أعلن مجلس الدولة الليبي في طرابلس، تعليق مفاوضاته مع مجلس النواب، ممثل الشرق، إلى أجل غير مسمى، وسط حديث لمصادر ليبية مطلعة على مجريات الحوارات الجارية حالياً، في المغرب ومصر، عن فشل جلساتها في التوصل إلى اتفاق شامل بين طرفي النزاع والحوار، حول نقاط جوهرية عدة وعدد من المسائل العالقة، التي دار حولها النقاش في المغرب.
وقالت المصادر، إن الخلافات تمحورت حول ملف رئاسة المجلس الرئاسي ونقل المؤسسات السيادية من طرابلس إلى سرت، بينما فشلت الاجتماعات الأمنية، في الغردقة المصرية، في التوصل إلى تفاهمات حول بعض القضايا الشائكة والحساسة، يتقدمها ملف توحيد الجيش وحل الميليشيات وإخراج المرتزقة من البلاد.
من جانبها، صرحت مصادر في مجلس النواب الليبي بطبرق، لـ "اندبندنت عربية"، أن الحوار سيستأنف قريباً، وما دار في المغرب كان حواراً تشاورياً إيجابياً، وأن الطرفين سيستكملان مباحثاتهما، في وقت لاحق".
ماذا يجري في بوزنيقة؟
أوشك ملف الأزمة الليبية، على العودة إلى نقطة الصفر، إثر تواتر معلومات من مدينة بوزنيقة المغربية، تؤكد أن المفاوضات التي تحتضنها، منذ بداية الشهر الماضي، بين مجلس الدولة ممثل الغرب الليبي ومجلس النواب من الشرق، وصلت إلى طريق مسدود، ما أدى إلى تأجيلها لأجل غير مسمى.
فبعد إعلان مصادر صحافية مقربة من رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، عدوله عن السفر إلى المغرب اليوم الخميس، بعد تعثر التفاهمات - المفاوضات بين وفده ووفد مجلس النواب، أفاد الناطق باسم المجلس الأعلى للدولة، محمد عبد الناصر، بتأجيل جلسة اليوم الحاسمة من حوار بوزنيقة، إلى أجل غير مسمى.
وأوضح عبد الناصر أن "ذهاب رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، إلى المغرب، يتوقف على التوصل إلى صيغة توافقية بين الأطراف المتحاورة، من أجل التوقيع عليها وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة".
وكان عضو المجلس ورئيس لجنته للحوار، عبد السلام الصفراني، صرح بأنه "من المقرر وصول رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح إلى المغرب الأربعاء"، وهو ما لم يحدث.
وكشف في تصريحات متلفزة، أن "المبعوثة الأممية إلى ليبيا بإلانابة، ستيفاني وليامز، ستصل أيضاً اليوم الخميس إلى المغرب"، وهو اليوم الذي كان مقرراً لبدء الاجتماعات الحاسمة بين الطرفين، قبل التوقيع على الاتفاق النهائي، من رئيسي المجلسين.
وكانت مصادر إعلامية أخرى، قالت إن "رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، رفض اللقاء بخالد المشري، مشترطاً اعتراف الأخير بمقررات برلين وإعلان القاهرة، قبل أي لقاء بينهما".
ونفى المستشار الخاص لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، هذه المعلومات جملة وتفصيلاً، قائلاً إن "رئيس مجلس النواب، لم يكن معنياً أساساً بالتوجه إلى المغرب، لأن الجولات الحالية خاصة بلجنتي الحوار، المكلفتين بالتشاور حول عدد من المسائل الخاصة بتقاسم المناصب السيادية، قبل إحالتها إلى رئاسة المجلسين لإقرارها والتوقيع عليها، بشكل نهائي".
ونفى المريمي أيضاً، تعثر المفاوضات بين الطرفين، قائلاً "لا يوجد تعثر لأن الحوار في الأساس بين اللجنتين تشاوري، وسيستمر حتى يتم الاتفاق النهائي على كل المسائل، التي تشملها أجندة الحوار"، مبيناً أن "ما يتم التفاوض بشأنه حالياً متعلق بتقاسم المناصب السيادية فقط". وأشار إلى أن أبرز ما تم الاتفاق حوله حالياً "آلية اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي وأعضاء مجلس إدارته".
ولدى سؤالنا عن الموعد الجديد لاستئناف المفاوضات بين لجنتي الحوار، أكد المريمي "عدم تحديد موعد جديد حتى الآن، نافياً ما يتم تداوله عن استئنافها، في الأسبوع المقبل".
تعثر مؤقت؟
من جانبه، وعلى الرغم من إعلان مجلس الدولة تأجيل جلسات الحوار الذي تستضيفه المغرب، إلى أجل غير مسمى، هاجم عضو مجلس النواب الليبي، وعضو لجنة الحوار الخاصة به، عصام الجهاني، المصادر التي نشرت أخباراً عن فشل المفاوضات في بوزنيقة، مؤكداً أنه "يسير بشكل إيجابي وأن ما يحدث تعثر مؤقت وطبيعي".
وقال الجهاني في منشور على صفحاته الخاصة بمواقع التواصل إن "التصريحات العنترية غير المسؤولة والأكاذيب الإعلامية، تقودها قنوات لها أجنداتها الخاصة باستمرار الفوضى وعدم الاستقرار للأمة الليبية".
وتابع "تحتاج المرحلة إرادة وصبراً، والمضي قدماً لإنقاذ وطن تتقاذفه أمواج عاتية، وما جرى في بوزنيقة اليوم اجتماعات تشاورية إيجابية وتفاهمات عادلة، لمراحل أكبر من مجرد مهام محددة، وقد نعبر بإذن الله إلى بر الأمان".
تفاؤل مغربي
في المقابل، عبّر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عن أمله في استئناف الحوارات التي ترعاها بلاده بين الأطراف الليبية، وتوصلها إلى حلول ناجزة تدفع المسار السياسي لحل أزمة البلاد.
واعتبر بوريطة، في تصريحات صحافية، أن "نتائج الحوار الليبي الذي عقد في بوزنيقة بالمغرب، تمثل خطوة مهمة من شأنها أن تحول الجمود الذي دام عدة سنوات إلى زخم حقيقي".
وأعرب عن ارتياحه إزاء "توصل وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب للمرة الأولى في ختام مباحثات بوزنيقة السابقة، إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لشغل المناصب السيادية".
انقسام في معسكر الغرب
في سياق متصل، توقعت مصادر ليبية توقعت تعثر المفاوضات السياسية والأمنية، التي تجرى في المغرب ومصر، على التوالي، بعد أن كشفت الأيام الماضية، استمرار الانقسام في معسكر الغرب الليبي تحديداً حولها، ورفض بعض أجسامه السياسية والعسكرية، مبدأ الحوار مع الأجسام الممثلة لشرق البلاد من الأساس، واحتجاج بعضها الآخر على بعض التفاهمات التي تم التوصل إليها، معتبرة إياها في صالح الطرف الثاني.
وقبل ساعات من إعلان تعثر المفاوضات، التي تستضيفها المغرب، أصدر منتسبو غرفة عمليات سرت الجفرة، بياناً انتقد كل الجلسات الحوارية الحالية، في المغرب ومصر، قائلين إنها "جلسات من أجل تقاسم السلطة وإعادة تبادل للأدوار، وهذه المحادثات لا تعنيها مهما كانت نتائجها".
ودعت الغرفة في بيان لها إلى "الذهاب للاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مباشرة، بدلاً من استمرار الحكومات الانتقالية، التي تسببت في زيادة الفساد ونهب المال العام".
جاء ذلك، بعد يوم واحد من إعلان مجلس النواب الموازي، في طرابلس، رفضه للمحادثات الجارية في المغرب، واصفاً إياها بـ "الأحادية والخارجة عن المظلة الأممية"، معتبراً أن "هذه المحادثات هي والعدم سواء، ومخرجاتها عبارة عن وجهات نظر، تفتقر للأساس القانوني".
واتهم المجلس في بيان له، المجلس الأعلى للدولة بتجاهله، مقابل الإصرار على أن مجلس الشرق الليبي هو مجلس النواب الشرعي، مطالباً إياه "بتوضيح المبرر الذي يستند إليه في تجاهله لهم، خلال هذه المرحلة"، مؤكداً أن "أي حوار سيحتاج ضرورة إلى إطار قانوني يقنن نتائجه، ويضع قواعد لمخرجاته، الأمر الذي يستلزم حضورهم".