مراقب الطيور بيتر كو يقول إنه التقط هذه الصورة بعد أن قفز من سيارته (في لحظة رعب أعمى)، فيما حلقت فيغو ومرافقوها من الغرابيات فوق منطقة بيتشي هيد باتجاه فرنسا (بيتر كو).
في يوليو (تموز) الماضي، أثار قدوم نسر "أبو ذقن" على نحو غير متوقع إلى المملكة المتحدة الدهشة والسرور في صفوف مراقبي الطيور الذين سرعان ما توجهت عدة مئات منهم إلى هضاب بيك ديستريكت - حيث استقر النسر ظاهرياً - في محاولة لاستراق نظرة إلى الكائن الضخم.
والطائر الذي يصل طول جناحه عندما يفرده بالكامل إلى مترين ونصف (8.2 قدم) وسمي "فيغو"، كان زائراً بارزاً في بريطانيا. وهو أكبر حتى من النسر ذي الذيل الأبيض - أكبر طائر جارح يعيش في منطقة الجزر البريطانية - المعروف باسم "أبواب الحظيرة الطائرة" بسبب طول جناحيه البالغ ثمانية أقدام.
لكن بعد أربعة أشهر من التحليق فوق منطقة لايكس (البحيرات) مع زيارات إلى سماء لينكولنشاير وكامبريدجشاير ونورفولك، توجهت فيغو جنوباً وقد شوهدت تطير فوق البحر على ساحل إيست ساسكس، الخميس، متجهة نحو فرنسا.
ويبدو أنها - وهي أنثى - قفلت عائدة إلى مسقط رأسها. وكشف الفحص الجيني الذي أجري على ريشتين تعودان للطائر وجدهما مراقب طيور نظره ثاقب في يوركشاير اسمه ديفيد بول، أن فيغو أنثى فقست بيضتها في جبال الألب الفرنسية العام الماضي.
وقال ستيفن أوبل، أحد كبار علماء المحافظة على الطيور في الجمعية الملكية لحماية الطيور لـ"اندبندنت" إنه "من النادر جداً أن يُشاهد نسر ملتح في المملكة المتحدة".
وشرح أن "هذه الطيور تتواجد بشكل طبيعي في الجبال على بعد 400 كيلو متر على الأقل في الألب ولم يشرد نحو شمال غربي أوروبا خلال الخمس وثلاثين سنة الماضية سوى 20 نسراً أبو ذقن. لكن لأن هذه الطيور الجارحة نادراً ما تجتاز المساحات المائية، هذه هي المرة الثانية فحسب في الذاكرة الحديثة التي يسجل فيها وصول نسر من هذا النوع إلى المملكة المتحدة، وفي المرة السابقة كان طائراً نشأ في الأسر وأطلق سراحه في عام 2016".
"فيما تتعافى أسراب الطيور في جبال الألب وجنوب فرنسا من الاضطهاد الذي لحقها خلال القرون الماضية، قد تزيد زياراتها بعض الشيء في المستقبل لكن من غير المرجح أن يزيد عدد الزوار عن طائر أو طائرين سنوياً".
وفقاً لمؤسسة الحفاظ على الطيور الجارحة التي أجرت الفحوصات الجينية، ولدت فيغو في عش بري في منطقة هوت سافوا في جنوب شرقي فرنسا.
وتطلق المنظمة في الألب طيوراً جارحة تربى في الأسر منذ عام 1986، بهدف إعادة هذه الفصيلة إلى المنطقة بعد تعرضها للصيد والتسميم إلى حد الانقراض.
وفي جبال الألب اليوم أكثر من 60 زوجاً قادراً على التزاوج لكن الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة ما زال يصنف هذه الطيور على أنها "شبه مهددة بالانقراض".
وقال لويس فيبس، مسؤول الأبحاث في مؤسسة الحفاظ على الطيور الجارحة، ومقر المؤسسة في بريطانيا "إن سر نجاح مشاريع إعادة النسر الملتحي إلى الطبيعة هو معالجة المخاطر الأساسية مثل التسميم والاصطدام والتعرض لإطلاق النار، التي تراجعت في مناطق أساسية من الألب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "تبين سجلات أعداد الطيور النافقة التي نتلقاها كل أسبوع أن الخطر ما زال قائماً على مجموعة طيور الجوارح في أوروبا بينما تعكس زيادة أعدادها نجاح جهود المحافظة عليها". وعلى الرغم من كبر حجمها، لا تشكل هذه النسور خطراً على الماشية لأنها تقتات على العظام التي تجدها.
وزيارة فيغو إلى المملكة المتحدة هي ثاني حادثة مسجلة من هذا النوع فقط، حيث شوهد نسر ملتح آخر فوق دارتمور ومونماوثشاير في 2016.
وفي ما يلي نص حوار مع ستيفن أوبل من الجمعية الملكية لحماية الطيور:
هل تعتبر زيارة هذا الطائر مؤشراً إلى أن المملكة المتحدة قد تصبح موطئ قدم جديد لهذه الفصيلة من الطيور؟
من غير المرجح أن تصبح بريطانيا موئلاً جديداً للنسر الملتحي. لأن هذه الطيور تعيش عادة في جبال شاهقة ومناخات أكثر دفئاً ومعظم الجوارح تحلق باستخدام الهواء الدافئ الصاعد الذي يحملها لترتفع في السماء ثم تنساب لمسافات طويلة من دون أن تخفق بجناحيها. وهذه التيارات الدافئة ليست قوية جداً في المملكة المتحدة، لذلك ستكون مكاناً يستنفد كثيراً من طاقة الجوارح كي تعيش فيه وتبحث عن الطعام.
إذا علمتنا إقامة النسر هنا أي شيء فما هو؟
مدى ذكاء وقوة هذه الطيور! فمع أن الطائر بعيد مئات الأميال عن فضائه العادي وموجود في مناخ وطقس لا يشبهان المكان الذي يعيش فيه بالعادة، استطاع أن يبقى على قيد الحياة لعدة أشهر بصحة جيدة على ما يبدو.
هل يمكن أن يعود هذا الطائر؟
من غير المرجح أن تعود فيغو. قد تزور المنطقة طيور صغيرة في السن لكن الجوارح الفتية تجوب مناطق واسعة وتعود في النهاية إلى مسقط رأسها، وهو في حالة فيغو جبال الألب الفرنسية.
ما بعض أفضل الحقائق عن النسور الملتحية؟
ربما كونها تتغذى على العظام - التي تتركها معظم الحيوانات التي تتغذى على بقايا الحيوانات النافقة! - سيمضغ كلبك العظام وينزع عنها كل اللحم لكن وحده النسر الملتحي يستطيع هضم العظام واستخراج المغذيات منها. وعندما تكون العظام أكبر من أن يبتلعها، يرميها على الصخور كي يكسرها.
وهذا أكثر فصائل الجوارح ندرة في أوروبا، ببساطة لأنه تعرض للملاحقة والصيد إلى حد كاد ينقرض بسبب اعتقاد الناس بأنه يسرق الخراف والأطفال (وهو لا يفعل ذلك).
© The Independent