Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

4 أفلام تكشف الواقع العربي في برلين: حرب وعنف

"دفاتر مايا" عن الذكريات والغربة و"سعاد" عن فتاة متمردة وقضايا اخرى كالتحرش والمثلية

من الفيلم اللبناني "دفاتر مايا" العربي الوحيد في مسابقة مهرجان برلين (الخدمة الإعلامية للمهرجان)

عرض مهرجان برلين السينمائي في دورته الحادية والسبعين التي عُقدت افتراضياً على شبكة الإنترنت سبعة أفلام عربية تعكس تنوع هذه السينما، سواء في المواضيع التي تعالجها أو أساليب السرد التي تلجأ إليها أو الخلفية السياسية والاجتماعية والثقافية التي تنطلق منها. شاركت هذه الأفلام السبعة في مختلف أقسام المهرجان الذي أخذ اهتمامه بحكايات العرب يكبر بعد الربيع العربي، وبطبيعة الحال لم تنل كلها القدر نفسه من الثناء من جانب الصحافة والعاملين في مختلف قطاعات الصناعة السينمائية. نتوقف في الآتي مع أربعة من هذه الأفلام المعبرة عن حاضر العالم العربي وماضيه والتحديات التي يواجهها.

"دفاتر مايا"

من الطبيعي البدء بالفيلم المشارك في المسابقة الرسمية، وهو الفيلم العربي الوحيد الذي تسابق هذا العام على "الدب الذهبي" في برلين، علماً أن الأفلام العربية في مسابقة برلين كانت نادرة جداً في السنوات الأخيرة. الفيلم المقصود هو "دفاتر مايا" للثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج، أول شريط لبناني يُعرض في مسابقة البرليناله منذ "بيروت اللقاء" في العام 1982. يبدأ "دفاتر مايا" بساعي بريد يطرق باب عائلة لبنانية مهاجرة في كندا منذ سنوات، لإيصال طرد يحتوي على ذكريات أليمة تعود إلى حقبة الحرب الأهلية اللبنانية، تحديداً إلى منتصف ثمانينياتها حينما كانت مايا (ريم تركي/ منال عيسى) مراهقة تشهد على الانزلاق التدريجي والمؤلم لبلادها وناسها وأفراد أسرتها في أتون العنف والاقتتال الأهلي. الآن، أصبحت مايا سيدة خمسينية تعيش في كندا مع أمها التي ترفض العودة إلى الماضي كي لا توقظ الشياطين، ومع ابنتها الفضولية التي ستنبش في الرسائل وشرائط الكاسيت والأغراض الشخصية التي كانت ترسلها أمها مايا إلى صديقتها المقربة في فرنسا.

هذه المراهقة التي سرعان ما تصبح محور الفيلم، تكتشف في هذه الأوراق القديمة أشياء كثيرة عما عاشته أمها وعن الألم الذي يتوارثه اللبنانيون من جيل إلى جيل. الفيلم متماسك نصاً وإخراجاً، يقارب الحرب اللبنانية مقاربة مختلفة عن عدد كبير من الأفلام اللبنانية التي سبق أن تناولت ظروف العيش خلال نزاع أهلي ترك أثراً عميقاً في النفوس. الطابة هنا بين ثلاثة أجيال من النساء، كل واحدة منهن تتفاعل مع موضوع الذاكرة بطريقة مختلفة. هناك الجدة التي صنعت لها حياة جديدة في بلاد المهجر بعدما هربت مع ابنتها، وهناك الأم التي عاشت في لبنان سنوات تكوينها وتركت فيه أهم قصة حب عاشته، وهناك الحفيدة التي نشأت في ثقافة جديدة، لكن سيتبدى جلياً أن الرابط بجذورها أقوى من أن يطمس. "دفاتر مايا" فيلم يتسم بالصدق، مشغول بتقنيات سينمائية عصرية، للأسف لم تلتفت له لجنة التحكيم التي ميزت أفلاماً مهمة لكن ذات مضامين إشكالية تقول شيئاً عن زمننا. والحرب الأهلية اللبنانية بالنسبة إلى الغرب باتت خارج أجندة الاهتمامات منذ فترة معينة.  

فيلم "سعاد"

"سعاد" للمخرجة المصرية الشابة أيتن أمين المعروض في قسم "بانوراما" فيلم أبسط بكثير من "دفاتر مايا". لا يملك طموحاً كبيراً، ويكاد يبدو في بعض جوانبه عملاً هاوياً. مع ذلك هناك من وجد فيه ميزات. المخرج المصري يسري نصر الله كتب على صفحته قائلاً، "شاهدتُ قبل قليل "سعاد". فيلم بديع وصادم مملوء بالإحساس تحت مظهره الهادئ والبسيط. أيتن أمين مسكت بنبرة شكلها هادئ، لكن في داخلها تنوع وتوتر يذهبان دائماً إلى ما هو جوهري من غير أي زعيق أو خروج من العالم الذي أجادت خلقه، وذلك من أول لحظة حتى آخر كادر. الإخراج والتمثيل والتصوير والمونتاج حالة جديدة وشديدة الخصوصية. أنا منبهر". 

الفيلم عن سعاد ابنة الـ19 عاماً التي تعيش في مجتمع منغلق لا يترك لها أي حرية لتتحرك على هواها. نتعرف إليها في الميكروباص وهي عائدة إلى المنزل. خلال جلوسها جنب سيدة تروي لها تفاصيل عن حياتها، ثم تجلس جنب فتاة شابة، فتروي لها نقيض ما روته للسيدة. في مشهد واحد، يختزل الفيلم الازدواجية التي ستمضي صعوداً مع لجوء سعاد إلى وسائط التواصل الاجتماعي لتجد عبرها الحب والعاطفة وما ينقصها في العالم الحقيقي. إلا أنه، مع إقحام الفيلم في حدوتة غير متوقعة، تصبح شقيقة سعاد، رباب، فجأةً بطلة الفيلم، ولكن يبقى الفيلم محافظاً على عنوانه، وكأنه لا فرق بين فتاة وأخرى في مجتمع يقمعهن ويهدر حقوقهن ويدوس على أحلامهن.

"كما أريد"

فيلم عربي ثالث لفت أنظار البعض، "كما أريد" للمخرجة الفلسطينية سماهر القاضي المعروض في قسم "لقاءات". تعالج القاضي في هذا الفيلم قضية التحرش الجنسي في مصر، وقد صرحت سابقاً أن سبب تناولها هذه المسألة في عمل سينمائي هو ازدياد حالات التحرش بعد الثورة المصرية، علماً أنها تعرضت شخصياً للتحرش في كل مكان ذهبت إليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يحملنا الفيلم إلى بضع سنوات إلى الوراء، إلى 25 يناير (كانون الثاني) 2013، عندما وقعت سلسلة من الاعتداءات الجنسية في ميدان التحرير، حيث كان الناس تجمعوا للاحتفاء بالذكرى الثانية للثورة. رداً على ذلك، خرج حشد كبير من النساء الغاضبات إلى الشوارع، انضمت إليهن سماهر القاضي، متسلحة بكاميرتها كشكل من أشكال الحماية، ولكن أيضاً لتوثيق اللحظة. لم يكن لديها وقتها أدنى فكرة عن أين ستأخذها المغامرة. تزامن تصوير الفيلم مع حملها، الأمر الذي دفعها إلى التفكير في طفولتها في فلسطين وماذا يعني أن تكون امرأة وأماً في الحين نفسه. فهي واحدة من تسعة أطفال ولدت ونشأت في مخيم الجلزون للاجئين بالقرب من رام الله في الضفة الغربية المحتلة.

في "كما أريد"، تنطلق المخرجة في محادثة وهمية مع والدتها التي رحلت عن العالم قبل أن تتمكن من رؤيتها للمرة الأخيرة. في حوار داخلي حميمي يرشدنا أثناء السرد، تبدأ القاضي في تشكيل الكلمات التي لم تُنطق ومشاركة أعمق أسرارها. نراها تقوم بزيارة مؤلمة إلى منزل والديها في رام الله حيث تستحضر وتواجه ذكريات الطفولة التي تمكنت من الهروب منها. في غضون ذلك، يستمر النضال النسوي في مصر، وحتى بعد ولادة ابنها، لا تزال القاضي تجد نفسها في الخطوط الأمامية. "كما أريد" وثيقة سياسية ورحلة داخلية يرتبط فيها التحرر الفردي بعملية التحرير الجماعية في العالم العربي.

"أعنف حب"

أخيراً، عُرض في مهرجان برلين ضمن فقرة "بانوراما" الخاصة بالأفلام الوثائقية أحدث أفلام المخرجة اللبنانية إليان الراهب، "أعنف حب". بعد مجموعة وثائقيات لافتة عن واقع لبنان ما بعد الحرب الأهلية، اختارت الراهب مادة لجديدها رجلاً مثلياً يواجه أشباح ماضيه ويستكشف الشوق الخفي والحب من طرف واحد، ومشاعر الذنب التي تتآكله. كاميرا الراهب الطامحة دائماً إلى نبش التجربة الحميمية وربطها بالواقع العام، تلتقط شهادة هذا الرجل المعذب الذي يدعى ميغيل، المولود لأب لبناني كاثوليكي محافظ وأم مستبدة من عائلة سورية ثرية. فنعلم من جملة ما نعلمه أن النزاعات العديدة التي عاشها ميغيل في شأن هويته القومية والدينية والجنسية جعلته يختار المنفى "الطوعي"، ففر إلى إسبانيا للعيش فيها وهو في أوائل العشرينيات من عمره.

هناك عاش حياته الجنسية بشكل علني، ساعياً إلى تحطيم المحرمات المتعلقة بالجنس في البلاد التي يتحدر منها. بعد الانهيار، كانت بداية جديدة له. إلا أنه، في يوم من الأيام قرر العودة إلى لبنان. فيلم الراهب مزيج من إعادة التمثيل ومشاهد التحريك ومقابلات البحث عن الذات ومواد أرشيف، يحاول النظر في مدى صعوبة التروما القديمة عندما تطفو إلى السطح.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما