كشف أحدث تقرير اقتصادي أن معدل البطالة في بريطانيا واصل ارتفاعه على مدى الأشهر الثلاثة التي انتهت في أغسطس (آب)، وبلغ 4.5 في المئة، مقابل 4.1 في المئة بين مايو (أيار) ويوليو (تموز)، بسبب انتشار وباء كورونا، لكن الاقتصاديين يحذرون من أن "الأسوأ آت".
وقبل تفشي كورونا كان معدل البطالة في بريطانيا قريباً من أدنى مستوى له سجل منذ نحو 45 عاماً، وهو 3.9 في المئة تقريباً.
وبحسب ما أوردته وكالات الأنباء، اليوم الثلاثاء، فإنه عندما كان الوباء في ذروته، جرت المحافظة على الوظائف بفضل المساعدات الهائلة التي قدمتها الحكومة البريطانية التي تكفلت، اعتباراً من مارس (آذار) عندما بدأ فرض العزل، بدفع الرواتب بنسبة 80 في المئة، وبقيمة تصل إلى 2500 جنيه إسترليني (3241 دولاراً أميركياً) شهرياً.
ومن المنتظر أن تنتهي هذه التدابير في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) لتستبدل بمساعدات محددة أكثر وأقل سخاء، ما يثير الخشية من ارتفاع نسبة البطالة بشكل حاد في نهاية العام، بالتزامن مع التفشي المتسارع للوباء في المملكة المتحدة، ما يدفع السلطات إلى فرض قيود جديدة على النشاط، خصوصاً في قطاعي المطاعم والترفيه.
موظفون برواتب مخفضة
وأوضح تقرير شهري صادر عن المكتب الوطني للإحصاء، الثلاثاء، أنه منذ مارس حين بدأ يظهر تأثير الوباء، تراجعت معدلات التوظيف وتوفير الاقتصاد لفرص العمل، إذ وظف 673 ألف شخص في المملكة المتحدة، وفق تعداد توقف في نهاية سبتمبر (أيلول).
ويشير إلى أنه خلال الشهر الماضي، طلب 2.7 مليون شخص الحصول على الحد الأدنى للدخل، سواء كانوا موظفين برواتب منخفضة أم أشخاصاً عاطلين من العمل، وهذا العدد هو ضعف ذلك المسجل خلال مارس، ما يظهر كيف دفع الوباء قرابة 1.5 مليون شخص في البلاد إلى عدم الاستقرار وحتى الفقر.
ويقول معهد الإحصاءات إنه بعدما "بلغ عدد عروض التوظيف مستوى متدنياً قياسياً بـ 343 ألفاً بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)"، لاحظ في مؤشر طفيف على تحسن الوضع، زيادة قياسية في عدد عروض التوظيف بين يوليو وسبتمبر، إذ بلغ 488 ألفاً، لكنه يبقى 40.5 في المئة أقل من المستوى المسجل العام الماضي.
في المقابل، ارتفع عدد العمال المصروفين من عملهم بـ 113 ألفاً بين يونيو وأغسطس، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أي أعلى زيادة منذ أبريل ويونيو 2009.
ضعف سوق العمل
ويلفت معهد "كابيتال إيكونوميكس" للبحوث إلى أن "الأرقام الأخيرة تظهر أن سوق العمل كانت أكثر ضعفاً من المتوقع، وأن تداعيات الركود الناجم عن كورونا تتكثف".
وسجل الناتج المحلي الإجمالي انكماشاً بوتيرة قياسية بلغت 19.8 في المئة في الفصل الثاني من العام في بريطانيا، بعدما تراجع 2.5 في المئة في الفصل الأول.
واستؤنف النمو بشدة اعتباراً من مايو، عندما بدأ رفع القيود التي كانت مفروضة على الأنشطة والتنقلات، إلا أنه بدأ يفقد زخمه في أغسطس مقارنة بيوليو، فبلغ 2.1 في المئة.
ويضيف معهد "كابيتال إيكونوميكس" أن القيود الجديدة المفروضة على الأنشطة جراء الموجة الثانية من إصابات كورونا، تعني أن "الانتعاش سيفقد زخمه". ويرى المتخصص الاقتصادي في موقع "إنديد" للتوظيف، جاك كينيدي، أن "الكلفة البشرية للوباء تبدأ بالظهور" في استطلاعات الرأي حول التوظيف.
ويقول، "على الرغم من كل شيء، سوق العمل البريطانية بعيدة من انهيار كبير"، كما تظهر وفق قوله، عروض التوظيف الجديدة، خصوصاً مع "الطفرة الصغيرة في قطاع البناء".
ويضيف، "قطاعات أخرى تسجل ارتفاعاً سريعاً في أعداد التوظيف، بما فيها التنظيف والنظافة (+148 في المئة)، والإنتاج الصناعي (+173 في المئة)". ويتابع "على الرغم من هذه المؤشرات المشجعة، تبقى سوق العمل محمية بطريقة قوية، لكن بشكل مؤقت من آلية إعانات البطالة الجزئية"، التي تنتهي مدتها في غضون بضعة أسابيع.
وحذّرت سوزانا ستريتر، من شركة الخدمات المالية "هارغريفز لانسداون"، من أن "الأسوأ آت". ويتوقع مصرف "أي إن جي" أن يراوح معدل البطالة بين 9 و10 في المئة خلال الشتاء المقبل.
الركود العالمي أقل من المتوقع في 2020
على صعيد متصل، أشارت التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى أن الركود العالمي جراء كورونا سيكون أقل من المتوقع هذه السنة، بسبب نشاط مستمر خلال الفصل الثاني في الاقتصادات المتقدمة والصين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويراهن الصندوق على انكماش إجمالي الناتج المحلي العالمي بـ 4.4 في المئة، أي +0.8 في المئة، مقارنة مع تقديراته في يونيو. وكل مناطق العالم معنيّة بهذه التوقعات الأكثر تفاؤلاً، باستثناء الاقتصادات الناشئة والنامية. وسيتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأميركي 4.3 في المئة، في مقابل توقعات سابقة بـ 8 في المئة.
وفي الوقت الذي تواجه فيه دول عدة، خصوصاً أوروبية، صعوبة في احتواء فيروس كورونا، خفض الصندوق مجدداً توقعاته لوتيرة النهوض المرتقب في 2021 إلى +5.2 في المئة.
اتفاق بين نقابة العمال و"إيرباص" في فرنسا
في الوقت نفسه، وقعت نقابات عمالية فرنسية رئيسة أمس اتفاقاً طال انتظاره مع شركة إيرباص الأوروبية، يشمل خفضاً في الوظائف، وتسريحات مؤقتة لعمال الإنتاج المتأثرين بتضرر الطلب على طائرات الركاب من فيروس كورونا.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإنه وبعد ثلاثة أشهر من المحادثات، وقعت نقابات تمثل غالبية العمال الفرنسيين بالشركة المصنعة للطائرات، اتفاقاً يمهد الطريق لخفوضات تشمل 4200 وظيفة في فرنسا، من بينها 3400 وظيفة في تولوز عاصمة صناعة الطيران والفضاء لأوروبا، التي تتمركز فيها عمليات إيرباص.
وتقول نقابات إن الاتفاق "سيمنع استغناءات إجبارية عن العمالة"، على الرغم من أن جيوم فوري الرئيس التنفيذي لإيرباص حذر أخيراً العاملين في الشركة من أن الإجراءات الطوعية "لن تكون كافية".
ووقعت النقابات أيضاً اتفاقاً ينفذ خططاً تدعمها الحكومة لتسريحات مؤقتة تصل إلى 30 في المئة من الموظفين الفرنسيين، معظمهم يعملون في الإنتاج.
وفي المجمل، تسعى إيرباص لخفوضات في الوظائف تشمل 15 ألفاً بين موظفيها البالغ عددهم أكثر من 130 ألفاً، وأعادت تأكيد تلك الخطط بعدما فشلت أسواق الطيران في التعافي بالسرعة التي كانت متوقعة. ويبدأ سريان الاتفاقات أول يناير (كانون الثاني).