Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كل يوم هو "يوم الأرض" عند فلسطينيي 48

من سخنين، وعرابة، ودير حنا، انطلقت الشرارة الأولى العام 1976

بيت من كل سبعة بيوت لفلسطينيي 48، بيت مهدد بالهدم. وأكثر من 200 ألف يعيشون تحت تهديد السلطات الاسرائيلية بهدم بيوتهم وتشتيتهم.

هذه حالهم في "يوم الأرض"، في ذكراه الثالثة والأربعين، حين قدَّموا مئات الضحايا في تصديهم لسياسة مصادرة اراضيهم، التي بدأتها السلطات الاسرائيلية العام 1948 ووصلت الى ذروتها العام 1976 وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.

فمقابل 20 مليون دونم نُقلت الى ما تسمى "دائرة اراضي اسرائيل"، لم يبق لفلسطينيي 48 سوى 650 ألف دونم. اي ان اليهودي يملك من الارض الفلسطينية عشرة أضعاف ما يملكه اصحاب هذه الارض.

مسيرة في مثلث الارض وفعاليات تربوية

يشكل ما هو معروف باسم مثلث "يوم الأرض"، أي سخنين، وعرابة، ودير حنا، الحدث المركزي في هذه الذكرى حيث انطلقت الشرارة الاولى من هناك. وكما في كل سنة، تبدأ المسيرة المركزية من سخنين، وتجوب مسيرات عدة البلدات التي سقط فيها الضحايا وتوضع أكاليل الزهور على أضرحتهم.

وفي هذه السنة، وبعد تعرض أراضي الطنطور لحملة مصادرة تهدف الى تهويد عكا وتهجير سكانها العرب، أقام أصحاب تلك الأراضي، من بلدة جديدة - المكر، مسيرة احتجاجية، في الذكرى 43 ليوم الارض، دفاعاً عن ارضهم والتصدي لمخطط مصادرتها.

واكد النائب السابق في الكنيست ومرشح تحالف الجبهة والتغيير، أسامة السعدي، أن "قضية الأرض تشكل اليوم أهمية كبرى في حياة فلسطينيي 48 ووجودهم، وعلينا تكثيف نشاطنا وجهودنا للحفاظ على هذه الارض ومقدساتها، والعمل بكل قوة لمنع تنفيذ مخطط مصادرة أراضي الطنطور وتهويد عكا".

 

50 ألف بيت مهدد بالهدم

تشكل سياسة هدم البيوت، ومنذ عشرات السنين، عنصراً مركزياً عند الحكومات الاسرائيلية، فهذه السياسة تسهم بشكل كبير في تنفيذ خطة "الترانسفير" للعرب وتهويد أوسع مساحة. فعدم وجود بيت للسكن والأمن يدفعان الى التفكير بالهجرة، وهذا ما حصل لعدد كبير من شريحة الشباب الفلسطينيين، الذين لم يتمكنوا من البناء والسكن في البلدات العربية، فتركوها وانتقلوا للسكن في بلدات مشتركة (عربية ويهودية)، أو هاجروا الى الخارج.

الاحصاءات الأخيرة تشير الى أكثر من 50 ألف بيت لفلسطينيي 48، مهدد بالهدم، وتصل الغرامات المالية المئة الى أكثر من 100 ألف دولار، لمصلحة المؤسسة الاسرائيلية، بذريعة ان هذه البيوت العربية بنيت من دون تراخيص. وقد أُقر قانون معروف باسم "كمينيتس"، بخصوص البيوت العربية، لا يعفي اصحاب هذه البيوت من دفع الغرامات المالية، وبموجبه، لا يمكن ترخيصها.

ويقول المحامي عمر خمايسي، الذي يتابع ملف البيوت المهددة بالهدم "إن هذا القانون لم يتضمن وضع حلول لهذه البيوت غير المرخصة، وإنما قام بوضع آليات مقترحة للإسراع في هدمها".

غيتو للتهجير

"في ظل سياسة الحكومات الاسرائيلية باتت البلدات العربية محاصرة داخل غيتو، يهدد وجودها كل يوم"، هذا ما قاله النائب يوسف جبارين، المرشح في قائمة الجبهة والتغيير للانتخابات المقبلة، في حديث خاص معه، مضيفاً "تأتي ذكرى يوم الارض، هذه السنة، في ظل تصعيد كبير في وتيرة هدم البيوت العربية والتهديد بهدم عشرات الآلاف، وبعد سنة على قانون القومية اليهودية، الذي تحدث عن أن أرض اسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، هناك أيضاً بند الاستيطان اليهودي، الذي يعدُّ الاستيطان قيمة وطنية في إسرائيل، والدولة ستعمل على توسيعه وترجمته على ارض الواقع، من خلال استمرار تضييق الخناق على البلدات العربية ورفض توسيع مسطحات نفوذها، رغم الحاجة الحارقة".

ورأى جبارين ضرورة تكثيف النضال الجماهيري والشعبي لمواجهة سياسة الحكومات الاسرائيلية ويقول "مشاركة الآلاف في التظاهرات والتصدي لهذه السياسة، هو أقوى سلاح لحماية ارضنا اذ يُضاعف الضغط على الحكومة للتراجع عن مخططاتها".

ثلاثة ونصف بالمئة نسبة ما تبقى

سياسة مصادرة الارض الفلسطينية داخل الخط الاخضر والمستمرة، على رغم انها حققت اهدافها، أبقت لاصحاب الارض الاصليين، نسبة لا تتعدى ثلاثة ونصف في المئة من أصل 92 في المئة من الاراضي التي كانت بملكيتهم عام 1948، وفي حينه كانت نسبة 8 في المئة مسجلة بملكية الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية.

هذه المصادرة الواسعة أدت على مدار السنين، الى عدم قدرة العربي الفلسطيني على التوسع والبناء على ارضه، وتحولت الارض العربية الى أماكن سكن وزراعة وعمل عند اليهود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حديث خاص مع عضو الكنيست السابق، والخبير في موضوع الارض والمصادرة، حنا سويد قال "الوضعية الحالية، بعد مصادرة المساحات الشاسعة من الارض وعدم إمكان البناء واستصدار خرائط للبناء من قبل المؤسسة الاسرائيلية، هناك حاجة الى البحث عن حل جذري يضمن تخصيص المزيد من الأراضي، والمصادقة على خرائط هيكيلة والاعتراف بالقرى والمجمعات غير المعترف بها. ووضع رؤية شاملة وعامة تضمن التعامل في شكل إيجابي مع القضية".

وفي رأي سويد، فإن "الجانب الشعبي ضروري ومهم، لكنه يقتصر على التعبير عن غضب ورفض لهذه السياسة، وعليه يتوجب، بحث القضية لفحص التداعيات القانونية، ونقلها بشكل أكبر الى المحافل الدولية".

ألف بلدة يهودية مقابل لا شيء للعرب

تنعكس سياسة مصادرة الارض على فلسطينيي 48، من خلال مقارنة توسع البلدات واقامتها بين العرب واليهود، فمقابل أكثر من ألف بلدة يهودية لم تقم المؤسسة الاسرائيلية ببناء بلدة عربية واحدة، منذ قيام إسرائيل. والمدينة الوحيدة التي تُخطط لاقامتها على اراضي الطنطور، تواجَه بمعارضة شديدة، وهي مدينة تُحقق فقط هدف تهويد عكا والاستيلاء على اراضي العرب، من دون أن تحل أي ازمة سكن.

وفي مقارنة بين مخطط مدينة الطنطور ومدن يهودية تظهر السياسة الاسرائيلية تجاه فلسطيني 48، في أوضح صورها:

- عدد سكان الطنطور، وفق المخطط، هو 70 ألف عربي يُبنى لهم 15 ألف وحدة سكنية على مساحة 5 الاف و500 متر.

- مدينة نتسيرت عيليت اليهودية، التي أُقيمت على اراضي الناصرة العربية. يبلغ عدد سكانها 40 ألف يهودي وعلى مساحة 34 ألف دونم وتشمل 15 ألف وحدة سكنية. اما بلدة حريش اليهودية فيبلغ عدد سكانها 50 ألف يهودي أُقيمت على 14 ألف دونم وعدد الوحدات السكنية 9 الاف وحدة فقط.

وفي مقارنة بين الطنطور العربية، التي تُخطط لها الحكومة ونتسيرت عيليت وحريش اليهوديتين، تتبيّن المساحات الشاسعة من الارض التي توفرها المؤسسة الاسرائيلية للبلدات اليهودية في مقابل كثافة سكانية كبيرة ومساحة أرض صغيرة للعرب.  

وهذه السنة تأتي ذكرى يوم الارض بعد هدم عشرات البيوت خلالها، في النقب، حيث تستمر اسرائيل في سياسة دفع السكان الى اليأس بعدم الاعتراف بالبلدات العربية هناك، وتالياً عدم توفير الكهرباء والمياه والبنى التحتية للحياة اليومية، وهدم كل بيت يتم بناؤه. الى جانب هدم البيوت في منطقة المثلث، وقلنسوة بشكل خاص، التي تعرَّض سكانها خلال الفترة الأخيرة الى هدم بيوتهم مرات عدة.

وهو ما يستدعي رفع هذه المسألة الى أعلى سلم اهتمامات القيادات العربية والفلسطينية، حتى لا نصل في ذكرى يوم الارض، المقبل، الى وضع لا نجد ارضاً نناضل من أجل الحفاظ عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط