Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بنس تحت الضغط... فهل يستخدم حقا دستوريا لإقالة ترمب؟

ولاء الجمهوريين للرئيس ينهار بعد اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول

لأول مرة منذ أربع سنوات، بدا أن ولاء الجمهوريين للرئيس الأميركي دونالد ترمب ينهار عقب أحداث اقتحام أنصاره مبنى كابيتول هيل خلال التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، فقد توالت الاستقالات في البيت الأبيض وبين مساعديه ومستشاريه، بينما دعا بعض الجمهوريين ترمب إلى الاستقالة وناشد موالون آخرون الرئيس التنحي عن منصبه، فيما تسابق حلفاء ترمب الحاليون والسابقون لإدانة اقتحام الكونغرس، لكن أخطر ما في الأمر هو تصاعد أصوات ديمقراطية وجمهورية على حد سواء تطالب نائب الرئيس مايك بنس بتفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور لإقصاء ترمب من السلطة، فهل سيفعلها بنس بعد أن قاد التصديق على فوز بايدن، وهل سيلقى الدعم الكافي لتحقيق النجاح، وما تأثير ذلك على الحزب الجمهوري؟

أحلك أيام أميركا

بدلاً من أن يكون رمزاً للانتقال السلمي للسلطة، سيُذكر يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021 كواحد من أحلك الأيام في تاريخ الولايات المتحدة، فهو اليوم الذي اقتحم فيه أنصار رئيس في السلطة مقر السلطة التشريعية، بتشجيع ضمني من الرئيس ترمب، في وقت كان عدد من الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ يحتجون على فوز جو بايدن بأصوات المجمع الانتخابي، فانهار الأمن في مبنى الكابيتول هيل، واضطر أعضاء مجلسي النواب والشيوخ إلى إغلاق الأبواب، والهروب إلى الأنفاق السفلية، واصطحاب نائب الرئيس بنس ورئيس مجلس النواب نانسي بيلوسي وآخرين إلى مكان آمن، بينما طُلب من أعضاء مجلس النواب الاستعداد لارتداء الأقنعة الواقية من الغازات.

القشة الأخيرة

كان هذا المشهد الصادم، بالنسبة للعديد من حلفاء الرئيس دونالد ترمب، القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد أصبح ما بدأ كمظاهرة تهدف إلى دعم ترمب، وصمة عار دائمة لا رجعة فيها في رئاسته، عقب شهرين من الصبر على استفزازات ترمب بخطاب مشتعل حول انتخابات أميركا، وتهديديه شخصيات الحزب الجمهوري التي لم توافقه الرأي، وانتقاده نائبه مايك بنس بل والتحريض ضده. كل ذلك تراكم بعد أربع سنوات من التحمل مع رئيس عازم على استمرار قبضته على الحزب الجمهوري، ما أدى مع اقتحام الكونغرس إلى لحظة حرجة تهدد مستقبل ترمب السياسي وتوجه دفة الحزب الجمهوري بعد مغادرة منصبه.

وبالنسبة لترمب، أصبحت أعمال الشغب أمام وداخل الكونغرس تمثل ضربة ثنائية تلقاها بعد أن ألقى كثيرون عليه مسؤولية هزيمة السيناتور الجمهوري كيلي لوفلر وديفيد بيرديو، الثلاثاء، في انتخابات الإعادة على مقعدي مجلس الشيوخ في جورجيا، ما جعل الأغلبية التي تمتع بها الجمهوريون لسنوات، تنتقل إلى الديمقراطيين، الأمر الذي أفقد الجمهوريين السلطتين التنفيذية والتشريعية. 

الحصاد المر

ومع إدراك الجمهوريين أن كثيراً من الحصاد المر، زرعه الرئيس ترمب على مدى السنوات الأربع الماضية، وأن الأمة الأميركية قد تكون في خطر شديد إذا استمر ترمب على رأس السلطة من دون منازع لمدة 13 يوماً أخرى، بدأ المقربون والمسؤولون الجمهوريون اتخاذ خطوات جذرية لمنعه من الإقدام على أي خطوة أخرى قد تكون أكثر خطورة من اقتحام مبنى الكابيتول.

وتشمل هذه الإجراءات تحميله المسؤولية وهو أقل ما يمكن عمله، أو مطالبته بتقديم استقالته وإن كانت شخصية ترمب لا تشير إلى إمكانية استجابته لذلك، أو الاستناد إلى التعديل الخامس والعشرين، وهي خطوة رفضها الجمهوريون منذ فترة طويلة باعتبارها خيالاً يدور في رأس الليبراليين وحدهم.

غضب جمهوري

ونشرت صحف ووسائل إعلام أميركية تصريحات صدرت من مساعدين حاليين وسابقين في البيت الأبيض ومن مساعدين لأعضاء جمهوريين في الكونغرس، تطالب بإقالة الرئيس أو الضغط عليه للاستقالة، فضلاً عن جماعات ضغط جمهورية ومستشارين سياسيين جمهوريين، وجميعهم إما تضامنوا مع الرئيس ترمب في السنوات الماضية أو تحملوه بهدوء حتى الآن، كما شجع عدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية إجراء مناقشات حول تفعيل التعديل 25 من الدستور مع مسؤولين آخرين في البيت الأبيض ووزارات أخرى.

ويعود سبب غضب الجمهوريين من الرئيس إلى ما رأوه جهاراً من أنه يشعل هجوماً على الديمقراطية الأمريكية، ويهين حزبهم وينتهك حرمة الكونغرس، إضافة إلى القلق حول ما إذا كان بإمكان البلاد الصمود لأسبوعين آخرين مع وجود ترمب على رأس السلطة، وما شكل الفوضى والانقسام الإضافي الذي يمكن أن يزرعه في نفوس مؤيديه.

القضاء على الفتنة

وعبر أحد قادة جماعات الضغط الجمهورية في واشنطن، عن خشيته من إضعاف الديمقراطية الأميركية، مضيفاً أنه لم ير فوضى مثل التي رآها في مبنى الكابيتول خلال أكثر من ثلاثة عقود في واشنطن، فيما نقلت صحف أميركية عن ناشطين جمهوريين قولهم، إن الوقت قد حان لتفعيل التعديل 25 من الدستور.

ودعا جاي تيمونز الرئيس والمدير التنفيذي للرابطة الوطنية للمصنعين، في بيان شديد اللهجة بنس إلى "التفكير بجدية في العمل مع مجلس الوزراء" لتفعيل التعديل الخامس والعشرين لمنع الفوضى وحكم من وصفهم بالغوغاء والفتنة المستعرة في البلاد التي تقتضي التعامل معها على هذا النحو، معتبراً أن الرئيس المنتهية ولايته، حرض على العنف في محاولة للاحتفاظ بالسلطة، وأي زعيم منتخب يدافع عنه يخالف قسمه بالدستور ويرفض الديمقراطية لصالح الفوضى.

مطالب رسمية

وفي حين لم يصدر بعد تصريح واضح من أحد نواب الكونغرس الجمهوريين يطالب ترمب بالاستقالة أو يدعو إلى إقالته، إلا أن الديموقراطيين في اللجنة القضائية بمجلس النواب بعثوا برسالة إلى نائب الرئيس بنس يطالبونه فيها بتفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور وعزل الرئيس ترمب من منصبه، على اعتبار أن التعديل الخامس والعشرين للدستور، يوفر وسيلة يمكن من خلالها لنائب الرئيس وغالبية الوزراء إقالة رئيس حالي غير قادر على أداء سلطات وواجبات منصبه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التعديل 25 من الدستور
ولكن، ما هو التعديل 25 من الدستور الذي يشير إليه هؤلاء وما آلية عمله؟

في عام 1967، وبعد سنوات قليلة من اغتيال الرئيس جون كينيدي، أضيف التعديل رقم 25 في الدستور، لتوضيح العديد من القضايا المتعلقة بخلافة الرئيس ونائبه، وكيفية التعامل مع عدم قدرتهما أو صلاحيتهما للحكم، ووفقاً للفقرة الرابعة من هذا التعديل يحق لنائب الرئيس وأغلبية أعضاء الإدارة من الوزراء، أن يعلنوا وفقاً للقانون وبشكل كتابي، أن الرئيس غير قادر على ممارسة صلاحياته وواجباته في السلطة.
وإذا وصل هذا الإعلان المكتوب إلى رئيس مجلس النواب والرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ، حال غياب نائب الرئيس الأميركي، يتولى نائب الرئيس السلطة كقائم بأعمال الرئيس.
ومع ذلك يحق للرئيس العودة إلى تولي السلطة بعد أن يُخطر مجلسا النواب والشيوخ بعدم وجود ما يحول دون ممارسة صلاحياته، ولكن إذا اعترض خلال أربعة أيام نائب الرئيس وأغلبية أعضاء الحكومة على ذلك، يجتمع الكونغرس بمجلسيه خلال 48 ساعة، ليقرر بأغلبية ثلثي أعضاء كل مجلس على حدة، استمرار نائب الرئيس في عمله، ويجري عزل الرئيس ولا يعود لممارسة سلطاته، أما إذا فشل التصويت في تجاوز نسبة ثلثي الأصوات، يظل الرئيس في منصبه ويباشر مهامه وصلاحياته.

هل تنجح المحاولة؟

يرى مراقبون أن هناك العديد من العوامل التي يجب مراعاتها قبل الشروع في أي محاولة من هذا النوع اعتماداً على التعديل 25 من الدستور، حيث يقتضي الأمر أولاً توفير الدعم اللازم في الكونغرس لضمان نجاح المحاولة، كما أن تأثير تلك الخطوة على الحزب الجمهوري يجب أن تؤخذ في الاعتبار، إذ من الممكن أن تعزز الحزب، لكنها أيضاً قد تدمره أو تشطره شطرين في هذه اللحظة المضطربة في الحياة السياسية الأميركية.

وعلاوة على ذلك، سيتطلب مسار التعديل الخامس والعشرين موافقة بنس وأغلبية أعضاء حكومة ترمب، لكن العديد من الوزراء كانوا موالين للرئيس ترمب وليس من الواضح توافر دعمهم أو حتى إرادتهم، كما لا يوجد قادة جمهوريون في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ يؤيدون هذه الأفكار حتى الآن، وقد يكون من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الذين يتحدثون عنها قد أطلقوا هذه التصريحات تحت تأثير صدمة مشاهد اقتحام الكونغرس، أم أنهم بالفعل يرون أن ذلك سيكون القرار الصائب.

غير أن طرح التعديل 25 على الطاولة كخيار، لن يكون بالضرورة سهلاً، ذلك أن إمكانية الحصول على الأغلبية اللازمة لذلك شيء، والحصول على تأييد من غالبية الشعب قبل انتهاء ولاية الرئيس بأيام شيء مختلف تماماً. ومع ذلك لا يقع هذا الخيار خارج نطاق المعقولية، فكل شيء يعتمد على أفعال ترمب خلال اليومين المقبلين، وما صدر عن البيت الأبيض بأنه سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة يوم 20 يناير الحالي، ربما يهدئ من المطالب المتصاعدة بإقالة ترمب وإخراجه بلا عودة من البيت الأبيض.

وحتى لو كان الطريق الوحيد للإطاحة بترمب هو محاكمته للمرة الثانية بفرض توافر إرادة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإجراء هذه المحاكمة، فلن يتبق وقت كاف لإجراء محاكمة في مجلس الشيوخ.

المزيد من تقارير