Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق أممي من العقوبات الأميركية على سوريا

رايبون انتقد مطالبة المقررة الخاصة للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ألينا دوهان ووصفها بـ"المضللة والخاطئة"

الحرب السورية دمرت موارد البلاد (اندبندنت عربية)

لم يمضِ كثير من الوقت على إفصاح المبعوث الأميركي لشؤون سوريا جويل رايبون عن عزم بلاده توسيع سريان قانون "قيصر" ليشمل غير السوريين، ومنهم شخصيات روسية خلال جلسة مجلس النواب الأميركي في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليُفاجأ الأميركيون بمطالبة أممية برفع العقوبات عن سوريا.

ودعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ألينا دوهان الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا، التي قد تعيق إعادة إعمار البنية الأساسية المدنية التي دمرت بسبب الصراع.

وذكرت دوهان أن النطاق الواسع لقانون العقوبات الأميركي، الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران (يونيو) الماضي، قد يستهدف أي عمل أجنبي يساعد في عملية إعادة البناء أو حتى موظفي الشركات والجهات الإنسانية الأجنبية وفق بيان صحافي نشر في 29 ديسمبر الماضي.

في المقابل، سرعان ما ردّ رايبون ببيان نشره موقع سفارة الولايات المتحدة الأميركية في دمشق انتقد فيه ما جاء من مطالبة أممية برفع العقوبات ووصفها بـ"المضللة والخاطئة".

القلق الأممي وما يعتريه يأتي في سياق ما أفضت إليه العقوبات المفروضة لوضع إنساني صعب، لا سيما في سياق جائحة كوفيد-19، واستدركت الخبيرة الأممية بالقول، "إن الولايات المتحدة، عندما أعلنت أولى العقوبات بموجب القانون، لم تكُن تقصد أن تلحق إجراءاتها الضرر بالشعب السوري، ولكن تطبيق القانون قد يزيد الأزمة الإنسانية القائمة سوءاً، ويحرم المواطنين من فرصة إعادة إعمار بنيتهم الأساسية المهمة".

كما لفتت إلى تدمير الاقتصاد السوري، خصوصاً أنه بحاجة إلى الحصول على المساعدة الإنسانية الضرورية وقالت إن "تصنيف البنك المركزي السوري بالاشتباه في غسل الأموال يخلق بشكل واضح عقبات غير ضرورية أمام تعاملات المساعدات الأجنبية لسوريا، والواردات الإنسانية".

"قيصر" بين القانون والسياسة

في غضون ذلك، ترى أوساط محايدة أن الصوت الأممي الأخير يشير إلى تغيير ما حيال الصمت المُطبق منذ إعلان العقوبات الأميركية والأوروبية والمستمرة منذ 2011 على دمشق.

في حين ازدادت الإجراءات مع قانون "حماية المدنيين" كما سمّته الولايات المتحدة، أو كما هو معروف باسم "قيصر" الذي بدأ يتّضح عملياً عام 2019 ويستهدف الحكومة السورية، وسط واقع اقتصادي متردٍّ وتقطّع سبل عيش السوريين للحصول على مقومات الحياة الكريمة.

ويعيش ما نسبته 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق منظمة الصحة العالمية في وقت حذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي إليزابيث بايرز، التابع للأمم المتحدة، في أواخر سبتمر (أيلول) الماضي من أزمة غذاء غير مسبوقة في البلاد سببها تفشّي فيروس كورونا.

وكانت واشنطن أعلنت أن اسم "سيزر" أو "قيصر" يعود إلى مصور وثّق ما وصفته بـ"انتهاكات" للسلطات السورية إبان الحراك الشعبي قبل عقد من الزمن، وصولاً إلى وضعه حيز التنفيذ منتصف يونيو (حزيران) 2020 بتوقيع من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

من جهته، قال المحامي والباحث في القانون الدولي من جامعة هارفرد الأميركية هاروت أكمانيان لـ"اندبندنت عربية"، إن العقوبات لا تعدّ كما هو واضح، أدوات سياسية شكلية فحسب، بل هي اقتصادية وذات ركائز قوية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويحتوي القانون على استهداف وتجميد أرصدة ومعاقبة أسماء لشخصيات أو دول ومؤسسات تعكف على تمويل ومساعدة الدولة، وتشمل الصناعات السورية المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة والطيران بما فيها كيانات إيرانية وروسية حليفة لدمشق تقدّم دعمها منذ اندلاع الصراع المسلح.

ووفق بنود القانون، يرى الباحثون أن هناك مجالاً للإعفاءات، بالتالي يرجح مراقبون أن توافق الولايات المتحدة على المطالبات الدولية برفع العقوبات، ولو بشكل بسيط مبدئياً ولبعض البنود.

وهذا ما أكده الباحث أكمانيان، معتبراً أنها "تندرج تحت مسمّى بنود إعفاءات مؤقتة أو مشروطة أو دائمة أو غيرها في القانون وهذا يتيح بلا شك وأحياناً للرؤساء أن تكون لديهم مواد من أجل التحرك ضمن بنود الإعفاء".

دمشق تطالب بالمحاسبة

من جهتها وجدت دمشق بالمساندة الأممية حيزاً للمطالبة وإعادة تسليط الضوء على واقع اقتصادي متردٍّ تعيشه العاصمة والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الدولة، زادته سوءاً سنوات الحرب، إضافة إلى ما تعيشه اليوم من حصار ومن نضوب مخزون المحروقات والقمح، ما أثرّ بشكل كبير في المواطنين وخلق أزمات اقتصادية، منها رفع أسعار المنتجات والبضائع.

وعلّق مصدر مسؤول في وزارة الخارجية وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "سانا" على ما وصفه بـ"نتائج السياسات الأميركية"، قائلاً "إنها ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية ودعوة المقرر الخاص للأمم المتحدة يجب أن تشكّل البداية لمحاسبة واشنطن على جرائمها بحق السوريين أمام القضاء الدولي المختص".

من جانبه استنكر الائتلاف الوطني السوري، تصريحات المقررة الخاصة في مجلس حقوق الإنسان واعتبرها "مفاجئة وصادمة"، منوّهاً إلى جنسيتها البيلاروسية.

وجاء في بيان للائتلاف المعارض أنه شكّل لجنة خاصة لمتابعة تطبيق قانون "قيصر" وأنه من منطلق حرصه على متابعة الوضع الإنساني في سوريا، "يطالب في كل مناسبة بضرورة اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بعدم الإضرار بالمدنيين"، بحسب ما جاء في بيان أصدره أخيراً.

مرحلة بايدن والتحولات

حيال هذا، يعتقد مراقبون أن التصريح الأممي الأخير يأتي مسانداً للعاصمة السورية ولا بد من الاستفادة منه والسعي لاستقطاب أصوات دولية مناصرة لفك الحصار الذي يعاني منه الشعب بأكمله، بيد أن الوقائع تشير إلى انتظار مرحلة ما بعد الرئيس ترمب، علاوة على أن الخاسر الوحيد من تلك العقوبات هو الشعب السوري، إذ لم تجدِ كل القوائم بأسماء الشخصيات السورية الرسمية والاقتصادية ووضعها على لائحة العقوبات نفعاً.

 من جانب آخر وبعد انجلاء سياسة الرئيس المنتخب جو بايدن، يمكن للكرملين أن يتجه إلى استخدام أوراق في لعبة جديدة بأسلوب جديد مع رئيس مختلف تماماً بطريقة إدارته للملفات العالقة والشائكة هي أقرب للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

في هذا السياق، ينظر السوريون إلى "سيزر" أو "قيصر" كإجراء أحادي الجانب، وليس قانوناً يُعتد به بحسب عضو مجلس الشعب بطرس مرجانة الذي يرى أن بايدن سينتهج سياسة ليست ببعيدة من نظيرة سلفه، إذ ستختلف طرقات التعامل فقط.

ويضيف مرجانة، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السوري كذلك، أن "انعكاسات تطبيق قيصر تركت بالفعل تأثيراتها في الشعب السوري"، في حين يلفت مراقبون إلى توقيت المطالبة الأممية، التي تعدّ استباقية للرئيس المنتخب وقبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي التي ستجري على درج مبنى الكونغرس وستكون افتراضية بسبب جائحة كورونا.

 بالتالي يمكن قراءة المناشدات الأممية على أنها تأتي في سياق عودة ضخ الحلول التصالحية والسياسية، التي يرغب فيها كل الأطراف للوصول إلى حل سياسي يطفئ أوزار الحرب المستعرة شمالاً، وأودت بحياة آلاف القتلى والمصابين، إضافة إلى نزوح الملايين.

كما ينعكس حل قضية العقوبات المرتبط بكثير من الملفات منها علاقة دمشق السياسية شبه المتوقفة مع دول أجنبية وعربية، وانعكاسات ذلك على إعادة الإعمار الذي يكلف 400 مليار دولار بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وعودة اللاجئين إلى أراضيهم حيث تشكل هذه القضية تحديداً للدول الأجنبية ودول الجوار السوري هاجساً مؤرقاً، يبدأ حلها بإنهاء العقوبات وإعادة الإعمار.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير