Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يعد خطة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية

بعد أكثر من عقد على تشكيل الوفد التفاوضي يبدو أن الوزارة المعنية أصبحت مقتنعة بضرورة إعداد ملف يشمل تشريع سلسلة من القوانين

بدت وزارة التجارة العراقية متفائلة بالانعكاسات الإيجابية المرتقبة للانضمام على المدى البعيد (أ ف ب)

لم تحقق جميع محاولات الحكومات العراقية المتعاقبة منذ نهاية التسعينيات وحتى الآن، الرامية إلى دخول حقل منظمة التجارة العالمية، أهدافها على الرغم من تشكيل لجان حكومية لمتابعة هذا الأمر، وعقد العديد من الاجتماعات مع أطراف دولية لتسهيل هذه المهمة.

فالواضح أن نية الحكومات الجادة على الورق بعيدة كل البعد عن شروط الانضمام لتلك المنظمة على أرض الواقع، وتفتقد إلى إرادة حقيقية قادرة على تشريع سلسة من القوانين التي تضمن الدخول السلس لهذه المنظمة.

وربما يكون تبرير تلك الحكومات المتعاقبة، بعدم تشريع قوانين تخص المستهلك والمنافسة وحماية المنتجات الوطنية وغيرها، بأن أولوياتها الأمنية والاقتصادية والسياسية، كانت تختلف بشكل كامل عن هذه التوجهات، التي تخدم بالأساس الاقتصاد العراقي وتجعله أكثر إنتاجية وتشغيلاً لكثير من العاطلين عن العمل.

إعداد خطة للانضمام

وبعد أكثر من عقد على تشكيل العراق وفداً تفاوضياً بشأن الدخول إلى المنظمة العالمية، يبدو أن وزارة التجارة أصبحت مقتنعة بضرورة إعداد ملف واضح للانضمام، يشمل تشريع سلسلة من القوانين التي تخدم المستهلك العراقي بمختلف توجهاته، يمكن ملاحظة نتائجها الإيجابية بعد سنوات من تشريعها.

وذكرت الوزارة في بيان أنها أعدت خطة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، تمثلت في إعادة تشكيل اللجنة الوطنية المعنية بالانضمام، وكذلك اللجان الفرعية المنبثقة عنها، لإنجاز ملفات الالتحاق، وكذلك الإسراع بتشريع القوانين، فضلاً عن إعداد مشاريع القوانين ذات الصلة باتفاقيات المنظمة، مثل "قانون حماية المنتج الوطني، وقانون حماية المستهلك، وقانون المنافسة ومنع الاحتكار، وقانون التعرفة الجمركية، وغيرها من القوانين".

وبدت الوزارة متفائلة بالانعكاسات الإيجابية المرتقبة للانضمام على المدى البعيد، بما يضمن أن يكون هناك اقتصاد عراقي قوي ومتكامل وقادر على المنافسة مع اقتصاديات الدول الأعضاء في المنظمة بصورة عامة، واقتصاديات دول الجوار بصورة خاصة.

وعلى الرغم من تأكيد الوزارة إنجاز مسودة أولية لخطة الانضمام، فإنه لا يزال هناك قيود وعقبات قد تعرقل هذا الاندفاع نحو منظمة التجارة العالمية خلال المرحلة المقبلة.

عقبات وتشريعات

يقول المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، إن "هناك فريقاً عراقياً تفاوضياً لديه خبرة جيدة في مجال المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات".

ويضيف أن "الاقتصاد العراقي أكثر تحرراً منذ عام 2003، لكن تنقصه اللوائح الرقابية والتنظيمية في نطاق العلاقات التجارية والمتطلبات الأممية بهذا الشأن، وفق المعايير المعتمدة عالمياً".

ويؤكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء أن هناك نقصاً في بعض التشريعات المهمة، لا سيما المتعلقة بحقوق العاملين في القطاع الخاص ومجال الأمن الاجتماعي والتنظيم النقابي، مشدداً على ضرورة تأسيس دائرة في وزارة التجارة لتنسيق العلاقات مع المنظمة العالمية تدعم بالخبرات الاقتصادية والقانونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتحدث صالح عن وجود قيدين يضعفان دور العراق في المؤسسة الدولية، الأول، كون العراق مستورداً، ولا يمتلك القدرة التنافسية على التصدير، والآخر، أن النفط يقع ضمن مجموعة المواد الخام التي لا تخضع لمعايير منظمة التجارة العالمية.

ويعتمد الاقتصاد العراقي بشكل خاص على تصدير النفط الخام كأساس في الحصول على وارداته المالية، ويشكل أكثر من 90 في المئة من إيراداته السنوية التي تذهب أغلبها كرواتب ومنح لشرائح مختلفة من المجتمع العراقي، معظمها لا تمثل طبقة إنتاجية.

وسيوفر اندماج العراق الحماية من الإغراق السلعي الذي يتعرض إليه حالياً من جانب كثير من شركائه التجاريين، بحسب صالح، الذي أشار إلى أن الانضمام للمنظمة سيوفر بيئة محفزة لتنويع النشاط التصديري من خلال الحوافز والآفاق التشجيعية، التي يحصل عليها البلد العضو في المنظمة.

حماية الناتج الوطني

وشهدت الأسواق العراقية منذ 2003 انفتاحاً غير مسبوق أمام استيراد السلع والبضائع وبأسعار رخيصة جداً، أدت إلى انهيار الصناعة العراقية وتسريح آلاف العمال، قسم كبير منهم من المهرة، بشكل مفاجئ.

سلام سميسم المختصة بالاقتصاد توضح أن العراق بحاجة لتشريع عدد من القوانين تمهيداً لانضمامه لمنظمة التجارة العالمية، منها قانون حماية المستهلك وحماية المنتج الوطني.

وتضيف أن "العراق عضو مراقب في المنظمة منذ 2003، وسيعني انضمامه فتح البلد للتصدير والاستيراد، وبالتالي فتح الأسواق العالمية للعراق"، مشددة على ضرورة وضع إجراءات عقلانية لحماية الناتج المحلي ومنع الإضرار بالبضاعة العراقية.

ويبدو أن التقدم الذي حققه العراق منذ مساعيه للانضمام للمنظمة هو قبوله كعضو مراقب في المنظمة عام 2004، والتي تأتي تمهيداً للانضمام الكامل، إذ تتيح هذه الفترة الزمنية التعرف على الاتفاقيات التي تشرف على تطبيقها منظمة التجارة العالمية التي تشكل جزءاً من النظام التجاري المتعدد الأطراف.

إجراءات إدارية وفنية

بدوره، يشير نبيل المرسومي أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة إلى حاجة العراق لبعض الإجراءات الإدارية والفنية تمهيداً لهذه  الخطوة.

ويضيف أن العراق ومنذ عام 2003، اتخذ سلسلة من الإجراءات باتجاه تحرير تجارته، منها تقليل التعرفة الجمركية من 80 إلى 30 في المئة، انسجاماً مع توصية صندوق النقد الدولي".

ويلفت إلى أن حجم الاستفادة التي سيجنيها العراق من هذا الإجراء، يعتمد على السعي الحكومي في تنويع الاقتصاد، فالنجاح سيفسح للعراق الدخول لأسواق عالمية جديدة للمنتجات العراقية، والاستفادة من التسهيلات الجمركية، لا سيما فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية المصدرة مثل التمور والشعير.

وبحسب إحصاءات رسمية لوزارة الزراعة العراقية، فإن بغداد صدّرت 130 ألف طن من التمور خلال الشهرين الماضيين، وتعتزم تصدير 700 ألف طن من الشعير بعد تحقيقها الاكتفاء الذاتي من المحصول.

ويرى المرسومي أن عدم تنويع الاقتصاد سيؤدي إلى الإضرار بالعراق من خلال خفض تعرفته الجمركية أو إلغائها، ما سيحرم البلاد من واردات إضافية، مشيراً إلى أنه قبل قبول الطلب العراقي يجب التخلي عن بعض القيود الموضوعة من قبل المؤسسات الحكومية، مثل الرزنامة الزراعية التي تمنع استيراد أصناف معينة من الخضراوات في مواسم محددة.

وتعتمد وزارة الزراعة العراقية على نظام يسمى "الروزنامة الزراعية" التي بموجبها يمنع استيراد أصناف معينة من الخضر والفواكه في فترة محددة من السنة، وذلك عند وفرة المنتج المحلي من الصنف نفسه.

المزيد من اقتصاد