Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إرث أوباما يلاحق بايدن في "شرق أوسط جديد"

مع حلول الساكن الجديد للبيت الأبيض في النصف الثاني من يناير المقبل، تتجه أعين المراقبين إلى التغيرات التي ستطرأ سريعاً على السياسات الأميركية

فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية، قاطعاً الطريق على دونالد ترمب للحصول على ولاية ثانية، ما لم تعترضه عقبات قانونية، وسط تأكيد ترمب بأنه سيلجأ إلى القضاء في قضية الانتخابات.

ومع حلول الساكن الجديد للبيت الأبيض في النصف الثاني من يناير (كانون الثاني) المقبل، موعد تنصيب الرئيس المنتخب، تتجه أعين المراقبين إلى التغيرات التي ستطرأ سريعاً على السياسات الأميركية.

بداية من المتوقع أن بايدن سيبادر إلى رد سريع على عدد من سياسات ترمب الداخلية، إذ يبدو أن هناك خطة للتراجع عن أوامر ولوائح الرئيس الجمهوري التنفيذية التي ستعيد حماية البيئة والعمالة، وتعيد قانون الرعاية الصحية الشامل (أوباما كير)، وأخرى تتعلق بقضية الهجرة. وفي تعليقات سبقت انتخابه بأيام، تعهد بايدن بأنه في حال انتخابه رئيساً، فسيوقع أمراً تنفيذياً لتشكيل فريق عمل يلم شمل 545 طفلاً مهاجراً تم فصلهم عن عائلاتهم. 

المهاجرون                                                         

وعلى الرغم من أن هذا التعهد الذي ورد في إعلان رقمي بثته حملة بايدن الانتخابية في ولايات أريزونا وفلوريدا ونورث كارولينا وبنسلفانيا ونيفادا، كان ينظر إليه على أنه مغازلة للناخبين اللاتينيين في المرحلة الأخيرة قبل الانتخابات، غير أن قضية المهاجرين تحظى باهتمام واسع داخل الولايات المتحدة، بخاصة مع النظر إلى الصخب الذي شهدته إدارة ترمب في شأن قراراتها الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين من المكسيك.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن المتوقع أن يعود بايدن إلى العديد من سياسات الهجرة نفسها التي كانت سائدة خلال إدارة أوباما، وتشمل حماية برنامج (الحالمون DACA) وتوسيعه، وقبول ما لا يقل عن 125 ألف لاجئ سنوياً، والسعي للحصول على عفو عن 11 مليون أجنبي غير شرعي، كما من المتوقع أن يتراجع الرئيس المنتخب عن القرار التنفيذي الذي أصدره سلفه قبل أربع سنوات بحظر مواطني بعض الدول من دخول الولايات المتحدة لأسباب أمنية، ومن بينهم دول ذات غالبية مسلمة، وهو ما وصفه بايدن في وقت سابق بـ "حظر المسلمين". 

السياسة الخارجية

هناك القليل من التوقعات بأن يجعل بايدن السياسة الخارجية محور جدول أعماله خلال عامه الأول في المنصب، إذ أشار مراراً إلى أن أولويته ستكون مكافحة جائحة فيروس كورونا، الذي أدى إلى وفاة أكثر من 236 ألف أميركي، كما سيركز جهوده على إحياء الاقتصاد. 

لكن في الوقت نفسه يُرجّح أن يتخذ خطوات مبكرة من شأنها أن تجذب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، بما في ذلك إعادة الانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ، وإعادة بناء العلاقات المهمة مع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا، والإشارة إلى استعداده إعادة فتح الحوار مع إيران، وتأكيد الدعم للاتفاق النووي الإيراني.

بالنسبة للشرق الأوسط، فإن الإدارة الجديدة يلاحقها إرث أوباما الذي لم يكن إيجابياً بالنسبة لشعوب المنطقة، إذ ارتبطت رئاسته بالصراعات التي بدأت في اليمن وليبيا وسوريا، والتوترات التي استمرت في العراق خلال فترة ولايته. كما يربط المصريون بين أوجه إدارة أوباما وجماعة الإخوان التي حظيت بدعم خاص من إدارة أوباما – بايدن، بل دافعت عن الرئيس الراحل محمد مرسي كرئيس منتخب، في وقت كانت فيه شوارع مصر تعج بملايين المتظاهرين المطالبين برحيل الإخوان عن الحكم، فضلاً عن احتجاجات واسعة منذ عام 2012 بسبب ما اتخذه من إجراءات لتوسيع سلطاته. ولهذه الأسباب أعرب كثير من الأميركيين العرب عن عدم رغبتهم في التصويت لبايدن خلال الانتخابات الأخيرة. 

صدام أم تعاون؟

بشكل عام، يشير مراقبون إلى قلق بعض دول الشرق الأوسط من اتخاذ الرئيس المنتخب نهج إدارة أوباما الصدامي مع حكومات المنطقة، فعلى سبيل المثال لم يدعُ أوباما الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لزيارة البيت الأبيض، واعتبرت إدارته الإطاحة بالإخوان المسلمين في يوليو (تموز) 2013 انقلاباً عسكرياً ضد حكومة منتخبة، وجمدت 260 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمدة عامين، كما علقت التدريبات العسكرية المشتركة مع مصر في محاولة للضغط على القاهرة. 

ويخشى كثيرون أن تتولى شخصيات بارزة في عهد أوباما مناصب رئيسة في الإدارة الجديدة، بما في ذلك شخصيات تنتمي لتيار الإسلام السياسي مثل حسن شيبلي، الذي عمل مستشاراً لشؤون المسلمين لدى أوباما بين عامي 2014 و2015، وهو كذلك أحد أعضاء مجلس العلاقات الإسلامية- الأميركية (كير)، المنظمة التي أدرجتها الإمارات ضمن قائمة المنظمات الإرهابية عام 2017، بحسب رئيس المنتدى الإسلامي- الأميركي للديمقراطية زهدي جاسر.  

وحذرت مجلة "فورين بوليسي" من محاولات جناح اليسار الراديكالي (التقدميين) الذي يقوده السيناتور بيرني ساندرز للدفع بسياسات وشخصيات راديكالية في الإدارة الجديدة. وبحسب المجلة الأميركية، فإن التقدميين يقصدون حث بايدن على مواجهة الحكومات في ملف تعزيز الديمقراطية، مشيرة إلى أنه من المرجح أن تطفو على السطح اختلافات حادة في رؤية السياسة الخارجية للحزب حول اختيار وزير خارجية جديد. ومن بين المرشحين المحتملين السيناتور كريس مورفي، ومستشارة الأمن القومي للرئيس باراك أوباما سوزان رايس، والسناتور كريس كونز.

وفي استبيان أجراه مجلس العلاقات الخارجية الأميركية المعروف بأنه مركز بحثي رفيع في نيويورك، انتقد بايدن قبل انتخابه رئيساً سياسة ترمب تجاه حكومات الشرق الأوسط في شأن ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية، لكن مراقبين يعتقدون أن بايدن يسعى لعلاقات أقل توتراً مع دول المنطقة، بخاصة أنه ينتمي للجناح المعتدل في الحزب الديمقراطي، ولا يميل لسياسات تصادمية. 

وفي تعليق لـ "اندبندنت عربية" قال أستاذ السياسة لدى جامعة جون هوبكنز في واشنطن ساشا توبريتش، إن دولاً مثل مصر وتركيا حلفاء مهمون للولايات المتحدة، ومن ثم فإنه من الطبيعي أن يستمر التعاون معها. وأضاف، "على الرغم من أن بايدن سيشير إلى تراجع الحريات وملف حقوق الإنسان، لكن لا أعتقد أن تدهوراً خطيراً سيحدث في العلاقات". 

دعم ثابت لإسرائيل

الرئيس المنتخب جو بايدن يواجه شرق أوسط مختلفاً عن الذي غادره في 2016، فالمنطقة تشهد كثيراً من التحالفات الجديدة، وواقعاً سياسياً مغايراً، ليس أقله اتفاقات السلام العربية – الإسرائيلية، أو ما يعرف بـ "اتفاقات إبراهيم"، إذ أعلنت إدارة ترمب في أغسطس (آب) من العام الحالي معاهدة سلام تجمع إسرائيل والإمارات أولاً، ثم لحقتها البحرين وأخيراً السودان، وهي الاتفاقات التي حظيت بثناء من بايدن في الوقت الذي كان فيه مرشحاً منافساً لترمب.

 

وعلى الرغم من إشادته بها رفض الرئيس الأميركي المنتخب أن يخص إدارة ترمب وحدها بهذا الانتصار، وقال إن "التقاء إسرائيل والدول العربية يبنى على جهود الإدارات المتعددة لتعزيز انفتاح عربي- إسرائيلي أوسع، بما في ذلك جهود إدارة أوباما وبايدن للبناء على مبادرة السلام العربية"، ولذلك فإن دعم تل أبيب يظل محوراً رئيساً ضمن سياسات إدارة بايدن مثلما كان وقت أوباما، إذ قال خلال تعليقات سابقة "إن التزامي بإسرائيل لا يتزعزع على الإطلاق كرئيس، سأواصل مساعداتنا الأمنية"، مشيراً إلى أن المستوى الحالي للمساعدة العسكرية المقدمة إلى تل أبيب هو نتيجة لاتفاق وقعته مع إدارة أوباما عام 2016، عندما كان نائباً للرئيس. وأضاف، "سأحافظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل".

وقال بايدن إن الفلسطينيين بحاجة إلى إنهاء "التحريض" في الضفة الغربية والهجمات الصاروخية من غزة، مشيراً خلال تصريحات سابقة إلى أن "ما يدرسونه في مدارسهم لا يزال في الكتب، بغض النظر عن الخلاف المشروع الذي قد يكون لديهم مع إسرائيل، فهذا ليس مبرراً للإرهاب على الإطلاق، ولا ينبغي لأي زعيم أن يفشل في إدانة أولئك الذين يرتكبون هذه الأعمال الوحشية باعتبارهم إرهابيين". ودعا الفلسطينيين إلى الاعتراف بشكل قاطع بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة.

وعلى الرغم من أنه تعهد بإعادة المساعدات المالية الأميركية لدعم الفلسطينيين، التي علّقها ترمب، إلا أن بايدن أكد أيضاً أنه سيدعم بشكل كامل قانون "تايلور فورس"، الذي يحظر وصول المساعدات الأميركية إلى بعض الكيانات الفلسطينية التي تمنح رواتب لعائلات الفلسطينيين الذين قتلوا في هجمات شنوها على الإسرائيليين.

البحث عن مخرج

السلام بين إسرائيل والدول العربية يحقق للولايات المتحدة مخرجاً بعيداً من توترات المنطقة. وبحسب أحد كبار مستشاريه الذي تحدث لمجلة "فورين بوليسي" مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي دون ذكر اسمه، فإن الشرق الأوسط سيتراجع ترتيبه في أجندة أولويات بايدن إلى ما بعد أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث التنافس مع الصين وأميركا اللاتينية.

الشرق الأوسط "أقل أهمية بشكل ملحوظ" بالنسبة للولايات المتحدة مما كان عليه من قبل، على حد تعبير مقالة كتبتها المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية في إدارة أوباما تامارا كوفمان ويتس، والمسؤولة السابقة في البنتاغون في إدارة أوباما مارا كارلين، إذ خلصتا إلى أن الوقت قد حان "لوضع حد للتفكير بالتمني حول قدرة واشنطن على التأثير في الديناميكيات الداخلية أو الحسابات الخارجية للفاعلين الإقليميين".

وفي تصريح خاص، كشف الزميل الرفيع لدى المجلس الأطلسي في واشنطن بهنام بن طالبلو، عن أن الرئيس الأميركي المنتخب لا يريد الاستمرار في "مستنقع إقليمي". وأشار إلى التركيز الأميركي نحو نقطة أكثر توتراً بالنسبة للولايات المتحدة. يقول، "سمعت حديث أوباما عن التمحور نحو آسيا، وتحدث ترمب عن منافسة القوى العظمى"، لذا إذا كان هناك تغيير في 2020، فمن المحتمل أن يواصل الرئيس المنتخب البحث عن مخرج من المنطقة.

عودة إلى الاتفاق النووي

أما في ما يتعلق بإيران، فإن بايدن قال سابقاً إنه يأمل في إعادة الانضمام إلى خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، وقد يعرض تخفيف العقوبات كبادرة حسن نية. ويتوقع بن طالبلو أن يتخذ بايدن طريقة مختلفة تماماً عن إدارة ترمب، مشيراً إلى احتمال كبير بالتراجع عن حملة الضغط القصوى التي اتبعتها الإدارة السابقة المتعلقة بفرض عقوبات قاسية، مع إيجاد طريقة بموجب اتفاق مؤقت لوقف نمو برنامج إيران النووي. وأشار إلى أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت إدارة بايدن قادرة على العودة إلى الاتفاق النووي.

لكن على الرغم من أن الديمقراطيين ينتقدون ترمب بسبب قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، فإن غالبية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، بما في ذلك بعض منتقدي ترمب في اليسار، أيدوا قبلاً تمديد الحظر الدولي للأسلحة على إيران، والذي انتهى رسمياً في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، وقّع مئات من أعضاء مجلس النواب من كلا الجانبين رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، يحثون فيها على تمديد الحظر. وتنص الرسالة، "نحن قلقون من أن انتهاء الحظر سيؤدي إلى قيام مزيد من الدول بشراء وبيع الأسلحة من وإلى إيران. يمكن أن يكون لهذا عواقب وخيمة على الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائنا الإقليميين". 

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة