Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصابون البلدي عطر النظافة

زيت يزيل الزيت، فماذا نضيف إليه وكيف نصنعه منزلياً؟

الصابون البلدي التقليدي من دون إضافات (اندبندنت عربية)

ثياب الجدّات وذقون الأجداد نشعر أحياناً أنها منجم الصابون، فلطالما رسخت رائحة الصابون البلدي في ذاكرتنا من حضورهم الطيب الشذى، والمتشابه إلى حدّ بعيد ممزوج برائحتهم الخاصة، ولطالما شكّل حنيناً من النظافة العفوية والبسيطة.

صابون الغار، وزيت الزيتون والمسك كان يملأ تلك البيوت القديمة، ويستعمل في كلّ التفاصيل، للاستحمام للشعر والجسم، للثياب، للجلي، لإزالة البقع، للحلاقة، وللنظافة الشخصية بشكل عام، صابونة من نوع واحد. تبرش للتنظيف وتبقى ألواحاً للاستعمال الشخصي.

"كان غير شكل الصابون"

إلهام جبيلي 72 عاماً تخبر أن والدتها كانت تقسم لوح الصابون الكبير ثلاث قطع وتوزّعه بين مغسلتين وحوض الاستحمام، وكانت تخصص لزوجها لوحاً من صابون زيت الزيتون برائحة المسك التي أضيفت لاحقاً، وتقسم اللوح ست قطع كي لا ينزلق ويستخدمه الزوج أثناء حلاقة ذقنه، وكان أغلى من الصابون العادي، وكان غير مسموح لأحد استخدامه إلا عندما كبر الشاب وأصبح يحلق ذقنه.

وتخبر أن برش الصابون كان أرخص ثمناً لكن والدتها كانت تفضل برشه منزلياً خوفاً من الغش، وتستخدمه في الجلي مع القليل من الخل، وفي غسل الثياب والشراشف والسجاد وتنظيف البيت، وتضيف انها كانت تضعه في قماش مع ورق الغار أو الحبق أو الزعتر المجفف، وتكوّرها في صُرر وتضعها بين الثياب في الخزانة لتبقى الرائحة "مهفهفة"، وغالباً ما كانت توزع أزهار البنفسج أيضاً بين ثيابها وثياب ابنتها على اعتبار أنها رائحة أنثوية جداً.

رحلت والدة إلهام منذ حوالى 10 سنوات ولم تؤمن بغير الصابون البلدي، وكانت تزعجها المساحيق التي كانت تجدها كثيرة بلا جدوى، وتردد "ما في متل الصابون البلدي".

تتوق إلهام لتلك الرائحة التي كانت تفوح من خزانة والدتها، وتقول إن فيروز معها حق "كان غير شكل الصابون"!

الصابونة خشبة النجاة

على الرغم من الهلع من التقاط كورونا إلا أن أبحاثاً عديدة ومنظمة الصحة العالمية أوصت الناس بغسل اليدين بالماء والصابون مراراً لمدة 20 ثانية، ما جعل الصابون عنصر أمان ومزيلاً للفيروس القاتل، وتقول هيام الحاج إنها تلتقط لوح الصابون الآن كمن يلتقط خشبة النجاة، على الرغم من أنها كانت مهووسة بالصابون والتنظيف لكنها لم تكن تعتقد أنها ستصبح "مدمنة صابون" كما سمّت نفسها، ولهذا بدأت تشاهد فيديوهات لتصنيعه منزلياً، وتتابع الصفحات الخاصة به على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تخشى من التفاعل الكيميائي بين ملح الصودا والزيوت لذلك لم تجرّب بعد تصنعيه منزلياً، لكنها تشتريه من أصدقاء لها تثق بعملهم، وتوصيهم على روائح وزيوت معينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

زيت بزيت

"وداوني بالتي كانت هي الداء" تصح أيضاً على فكرة صناعة الصابون الذي ينظف الزيوت والشحوم أيضاً إلى قائمة لا تنتهي تسبب الاتساخ، وهو مصنوع أصلاً من الزيت وكلما كان الزيت ذي جودة كان الصابون فاخراً.

وتخبر مريم قانصو التي تصنع الصابون المنزلي أن السبب الرئيسي لامتهانها هذا هو التأكد من جودة الصابون، فهي تستخدم زيت الزيتون الصافي وتضيف إليه عطوراً وزيوتاً كثيرة مثل الغار والغليسيرين والنعناع والخضار والسمسم والبابونج وجنين القمح وجوز الهند والجوجوبا، كما تضيف أحياناً الأعشاب وبذور الشيا ورحيق النحل، عدا عن الصابون البلدي المعروف، وتصنع صابوناً خاصاً لغسل الوجه.

مريم التي كانت تعمل في الخياطة تتدرب كل عام بدورات تعليمية لحرف، وقد خضعت لدورتين في تصنيع الصابون، وتقول إنها تأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي الضرر الذي تسببه القطرونة "الصودا الكاوية" واسمها العلمي هيدروكسيد الصوديوم، كما أنها تستخدم الـ "بان ماري" أي "الحمام المائي" ولا تضع مكونات الصابون على النار مباشرة، وتضيف المياه المقطرة والزيوت. وتحتاج إلى نصف ساعة لصناعة كيلوغرامين من الصابون، يمكن استخدامها في اليوم التالي، لكنها تنصح بإبقائها شهراً حتى تخف درجة الحموضة في الصابون، إذ كلما عتق الصابون زادت جودته.

وتنصح مريم الناس بصنع صابونهم الخاص أو الطلب ممن يصنعونه منزلياً، لأنه في الصابون التجاري تستخدم زيوتاً رديئة.

أصبح عملاً عائلياً

سيرين بو زين الدين من جهتها تتحدث عن تعلمها إنتاج الصابون من مهنتها السابقة في معهد التعاون الجامعي، وبدأتها كهواية وللاستهلاك المنزلي وللأصحاب والأقارب، ثم قررت العائلة زيادة الإنتاج وإضافته إلى منتجات أخرى في مؤسستهم العائلية وكلها تعتمد على خيرات الأرض.

تقول سيرين إنهم يصنعون قطع الصابون يدوياً من زيت الزيتون عبر العمليات الباردة والساخنة للاستهلاك البشري ولأغراض التنظيف في الوقت نفسه، وتشير إلى أنهم يتبعون الخطوات التقليدية في صنع صابون زيت الزيتون باستخدام المكونات الثلاثة الأساسية (زيت الزيتون والماء والصودا الكاوية)، أما عن روائحها فتوجد عطور مثل العود والمسك والخزامى والياسمين، وأحياناً يضيفون الأعشاب والنباتات مثل الخزامى وإكليل الجبل والكركم والغار والألوفيرا، ولتشمل العطور الطبية المعروفة التأثير للصابون اليدوي الذي يناسب جميع أنواع البشرة.

احذر الصودا الكاوية

تذكر سيرين أن صنع الصابون أمر ممتع وسهل، ومع ذلك يجب التنبه لهيدروكسيد الصوديوم المعروف بالصودا الكاوية أو "القطرونة"، والتعاطي معها بحذر لأنها تسبب أضراراً جسيمة للجلد والعينين إذا تطايرت أثناء عملية صنع الصابون، لذا تنصح باتخاذ إجراءات السلامة منذ البدء بالعملية حتى انتهائها من حماية العينين بنظارات الأمان، وارتداء الأكمام الطويلة والقفازات المطاطية، واستخدام القناع أو الكمامة لتجنب استنشاق الأبخرة، واستخدام أوان خاصة لا تستخدم لاحقاً للطعام، فهذه المادة ضارة إذا تمّ استنشاقها، وقاتلة إذا ابتلعت.

وتذكر سيرين أنه إذا صنع الصابون بالطريقة الباردة يستخدم بعد حوالى 25 يوماً على الأقل ولكن في هذه الحالة يذوب الصابون بسرعة، لذا يفضل تركه لمدة ستة أشهر حتى يجف تماماً ويصبح صلباً ولا يذوب بسرعة.

زيت الزيتون للشعر والجسم

تشير سيرين إلى أن زيت الزيتون اللبناني البكر من بين أغلى الأنواع لجودته العالية، ويحتوي على كميات كبيرة من مضادات الأكسدة وله خصائص مضادة للالتهابات، وهو مرطب للبشرة، لذا فإن صابون زيت الزيتون يحمي الجلد وينظف البشرة من دون حرمانها من زيوتها الطبيعية، كما يستخدم البعض صابون زيت الزيتون لغسل شعرهم، وهو لا يقوي الشعر فحسب، بل يعزز نموه. وتضيف أنه لا تنتهي قيمة صابون زيت الزيتون بالجمال والشعر، فهو مفيد أيضاً لنظافة المنزل، فهو مثالي للاستحمام وغسل الملابس بسبب قوامه الطبيعي تماماً. كما يمكن إذابته في الماء واستخدامه للتنظيف المنزلي ودمجه مع القليل من الخل، ومثالي لتنظيف الحمام والمطبخ.

منافع الإضافات الطبيعية

وتعتبر سيرين أن بعض الإضافات تزيد من خصائص ومنافع صابون زيت الزيتون. فالعسل مفيد للجفاف بسبب خصائصه المضادة للأكسدة والمرطبة، ويساعد على قتل البكتيريا التي قد تسبب حب الشباب ويساعد الجلد على الشفاء بشكل أسرع.

والصبار يحتوي على معادن وفيتامينات وتساعد طبيعته المطرية في تخفيف جفاف الجلد والحكة.

وتشير إلى إمكانية صنع الصابون اليدوي حسب ما يختار الشاري بدءاً من العطر وصولاً إلى اللون والشكل، حتى أن البعض يستخدمه في هدايا الزفاف والولادات الحديثة.

مقادير صناعة الصابون البلدي

وفي سياق متصل، يقول زياد أبو رحّال إنه ورث صناعة الصابون عن عائلته، خصوصاً أن قريته تشتهر بزيت الزيتون، وكل البيوت ترث طريقة صنع العائلة للصابون، ويذكر زياد أن الطريقة التقليدية لصناعة الصابون البلدي تكون على الساخن وهي أجود من التصنيع على البارد الرائجة اليوم لدى البعض.

والطريقة التقليدية هي عبارة عن خلط وغلي الماء والصودا أو "القطرونة" وزيت زيتون. ويشير إلى أن البعض يدخل معها الغار والعطر والخزامى، فتوضع في كيس قماش، وتضاف للصابون أثناء غليه، وتزال لاحقاً، ويقول إن لا أحد في قريته يدخل زيوتاً وكريمات أخرى.

أما عن المقادير المعتمدة، فلكل كل تنكة زيت أي ستة أرطال من الزيت، والرطل يساوي (2.5) كيلوغرام، ستة أرطال ماء وثلاثة كيلوغرامات صودا.

والطريقة سهلة للغاية، إذ توضع الماء والصودا وتحرك جيداً في وعاء كبير، ويشدد على ابتعاد الرأس ووضع كمامة لأن الأبخرة مؤذية، هذا التفاعل بين الماء والصودا يجعل الماء ساخناً، لذا يجب الانتظار حوالى ساعتين حتى يبرد، ثم يضاف الزيت ويحرك جيداً، ويغطى ويترك حتى اليوم التالي، ويغلى في اليوم التالي لمدة ساعتين، وتكون طبخة الصابون أصبحت جاهزة للسكب، فتستخدم ملعقة كبيرة بثقوب لتصفيته من الماء، ثم يوضع في قوالب، ويقطع بمسطرة كل 10 سنتمترات، ويترك ساعة تقريباً. والمياه التي تبقى في البرميل تستخدم كمنظفات قوية للثياب.

أما في الطريقة الباردة فيوضع كيلوغرام من مادة "القطرونة" أو صودا، وكيلوغرامان من المياه، وثمانية كيلوغرامات زيت، وتخلط المياه و"القطرونة" ثم الزيت مثل الطريقة السابقة، ويبدأ التحريك اليدوي أو بالخلاط الكهربائي ليصبح كاللبن، ثم يوضع في قوالب، ويترك إلى اليوم التالي لتقطيعه، كما يحتاج 20 يوماً ليصبح قابلاً للاستخدام لتخف نسبة الصودا.

ويخبر زياد أن الصابون السائل يصنع من برش الصابون، الذي يؤخذ من الزائد من الأطراف، وكل كوب برش صابون يحتاج إلى كوبين من الماء الساخن ويذوّب جيداً، خصوصاً أن البرش لا يستخدم في الغسالات الحديثة التي أصبحت منتشرة.

أما عن زيت الزيتون المستخدم فيشير إلى أنه من الدرجة الثانية أي المعصور من الحبوب التي تجمع من تحت الأشجار يعصر وحده لصناعة الزيت.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات