Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي دعم ينشده الحريري من القاهرة؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يؤكد حرص بلاده على استقرار لبنان

الرئيس المصري خلال استقباله رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري في قصر الاتحادية (رئاسة الجمهورية المصرية)

محملاً بأعباء أزمة اقتصادية "غير مسبوقة" تعانيها بلاده و"انسداد سياسي" يراوح مكانه بين الأطراف اللبنانية، استهل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، يوم الأربعاء، زيارته إلى القاهرة بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل اجتماعه مع وزير الخارجية سامح شكري والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في وقت لاحق.

اللقاءات التي تصدرتها المستجدات في الساحة اللبنانية وبحث العلاقات الثنائية، فضلاً عن تطورات الأوضاع في المنطقة، وفق بيانات رسمية متطابقة من الجانبين، تتزامن مع تدهور الأوضاع في لبنان، ذلك البلد الذي يشهد انهياراً اقتصادياً حاداً باتت معه السلطات عاجزة عن مواصلة دعم المواد الأساسية وسط أزمة معيشية خانقة، فاقمتها تدابير الإغلاق بمواجهة كوفيد-19، وكذلك بعد أيام من احتجاجات واسعة شهدتها كبرى مدن الشمال اللبناني طرابلس، خلفت قتيلاً وأكثر من 400 مصاب، ما دفع مراقبين إلى التساؤل بشأن ما يمكن للقاهرة أن تقدّمه للحريري لضبط السياق في بلاده.

ملفات تصدرت الزيارة

وفق ما أعلنت رئاسة الجمهورية المصرية عقب اللقاء، فإن السيسي أكد حرص القاهرة على الحفاظ على قدرة الدولة اللبنانية في المقام الأول وإخراج البلاد من الحالة التي تعاني منها حالياً، من خلال قيام القادة كافة بإعلاء المصلحة الوطنية وتسوية الخلافات وتسريع جهود تشكيل حكومة مستقلة، قادرة على التعامل مع التحديات وصون مقدرات مواطنيها ووحدة نسيجهم الوطني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، فإن اللقاء الذي حضره شكري ورئيس الاستخبارات العامة عباس كامل، جدد خلاله السيسي موقف القاهرة الثابت تجاه تعزيز أواصر التعاون الوثيقة مع لبنان، معرباً عن أمله في تشكيل الحكومة الجديدة، على نحو يلبّي تطلعات الشعب اللبناني في تحقيق الأمن والاستقرار، ومشدداً كذلك على استعداد القاهرة لتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدات لتجاوز الأزمات التي يواجهها البلد، لا سيما التداعيات التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) الماضي وجائحة كورونا.

وذكر راضي أن اللقاء استعرض مجمل المشهد السياسي اللبناني، إضافة إلى مناقشة تطورات الأوضاع الإقليمية.

وكُلّف سعد الحريري في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة حسان دياب الذي قدّم استقالته في 10 أغسطس، على خلفية انفجار مرفأ بيروت، إلا أن الحكومة المنتظرة لم تبصر النور بعد، بسبب التجاذبات السياسية بين الأطراف، وفق ما يقول مراقبون.

بدوره، أشاد الحريري بالجهد المصري في دعم لبنان في المجالات كافة، بخاصة من خلال تقديم العون والمساعدات لبلاده في أعقاب تداعيات انفجار المرفأ، معتبراً أنه "ركيزة أساسية في حفظ الاستقرار فيها وفي المنطقة العربية ككل".

كما شدد الحريري على حسابه في "تويتر"، على اعتزاز بلاده بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط الدولتين، وتقوم على أسس من التضامن والأخوة، مشيداً بالتجربة المصرية الراهنة المبنية على أولوية النجاح الاقتصادي والتنموي.

ومنذ خريف عام 2019، يشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من 80 في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية، بينما لا يزال السعر الرسمي ثابتاً. كما ارتفعت الأسعار بنسبة 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.

وأثارت إجراءات الإغلاق العام المشددة لمكافحة فيروس كورونا المستمرة حتى 8 فبراير (شباط) الحالي، الخشية على مصير عائلات تعاني أساساً أوضاعاً اقتصادية هشّة في بلد يشكل العمال اليوميون قرابة نصف اليد العاملة فيه، بحسب وزارة العمل اللبنانية، ويحتاج 75 في المئة من سكانه إلى المساعدة.

وعلى وقع تضاؤل احتياطي المصرف المركزي بالدولار، تدرس السلطات منذ أشهر رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود. وكان من المفترض حصول ذلك نهاية عام 2020، في خطوة يحذّر محللون من "آثار تضخمية" ستنتج منها.

أي دعم ينشده الحريري؟

وفق مراقبين تحدثوا لـ"اندبندنت عربية"، يعكس توقيت زيارة الحريري وأهدافها أهمية لافتة، لا سيما في ظل الأوضاع التي يعانيها لبنان وتهدد "مفاهيم الدولة الوطنية" فيه، وهذا ما دفع رئيس الوزراء المكلف إلى السعي خلف مزيد من الدعم المصري السياسي والاقتصادي لحلحلة الأزمة في بلاده.

ويقول عاطف سعداوي، الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، "لبنان يواجه أزمة اقتصادية خانقة لم يشهدها منذ سبعينيات القرن الماضي، وانهياراً أمنياً ومشكلة في تشكيل الحكومة وتأثيرات كورونا، فضلاً عن تداعيات انفجار مرفأ بيروت، ما يعني أن الدولة الوطنية اللبنانية مرشحة للانهيار".

ويضيف سعداوي، "في هذا التوقيت، يحتاج لبنان إلى دعم عربي كامل، ومصر في ظل توجهاتها الخارجية القائمة على دعم الدولة الوطنية، واهتمامها بشكل خاص بلبنان، يمكنها المساعدة في حلحلة الأوضاع سواء عبر علاقاتها المتميزة مع الأطراف المحلية، وكذلك مع القوى الخارجية الفاعلة في الأزمة كالإمارات وفرنسا".

بدوره، يشير محمد سعيد الرز، الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني، إلى أن زيارة الحريري إلى مصر تأتي استكمالاً لجولته التي شملت الإمارات وتركيا وفرنسا واتصالاته العربية والدولية، مضيفاً "لا شك في أن الوضع على الساحة اللبنانية يمر في أخطر مراحله بسبب التدهور الحاصل على كل الصعد، الذي تسبب به انقلاب الطبقة الحاكمة على الدستور ووثيقة اتفاق الطائف لحساب نظام خاص بها تقاسمت بموجبه مقدرات الدولة".

ويرى فادي عاكوم، الكاتب اللبناني أن "الزيارة تعكس مدى الحاجة اللبنانية للاستعانة بالأصدقاء الحقيقيين ممن يمكنهم التواصل مع جميع الأطراف لنزع فتيل التوتر الداخلي والسير بمهمة تشكيل الحكومة، تمهيداً لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية". ويتابع "تعوّل أطراف لبنانية على إمكانية الاستفادة من خبرات القاهرة في مجالات عدة، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتنموي، وإمكانية تشجيع تنفيذ إصلاحات اقتصادية ضرورية".

في المقابل، ذكر السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون العربية، عن أن الزيارة قد تحمل أهمية من نوع آخر على صعيد قضايا المنطقة، ومن بينها مستقبل الأوضاع السورية وإمكانية الدفع مجدداً بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ تحشد القاهرة منذ أشهر لتحريك الملف بالتزامن مع مجيء إدارة أميركية جديدة، مشيراً إلى أن فكرة ترك هذه الأزمات "للقوى الخارجية باتت غير مجدية".

المزيد من العالم العربي