وسط تفاؤل أممي، انطلقت جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي في العاصمة التونسية صباح الإثنين، بهدف إيجاد سلطة تنفيذية جديدة موحدة، تمهد لمرحلة انتخابات تنهي الفترات الانتقالية.
وحثت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، الليبيين على العمل من "أجل ليبيا جديدة" بعد سنوات من الحرب والدمار، لافتة إلى أن طريق الوصول إلى "هذا الملتقى لم تكن مفروشة بالورد، ولم تكن سهلة".
لكنها عبرت في كلمتها خلال افتتاح جلسات الملتقى، عن تفاؤل الأمم المتحدة بـ "الخطوات الواثقة في المسارات المتعددة، بالاعتماد على عزيمة وإرادة الشعب الليبي، وحقه في حماية وطنه وسيادته وثروات بلاده".
وتشارك 75 شخصية ليبية في أعمال الملتقى الذي يمتد ستة أيام، "تمثل مختلف الفئات المجتمعية والسياسية"، وفق بيان سابق للبعثة الأممية في ليبيا، التي حددت مهمات الملتقى في التوافق على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة وموحدة، وقاعدة دستورية تمهد لوصول البلاد إلى مرحلة انتخابات تنهي الفترات الانتقالية.
رفض أطراف مسلحة
ولا يبدو سقف تفاؤل الأمم المتحدة مرتفعاً، فربما "لن يحل ملتقى الحوار السياسي الليبي مشكلات ليبيا كلها، لكن الفشل في حل بعضها قد يجعل إنهاء النزاع في المستقبل مستحيلاً"، بحسب ويليامز، على الرغم من إقرارها بأن "الجولة الناجحة من المحادثات العسكرية في غدامس" الأسبوع الماضي تدعم نجاح هذا الملتقى، في إشارة منها إلى تفهم الأمم المتحدة خطورة رفض أطراف مسلحة تابعة لحكومة الوفاق مخرجات الملتقى، وتمسكها ببقاء المجلس الرئاسي الحالي في طرابلس.
واللافت في كلمة ويليامز إشارتها إلى أن "الهدف الأساسي للبرنامج السياسي الوطني هو تجديد الشرعية السياسية"، ما يراه الصحافي الليبي سالم عرفة إصراراً من البعثة على دفع الوضع السياسي في البلاد نحو تجاوز الاتفاقات السياسية، سواء الصخيرات الموقع قبل ست سنوات، أو التعديلات التي تجرى عليه حالياً في تونس.
وبحسب عرفة، فإن متغيرات الوضع العسكري وآثارها على مواقف الدول الداعمة لأطراف الصراع الليبية ربما وفرت مناخاً جديداً يمكّن الملتقى من الخروج بنتائج ملموسة. ويقول إن "البعثة التي تقف وراءها عواصم قوية على رأسها واشنطن، أدركت تأثير ورقة السلاح في جهودها، لذا بادرت إلى تقديم محادثات المسار العسكري"، معتبراً أن اتفاق جنيف الموقع بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة، شكّل أرضية صلبة لجهود الأمم المتحدة.
إنهاء المرحلة الانتقالية
وتشدد البعثة في أغلب بياناتها المتصلة بالملتقى الحالي على وصف المرحلة المقبلة بــ "التمهيدية"، في إشارة إلى رغبتها في دفع الوضع السياسي في البلاد نحو إنهاء المرحلة الانتقالية الحالية التي أنتجها اتفاق الصخيرات، من دون أن تتمكن من تحقيق الاستحقاقات المنوطة بالهياكل السياسية المنبثقة عنه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الباحث الليبي في الشؤون السياسية فرج المسلاتي، يرى أن المسعى الأممي على الرغم من سعيه إلى تجميد دور السلاح في المرحلة الحالية، إلا أنه يهدف إلى تغيير خريطة التحالفات الدولية المرتبطة بالملف الليبي.
ويعتبر المسلاتي أن "إزاحة الطبقة السياسية المرتبطة بأطراف إقليمية، مثل الشخصيات النافذة في طرابلس والمتحالفة مع أنقرة، وأخرى في الطرف المقابل على علاقة بموسكو، يعكس وجود عواصم كبرى وراء التغييرات المنشودة في ليبيا"، ويؤكد أن ربط المتغيرات الجديدة بمعطيات ميدان القتال ليس صحيحاً، فهناك الحليف التركي لطرابلس ودوره في الأزمة الليبية وتأثيره في شرق المتوسط.
صمت في طرابلس
وفيما لم يصدر عن مجلسي النواب والدولة أي تعليق في شأن بدء جلسات الملتقى السياسي في تونس، يلتزم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الصمت منذ إعلان رئيسه فايز السراج التراجع عن استقالته نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسط حديث الصحافة التركية عن زيارة مرتقبة سيجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طرابلس.
وعلى الرغم من تفاؤل البعثة الأممية بنجاح محادثات غدامس المتصلة بالاتفاق العسكري الليبي، مما دفعها إلى تشجيع المشاركين في ملتقى تونس على التحلي بـ "روح المسؤولية التي تحلى بها أعضاء اللجنة العسكرية"، فإن المسلاتي يعبر عن مخاوفه من "ألا يتجاوز الاتفاق العسكري الورق الذي كتب عليه"، وفق تعبيره.
ويسأل قائلاً، "لو اتفق أعضاء الملتقى على اختيار سلطة جديدة، فكيف يمكنها العمل في ظل انتشار السلاح والميليشيات ومن سيحميها"، مضيفاً "اقترحت مدينة سرت كمقر توافقي للحكومة، والواقع لا يصدق أن مدينة لا تزال رهينة السلاح حتى الآن ستحتضن أية حكومة".
ويؤكد المسلاتي أن أية نتائج للملتقى ستكون رهينة تطبيق بنود الاتفاق العسكري الذي لم تتشكل لجانه الفرعية، ولم يطبق منه بند واحد حتى الآن.