أنهت "وول ستريت" الأسبوع الحافل بالأحداث في الولايات المتحدة على ارتفاع لتصل إلى مستويات قياسية جديدة، خصوصاً بعد أن قال الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، إن حزمته الاقتصادية ستكون بتريليونات الدولارات، وتجاوزت البورصات الأزمة السياسية الحادة مع الرئيس دونالد ترمب، كما تجاوزت انخفاض الوظائف في ديسمبر (كانون الأول) لأول مرة منذ أبريل (نيسان) الماضي، وارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي 56.84 نقطة أو 0.18 في المئة إلى 31.097.97 نقطة، وزاد مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بـ20.89 نقطة أو 0.55 في المئة إلى 3824.68، بينما صعد مؤشر "ناسداك" 134.50 نقطة أو 1.03 في المئة إلى 13201.98 نقطة.
ويعتبر إغلاق مؤشر "ستاندرد آند بورز" فوق 3800 نقطة يجري للمرة الأولى، بينما سجل مؤشرا "داو" و"ناسداك" مكاسبهما الأسبوعية الرابعة على التوالي.
وعلى مدار الأسبوع، ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز" بنسبة 1.83 في المئة، وزاد مؤشر "داو جونز" بنسبة 1.61 في المئة و"ناسداك" بنسبة 2.43 في المئة.
حزمة بايدن التريليونية
وكانت تصريحات بايدن حفزت البورصات، الجمعة، الثامن من يناير (كانون الثاني) بعد أن أكد أن الحزمة الاقتصادية لإدارته ستشمل أيضاً التأمين ضد البطالة وتحمل الإيجار، وقال إنه سيُكشف عن الحزمة، الخميس المقبل.
ولعب الرهان على بايدن والحزمة المالية الأكبر والإنفاق على البنية التحتية في ظل الكونغرس الأميركي الذي يقوده الديمقراطيون، دوراً في دفع المؤشرات إلى هذه المستويات الجديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأصبح الحزب الديمقراطي يسيطر حالياً على مجلسي الشيوخ والنواب، بعد أن كان يسيطر فقط على الأخير، إذا تمكن الحزب من الفوز بمقعدي مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا في انتخابات جرت هذا الأسبوع، ما خوله أن يقود المجلسين التشريعيين إضافة إلى رئاسة البلاد عبر بايدن، ما يعني تمكنه فعلياً من السيطرة على القرار التشريعي، وبالتالي إمكان تمرير خطط الدعم المطلوبة لإنعاش الاقتصاد.
تفاؤل بخطط الديمقراطيين
وتحولت تقديرات المستثمرين والمحللين سريعاً بين التشاؤم سابقاً من تمكن حزب واحد من السيطرة على القرار التشريعي، إلى التفاؤل بأن هناك إمكانية لأن يكون فوز الديمقراطيين بالكونغرس إشارة إلى مرحلة جديدة أكثر سخاء في الاقتصاد الأميركي، لكن محللين كثيرين يعتبرون أن هذا التحول السريع هدفه بث التفاؤل في الأسواق لتستمر الارتفاعات القياسية في الأسهم وعدم انهيارها بشكل دراماتيكي في حال أصبحت كل التحليلات متخوفة من المرحلة المقبلة.
فالمشكلة الأساسية في خطة بايدن كما تحدث عنها في الجولات الانتخابية للحزب الديمقراطي هي في فرض مزيد من الضرائب على الشركات، إضافة إلى تشديد القيود على شركات التكنولوجيا، التي تعتبر المحرك الرئيس للبورصات في هذه السنة، ويعني فرض ضرائب أعلى تخلياً عن سياسة ترمب الذي خفض الضرائب في نهاية عام 2017، ودفع هذا التخفيض إلى اشتعال البورصات على مدى الأعوام الأخيرة.
بيانات التوظيف مخيبة
وتنتظر "وول ستريت" بيانات غير سارة الأسبوع المقبل، إذ أظهرت بيانات وزارة العمل، الجمعة، انخفاض الوظائف بمقدار 140 ألف وظيفة الشهر الماضي، وهو أول انخفاض منذ أبريل الماضي، بعد أن زادت بمقدار 336 ألفاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، وكان اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا إضافة 71 ألف وظيفة في ديسمبر، أي أن الانخفاض جاء عكس التوقعات، وهو ما يشير إلى عمق الأزمة الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن معدل البطالة لم يتغير عند 6.7 في المئة في ديسمبر، إلا أن ذلك يرجع إلى سوء تصنيف الأشخاص لأنفسهم على أنهم "موظفون لكنهم متغيبون عن العمل"، وبحسب وزارة العمل، فإنه لولا هذا التصنيف الخطأ، لكان معدل البطالة نحو 7.3 في المئة.
وتركز الانخفاض في الوظائف غير الزراعية، وتحديداً في قطاع الترفيه والضيافة الذي يتأثر بفيروس كورونا، والذي فقد ما يقرب من نصف مليون وظيفة، ولكن مع وجود أداء أفضل للصناعات الأخرى، مثل البيع بالتجزئة والتصنيع والبناء، فإن المحللين يستبعدون أن يعود الاقتصاد إلى الركود مرة أخرى.
كورونا والسياسة
ويعول الاقتصاديون على انتعاش الاقتصاد مع ضخ 900 مليار دولار كحزمة دعم أقرها الكونغرس الأسبوع الماضي بعد أشهر من الجدل حولها، إضافة إلى التفاؤل بالعودة إلى فتح الاقتصاد مع زيادة عمليات التلقيح باللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
ويظل هناك قلق لدى الاقتصاديين من تداعيات أزمة فيروس كورونا، التي على الرغم من التفاؤل باللقاح، فإنها تحصد أرواح الآلاف، إذ أصبح عدد المتوفين بسبب كورونا نحو 365 ألفاً في وقت قفزت حالات الإصابة بالمرض في الولايات المتحدة إلى أكثر من 21 مليوناً.
لكن بعيداً عن ذلك، فإن السياسة من تحرك الأسهم فعلياً هذه الأيام، فبينما تذبذبت الأسهم على وقع دخول مجموعات متطرفة مناصرة للرئيس ترمب مبنى الكابيتول الأميركي في جلسة تاريخية لمجلسي النواب والشيوخ للمصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، تنتظر الأسواق أسبوعاً حافلاً حيث تقدمت مجموعة من الديمقراطيين في الكونغرس بطلب لعزل الرئيس ترمب متهمين إياه بأنه حرض المجموعات أعلاه لاقتحام المبنى.