Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الـ"هوميوباثي": علاج طبيعي للإنسان وليس للمرض

"المثل يشفي المثل وتخفيف المادة يزيد فاعليتها"

زهرة "العطاس" من المواد الأساسية للإسعافات الأولية في الـ"هوميوباثي" (موقع بيكسا باي)

"وداوني بالتي كانت هي الداء"، قالها الشاعر أبو نواس (762-813) في العصر العباسي، بعد أن تلقى اللوم على شربه الخمر بشكل متواصل، ولكن يبدو أن الفكرة الشعرية هذه لها فلسفة ممتدة من الإغريق، حين أراد أبو الطب، "أبقراط"، إرساء قواعد طبية كان منها العلاج بالأضداد، أو العلاج بالمتشابهات، وهذه المدرسة (العلاج بالمتشابهات)، تبناها الطبيب الألماني صامويل هانيمان في عام 1796، المعروف بأبي الطب المثلي، أو التجانسي الحديث، بهدف علاج السبب الجذري لأي مرض.

علاج معتمد

يخلط البعض بين العلاجات البديلة، ويعتبر الـ"هوميوباثي" مثل العلاج بالأعشاب، أو الطب العربي، أو الطب الصيني، أو الطب الشعبي، لكنه مختلف كلياً، وله قواعده الخاصة، وطرق تحضير لعقاقيره، ويدرس في الكليات أو على شكل دورات من سنتين إلى أربع سنوات.

وهو أيضاً علاج معترف به في عدد من الدول الأوروبية، وفي عدد من دول أميركا اللاتينية، وفي الهند وباكستان، حتى إن بعضاً من هذه الدول تدرجه في نظام الرعاية الصحية وتنفق عليه، وفي فلسفة هذا العلاج الأساسية أن أعراض الأمراض هي مؤشرات لمحاولات الجسم التكيف مع الواقع، وهو ينظر للإنسان كعقل ونفس وجسم في آنٍ واحد.

العلاج للشخص وليس للمرض

وفي التعريف، فإن كلمة "هوميوباثي" جذرها يوناني، ومعناها "المعاناة المماثلة"، وتفيد أيضاً المعالجة بالمثل، أو المثلية، أو العلاج التجانسي، أو المثلي، وهو علم طبي بديل يعمل على "قانون المتشابهات".

شاميما كالو أو (شمس) من جنوب أفريقيا، وتقيم في لندن، وهي معالجة بالطاقة، ودرست الـ"هوميوباثي"، تقول لـ"اندبندنت عربية"، إنه شكل من أشكال طب الطاقة، وإنه وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو الآن المجال الطبي الأسرع نمواً كعلاج أمن ولطيف، فهو يحفز قدرة الشفاء الطبيعية للجسم ونظام المناعة والقوة الحيوية الطبيعية على شفاء ذاتها، من خلال إدراك أن أعراض اعتلال الصحة هي تعبير عن عدم الانسجام والاضطراب، أو المرض داخل الشخص بأكمله، لذلك فإن الشخص هو من يحتاج إلى العلاج وليس المرض.

وتقول إن كل شخص يتفاعل مع المرض بشكل مختلف عن الآخر، ما يعني أن العلاج يتم تحديده من خلال الدراسة الدقيقة للفرد واستجابته للمرض، ويعمل العلاج المثلي على اعتقاد جوهري بأن كل جزء من الجسم مرتبط بالآخر، وأن علاج جزء واحد ينطوي على علاج الكل علاجاً شاملاً.

القوة في تخفيف المادة

لأن المبدأ الأساسي هو العلاج بالمثل، تقول شاميما، إن هذا يقودنا إلى اختيار علاج مصنوع من المواد الطبيعية التي تنتج الأعراض ذاتها، ولكن بجرعة صغيرة يتم "تعزيزها" لتكون فعالة، قد يكون أحد الأمثلة السهلة هو أن جرعة المعالجة المثلية المصنوعة من البصل يمكن أن تساعد العيون الدامعة والأنف المتدفق على الشفاء، وتشير إلى أن المادة المختارة يتم تخفيفها مراراً وتكراراً، وكلما زاد التخفيف، زادت قوة المادة في جوهرها وفاعليتها في العلاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف أن هذا النوع من العلاج يؤمن بأن كبت أعراض المرض ليس علاجاً، فالمضادات الحيوية العالية أو الجرعات الكبيرة من الأدوية المضادة للأمراض التي يتم تناولها لفترة قصيرة من الوقت، تركز على قمع الأعراض بدلاً من القضاء على السبب "والقمع هذا يعني أن جزءاً مكسوراً من العنصر المسبب للمرض لا يزال موجوداً في الجسم، ويمكن أن يسبب المزيد من العدوى والأمراض. وتسعى الـ"هوميوباثي" إلى القضاء على أسباب المرض عن طريق بناء مناعة جسم الإنسان. فأعراض المرض هي مؤشرات على أن الجسم إما يقاوم أو يتأقلم مع هذا المرض، أي إنه لا يحتاج إلى أدوية لتثبيط الأعراض، ولكنه يحتاج للمساعدة في محاربة المرض أو التكيف معه، مع التركيز على شفاء المريض".

معالجة الإنسان ككل

ولا يقتصر هذا العلاج على الظاهر، فهو يتعمق في القضايا الصحية السابقة والحالية للشخص لفهم العلاقة بين الصدمات السابقة والأعراض الحالية، ويتم وصف الأدوية وفقاً لجذر المرض المزمن الفريد للمريض. وتعتبر شاميما هذا العلاج خياراً آمناً للأمراض الوبائية مثل الحمى الفيروسية والإنفلونزا والجدري المائي، وسواها، ويمكن أن يساعد في علاج الخراجات في الرحم، والمبيض، والتهاب الزائدة الدودية، واللوزتين، والتهاب الجيوب الأنفية، والبواسير، والأورام الحميدة الأخرى، وحصوات الكلى، وأمراض أخرى، مع إمكانية عالية لتفادي إرسال المريض إلى غرفة العمليات، ومثل أي علاج، فإن اللجوء إليه عند ظهور الأعراض لأول مرة أفضل بكثير.

الأدوية الـ"هوميوباثية" ليست وهماً

وتأتي معظم أدوية المعالجة المثلية على شكل أقراص صغيرة، والتي يجب أن تذوب أو تمضغ، قبل نصف ساعة من تناول الطعام، أو بعده، ومن الأفضل عدم لمس الأقراص، بل وضعها في غطاء الزجاجة، ثم إسقاطها في الفم مباشرة.

وتؤكد شاميما أن العلاج هذا ليس وهماً، بمعنى أنه يعمل على إقناع الشخص أنه شفي لأنه تناول دواء ما، لأنه فعال جداً على الحيوانات التي لا تحلل على هذا الأساس، وتعتبر أنه بكل بساطة نظام فعال.

وتقول إنه لا يوجد أي تعارض لهذا الطب البديل مع الطب الحديث، معتبرة أن تكاملهما "قد يحدث ثورة في قطاع الرعاية الصحية، لأن أدوية العلاج المثلي يمكن أن توفر التأثير نفسه من دون آثار جانبية للجسم".

وفي السياق ذاته، تقول المعالجة بالطاقة والـ"هموميوباثي"، اللبنانية ديما منصور، إنه يتم استخلاص أدوية العلاج المثلي من الطبيعة والمعادن والنباتات والحيوانات (من دون الإساءة إليها)، ومن الأمراض البشرية، ومن مصادر الإشعاع، وتخضع هذه الأدوية لكثير من التجارب على متطوعين لتحصل على إثبات علمي.

وتضيف ديما أن الـ"هوميباث"، أو المعالجين بالمثل، قد يكونون أطباء أو غير أطباء، ولكن "لا بد لهم من إدراك فكرة أن الأعراض تمثل الجهود القصوى للكائن الحي كي يتأقلم ويدافع عن نفسه من الضغط والعدوى، ولأن الجسد لا ينجح دائماً في التعامل مع كل إجهاد وضغط وعدوى، من المهم إيجاد مادة من الطبيعة لها القدرة على تقليد الأعراض التي يعانيها الشخص لتساعد الجسم في حماية نفسه".

وتخبر ديما أنها اختارت هذا النوع من العلاج كاختصاص بعد قراءتها مقالاً بعنوان "Doctor yourself" في مجلة "Economist"، فحواه ألا أحد يهتم بصحتك مثلك، وقررت أن تكون طبيبة نفسها وتحسن صحتها، وبدأت مشوارها في علاج الأمراض البسيطة إلى الأمراض المزمنة والحالات النفسية، وتقول إن الـ"هوميوباثي" آمن للجميع، حتى للحوامل.

الإسعافات الأولية وزهرة "العطاس"

لا يستخدم الـ"هوميوباثي" لعارض واحد إلا في حالة الطوارئ، لأنه في العادة يعالج الجسم كاملاً، وليس المرض فحسب، وتعتبر ديما أن البيت يجب ألا يخلو من بعض المواد الطبيعية العلاجية.

وتفيد بأن زهرة "العطاس" (arnica Montana) هي أكثر علاج مستخدم في الـ"هوميوباثي"، وتقول إنها تحملها في حقيبة يدها أينما ذهبت، فهي العلاج الأول للحوادث التي تسبب الكدمات، وتعمل بشكل جيد على إصابات الأجزاء اللينة من الجسم مثل العضلات واللحم، كما يمكن تناول جرعات منها بعد الجلطات الدماغية، والارتجاج، وخلع الأسنان، وبعد إصابة في الرأس، وبعد مجهود ولادة الطفل لأنها تخفف الآلام، وتسيطر على النزيف، وتؤخذ قبل العملية الجراحية بأيام عدة، وبعدها أيضاً.

وقد تؤخذ موضعياً على شكل مرهم، وتسكن الألم وهي مضادة للالتهابات، وفيها خصائص تساعد على التئام الجروح.

وتقول إن لدى صيدلية الـ"هوميوباثي" عالمياً أكثر سبعة آلاف دواء متنوع.

وتباع أدوية الـ"هوميوباثي" في الصيدليات على أنها مكملات غذائية، وهي غير مدعومة من وزارة الصحة في لبنان.

وبالعودة إلى أكثر الأدوية شعبية في الـ"هوميوباثي"، تشير ديما إلى أن كل حالة تختلف عن الأخرى، ففي ألم الرأس مثلاً هناك ما هو مرتبط بالتشنج أو ضربة الشمس، أو غيرها، ولكل حالة علاجها. وعلاج الحزن مثلاً يختلف بحسب مصدره، إذا كان بسبب فقدان شخص، أو متعلقاً بماضٍ ما، أو بكآبة، أو بشعور إذلال.

ولا تنصح ديما مريضها بالتوقف عن الذهاب إلى الطبيب، وتجد أن العلاج المثلي يعمل جنباً إلى جنب مع الطب الحديث، لكنها شخصياً لا تستخدم سوى الـ"هوميوباثي" في علاجها وعلاج عائلتها حتى أثناء إصابتهم بوباء كورونا.

إذا لم ينفع فهو لا يضر

وفي حين لا يتوافق كثير من أطباء الطب الحديث مع الطب البديل عموماً، فإن بعضهم يعتبر أنه لا بأس باستخدامه طالما لم يتخلَ المريض عن أدويته التقليدية الموصوفة ويتناولها بانتظام.

من هذا المنطلق، يتقبل الطب الحديث أي فرع من الطب البديل والعلاج بالطاقة، ومن هذا المنطلق أيضاً لا يطلب المعالج في الطب البديل، ومنه الـ"هوميوباثي"، بالتوقف عن الدواء الحديث، بل بأخذه بشكل متوازٍ مع عقاقير الطب البديل، إلا أن بعض الأطباء يحذرون منه ويعتبرون أن الاتكال عليه قد يؤخر اللجوء للطب الحديث، وقد تتفاقم الحالة بسبب هذا التأخر.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة