لطالما شكلت بيروت في حزنها كما في فرحها، مصدر إلهام للفنانين والمبدعين. فهي المدينة التي تغنى كثيرون بجمالها، وكأنها عروس في ليلة فرحها، ورثاها أهم الشعراء في أوقاتها العصيبة، عبر قصائد، نالت نصيباً كبيراً من الشهرة والانتشار، ورددها عدد من كبار النجوم العرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن بين الأغاني الكثيرة الوطنية التي تغنت بالعاصمة اللبنانية، تبقى أغنية فيروز لـ"بيروت" للشاعر جوزف حرب بصوت فيروز، وأغنية ماجدة الرومي "يا بيروت يا ست الدنيا" للراحل نزار قباني، هما الأشهر على الإطلاق، ولم ينجح أي عمل غنائي في منافستهما. فهما تحضران دائماً في المناسبات الوطنية، وفي الشدائد والأوقات العصيبة من تاريخ لبنان، كما حصل عند انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) الماضي، الذي شكل صدمة لكثيرين حول العالم، من بينهم الفنانون الذين عبروا عن حزنهم بأشكال مختلفة، من بينها إصدار أغاني خاصة ببيروت.
ناصيف زيتون كان أول من غنى لبيروت بعد الانفجار الذي "اقتلع" نصفها، أما نانسي عجرم، فهي آخر من غنى لها، في خطوة رآها البعض متأخرة. لكن تجربة نانسي لاقت كثيراً من الاستحسان، لأنها أجادت الاختيار عندما طرحت "إلى بيروت الأنثى" المأخوذة من إحدى قصائد نزار قباني "إلى بيروت الأنثى، مع اعتذاري". وبين هذين العملين طرحت عشرات الأغاني الوطنية، في سباق محموم بين المغنين، خرج منه كثيرون خاسرين، ربما لأن مزاج الناس لم يكن جيداً، أو ربما لأن معظم من قدمها، ركب الموجة على عجل لمجرد تسجيل موقف وطني، من خلال طرح أغان استعراضية، لم تضف شيئاً إلى الأغنية الوطنية أو إلى رصيده الفني.
اللافت أن أول من بادر إلى الغناء لبيروت، نجوم غير لبنانيين، فبعد ناصيف زيتون، قدم الجزائري الشاب خالد، أغنية "جميلتي بيروت"، بعدما فجع بمشاهد الدمار والشهداء والجرحى، التي تناقلتها الشاشات، وهو حرص على طرحها باللغتين العربية والفرنسية، لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس حول العالم، خصوصاً وأنها لدعم الصليب الأحمر اللبناني. ويروي الشاب خالد أن الغرب تفاعل مع الأغنية لأنها حقيقية، وأن صناعها شاركوا فيها بشكل مجاني، وهم الـ"دي جي" الشهير رودج، والملحن محمد يحيى، والمخرج إيلي برباري. ويوضح الشاب خالد أنه غنى لبيروت لأنها مدينة الحياة والجمال، ولا تستحق البكاء والزعل، وأنه من المعجبين فيروز منذ صغره، وأن العرب جميعاً كبروا على بيروت التي كانت تصور فيها الأفلام، وأن أول حفلة غنائية له فيها كانت في 1993، ومن يومها ارتبط بلبنان وناسه.
حمل عدد لا بأس به من الأغاني عنواناً واحداً هو "بيروت"، فإلى أغنية ناصيف زيتون، أصدرت شانتال بيطار أغنية بالعنوان نفسه، وكذلك نجوى كرم التي تضمن الكليب الخاص بأغنيتها لفتة تكريمية لعدد من مبدعي لبنان من مختلف المجالات، كـالممثل شوشو، الكاتب ميخائيل نعيمة، المخترع حسن كامل الصباح، وفرقة كركلا.
إلى ذلك، اصدر سعد رمضان "آخ يا بيروت"، جوزيف عطية "صلوا لبيروت"، إنجي شيا والملحن جهاد عقل "يا ريت" من كلمات سهام الشعشاع، صلاح الكردي "سامحنا يا لبنان"، الأخوان حسام ومروان الشامي "بو عيون عسلية" المستوحى كلامها من والدة شهيد انفجار المرفأ حمد العطار، علاء زلزلي "بيروت يا ست الدني"، رامي سليقة "والله بكتنا بيروت"، وليد توفيق "ما في صباح الخير يا بيروت"، عاصي الحلاني "قومي يا بيروت"، رامي عياش "أنا ثائر"، معين شريف "قومي تزيني"، ناجي أسطا "شو صعب القرار"، ويارا "ما يهمك يا بيروت".
إلى تلك الأغاني المنفردة، جمع أوبريت "لا يا بيروت" بين أيمن زبيب وأمينة وزين عوض وهمام إبراهيم ومراد ملحم وندى مراد ومهند خلف، والعمل فكرة وكلمات عماد الأسعد، وألحان سليم سلامة.
كما كان للمغنين اللبنانيين في الخارج، حصة في الغناء لبيروت، من بينهم مغنية الجاز الكندية اللبنانية رندا غصوب التي غنت "بيروت مدينتي" باللغة الفرنسية. وهذه الأغنية ولدت في يومين كما تقول صاحبتها، مشيرة إلى أن كلامها البسيط أسهم في إيصالها إلى الناس، وأنها استخدمت في الكليب الخاص بها لوحات مائية عن مدينة بيروت، للتعبير عن الأمل. فالأغنية تبدأ حزينة تعبيراً عن حال المدينة، ثم لا تلبث أن تفتح نافذة أمل وتنتقل إلى غد مزهر. أما ميسا قرعة الحائزة على جائزة "غرامي" للموسيقى وهي مغنية لبنانية أميركية تقيم في لوس أنجليس، فسجلت أغنيتها المصورة "تعا" للشاعر هنري زعيب، رقماً قياسياً فور نشرها. ميسا التي تفاعلت مع نكبة الوطن، استعانت بكلمات الأغنية التي كانت تحتفظ بها، وقدمت عملاً متكاملاً صوتاً وكلمة وموسيقى وصورة. وهي حرصت في الكليب على الجمع بين بيروت في عزها وازدهارها وفرحها ورونقها وبيروت المدمرة، ودعت إلى التعايش بين أبناء الوطن الواحد، وتلبية نداء العودة إليه.
يشار إلى أنه كان هناك إجماع من قبل رواد السوشيال ميديا على أنه كان الأفضل لو لم يقم النجوم اللبنانيون بطرح أغان وطنية، شبه مرتجلة وسريعة ولا تحمل جديدا، والاستعاضة عنها بتقديم الدعم المعنوي والمادي للمتضررين من الانفجار عبر تخصيص حفلات يعود ريعها للعائلات.