Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فوضى في مجلس النواب التونسي ودعوات لحله

قيس سعيد يقوم بجولة غير معلنة وسط العاصمة ويلتقي عدداً من المواطنين

ما شهده البرلمان التونسي من صدامات بين كتله أصبح مألوفاً لدى المواطنين (غيتي)

من دون مقدمات، ومع افتتاح جلسة مجلس النواب صباح الإثنين 2 فبراير (شباط) الحالي، المخصصة لمناقشة عدد من القوانين المتعلقة بقروض وإصلاحات لتعزيز الاقتصاد التونسي، اندلعت مشاحنات اعترض خلالها أعضاء كتلة الحزب الدستوري الحر على ما سموه "ممارسة العنف ضد المرأة داخل البرلمان"، مما عطل سير الجلسة.

واستخدمت رئيسة الحزب وكتلته النيابية عبير موسي بوقاً للتعبير عن رفضها العنف الذي مارسه رئيس كتلة ائتلاف الكرامة النائب سيف الدين مخلوف ضدها الأسبوع الماضي، رافضة إغراق تونس في قروض من المستحيل سدادها في المدى المتوسط.

وكرّرت موسي شعار "الشعب جاع... والبلاد ستباع"، ما تسبب بتوقف الجلسة العامة ومنع وزير المالية علي الكعلي من متابعة كلمته أثناءها.

التوتر الذي عطّل أعمال المجلس دفع بعدد كبير من النواب إلى مغادرة القاعة، علماً أن الجلسة شهدت التصديق على مشروع القرض بموافقة 82 نائباً، وتحفّظ سبعة نواب من أصل الأعضاء الـ 217.

وإثر المصادقة على مشروع القرض، وصفت موسي رئيسة الجلسة سميرة الشواشي بأنها "عار على المرأة التونسية"، ما أثار غضب أعضاء المجلس، لا سيما من كتلة حزب الشواشي، "قلب تونس"، والكتل المساندة للحكومة، ومنها حركة النهضة التي اعتبر أحد نوابها سمير ديلو ما قالته موسي "اعتداء على المرأة التونسية".

وأعلنت كتلة حزب "قلب تونس" عزمها مقاضاة موسي على خلفية "الاعتداء اللفظي الذي تعرّضت له الشواشي"، وفق بيان صادر عنها.

وخلال الجلسة، تعرّض مقرر لجنة المالية والتخطيط النائب فيصل دربال لوعكة صحية فقد إثرها الوعي، بسبب صراخ موسي وعضو كتلتها مجدي بوذينة قرب أذنه بمكبر الصوت، وفق ما قاله رئيس كتلة حركة النهضة عماد الخميري، الذي أعلن أنه يدين "العنف الذي مارسته كتلة الدستوري الحر ورئيستها تجاه الجلسة العامة ورئيسة الجلسة ووزير الاقتصاد والمالية ومقرر لجنة المالية".

مجلس النواب سبب الأزمة

ما جرى تحت قبة البرلمان من مصادمات ومشاحنات لم يعد جديداً أو مثيراً لاهتمام الشارع التونسي، ويعتقد الكاتب هشام الحاجي أن ما شهده البرلمان أصبح مألوفاً ويؤكد استحالة عمل هذه المؤسسة"، معتبراً أن "من يتحمل المسؤولية هم أعضاء المجلس كاملاً وإن بدرجات متفاوتة، وتعطيل الجلسة في ظل أزمات عدة تعيشها تونس ومنها الأزمة بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ويغذيها رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي من خلال دعمه رئيس الحكومة، يؤكد أن الوضع وصل مرحلة الاستعصاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الحاجي أن "تونس وصلت إلى مفترق طرق، وباتت أمام خيارين، إما الدعوة إلى حل مجلس النواب وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، أو الانزلاق إلى الفوضى الكاملة في مؤسسات الدولة".

واعتبر الحاجي أن "حل مجلس النواب صار أمراً ملحاً بسبب فشله، وعلينا ألا ننسى أن شرعية رئيسه ومدى قدرته على أن يكون محايداً أصبحا محل شك".

ويقول، "ما نشاهده يشير إلى أننا لا نسير نحو الانفراج بل نحو مزيد من التأزم"، واصفاً أداء المجلس خلال الفترة الماضية بـ "السلبي جداً، إذ تحول إلى ساحة فوضى وتصفية حسابات سياسية".

الأزمة الاقتصادية خانقة

وفي مقابل المشاحنات التي يشهدها المجلس، يترنح الاقتصاد التونسي تحت ضغط العجز عن إيجاد حلول للخروج من الأزمة، ويتوقع المتخصص في الشأن الاقتصادي معز الجودي أن تكون الأزمة كارثة أسوأ من السيناريو اليوناني".

ويضيف الجودي أن البرلمان يُغرق البلاد في مزيد من الديون، إذ ارتفعت المديونية الخارجية إلى 108.7 مليار دينار في سبتمبر (أيلول) الماضي (41 مليار دولار أميركي)، مما يعني 101.1 في المئة من الناتج المحلي.

ويوضح الجودي أنه "بحسب قانون المالية المصادق عليه، هناك مديونية خارجية جديدة تقدر بـ 13.6 مليار دينار (5 مليارات دولار)، وخدمات دين بحدود 16 مليار دينار (6 مليارات دولار)، وهذه الديون ليست موجهة إلى الاستثمار بل لتغطية المصاريف، وهذا الأخطر، ومع ذلك فمن يسمّون أنفسهم نواب الشعب يواصلون عمداً أو جهلاً المصادقة على مزيد من الديون". ويرجح الجودي أن السيناريو التونسي سيكون أبشع من السيناريو اليوناني".

صراع القوى السياسية

ويعتبر الإعلامي محمد بوعود أن "ما جرى في مجلس النواب أوصل المشهد البرلماني إلى أقصى درجات السوء أمام الشعب، وأن الصراع بين القوى السياسية وصل إلى درجة لا يمكن معها ضبط الجلسات"، واصفاً البرلمان بأنه "لا يَصلح ولا يُصلح".

ويرى بوعود أن "من واجب رئيس المجلس الغنوشي ترك منصبه لأنه فشل في القيام بمهمته، وكان عليه أن يبتعد منذ تعرض المرة الأولى لحجب الثقة، لأنه فشل في أن يكون رئيساً لكل النواب واختار رئاسة مجموعة على حساب المصلحة العامة، وأدخل البرلمان في متاهات لا علاقة لنا بها، وتحول إلى مشكلة داخل المجلس، ولم يعد قادراً على أن يكون ضمن أي حل للأزمات الكبيرة"، وفق تعبيره.

سعيد يلتقي التونسيين

وفي ظل هذه الأزمات، وبالتزامن مع المشاحنات داخل مجلس النواب، فاجأ رئيس الجمهورية المواطنين بجولة وسط العاصمة تونس مساء الثلاثاء 2 فبراير، واستقبله عشرات التونسيين الذين طالبوه بحل مجلس النواب مرددين، "الشعب يريد حل مجلس النواب".

وعقد سعيد جلسة في مقر وزارة الداخلية بحضور وزير الداخلية بالنيابة، ورئيس الحكومة هشام مشيشي، ومدير عام الأمن الوطني، وآمر الحرس الوطني، ومدير عام وحدات التدخل، وكاتب عام الوزارة، رئيس الديوان بالنيابة.

وأكد على أن "الدولة مستمرة وأن رئيس الدولة هو الضامن لاستمراريتها". وأضاف أن "الحريات مضمونة وليس هناك علاقة عداء بين الأمنيين والمواطنين"، كما أكد أنه "لا يقبل أن يتم ضرب المؤسسة الأمنية كما لا يقبل بضرب الحريات، فلا نظام بلا حريات ولا دولة بلا أمن".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي