Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يصدر أمرا تنفيذيا قد يدمر إدارة بايدن المستقبلية

من خلال هذا الأمر أعلن الرئيس ترمب الحرب على الخدمة المدنية المهنية عن طريق منح نفسه السلطة لشغل الوظائف الحكومية بأنصاره السياسيين

الاقتراع المبكر بدأ في ولايات أميركية كثيرة لكن النتائج قد تثير جدلا غير مسبوق (أ.ف.ب)

إن من شأن الأمر التنفيذي الذي أصدره دونالد ترمب حديثاً أن يمنحه السلطة لشن حملة تدميرية قد تشل إدارة بايدن في المستقبل. وإذا ما خسر الرئيس الحالي محاولة إعادة انتخابه، فإن هذا الأمر قد يمنحه سلطة غير محدودة بشكل كبير لطرد خبراء مثل الدكتور أنتوني فاوتشي، تاركاً وراءه مجموعة من الموالين الثابتين بهدف تقويض عمل خليفته، وفقاً لخبراء قانون العمل الفيدرالي.

ويهدف الأمر الذي أصدره البيت الأبيض في وقت متأخر من مساء الأربعاء الأسبوع الماضي، إلى نزع أشكال الحماية المرتبطة بالخدمة المدنية من مجموعة واسعة من موظفي الخدمة المدنية المهنيين، إذا تقرر أنهم يعملون في "مناصب سرية محددة للسياسات، أو صانعة للسياسات أو مناصرة للسياسات"، وهو وصف مخصص سابقاً للمعينين السياسيين الذين يتغيرون مع تغيير الإدارة. وسيتم ذلك عن طريق إنشاء فئة جديدة لمثل هذه الوظائف لا تتغير مع تغير الإدارة، وستتم إعادة تصنيفهم ضمن هذه الفئة. ولقد تم تكليف مكتب إدارة شؤون الموظفين - وهو بالأساس قسم الموارد البشرية الخاص بالسلطة التنفيذية - بتنفيذ الأمر من خلال نشر قائمة "أولية" بالمناصب التي سيتم نقلها إلى الفئة الجديدة بحلول آخر يوم للرئيس دونالد ترمب في منصبه في 19 من يناير (كانون الثاني) 2021.

ويقول الخبراء إن هناك عدداً كبيراً من الموظفين الذين يمكن تجريدهم من تدابير الحماية ووضعهم في هذه الفئة الجديدة، التي يمكن أن تشمل معظم الخبراء غير المحزبين - مثل العلماء، والأطباء، والمحامين، والاقتصاديين - الذين يفترض أن يكون عملهم في تقديم المشورة وإبلاغ صانعي السياسات مدفوعاً بالحقائق وخالياً من السياسة. ولقد اصطدم ترمب مراراً مع هؤلاء الموظفين في سياقات متنوعة، بدءاً من رغبته في تصوير جائحة كوفيد-19 على أنها منتهية بشكل كبير، إلى محاولاته تمكين حلفائه من الإفلات من العقاب على جرائم فيدرالية، إلى إصراره الخيالي على أن علماء هيئة الأرصاد الجوية الوطنية يدعمون ادعاءه الخاطئ بأن ولاية ألاباما كانت مهددة بإعصار لم يكن متجهاً صوبها.

يحتمل أن يؤدي إنشاء الفئة الجديدة - المعروفة باسم "الجدول F" - ونقل موظفي الخدمة المدنية الحاليين إليها، إلى السماح للرئيس ترمب خلال المرحلة الانتقالية بشل إدارة خليفته من خلال طرد أي موظف اتحادي تم إدراجه في القائمة. كما يمكن أن يسمح لمسؤولي إدارة ترمب بتجنب الحظر المفروض على الممارسة المقيدة بشدة لتحويل المعينين السياسيين (المعروفين باسم موظفي "الجدول C") إلى موظفين مدنيين محترفين - من خلال تعيينهم ضمن الفئة الجديدة لشغل مناصب لا تنتهي بولاية ترمب. ويأمر بند آخر في الأمر التنفيذي الوكالات باتخاذ خطوات لمنع استبعاد المعينين في "الجدول F" من وظائفهم على أساس "الانتماء السياسي،" وهو ما قد يمنع الإدارة المستقبلية من طرد المعينين غير المؤهلين بسبب ارتباطهم بالرئيس ترمب.

ويصف والتر شاوب، الذي أدار مكتب أخلاقيات الحكومة خلال السنوات الأربع الأخيرة من إدارة أوباما والأشهر الستة الأولى من إدارة ترمب، الأمر التنفيذي بمثابة "هجوم ذي شقين - محاولة يائسة لتمكينهم من الاختباء إذا خسروا الانتخابات، لكن إذا فازوا في الانتخابات، فإن ذلك كله يمكن أن يؤدي إلى تدمير الخدمة المدنية... و[قد] يعيدنا ذلك إلى نظام الغنائم وكل الفساد الذي يأتي معه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح شاوب أن الخدمة المدنية غير المحزبة تعتبر في جوهرها واحدة من أبسط إجراءات مكافحة الفساد التي يمكن لأي حكومة أن تنفذها "لأنها تسمح للموظفين الفيدراليين بعصيان الأوامر غير القانونية، والتحلي بالأخلاق ومقاومة الاحتيال والهدر وسوء المعاملة".

ويضيف أن "استبعاد هؤلاء سيخلق أطراً من الأشخاص المتخوفين جداً أو المخلصين لسياسي معين بدلاً من حكم القانون والدستور. هذا هو الهدف هنا".

ولقد شجب إيفريت كيلي، الرئيس الوطني لأكبر نقابة للموظفين الفيدراليين، وهي الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة، هذه الخطوة في بيان يوم الخميس ووصفها بـ"أعمق عملية تقويض للخدمة المدنية في حياتنا".

وأضاف كيلي أنه "من خلال هذا الأمر، أعلن الرئيس ترمب الحرب على موظفي الخدمة المدنية عن طريق منح نفسه السلطة لشغل الوظائف الحكومة بأنصاره السياسيين الذين يقسمون بالولاء الثابت له، وليس لأميركا". وأضاف أنه "من خلال استهداف الموظفين الفيدراليين الذين يعملون في السياسات الحكومية، فإن التداعيات الفعلية لهذا النظام ستكون كارثية على الصحة العامة والبيئة والدفاع عن وطننا وكل جوانب حياتنا تقريبا".

ووصف النائب الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، جيري كونولي، الذي يرأس اللجنة الفرعية لشؤون الخدمة المدنية في مجلس النواب، الأمر بأنه "هجوم آخر على الموظفين الفيدراليين لا يُعالج أياً من المشاكل التي يمكن أن تعيق التوظيف والتعاقد الفيدرالي الفعال". وأضاف أنه يعتبر الأمر "حيلةً رخيصةً للسماح لإدارة ترمب باستبدال الولاء والمنفعة الشخصية بالمواهب والحنكة". من جانبه، وصف ماكس ستير، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة "الشراكة من أجل الخدمة العامة" غير الحزبية، الأمر بأنه "مقلق بشدة"، وحذر من أنه "قد يؤثر على قطاعات واسعة من الموظفين الفيدراليين خلال الأشهر القليلة المقبلة من دون تدخل الكونغرس وموظفي الخدمة المدنية وأصحاب المصلحة الرئيسين الآخرين".

وأضاف أن "إمكانية وضع أي عدد من المناصب الوظيفية الحالية في الجدول F الجديد هذا، لا يطمس فحسب الحدود الفاصلة بين السياسة والكفاءة المحايدة للخدمة المدنية المهنية، بل يقضي عليها".

في غضون ذلك، قدم مصدر جمهوري عمل مسؤولاً تنفيذياً فيدرالياً كبيراً في الإدارات الجمهورية السابقة، مراجعة أكثر إيجازاً لأحدث إجراء تنفيذي اتخذه ترمب، قائلاً "إنه لأمر سيئ، مهما كانت نظرتك إليه".

وتقول مصادر في الإدارة، إن التوجيه الأخير يعتبر إلى حد كبير فكرة جيمس شيرك، أحد كبار مساعدي ترمب الذي تركز عمله في مجلس السياسة المحلية أساساً على ابتكار أساليب تساعد إدارة ترمب على تقويض نقابات الموظفين الحكوميين وإضعاف نظام الخدمة المدنية. وتعتبر مثل هذه المساعي أهدافاً طويلة الأمد للحركة المحافظة الأميركية، التي كانت تنظر على مدى سنوات إلى القوى العاملة الفيدرالية المنتمية إلى النقابات وذات المستوى التعليمي العالي والمتنوعة عرقياً، باعتبارها جيش احتلال مُعادياً ومُوالياً للحزب الديمقراطي المُناصر للنقابات بشكل أكثر قوة.

لكن، بينما كان الرؤساء الجمهوريون السابقون على استعداد للتظاهر على الأقل بالاهتمام بمزايا وجود قوة عاملة فيدرالية ماهرة ومهنية وغير مُسيَّسة، وجد المدافعون عن تقويض الخدمة المدنية حليفاً راغباً في ترمب، الذي هاجم بانتظام القوى العاملة الفيدرالية باعتبارها "دولة عميقة" منحازة للديمقراطيين عملت على تقويض رئاسته.

على سبيل المثال، في وقت سابق من هذا العام قال مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض آنذاك، هوغان غيدلي، إن البيت الأبيض كان يعتزم اتخاذ خطوات لإزالة من قال إنهم "أشخاص داخل الحكومة الفيدرالية يعملون ضد هذا الرئيس" ويسعون وراء "أجندتهم السياسية الأنانية" بدلاً من إظهار الولاء لترمب.

وأضاف غيدلي، الذي غادر البيت الأبيض في يوليو (تموز)، ويعمل حالياً متحدثاً قطرياً باسم حملة إعادة انتخاب ترمب أنه "ليس سراً أننا نريد أشخاصاً في المناصب يعملون مع هذا الرئيس، وليس ضده، وغالباً ما يكون لدينا أشخاص في هذه الحكومة – أعني أن الحكومة الفيدرالية ضخمة، حيث بها ملايين الأشخاص - وهناك الكثير من الأشخاص الذين يعملون ضد هذا الرئيس، وعندما نجدهم سنتخذ الإجراء المناسب".

في غضون ذلك، يشتد ازدراء الإدارة لموظفي الخدمة المدنية المهنيين تحت ضغط السباق الانتخابي للفوز بولاية ثانية (لترمب) في ظل كوفيد-19.

ولقد خصص ترمب مستوى خاصاً من الغضب للعلماء مثل فاوتشي، خبير الأمراض المعدية الرئيس في البلاد. ففي مكالمة هاتفية مع موظفي حملته الانتخابية الأسبوع الماضي، ورد أن الرئيس اشتكى من عدم قدرته على طرد فاوتشي؛ لأن القيام بذلك سيكون مثل "قنبلة" في العلاقات العامة.

ولكن في حال خسارة سباق إعادة انتخابه الأسبوع المقبل، فإن الأمر التنفيذي سيبدو مصمماً لتمكينه من الانتقام من فاوتشي وأي مسؤول اتحادي آخر يلومه على خسارته، بحسب بيث نوفيك، كبيرة مسؤولي الابتكار في ولاية نيو جيرسي، وأستاذة في جامعة نيويورك شغلت منصب النائب الأول لرئيس شؤون التكنولوجيا في الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، قالت نوفيك، إن هذا الأمر التنفيذي هو بمثابة "الخطر المزدوج المتمثل في طرد فاوتشي واستبداله بمنظم (حفلة) زفاف إريك ترمب بشكل دائم". وشبهت الأمر التنفيذي بسلاح "قفاز إنفينيتي" الخيالي المشهور في أفلام أفينجرز Avengers، في إشارة إلى الطريقة التي يمكن بها لترمب التخلص من عدد لا يحصى من الموظفين الفيدراليين الدائمين بجرَّة قلم.

وأضافت أن "هناك بالتأكيد ميزة" في الأمر تتمثل في إمكانية "التخلص من نصف الخدمة المدنية بإشارة يد"، مشيرة إلى أن الأمر يضع معايير غامضة وغير موضوعية لتحديد ما إذا كان الموظف المُعاد تصنيفه ضمن "الجدولF " يمكن فصله من العمل بسبب "أداء ضعيف".

وتابعت نوفيك أن مثل هذا الغموض يسمح لترمب باستخدام القائمة "الأولية" التي أمر مكتب إدارة شؤون الموظفين بإعدادها لشل خطط إدارة بايدن لمكافحة كورونا من خلال استهداف فاوتشي والعلماء الآخرين أو الإدارة ككل، وذلك بإقالة أعداد كبيرة من الموظفين ذوي الخبرة.

وأشارت إلى أنه "من غير الواضح ما إذا كان هذا سيصبح أداة قاسية لإجراء استئصال جراحي للأشخاص الذين لا يحبونهم، أو ما إذا كانوا سيحاولون فعلاً القيام بما يشبه إراقة دماء أو تطهير".

فيما يتعلق باحتمالية أن يستخدم ترمب أمره التنفيذي لتثبيت عشرات الأنصار لإفساد عمل بايدن، قال مسؤول كبير سابق في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية إن هذا هو ما يحدث حالياً بالفعل.

وأوضح ريك برايت، المدير السابق لهيئة البحث والتطوير في الطب الحيوي المتقدم ونائب مساعد وزير التأهب والاستجابة الذي غادر الخدمة الحكومية بعد أن قام مسؤولو ترمب بخفض رُتبته بسبب تعارضه مع محاولات الرئيس التقليل من شأن جائحة كورونا، أن إدارة ترمب تعمل سلفاً على زرع المُوالين غير المؤهلين في الحكومة.

وقال برايت إنه "مع تغيير الإدارة، هناك قواعد معمول بها تمنع في الحقيقة ضم ​​أي شخص، خاصة في الفترة الزمنية الأخيرة، سواء كانت سنة أو ستة أشهر أو نحو ذلك، لكن ما رأيناه خلال السنوات الثلاث الماضية هو أنهم يضمون ​​الأشخاص طوال الوقت؛ لذا فإنه عندما يرحل أصحاب الجدول C [التابع لإدارة ترمب] والمعينون السياسيون الآخرون، ستظل هناك قاعدة من أنصار [ترمب] داخل الخدمة الفيدرالية".

ولفت برايت إلى أن "العديد ممن تم استقدامهم" هم "أصدقاء وعائلة" مسؤولي إدارة ترمب الذين ظهروا في البداية كمقاولين،"وبعدها بشكل مفاجئ، قاموا بتغيير بطاقات أعمالهم وعناوين بريدهم الإلكتروني، وأصبحوا موظفين فيدراليين".

وعلى الرغم من أن ترمب ومستشاريه قد عانوا كثيراً صعوبة التعلم في ما يتعلق بالقواعد واللوائح الغامضة التي تحكم البيروقراطية الفيدرالية، أشار كل من نوفيك وشوب إلى أن اللغة المركبة المستخدمة في الأمر التنفيذي تهدف بشكل متعمد إلى إخفاء الغرض منه. ويعتقدان أن ذلك علامة على أن ترمب وحاشيته قد بدأوا أخيراً يتقنون التلاعب بالحكومة لتحقيق مآربهم الخاصة.

ومع أن كونولي وغيره من منتقدي الخطوة وصفوا الضرر الذي يمكن أن تحدثه بـ"المحتمل،" قال شاوب إن توقيت انتهاء مهلة الـ90 يوماً (التي منحها للوكالات لتحديد من يجب نقله إلى التصنيف الجديد) يبدو متعمداً من قبل ترمب لمنح خليفته في الرئاسة طلقة الوداع إذا خسر الشهر المقبل. كما أشار إلى أنه، بالنظر إلى نية البيت الأبيض المعلنة لتطهير الموظفين المدنيين غير الموالين له، فقد تكون هناك بالفعل قائمة بالأشخاص الذين سيتم فصلهم من العمل في انتظار التنفيذ.

في هذا الصدد، قال كونولي "أعتقد أن لديهم فرصة واقعية جداً لتجهيز كل شيء بهدف إحداث الضرر، وفي ما يخص وقوف إدارة جديدة للتصدي لذلك، فإن أفعالهم قد لا تلاحظ من قبل من يمكنه إصلاحها حتى يكون الضرر قد تم بالفعل".

© The Independent

المزيد من آراء