Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريكست: ماذا سيحصل للبريطانيين في غياب اتفاق؟

تعطل ضخم للتجارة البحرية عند الحدود ومعاناة للحفاظ على إمداد العقاقير وخسارة كبيرة للناتج المحلي الإجمالي

يحوم حول المملكة المتحدة مجدداً التهديد بحدوث بريكست من دون اتفاق، فيما يواصل رئيس الوزراء بوريس جونسون محادثات اللحظة الأخيرة في محاولة الوصول إلى اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.

وقال جونسون لحكومته الأسبوع الماضي إن الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق يجب "ألا يخيف" بريطانيا، لكن هل كان على حق؟

فما هي الآثار المحتملة لخروج من دون اتفاق؟

تعطل ضخم للتجارة البحرية عند الحدود

في سبتمبر (أيلول)، وضع الوزير مايكل غوف ما اعتبرته الحكومة "سيناريو أسوأ حال معقولة"، حتى وإن تم الوصول إلى اتفاق بحلول نهاية العام.

واستنتجت الحكومة أن ما يصل إلى 70 في المئة من الشاحنات المتوجهة إلى الاتحاد الأوروبي قد لا تكون مستعدة للضوابط الجديدة التي تفرضها أوروبا على حدود الدول غير الأعضاء.

وقد تتراجع التجارة البحرية إلى أقل من ثلثي مستواها الطبيعي، ما يتسبب بطوابير من 7 آلاف مركبة في منطقة كينت، تستمر ليومين، بسبب النقص في قدرة تخزين البضائع.

 افتراضات الحكومة في شأن تخفيف ما سمته "الاضطراب المستدام" للسوق بعد ثلاثة أشهر، تعتمد جزئياً على تخفيف فرنسا الضوابط الحدودية أو زيادة قدرتها على إجراء هذه الضوابط.

واستنتج المخططون أن شركات كثيرة، بما في ذلك الأغلبية الساحقة من الشركات الصغيرة، لن تكون مستعدة مع نهاية المرحلة الانتقالية في 31 ديسمبر (كانون الأول).

ويعتقد خبراء أن سيناريو أسوأ كهذا من المرجح أن يتبلور في غياب اتفاق، وأن سلطات الحدود الفرنسية لا ترى سبباً للتعاون مع البريطانيين.

تدافع لأجل الحفاظ على إمداد الأدوية

لا يزال مسؤولون بارزون في قطاع الصحة يعبرون عن مخاوف حول انقطاعات محتملة في إمداد الأدوية، قبل أسابيع فقط من انتهاء المرحلة الانتقالية، لاسيما في ضوء الضغط الذي تعانيه هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS  بسبب فيروس كورونا.

وكتبت المديرة الدولية لـــ "كونفيديرالية هيئة الخدمات الصحية الوطنية" وهي منظمة مساندة للهيئة، ليلى ماكي، في "اندبندنت" هذا الشهر تقول، "ينبغي على المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ألا يقللا من شأن التحديات المتوقعة وغير المتوقعة التي ستواجه المرضى في أقل من 100 يوم، إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة، فقد وضع كوفيد-19 بالفعل القوة العاملة في مجال الصحة والرعاية، وصناعة الأدوية، ومجموعات المرضى تحت ضغط هائل، وقد يؤدي فشل التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة لتفاقم حاد للوضع".

من جهته، حذّر متحدث باسم "صندوق نافيلد"، وهو مؤسسة بحثية صحية رائدة، الأربعاء الماضي، من أن الإمدادات الطبية المطلوبة لمكافحة موجة ثانية من فيروس كورونا قد تتضرر أيضاً من حدوث بريكست من دون اتفاق. وأضاف المتحدث أن واردات المعدات الطبية من الاتحاد الأوروبي وصلت إلى ذروة غير مسبوقة هذا العام.

وكانت وزارة الصحة البريطانية أعلنت العام الماضي، نيتها دعم "خدمة للتجارة البحرية السريعة"، لنقل شحنات طبية صغيرة إلى المملكة المتحدة في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وتقوم الوزارة كذلك بتخزين معدات طبية، وكميات من الدم وإمدادات للتجارب السريرية وغيرها.

سندفع أكثر في مقابل الطعام

ستبدأ بين ليلة وضحاها يوم 1 يناير (كانون الثاني) التجارة وفق نظام جديد للرسوم الجمركية يعمل استناداً إلى شروط منظمة التجارة العالمية.

وستؤدي خطط أعلنتها وزيرة التجارة ليز تراس في وقت سابق من هذا العام إلى قفزة كبيرة في أسعار مواد مثل النبيذ والجبن والباستا المستوردة من الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن يضاف رسم جمركي بنسبة عشرة في المئة على السيارات الأوروبية المستوردة، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها بآلاف الجنيهات الإسترلينية في بريطانيا.

وقد ترتفع أيضاً أسعار اللحم البقري المفروم والخيار والخس ومنتجات أخرى.

ووفق الحكومة، ستنطبق رسومها الجمركية على الواردات كلها باستثناء تلك الآتية من بلدان تربطها ببريطانيا اتفاقات للتجارة الحرة.

من جهته، يعتقد الائتلاف البريطاني للبيع بالتجزئة في تحليل صدر في سبتمبر (أيلول)، أن المتسوقين في محال السوبرماركت سيدفعون 1.3 مليار جنيه (حوالي 1.69 مليار دولار أميركي) إضافية ثمناً للبقالة. وحذّر من أن بريكست من دون اتفاق سيكون له "تأثير ضخم" في أصحاب الرواتب المتدنية.

ومن المتوقع أيضاً أن تكون المعاناة كبيرة لدى المصدرين البريطانيين، مثل شركات تصنيع السيارات وصيد الأسماك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خسارة كبيرة للناتج المحلي الإجمالي البريطاني

أشار تحليل اقتصادي حكومي نشر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 إلى أن بريكست من دون اتفاق يمكن أن يتسبب في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى تسعة في المئة على مدى السنوات الـ 15 المقبلة، مقارنة بما كان سيسجله بخلاف ذلك.

ومن الواضح أن الوثيقة لم يكن بوسعها أن تتوقع جائحة فيروس كورونا، وهي على أي حال مليئة بالتحذيرات والترجيحات بسبب صعوبة نمذجة الاقتصادات المستقبلية.

لكن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حذّرت هذا الأسبوع من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق تجاري قد يؤثر في اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 6.5 في المئة خلال السنوات المقبلة، وقد يعرض إلى خطر تعافيها من الأضرار التي ألحقها بها كوفيد-19 بالفعل.

نكسة في الجهود الدولية لمكافحة الجريمة

يحذر مسؤولون في الشرطة وجواسيس وحتى وزراء في الحكومة منذ سنوات من أن بريكست من دون اتفاق سيقطع عن المملكة المتحدة العديد من الآليات الرئيسة المستخدمة لمكافحة الجريمة الدولية.

وعلى نحو مماثل، ستتضرر شراكات المحققين الأوروبيين مع زملائهم البريطانيين.

ويتعين على بريطانيا التفاوض على معاهدة أمنية جديدة مع الاتحاد الأوروبي للحفاظ على إمكان الوصول إلى هيئات مثل اليوروبول، وصلاحيات بما في ذلك أوامر الاعتقال الأوروبية، وقواعد البيانات الحيوية للشرطة والاستخبارات.

وحذر ضباط كبار في الشرطة من أن فقدان آليات الاتحاد الأوروبي يمكن أن يولد خطرا على السلامة العامة، من خلال السماح للمشتبه فيهم بالفرار، وزيادة صعوبة تسليم الرعايا الأجانب. فالضباط الذين سيجبرون على استخدام الاتفاقات التي عفا عليها الزمن سيقضون ساعات في المخافر يفاوضون على إجراءات بيروقراطية، وسيكلف التغيير الشرطة ما لا يقل عن 20 مليون جنيه إضافية في السنة (حوالي 26 مليون دولار اميركي).

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، حذّر وزير الأمن آنذاك ووزير الدفاع الآن بين والاس، قائلاً "إن وضعاً من عدم التوصل إلى اتفاق سيكون له أثر حقيقي في قدرتنا على العمل مع شركائنا الأوروبيين لحماية الجمهور".

وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، قال الرئيس السابق للاستخبارات الداخلية البريطانية MI5، إنه لا يرى "أي أثر أمني إيجابي من بريكست"، حتى وإن تم اتفاق. وقال اللورد إيفانز، "من الصعب أن نتصور أننا سنكون بعد بريكست في موقع جيد كالذي نحن فيه الآن، لكننا بحاجة إلى بذل قصارى جهدنا للتعويض عن أي عجز".

ستَعلق أيرلندا الشمالية في الوسط

تضمن اتفاق الانسحاب الذي تفاوضت عليه حكومة بوريس جونسون مع الاتحاد الأوروبي "بروتوكولاً" يهدف إلى حماية السلام في أيرلندا الشمالية، كما هو منصوص عليه في اتفاق الجمعة العظيمة.

وتتمتع أيرلندا الشمالية بالحدود البرية الوحيدة للمملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، وبموجب البروتوكول ستلتزم القواعد الأوروبية في شأن (انتقال) البضائع.

ومن أجل الحفاظ على السلام على طول الحدود مع جمهورية أيرلندا، وتجنب ما يسمى "الحدود الصلبة" (أو إقامة نقاط حدودية فعلية) ذات البنية التحتية التي قد تصبح هدفاً وأداة لتجنيد الإرهابيين (من الإيرلنديين الذين يرفضون انقسام الجزيرية بين شمال وجنوب)، اتفق الجانبان على تنفيذ الإجراءات الإدارية اللازمة في شأن البضائع التي تصل إلى أيرلندا الشمالية من إنجلترا أو ويلز أو إسكتلندا، بدلاً من الحدود البرية الأيرلندية.

ومن شأن الخطة أن تمنح الثقة لبروكسل بأن البضائع التي تدخل إلى أيرلندا الشمالية، والتي قد تعبر الحدود التي يسهل اختراقها إلى جمهورية أيرلندا، تفي بالمعايير الأوروبية.

لكن إذا فشل البرلمان البريطاني في ضمان التوصل إلى اتفاق مصاحب لـ "بريكست"، فستصبح تلك الحدود التنظيمية في البحر الأيرلندي، حدوداً تتطلب دفع رسوم جمركية لعبورها، ما يقسم السوق الداخلي للمملكة المتحدة إلى سوقين.

وفي هذا الوضع المحفوف بالمخاطر، قدّم جونسون مشروع قانون للسوق الداخلي، يسعى إلى السماح بتداول البضائع بشروط حتى بين الأمم الأربع التي تشكل المملكة المتحدة. بيد أن هذا الإجراء المثير للجدل سيسمح للحكومة بإعادة كتابة القواعد التي سبق أن كرسها اتفاق الانسحاب، بما في ذلك المسائل المتعلقة بحركة البضائع في أيرلندا الشمالية.

ويعني ذلك أن الاتحاد الأوروبي يرى أنه من الضروري تنفيذ عمليات تفتيش على الحدود البرية الأيرلندية، وهو السيناريو ذاته الذي صُمم البروتوكول لمنعه. وحذّر نواب بريطانيون جهاز المخابرات الداخلية MI5 من أن "حدوداً صلبة" (أي تتضمن إقامة بنى تحتية للمراقبة والتفتيش والجمارك) قد تزيد من حطر التهديد الإرهابي.

واعترف وزير أيرلندا الشمالية براندون لويس بأن مشروع القانون سينتهك القانون الدولي ويثير انتقادات واسعة النطاق، لكن النواب وافقوا عليه وهو ينتظر التصويت النهائي في مجلس اللوردات.

مجهولات مجهولة

من دون الذهاب إلى حد التذرع بقانون ميرفي (كل ما من شأنه أن يحدث خطأً فهو في حد ذاته خطأ) Murphy’s Law، فمن المهم أن نلاحظ احتمال حدوث عواقب غير مقصودة من "بريكست دون اتفاق".

فهل سيهدد وضع أيرلندا الشمالية التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، في حين أعرب كل من ترمب وبايدن عن قلقهما في شأن مشروع قانون السوق الداخلي؟

وهل سيطل استقلال إسكتلندا برأسه مجدداً، إذ أظهر استطلاع للرأي هذا الأسبوع أن الأغلبية تؤيد الانفصال؟

وهكذا، فمن المؤكد أن تظهر احتمالات إضافية مجهولة بخصوص هذا الملف.

© The Independent

المزيد من تقارير