Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تتظاهر بالتماسك أمام نهج أميركي مختلف لكنه صلب

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعلن عن "حل مؤقت" مع طهران بشأن عمليات التفتيش

تقليص عمل مفتشي الوكالة الذرية إلى 30 في المئة مناورة إيرانية جديدة (رويترز)

أظهرت الحكومة الإيرانية ردود فعل متشنجة غير متوقعة أمام الإدارة الأميركية الجديدة، التي أعلنت قبل وصولها إلى البيت الأبيض نيتها العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، مما أوحى بأن طهران إنما أرادت استعجال رفع العقوبات والتخلص مبكراً من إرث ترمب الثقيل، وإن تظاهرت ببعض التماسك.

وأعلن أقطاب الحكم في البلاد مواقف متفاوتة في حدتها، إلا أنها جميعاً بعثت رسائل واضحة بأن صناع القرار في عجلة من أمرهم، ومستاؤون من أن "شيئاً لم يتغير" بعد جو بايدن، مما دفع المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافايل غروسي إلى حزم أمتعته نحو طهران التي هددت بتقليص عمل مفتشيه هذا الأسبوع، ما لم ترفع واشنطن عقوباتها و"ضغطها الأقصى" على النظام.

 وهناك أعلنت إيران أنها أجرت محادثات "مثمرة"، الأحد، مع غروسي الذي يزورها قبل يومين من تنفيذ تهديدها الأحدث ضمن سلسلة إجراءات قامت بها منذ العام 2019، وذلك بالتراجع عن عدد من التزاماتها بموجب الاتفاق حول برنامجها النووي بعد انسحاب واشنطن منه عام 2018.

"حل مؤقت"

ولاحقاً أعلن غروسي التوصل إلى "حل مؤقت" يسمح للوكالة بمواصلة عمليات التفتيش في إيران. وقال للصحافيين لدى عودته من زيارة إلى طهران حيث أجرى محادثات مع المسؤولين هناك "ما اتفقنا عليه هو شيء قابل للحياة (...) من المجدي جسر هذه الفجوة التي نواجهها الآن، هذا ينقذ الوضع الآن".

وكان البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون قد أقر قانوناً في ديسمبر (كانون الأول) يلزم الحكومة بوقف العمل بالبروتوكول الإضافي وطرد مفتشي الوكالة في حال لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات المصرفية والنفطية التي تفرضها على طهران.

ومن المتوقع أن يدخل القانون حيز التنفيذ الثلاثاء. وقال غروسي "هذا القانون موجود، وهذا القانون سينفذ، ما يعني أن البروتوكول الاضافي للأسف سوف يُعَلّق". وأضاف "سوف يتم تقييد عملنا، لنواجه هذا الأمر. لكنّنا تمكنا من الإبقاء على الدرجة اللازمة من أعمال المراقبة والتحقق"، واصفاً الترتيبات الجديدة بأنها "تفاهم تقني مؤقت".

ولم يعط غروسي تفاصيل دقيقة عن الأنشطة التي لن يكون بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بها، لكنه أكد عدم خفض عدد المفتشين في إيران واستمرار عمليات التفتيش المفاجئة في ظل التفاهم المؤقت.

ومع ذلك سيبقى "التفاهم" الجديد خاضعاً لمراجعة مستمرة ويمكن تعليقه في أي وقت. ووصف غروسي اتفاق الأحد بأنه "نتيجة جيدة (...) ومنطقية" بعد "مشاورات مكثفة جداً" مع المسؤولين الإيرانيين.

وقال غروسي إنه كان يتأمل من رحلته إلى طهران "تأمين الاستقرار لوضع غير مستقر إلى حد كبير". وأضاف "أعتقد أن هذا الفهم التقني يحقق ذلك حتى يكون بالامكان إجراء مناقشات سياسية على مستويات أخرى، والأهم من كل ذلك تجنب وضع قد نكون فيه، بتعبير عملي، نسير على غير هدى".

ووصل مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى طهران ليل السبت، والتقى الأحد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.

وقال سفير طهران لدى الوكالة التي تتخذ من فيينا مقراً لها، كاظم غريب أبادي، "إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرتا محادثات مثمرة مبنية على الاحترام المتبادل، وسيتم نشر نتيجتها هذا المساء"، وذلك في تعليق عبر "تويتر" بعد حضوره الاجتماع.

ولم يذكر تفاصيل إضافية وفق وكالة الصحافة الفرنسية، علماً أن غروسي سيعقد مؤتمراً صحافياً لدى عودته إلى فيينا في وقت لاحق هذا المساء.

بعيدون من الطريق المسدود

وسبق لإيران التأكيد على أن تنفيذ قرار مجلس الشورى لن يؤدي إلى وقف عمل المفتشين بالكامل أو طردهم، وهو موقف أعاد ظريف تأكيده الأحد، محذراً في الوقت نفسه من أن طهران ستواصل خفض التزاماتها ما لم يعد الأطراف الآخرون إلى التزاماتهم، بخاصة رفع العقوبات.

وقال في حوار مع قناة "برس تي في" الإيرانية الناطقة بالإنجليزية، إن طهران ستتحدث إلى غروسي "عن احترام قواعد وقوانين بلادنا التي تعني تنفيذ قرار البرلمان، وفي الوقت نفسه عدم الوصول إلى طريق مسدود ليتمكن من تنفيذ الالتزامات وإظهار أن برنامج إيران النووي يبقى سلمياً".

وكان المدير العام أكد سابقاً أن الهدف من زيارته إيجاد "حلّ مقبول من الطرفين لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران".

وانسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أحادياً من الاتفاق النووي عام 2018، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.

وبعد عام من ذلك، بدأت إيران بالتراجع تدريجاً عن عدد من الالتزامات الأساسية ضمن الاتفاق المبرم في فيينا العام 2015 بينها وبين كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.

تقليص التفتيش إلى 30 في المئة

وأبدت إدارة بايدن استعدادها العودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. وفي المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبموجب القانون الذي أقرّه مجلس الشورى الإيراني في ديسمبر، يتعيّن على الحكومة الإيرانية تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات بحلول 21 فبراير (شباط) الحالي، مما سيقيّد بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة التي تبلّغت من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في الـ 23 منه.

وأشار ظريف إلى أن من بين الاجراءات الجديدة "عدم تزويد الوكالة بتسجيلات الكاميرات في المنشآت"، موضحاً أن التفاصيل التقنية ستبحث بين الوكالتين الدولية والإيرانية.

وشدد الوزير على أن الإجراءات المتخذة من قبل بلاده لا تشكل خرقاً للاتفاق المعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وأوضح، "نحن لا نخرق خطة العمل الشاملة المشتركة، نحن نطبق خطوات تعويضية ملحوظة في خطة العمل نفسها"، مكرراً أن إيران "قالت دائماً إنه عندما يعودون إلى التزاماتهم سنعود".

وكان النائب الأول لظريف، عباس عراقجي، أشار السبت إلى أن الخطوة الجديدة ستقلص قدرة الوكالة على التفتيش "بنحو 20 إلى 30 بالمئة".

الاستياء لأن "شيئاً لم يتغير"

وسبق لظريف التأكيد أن الاتفاق يسمح لإيران بالتراجع عن التزاماتها في حال أخلّ الآخرون بالتزاماتهم. ورأى في تصريحاته الأحد أن "شيئا لم يتغير" منذ تولي بايدن منصبه في يناير (كانون الثاني)، وأن إدارته تواصل النهج الذي اعتمده ترمب.

وحذّر ظريف من أن لإيران الحق في التراجع عن التزاماتها بشكل "كامل أو جزئي" في حال لم يلتزم الآخرون. مضيفاً، "لا زلنا في المرحلة الجزئية، ويمكننا أن نكون في المرحلة الكاملة".

وأُبرم الاتفاق النووي بعد أعوام من المفاوضات هدفها الأساس رفع كثير من العقوبات المفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها إلى تطوير سلاح نووي.

وأبدت إدارة بايدن الخميس استعدادها المشاركة في محادثات برعاية الاتحاد الأوروبي ومشاركة كل أطراف الاتفاق لبحث السبل الممكنة لإحيائه. وقال عراقجي إن طهران تدرس الاقتراح.

وأوضح السبت، "نحن ندرس هذا الاقتراح ونتشاور مع أصدقائنا وحلفائنا مثل الصين وروسيا"، معتبراً أن رفع العقوبات مسألة لا تحتاج إلى تفاوض.

الدبلوماسية مقدمة في نهج بايدن

وسبق للولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق تحذير إيران من تبعات خطوتها المقبلة، ودعت هذه الدول، بعد اجتماع لوزراء خارجيتها الخميس، إيران إلى تقويم "عواقب إجراء خطير كهذا، خصوصاً في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة للعودة إلى الدبلوماسية".

وأبلغ بايدن مؤتمر ميونيخ للأمن أن بلاده ستتعاون مع حلفائها في سبل التعامل الدبلوماسي مع إيران، بعدما اعتمد سلفه ترمب سياسة "ضغوط قصوى".

وقال، "تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلب دبلوماسية وتعاوناً دقيقين، ولهذا السبب قلنا إننا مستعدون لإعادة الانخراط في مفاوضات مع مجموعة 5+1 في شأن برنامج إيران النووي".

وعكست الصحف الإيرانية الأحد آراء متباينة في شأن قانون مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون، فاعتبرت صحيفة "كيهان" المحافظة أن الخطوة الجديدة "استراتيجية وتوفر ضمانة من خلال إفهام الطرف الآخر أن فسخ العقد (الاتفاق) أمر مكلف".

ورأت "شرق" الإصلاحية أن واشنطن "لم تظهر أية نية للعودة إلى الاتفاق على الرغم من معرفتها بقرار البرلمان"، مرجحة أن تكون الأيام المقبلة "مفصلية بالنسبة إلى إيران ومجموعة 4+1، وأيضاً للولايات المتحدة".

المزيد من الأخبار