Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جائحة سماوية" تبرئ 13 متهما بحادثة "رافعة الحرم"

سيحق للشركة معاودة عملها في توسعة الحرمين إذا ما اكتسب الحكم القطعية

الرافعة التي سقطت في المسجد الحرام بمكة المكرمة، 12 سبتمبر (أيلول) 2015 (أ ف ب)

استندت محكمة سعودية في تبرئة 13 متهماً في شركة مقاولات من قضية سقوط رافعة الحرم الشهيرة التي جرت عام 2015 في السعودية، وتسببت بمقتل نحو 108 أشخاص، وجرح 238 آخرين، على أن ما حدث كان بسبب "جائحة سماوية" يستحيل معها أخذ الحيطة والحذر.

وأكد مستشارون قانونيون أنه "اذا ما اكتسب الحكم القطعية فسيحق للشركة معاودة عملها في توسعة الحرمين".

أحوال الطقس

كانت محكمة مكة الجزائية قد أصدرت حكمها الذي يقضي ببراءة 13 متهماً في قضية رافعة الحرم، من بينهم "مجموعة بن لادن"، حيث استندت إلى نشرة أحوال الطقس في يوم الحادثة، وما قبله، التي أصدرتها هيئة الأرصاد وحماية البيئة. وأشارت إلى أن سرعة الرياح في البحر الأحمر تراوحت بين 1 و38 كيلو متراً في الساعة فقط، ولم تتضمن وصفاً للحالة بكونها أعاصير، أو ما شابه ذلك، بما يستدعي الحيطة والحذر. ولم تجد الدائرة القضائية في أوراق الدعوى ما يفيد بقيام الهيئة العامة للأرصاد بالتحذير والتنبيه من توقع حدوث هذه الكارثة، مشيرةً إلى أن "ما حصل في مكة المكرمة ذلك اليوم يمكن إلحاقه بالجوائح والآفات السماوية التي يصعب - إن لم يستحِل - معها أخذ حيطة أو حذر، ومن المقرر عند الفقهاء سقوط الضمان فيها، وبالتالي انتفاء المسؤولية".

وبحسب الحكم المنشور فإن "شركة المقاولات لم يكن لديها نص نظامي ولا أي عرف محلي أو دولي يفرض أن يكون لديها أي مراصد أو أجهزة أو معدات أو أدوات لرصد الأحوال الجوية وتحليلها، للوقوف على تطوراتها المتوقعة، وذلك لأن معدات وأجهزة رصد الأحوال الجوية، وأدوات تحليلها، ذات طبيعة سيادية، وتحتكرها الدولة، ومحصورة بالهيئة العامة للأرصاد الجوية من جهة، ومرتبطة بنظام دولي لمراقبة أحوال الطقس من خلال المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ولذلك فهي ليست متاحة لأشخاص القطاع الخاص، وبالتالي فليس من مهمات، ولا من واجبات المقاول، أن يتولى رصد الأحوال الجوية بنفسه، أما مهمة وحدة البيئة التابعة للمقاول فهي مراقبة التلوث البيئي في المشروع، وضمان السلامة الصحية للعاملين فيه".

نظام الإنذار المبكر

وجاء في الحكم أيضاً أنه "كان على هيئة الأرصاد والمديرية العامة للدفاع المدني أن تفعل نظام الإنذار المبكر وتطبيق الخطة الوطنية لمواجهة مخاطر الكوارث الطبيعية"، وأن "حدوث رياح سطحية تصل سرعتها إلى 70 كيلو متراً في الساعة وأكثر، يعد کارثة تستدعي تفعيل الخطة الوطنية"، وأن "رئاسة الأرصاد هي التي تتولى رصد، ومتابعة، وتقييم، وتحليل، المتغيرات المناخية على مدار الساعة، ويجب على هيئة الأرصاد، عندما تتوقع بنسبة 50 في المئة أن سرعة الرياح قد تصل إلى 70 كيلو متراً في الساعة، أن تصدر تحذيراً يبلغ به الدفاع المدني آلياً، وفق نظام الإنذار المبكر، والتنسيق مع وزارة الإعلام لبث رسائل تحذيرية متلاحقة، عبر التلفزيون والإذاعة وباقي وسائل التواصل لإبلاغ الجمهور بتطورات حالة الطقس أولاً بأول"، و"إلزام هيئة الأرصاد بأن تنسق مع وزارة الإعلام لصياغة رسائل تحذيرية تبث، على هيئة شريط كتابي إعلامي في أدنى الشاشة ضمن البرامج التلفزيونية، وفي الإذاعة، حال وصول احتمال نسبة حدوث التغيرات المناخية إلى 50 في المئة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليس إهمالاً بشرياً

في سياق متصل، قال المستشار القانوني سعد الوهيبي، إن "الأحكام تمر بمرحلتين، الأولى أمام محكمة الموضوع للاطلاع على التهمة والسير في القضية، والثانية أمام محكمة الاستئناف للاطلاع على سلامة الحكم من الناحية الشرعية والنظامية وسلامة توجه القاضي، أما عن حكم حادثة رافعة الحرم، فأخذت محكمة أول درجة بأن ليس هناك إهمال بشري، بل هي كارثة طبيعية كون أن ما حدث ناتج عن سرعة الرياح الشديدة التي لم يسبق أن حدثت، وليس بسبب إهمال في إجراءات السلامة".

مليون تعويض للمتوفين

قال الوهيبي إن "الحكومة السعودية عوضت ذوي المتوفين بمليون ريال لكل متوفى وذوي المصابين بـ500 ألف ريال لكل مصاب حتى قبل صدور الحكم، وهذا يدل على أن السعودية تأخذ بمبادئ الإنسانية أولاً، والحكم إذا اكتسب القطعية يصبح نهائياً". وأشار إلى أنه "لا مانع أمام الشركة المنفذة من الاستمرار في أعمال التوسعة إذا اكتسبت حكم القطعية بالبراءة".

استئناف أعمال التوسعة

كذلك قال عضو النيابة العامة سابقاً المحامي نايف آل منسي، إن "الحكم استند على أن الأحوال الجوية أتت بشكل مفاجئ وغير متوقع حسب المعلن عنه في أجهزة الأرصاد المعتمدة"، مشيراً إلى أنه "ليس من اختصاص شركة المقاولات، ولا من مسؤولياتها، تتبع أو قياس أحوال الطقس بأجهزة خاصة بها، بل تعتمد على أجهزة الطقس المعتمدة، في رصد تطورات الأرصاد عن الحالات الحرجة أو الطارئة التي تستوجب أخذ احتياطات إضافية"، مشيراً إلى أن مصلحة الأرصاد لم تبلغ "عن وجود طقس متذبذب، حيث أبلغوا أن سرعة الرياح ستكون أقل من 40 كيلو متراً في الساعة، وهذا الوضع لا يفرض اتخاذ تدابير". وأضاف أن "المسؤولية لا تقع على شركة المقاولات، بل على جهات الأرصاد والدفاع المدني". وقال آل منسي "إذا تمت البراءة بشكل قطعي، ولم تثبت الإدانة لا يوجد مانع قانوني من إسناد مهمة التوسعة لتلك الشركة مجدداً".

وتعود تفاصيل الحادثة التي حدثت في تمام الساعة 5:10 من مساء يوم الجمعة 11 سبتمبر (أيلول) 2015، بالتزامن مع بداية موسم الحج في مكة المكرمة، فضلاً عن وجود عدد كبير من المعتمرين الذين يتوافدون بكثافة أيام الجمع، حين سقطت الآلة الرافعة داخل الحرم المكي، الذي كان يشهد أعمال التوسعة الثالثة، التي سترفع طاقته الاستيعابية إلى أكثر من 2.3 مليون مصل للفرض الواحد، و105 آلاف طائف بالكعبة الشريفة في الساعة الواحدة.

نبذة عن الآلة الرافعة

تعد هذه الآلة الرافعة واحدة من الرافعات المستخدمة في توسعة الحرم المكي، وهي أكبر الرافعات الحديدية وأضخمها على مستوى الشرق الأوسط. ويبلغ ارتفاعها أكثر من 200 متر، واستخدمت في فترة سابقة للحادثة في ساحات الحرم المكي الشرقية والشمالية، وكانت تستخدم مساحة تقدر بنحو 250 متراً.

والآلة الرافعة العملاقة ألمانية الصنع، ولا يوجد منها إلا قطعتان فقط في العالم كله، إحداهما في السعودية، والمسؤول عن تشغيلها في الحرم فني ألماني. وتؤدي الرافعة وظيفة أساسية هي تسهيل نقل التربة والمواد التي يتم إخراجها من داخل المسجد الحرام، بالإضافة إلى نقل مواد البناء من الساحات إلى داخل المسجد، وكان الهدف من ذلك عدم التضييق على المصلين والمعتمرين أو التأثير على حركتهم، كما أنه لا يتم استخدام هذه الآلة الرافعة عادة إلا في نقل الحمولات الثقيلة جداً، حيث يمكنها نقل 75 طناً في المرة الواحدة، كما أن لها جنازير ضخمة مثل الدبابات لتسهيل التحكم بها، وعادةً ما يتم ربطها بأثقال محددة عند تشغيلها. وسقطت الرافعة في الجهة الشرقية المواجهة لمقام إبراهيم، متسببة بما تسببت به من أضرار بشرية ومادية.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار