لم تمضِ سوى أيام قليلة على اكتشاف أولى حالات الإصابة بجائحة كورونا في فلسطين حتى سارع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إعلان حالة الطوارئ مطلع مارس (آذار) الماضي، وإغلاق المؤسسات التعليمية، وحظر أشكال التجمع كافة.
ومع أن الإصابات كانت لا تتجاوز العشرات في الأشهر الستة الأولى من انتشار الوباء، إلا أن الحكومة الفلسطينية لجأت إلى فرض إجراءات مشددة متصاعدة وصلت إلى منع التجول، وحظر الصلاة في المساجد والكنائس.
وبقيت تلك الإجراءات المشددة حتى مطلع يونيو (حزيران) حين رفعت الحكومة الفلسطينية معظمها. لكن حركة السفر بين الأراضي الفلسطينية والدول المجاورة بقيت متوقفة إلا في الحالات الاستئنائية وضمن آلية وضعت للحد من الاكتظاظ في المعابر والحافلات.
عشر إصابات إلى عشرين كانت تسجل يومياً في الأشهر الأولى لانتشار الوباء ثم مئات يومياً، فيما تجاوز معدل الوفيات الـ 20 يومياً خلال الأسابيع الأخيرة.
وقد تجاوزت الإصابات عتبة الـ 125 ألفاً؛ بينهم 25 ألفاً نشطة، و10 آلاف منها في قطاع غزة.
قال مدير الطب الوقائي في وزارة الصحة الفلسطينية سامر الأسعد إن الوزارة تجري يومياً أكثر من ثمانية آلاف فحص، وإن نسبة الإصابات تصل إلى 30 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أضاف الأسعد أن وزارة الصحة "أجرت منذ بدء الجائحة أكثر من 800 ألف فحص بتكلفة مالية تصل إلى نحو خمسة ملايين دولار شهرياً".
وأكد أن المنظومة الصحية في فلسطين ما زالت تحت السيطرة، حيث يتلقى نحو 200 مصاب العلاج في المستشفيات، مشيراً إلى وجود 80 مريضاً في العناية المكثفة التي تتسع لأكثر من 450 حالة.
ومع أن الحكومة الفلسطينية أغلقت منذ اليوم الأول لانتشار الوباء المدارس والجامعات، وأنهت الفصل الدراسي الثاني بعد أكثر من شهرين على بدايته، لكنها لجأت إلى أسلوب جديد مع بداية العام الدراسي الجديد قبل ثلاثة أشهر، سمّته "التعليم المدمج" الدمج بين التعليم التقليدي والتعليم عن بعد؛ بحيث يداوم الطلاب خمسة أيام كل أسبوعين في صفوف مدرسية بنصف عدد طلابها الاعتيادي.
وقال وكيل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بصري صالح لـ"اندبندنت عربية" إن العام الدراسي الجديد يسير وفق بروتوكول صحي يضمن التباعد بين الطلاب أثبت نجاحه في التوفيق بين السلامة الصحية واستمرار العملية التعليمية.
وبهدف مساعدة الطلاب في التعليم عن بعد أطلقت الحكومة قناة تلفزيونية تبث على مدار الساعة برامج تعليمية خاصة بالمنهاج التعليمي الفلسطيني.
كما ألغت وزارة التعليم العالي دوام طلاب الجامعات في التخصصات الإنسانية، واستبدلته بالتعليم عن بعد، لكنها أبقت على الدوام التقليدي لطلاب التخصصات التطبيقية.
ومع أن الحكومة أغلقت المنشآت الاقتصادية والصناعية نحو ثلاثة أشهر، لكن الناتج القومي الفلسطيني لم ينخفض إلا نحو 8 في المئة، إذ يتوقع أن يبلغ نحو 13 مليار دولار بدلاً من 15.
كان القطاع السياحي الأكثر تأثراً إذ إن حركة السفر من الأراضي الفلسطينية وإليها متوقفة بشكل شبه كامل منذ نحو تسعة أشهر، كما أغلقت الفنادق والمطاعم والمقاهي فترات طويلة.
وبحسب وزارة السياحة بلغت خسائر القطاع نحو مليار ونصف المليار دولار خلال العام الجاري. لكن إجمالي نسبة التصدير الخارجي لم تتأثر؛ إذ بلغت نحو مليار و150 مليون دولار بينها 850 مليوناً إلى إسرائيل.
وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيل لـ"اندبندنت عربية" إن كورونا أدت إلى تعرض المؤسسات الاقتصادية للصدمات وإلى لجوئها إلى إجراءات مالية وإدارية لمواجهة الجائحة.
وأضاف العسيلي إن 71 في المئة من المؤسسات أغلقت أبوابها لنحو شهرين؛ كإجراء احترازي لمكافحة انتشار فيروس كورونا، في حين انخفض حجم المبيعات والإنتاج خلال الأشهر الثلاثة من الإغلاق بنسبة 93 في المئة.
وأوضح أن 14 في المئة من المؤسسات أٌجبرت على فصل عمالها، بينما قلصت 9 في المئة من المؤسسات رواتب موظفيها، في حين أعطت 11 في المئة من المؤسسات العاملين اجازة من دون راتب.
وبحسب العسيل فقد سببت الجائحة توقف تشغيل العديد من الصناعات بخاصة السياحية والحرفية كلياً، بينما توقفت صناعات الأحذية والجلد والألبسة وغيرها عن التشغيل جزئياً، لكنها ساهمت بتأسيس وتشغيل نحو 53 منشأة صناعية تعمل على إنتاج المستلزمات الوقائية والصحية من معقمات وكمامات.
في المقابل قال وكيل وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية داوود الديك إن الجائحة سببت ارتفاع نسبة الفقر نتيجة الإغلاق وتراجع النشاط الاقتصادي لتصل إلى 40 في المئة مقارنة بـ 29 قبل الجائحة.
وأشار إلى أن للجائحة انعكاسات اجتماعية على التوزان الأسري من تغيير أسلوب الحياة والتوترات، وتنامي ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال.
وأوضح أن الفئات المحرومة قبل بدء الوباء سيزيد ضعفها بسبب ارتباطها بشبكات الحماية الاجتماعية التي تضررت هي الأخرى.