدى بقليل 25 في المئة، والقاهرة تعد أكبر مصدر لصناعة السجائر في الشرق الأوسط، وتنتج نحو 0.7 في المئة من الكمية الإجمالية العالمية، ويبلغ استهلاك السجائر فيها أعلى المستويات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي مايو (أيار) 2019، أعلن الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، في تقرير له بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ، والذي تنظمه منظمة الصحة العالمية 31 مايو (أيار) من كل عام، أن نسبة الأفراد الذين يدخنون أي منتج من منتجات التبغ المصنع في العمر (15-69 عاماً)، بلغت 22.7 في المئة، موضحاً أن ظاهرة التدخين في مصر باتت شائعة بين الذكور أكثر منها بين الإناث، حيث بلغت النسبة 43.4 في المئة للذكور مقابل 0.5 في المئة للإناث.

وأضاف الجهاز أن أعلى نسبة من المدخنين الحاليين الذين يدخنون أي نوع من أنواع التبغ المصنع بلغت 27.3 في المئة في الفئة العمرية (30-44 عاماً)، بنسبة 52.6 في المئة للذكور، و0.5 في المئة للإناث.

وأوضح أن متوسط السن عند بداية التدخين بلغ 18.1 سنة، وأن متوسط سن بداية التدخين ينخفض من 15.9 سنة للمدخنين الحاليين الذكور في الفئة العمرية (15- 29 عاماً)، مقارنة بالفئة العمرية (60-69 عاماً)، حيث بلغ 21.1 سنة، ما يشير إلى شيوع التدخين في الأعمار الصغيرة أكثر من ذي قبل

وكانت قد ارتفعت أرباح "الشرقية للدخان" بنسبة 17 في المئة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام المالي الحالي، وسجلت 2.95 مليار جنيه (نحو 187 مليون دولار) خلال الفترة من يوليو (تموز) 2020 إلى يناير (كانون الثاني) 2021، مقابل 2.52 مليار جنيه (نحو 160 مليون دولار) في الفترة ذاتها من العام المالي الماضي.

ووفقاً للقوائم المالية للشركة المصرية، ارتفعت المبيعات خلال الأشهر السبعة الأولى من عامها المالي (يوليو - يناير) إلى 37.7 مليار جنيه (نحو 2.8 مليار دولار) مقابل 33.2 مليار جنيه (2.1 مليار دولار) في الفترة المقارنة من العام المالي الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد