Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جورج كلوني يرى قسوة في تلقي الممثلين توجيهات إخراجية من زملائهم

مخرج فيلم الخيال العلمي "سماء منتصف الليل" يتحدث عن اكتشاف حمل غير متوقع، وتجارب قربته من الموت وسبب حاجة صناعة السينما إلى "نتفليكس"

تألق جورج كلوني ممثلا، وينتظر تفاعل الجمهور مع فيلم "سماء منتصف الليل" الذي تولى إخراجه أيضا (يوتيوب)

عندما وصل تصوير فيلم "سماء منتصف الليل" The Midnight Sky إلى منتصف الطريق، اكتشفت فيليسيتي جونز أمراً سيغير حياتها إلى الأبد، لقد كانت حبلى بطفلها الأول. توجهت الممثلة مفترضة أن الحمل سيكون عائقاً في طريق تصوير الفيلم، إلى مخرجه جورج كلوني كي تبلغه الأنباء.

"كنت خائفة من فقدان دوري. إن هذه الأمور تحدث أكثر بكثير مما يتوقع"، بحسب النجمة البريطانية التي تشمل أفلامها "المارقة" Rogue One (ضمن سلسلة أفلام حرب النجوم) و"نظرية لكل شيء" The Theory of Everything.

بعدما أكد كلوني للممثلة بأنه سعيد ببقائها ضمن طاقم العمل واستكمال الفيلم، اتخذ قراراً مع المنتج غرانت هيسلوف بأنهما سيخفيان كل أثر لبطن جونز الحبلى من خلال خدع الكاميرا والصور المصممة حاسوبياً. لقد سُوّيت المشكلة. واستمر الوضع كذلك إلى أن عمد كلوني إلى مراجعة اللقطات المصورة، وبعد بضعة أيام، غير رأيه بشكل مفاجئ.

وبحسب جونز، "لقد ناقشوا اللقطة التي أظهر فيها في المقطع الترويجي للفيلم، وخلصوا إلى أنه من الأفضل أن تكون شخصيتي حبلى بالفعل. لقد أجرينا تغييرات طفيفة وواصلنا العمل على هذا الأساس. لقد تماشت مع القصة تماماً".

في فيلم "سماء منتصف الليل" المُنتج لمصلحة شبكة "نتفليكس"، تؤدي جونز دور سَلي، رائدة فضاء في فريق مكون من خمسة رواد في طريق عودتهم إلى الديار، بعدما أمضوا في الفضاء السحيق سنتين ألمّت أثناءهما كارثة بالعالم، لم يكن الطاقم على دراية بها، جعلت الأرض مكاناً غير صالح للعيش. وتُلقى مهمة إيجاد طريقة لتحذير رواد الفضاء كي يبتعدوا عن الأرض على عاتق العالِم أوغستين لوفتهاوس الذي يجسده كلوني. وفي المقابل، نرى أن إضافة حمل جونز تعطي الفيلم الذي يصور النظام البيئي المدمَّر، عنصراً قد يكون مفقوداً في العمل ما لم يكن الأمر كذلك، بمعنى، إنه بصيص الأمل.

بالطبع، ثمة تحول آخر في الحوادث لم يخطر ببال أحد. في الأسابيع الأخيرة من التصوير، بدأ الإبلاغ عن أول حالات الإصابة بفيروس كورونا خارج الصين. وفجأة، بدت أجواء نهاية العالم التي تسود موقع التصوير مألوفة، على الرغم من أن الرواية التي يستند إليها الفيلم تحمل عنوان "صباح الخير، منتصف الليل"  Good Morning, Midnight للكاتبة ليلي بروكس دالتون، قد صدرت عام 2016، أي قبل سنوات من جائحة كورونا.

بدا كلوني سعيداً بسبب عدم اضطراره للتعامل مع أي تأخيرات يمكن أن يسببها الفيروس. وأرسل الفيلم إلى المحرر ستيفن ميريوني في فبراير (شباط) 2020. وعقب مشاهدته العمل مرة أخرى حينما عزل نفسه، أدرك أن صبغة الشعور بالوحدة قد اتخذت معنى جديداً. وقد وصف كلوني الفيلم سابقاً بأنه "جاء في الوقت المناسب تماماً، لسوء الحظ". في المقابل، يرى ديفيد أويلوو، وهو يؤدي دور والد طفل سَلي الذي لم يولد بعد، أن السؤال الرئيس الذي يطرحه الفيلم، ما الذي يعطي الحياة معناها وقيمتها؟ يشكل سؤالاً "مثيراً للاهتمام في أي وقت" لكنه "يبدو أكثر ارتباطاً بما نعيشه حالياً".

وبالنتيجة، يصبح الفيلم أكثر غرابة. ويزيد القلق الذي يثيره "سماء منتصف الليل" مع قرار كلوني بإبقاء حقيقة الكارثة التي أدت إلى نهاية العالم لغزاً، لا يوجد تفسير أو تكشّف واضح للحوادث، قد يكون هذا ببساطة كوكب الأرض الذي نعيش عليه بعد عدة عقود من الآن. يشارك نجم سلسلة أفلام "أوشنز إيليفن" Ocean's Eleven آماله في أن يعود العالم إلى شكل من أشكال الحياة الطبيعية في 2021. ووفق كلوني، "تواجه البشرية حالياً مشكلة حقيقية بسبب هذا الوباء. نحن مشتاقون للتواصل مع الناس. الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله، إن هناك ضوءاً في نهاية النفق وإننا سنجتاز هذه المحنة". كيف قضى نجم هوليوود أوقاته أثناء الإغلاق؟ ينقل كلوني إلى "اندبندنت" وصحف أخرى راسماً ابتسامته الشهيرة، "لقد غسلتُ الملابس ومسحت الأرضيات وغسلتُ الأطباق وغيرتُ الحفاظات، ليس حفاظاتي، فأنا عندي أطفال".

يذكر أن لدى الممثل (59 عاماً) توأمين يبلغان من العمر ثلاث سنوات من زوجته أمل كلوني، المحامية الدولية في حقوق الإنسان التي ارتبط بها عام 2014.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في منحى متصل، تأمل "نتفليكس" أن يحقق فيلم "سماء منتصف الليل" نجاحاً آخر خلال فترة أعياد الميلاد، بعد النجاح الذي حققته أعمال أخرى أُصدرت في ديسمبر (كانون الأول) كفيلم "صندوق الطائر"  Bird Box من إنتاج 2018، وفيلم المغامرات "6 تحت الأرض" 6 Underground الذي أخرجه مايكل باي السنة الماضية، من بطولة ريان رينولدز. ويعد كلوني الاسم الأحدث الذي يُضم إلى قائمة طويلة من المخرجين ممن يصدرون أفلامهم عبر منصة "نتفليكس" المتخصصة في البث التدفقي للأشرطة المرئية المسموعة (من بينهم ألفونسو كوارون، ومارتن سكورسيزي، وديفيد فينشر). ويناصر كلوني شركة "نتفليكس" في الجدل الطويل بشأن مشاهدة الأفلام في دور السينما أو المنازل.

ويتابع، "لقد بات لدينا مئات الوظائف الإضافية. عندما بدأت التمثيل في 1982، وُجِد 64 عملاً تلفزيونياً من بينهم 40 بحاجة إلى ممثلين. ولذا، بدا الحصول على وظيفة أصعب بكثير. لكن الآن، هناك أعمال كثيرة، وتشكل "نتفليكس" جزءاً كبيراً منها. إذ تُنتِج أفلاماً كنت لأنجزها مع شركات إنتاج مستقلة ذات إمكانيات أقل. ثمة أفلام أنا مهتم بإنتاجها كـ"ليلة سعيدة وحظ جيد" Good Night and Good Luck، و"اعترافات عقل خطير" Confessions of a Dangerous Mind و"مايكل كليتون" Michael Clayton. أنا لا أصنع أفلاماً دعائية، بالتالي أشعر بالسعادة بسبب وجود مكان كـ"نتفليكس" يمكنني التوجه إليه".

استطراداً، يتوجب الإشارة إلى أن الفيلم يحتوي عدداً من المشاهد التي ستكون مؤثرة أكثر إذا ما عُرضت على شاشة السينما. في المقابل، مالت المراجعات النقدية الأولية للفيلم إلى ترشيحه كي ينال جوائز عن فئات فنية عدة في أوسكار 2021، الأمر الذي سيكون بمثابة تقدير لطيف لـكلوني نظراً لأنه يعتبر "سماء منتصف الليل"، وهو فيلمه السادس والأربعون كممثل والسابع كمخرج، أصعب عمل سينمائي له حتى الآن.

ثمة منعطف آخر. هل يجد كلوني صعوبة في إعطاء توجيهاته الإخراجية إلى زملائه الممثلين؟ وفق كلماته، "يجب علي محاولة التعامل مع الأمر بلطف لأن هناك حاجزاً عليك عدم تجاوزه. أنا أفعل شيئاً لا ينبغي فعله حقاً. لقد مررت بتجربة تلقي التوجيهات الإخراجية من ممثلَين آخرين، وجاء الأمر فظيعاً".

لحسن الحظ، استطاع كلوني تجنب أي انتقاد لأدائه في "سماء منتصف الليل". بل جاء الوضع معاكساً تماماً. إذ سبق للنجم كايل شاندلر الحائز  جائزة "إيمي" عن دوره في فيلم "أضواء ليلة الجمعة" Friday Night Lights، ويشارك الممثلة جونز بطولة العمل، أن عمل مع كلوني في مسلسل "كاتش 22" Catch-22 الذي أُنتج لمصلحة شبكة "هولو"، وقد اقتُبِسَ من رواية للكاتب جوزيف هيللر، وبثته "القناة 4" في المملكة المتحدة. في ذلك المنحى، يصف شاندلر العمل مع كلوني بأنه ممتع. في المقابل، يورد أويلوو، "أتخيل جورج يعطي توجيهاته حول الطريقة التي يود أن يتلقى بها التعليمات الإخراجية. إذ يتلافى الأشياء الصعبة قبل حدوثها لأنه يفكر في كيفية التعامل معها كممثل. وما يجعل الأمور مُيسرة أيضاً هو وجود مخرج شارك في فيلمي "جاذبية" Gravity و"سولاريس" Solaris، وقد أدى فيهما دور رائد فضاء".

في هذه الأثناء، تبدي جونز إعجابها بشكل خاص بمهارات كلوني التنظيمية. وبحسب رأيها، "لقد التزم الجدول الزمني، ما يعني أننا كنا ننهي التصوير في أوقات معقولة، وذلك أمر لا ينبغي الاستهانة به".

واستكمالاً للصورة، (يشكل فيلم "سماء منتصف الليل") مشاركة أولى لكلوني في دور تمثيلي منذ فيلم "وحش المال" Money Monster الصادر عام 2016. ويشهد "سماء منتصف الليل" ظهوراً مشتركاً وحيداً للنجم مع شخصية أخرى على الشاشة، تؤديها الممثلة كويلين سبرينغال (7 سنوات). تؤدي تلك الممثلة الناشئة دور إيريس الفتاة الصغيرة البكماء التي يجد العالِم البائس أوغستين نفسه متورطاً معها بشكل غير متوقع. بطريقة ما، يكمل هذا الفيلم الصورة التي رسمها كلوني لنفسه عندما حقق شهرة كبيرة في منتصف التسعينيات من خلال شخصية طبيب الأطفال دوغ روس في الدراما الطبية التي استمرت لفترة طويلة "إي آر" ER (الحرفان الأولان من "غرفة الطوارئ" Emergency Room).

لقد أرَدتُ معرفة ما الذي كسبه من العمل مع نجوم أطفال على مدى الـ25 سنة الماضية. ويجيب كلوني ممازحاً، "لفترة من الوقت، علمتني التجربة ألا أُنجب أطفالاً، لكنني نسفت فكرتي تلك. عندما كنت في "إي آر"، أديتُ دور زير نساء، وكنت ثملاً، لكنني كنت أحب الأطفال. في نهاية (كل حلقة) كنت أردد "هيه، لا يمس أحد هذا الطفل!" ما يجعل شخصيتي قادرة على تمرير كثير من الأفعال الخسيسة. في "سماء منتصف الليل" لم يتوجب علي حتى رسم ابتسامة على وجهي. لم يتوجب علي جعل الناس يشعرون بأن الأمور ستكون على ما يرام. لقد استطعت أن أكون ممتعضاً وغاضباً لأن علي الاعتناء بهذه الطفلة، ويشكل ذلك ميزة تعويضية في سردية ​​القصص السينمائية. إنها تساعد في جعل الأداء أسهل".

وعلى نحو مماثل، دعمت أصالة أدائه أعمال التصوير في الموقع. في أحد المشاهد التي صُورت في أيسلندا القارسة البرودة في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، نرى أوغستين يتسلق وسط عاصفة ثلجية كي يصل إلى محطة الاتصال التالية. مع اشتداد تساقط الثلج، لم يعد قادراً على معرفة الاتجاهات، وفي غضون ثوان، تصبح رؤية وجهه مستحيلة بسبب تغطيته بالكامل بالثلج والجليد. إنها مجرد واحدة من التجارب العديدة القريبة من الموت التي تمر بها شخصيته في الفيلم. وقد اتضح أيضاً أن كلوني نفسه كاد يرى الموت بعينيه بضع مرات على مدار السنين.

وبحسب كلوني، "لدي تجربتان. جرت إحداهما في جنوب السودان عندما أوقِفَتْ سيارتنا ووُجهت البنادق إلى رؤوسنا. لقد أرادوا سرقة شاحنتنا. وتعرضت أيضاً لحادثة في إيطاليا منذ عامين، عندما قُدتُ بسرعة 70 ميلاً في الساعة وصدمت رجلاً، ظننت حينها أنه قضي علي. لكنني كنت محظوظاً حينها. انقلبتُ في الهواء وسقطتُ على ركبتي. كان يمكن أن أهبط على أي جزء آخر من جسدي وأموت".

يضيف كلوني أن زوجته لم تعد تسمح له بركوب الدراجات النارية بعد ذلك.

ويتابع، "إنك تتعلم مدى هشاشة الحياة". ويبدو أن ذلك الأمر يمثل الاكتشاف الذي يتغلغل في "سماء منتصف الليل". ربما لم يكتف هذا الدرس بمجرد جذبه إلى المشروع، بل ساعد في قراره السريع والمهني بإدخال حَمْل جونز في نسيج القصة. تبتسم جونز، ممتنة للنتيجة. ففي النهاية، يشكل كون النجمة حُبلى في موقع التصوير، أمراً يمنحها بعض الامتيازات الكبيرة. تتذكر جونز الأمر، "لقد تمكنت كثيراً من البقاء جالسة. وقد جلب الناس لي أيضاً كثيراً من كيك الشوكولا. لم أتلق أبداً عناية إلى هذا الحد طوال حياتي. أوصي بشدة بحصول الحمل خلال التصوير".

يتوفر فيلم "سماء منتصف الليل" للمشاهدة عبر منصة "نتفليكس" اعتباراً من 23 ديسمبر (كانون الأول) 2021

© The Independent

المزيد من سينما