Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شح الموارد ينذر برفع الدعم عن مزيد من السلع الأساسية بالنسبة إلى السوريين

توقعات بأن تطال تلك الحركة مواداً أخرى في مقدمها الغاز المنزلي والمازوت المدعوم

شح الموارد وانخفاض الليرة أديا إلى رفع الدعم عن الخبز في سوريا (اندبندنت عربية)

"لم تعد ثلاث ساعات من الانتظار كفيلة لكسب أرغفة محدودة من الخبز الطازج، فالأمر يحتاج إلى مدة أطول وصبر لا ينفد"، هكذا تحدث إلينا مواطن سوري مسن يقف متوسطاً طابوراً طويلاً أمام المخبز الآلي في العاصمة دمشق، مؤكداً أن هذه الحصة اليومية "لن تكفيه وأفراد عائلته".

معاناة الطوابير 

وإن ألِف السوريون حياة الطوابير في سنوات الحرب، منها أمام الأفران، غير أن قراراً جديداً برفع سعر الخبز مئة في المئة، شكل ضربة موجعة لقوت المواطنين اليومي ولقمة عيشهم، مع ازدياد تدني مستوى الناس الاقتصادي، على حساب بروز طبقة أثرياء الحرب.

صدمة زيادة رفع ثمن الخبز والطحين، هبطت كالصاعقة على رأس السوريين الذين يكتوون بلظى ارتفاع الأسعار، بينما ما برح حوت الغلاء يبتلع كل شيء، بما في ذلك الرغيف المدعوم. إذ لم تعد مائدة السوريين تحرسها الخطوط الحمراء، بعد تهاوي حصون الدعم الحكومي (التمويني) عقب رفعه عن مواد مثل السكر والأرز وغيرهما وصولاً إلى الوقود.

وشكّل الرغيف الأسمر بالفعل القوت الأساسي للناس، بعدما باتت تكلفة مائدة متوسطة الحال ليوم واحد تقارب إنفاق راتب شهر واحد عقب انهيار قيمة الليرة، 2500 ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي، وهو سعر الصرف غير الرسمي المتداول.

عجز حكومي

من جهته، يصف الباحث الاقتصادي في الشأن السوري آدم خوري القرار بخليط من عجز، وفشل حكومي ناتج عن شح الموارد (القمح مثلاً، والدولار لاستيراده)، إضافة إلى أسباب كثيرة أدت إلى ذلك، مثل ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة السورية.

ويتوقع خوري رفع الدعم عن مواد لاحقة في الأيام المقبلة، منها الغاز المنزلي والمازوت المدعوم. وقال "بات التلميح الحكومي أكثر وضوحاً. اليوم مثلاً مدير شركة المحروقات يشتكي من الازدحام، ويُرجع السبب للفرق الكبير بين سعر المازوت المدعوم ونظيره الصناعي".

وهذا التفاوت في الأسعار بين المدعوم وغير المدعوم يدفع، حسب خوري، سائقي حافلات النقل المتوسطة الحجم في المدن إلى الحصول على مخصصاتهم وبيعها في السوق السوداء، وإيقاف سياراتهم، مع تحقيق أرباح معقولة من فرق السعر، وبذلك من الممكن رفع سعر المازوت أيضاً، كما لمح سابقاً إلى الطحين.

القمح لا يكفي

وتعاني سوريا انحساراً وتراجعاً في محصول القمح، بفعل الجفاف والحرب، وكذلك بسبب وقوع بعض الأراضي الزراعية تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية و(قسد). وحيال هذا شكلت تلك العوامل مجتمعة نضوباً في أكبر مخزون للقمح السوري، كان قبل الصراع يكفي البلاد عامين في زمن الوفرة، ومن دون إنتاج. وزاد المشهد سوداوية تدني مستويات التوريدات القادمة بحراً من دول حليفة، مثل روسيا بفعل الحصار المفروض، وحاجة الخزانة إلى القطع الأجنبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومقابل ذلك، بررت وزارة التجارة الداخلية قرارها الصادم للناس، بالأعباء التي تتكبدها من التكاليف العالية لصناعة الخبز، وبصعوبات تأمين القمح والدقيق. إذ قال رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس، قبل أيام من رفع الدعم، إن كميات القمح المستجرّة "لا تكفي البلاد شهراً"، وتشتري الحكومة القمح اليوم بـ280 دولاراً للطن الواحد.

يأتي هذا مع معلومات واردة عن نجاح أحد رجال الأعمال السوريين في توقيع اتفاقات مع بيلاروس، لتوريد القمح والطحين والمشتقات النفطية إلى البلاد من دون قيد أو شرط، مع الحديث عن نجاح هذه الصفقات وسط دخول قانون العقوبات الأميركي "قيصر" حيز التنفيذ في 16 يونيو (حزيران) الفائت.

رفع الدعم والدفع للمجهول

واليوم، يحصل المواطن السوري على كمية مخصصة من الخبز لا أكثر، عن طريق البطاقة الذكية، ومن يحتاج إلى زيادة أو تزيد حاجته على ما خُصص له، عليه اللجوء إلى الأفران الخاصة التي تبيع "ربطة الخبز" بعشرة أضعاف سعرها المدعوم.

ويبلغ متوسط الدخل الشهري لرواتب الأفراد ما يعادل 20 دولاراً، ومع زيادة سعر الخبر يسقط آخر حصون المواد التموينية التي دعمت منذ 1963. وبحسب خوري فإن رفع الرواتب والأجور "سيكون كارثياً"، موضحاً "زيادة الراتب لن تعطي الفعالية المرجوة منها، لأن ارتفاع الدولار سيقضي على فوائد هذه الزيادة، والمواطن سيتعرض لضرر أكبر".

وأضاف، "الحل بتحريك الاقتصاد وتخفيض سعر الدولار بشكل أساسي، ورفع قيمة الليرة، بالتالي تهبط الأسعار، ويشعر المواطن بالفرق، وتخفف قدر الإمكان وطأة الأزمة الاقتصادية، التي تلم بالسوريين، خصوصاً بعد الإغلاق بسبب كورونا، وقبلها تداعيات الحرب الداخلية". مشيراً إلى أن "التضخم وصل إلى حدود وقيم كبرى، وأي زيادة في الرواتب ستزيد الكتلة النقدية، ومن ثمّ ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الليرة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي