أثار قرار دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة، السبت 23 مارس (آذار) الحالي، ردود أفعال متباينة ما بين مرحب ومتحفظ ومتفائل، ولم تخرج جميعها عن سياق احترام أحكام القضاء المصري، إذ قضت محكمة القضاء الإداري التابعة لوزارة العدل المصرية وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزيرة السياحة رانيا المشاط بشأن شروط وضوابط تنفيذ رحلات العمرة لعام 2018، وبطلان ما ترتب على ذلك القرار من آثار أخصها فرض رسوم إضافية على تكرار العمرة ووضع حد أقصى لأعداد المعتمرين.
صدر الحكم في الدعوى المقامة من الدكتور حسين المطعني وحنان جورج، المحاميان، وأكدا فيها على مخالفة القرار للدستور والقانون اللذين ينصان على عدم جواز فرض رسوم أو ضرائب إلا بقانون.
حيثيات الإلغاء
وذكرت الدعوى أن القرار تضمن أيضا مخالفة لمبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليه بالمادة 53 من الدستور، لفرضه رسوماً باهظة على المعتمرين، دون غيرهم من المسافرين لقضاء عطلاتهم والترفيه في أي دولة أجنبية أو المسافرين لحضور مباريات كرة القدم.
وكانت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة المصرية، أصدرت قرارا العام الماضي يقضي بتحصيل مبلغ يعادل 2000 ريال سعودي من المواطنين الذين أدوا العمرة بداية من عام 2015 ويرغبون في أدائها مجدداً، على أن توضع هذه المبالغ في حساب بالبنك المركزي، وأوضحت آنذاك فرض رسوم التكرار، لإعطاء الأولوية للمواطنين الذين لم يسبق لهم أداء العمرة من قبل، لأدائها.
واجب النفاذ
وتعقيبا على قرار محكمة القضاء الإداري قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة، في بيان أصدرته الأحد الموافق 24 مارس (آذار) الحالي في اليوم التالي لقرار المحكمة "إن وزارة السياحة تحرص كل الحرص على تنفيذ أحكام القضاء واجبة النفاذ إعلاءً لمبدأ سيادة القانون، واحتراماً لحجية الأحكام القضائية. ووجهت المشاط اللجنة العليا للحج والعمرة بتدارس آلية وسبل تنفيذ هذا الحكم وفقا لما جاء بمنطوقه وأسبابه الجوهرية.
وعلق مجدي شلبي، وكيل أول وزارة السياحة، رئيس قطاع الشركات السياحية، على إلغاء محكمة القضاء الإداري قرار فرض رسوم إضافية على تكرار العمرة، قائلا: "نحترم الأحكام القضائية كونها لها حجية واجبة النفاذ، وننتظر وصول الحكم لمعرفة الأسباب والحجة".
وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن وزارة السياحة تنظر في الحكم حال وصوله فوراً لبحث آلية التنفيذ وتوقيتاته المحددة، مؤكداً أن كل الإجراءات تتوقف لحين معرفة حيثيات الحكم.
مستقبل المعتمرين
وقالت مصادر مسئولة باللجنة العليا للحج والعمرة التابعة لوزارة السياحة إن اللجنة ستجتمع خلال أيام، لمناقشة مستقبل موسم العمرة بعد صدور حكم إلغاء رسوم التكرار.
وأكدت المصادر أن اللجنة ستلتزم بتنفيذ الحكم القضائي خاصة في مسألة رسوم التكرار، أما في جزئية إلغاء السقف العددي للمعتمرين، فإنه من المتوقع تنفيذه بداية من موسم العمرة المقبل، وأشارت المصادر أن نتائج اجتماع اللجنة لدراسة تنفيذ القرار ستعرض على وزيرة السياحة.
دوافع فرض رسوم "تكرار العمرة"
وأشارت المصادر إلى أن أسباب فرض رسوم إضافية لتكرار العمرة ترجع إلى سببين رئيسيين؛ أولهما تحجيم تدفق العملة الأجنبية للخارج في توقيت إصدار القرار، بينما السبب الثاني كان بهدف إتاحة فرصة أكبر للمواطنين لأداء الفريضة الذين لا يتمكنون من أدائها بسبب كثرة أعداد المتقدمين.
وقالت المصادر إن قرار محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار وزيرة السياحة الخاص بتحصيل رسوم على تكرار العمرة "واجب النفاذ"، بمجرد صدور الصيغة التنفيذية للحكم، وتسليمه إلى الوزارة، بصفتها الجهة المنوط بها تنفيذه.
وأكدت أن الطعن على الحكم لا يوقف إنفاذه، وأن عدم تنفيذه أيضا يعرض الموظف الحكومي لجنحة الحبس، والعزل من الوظيفة.
وأضافت أن جميع المواطنين الذين سيتوجهون للعمرة بعد وصول الصيغة التنفيذية لن تطبق عليهم رسوم تكرار العمرة والمقدرة بما يعادل "2000 ريال" تحصل لصالح وزارة السياحة، لافتا إلى أن الحكم لم يتطرق إلى مصير من سدد رسوم تكرار العمرة منذ صدور قرار وزيرة السياحة بتحصيل تلك الرسوم.
زيادة أعداد المعتمرين
وقالت المحاسبة ميرفت حطبة، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للسياحة والفنادق، إحدى شركات قطاع الأعمال المصري، إنه لا يمكن التعليق بأي حال من الأحوال على أحكام القضاء المصري.
وأكدت لـ"اندبندنت عربية" أن قرار المحكمة ما زال في درجته الأولى، ويمكن الطعن عليه، ولفتت إلى أن تنفيذ قرار المحكمة سيسهم في زيادة أعداد المعتمرين لهذا العام لتقدم عدد كبير ممن شملهم قرار السماح مشيرة إلى أن الأيام المقبلة ستفصح عن آثار القرار.
من جانبه قال عماري عبد العظيم، رئيس شعبة شركات السياحة بالغرفة التجارية للقاهرة، أن عمرتي شعبان ورمضان هي الأكثر استفادة من إلغاء قرار فرض رسوم على تكرار العمرة مؤكدا انتعاش شركات السياحة بنسبة تتجاوز الـ30%.
وقال عماري إن فرض رسوم تكرار العمرة أدى إلى تراجع أعداد المعتمرين من مليون و350 ألف معتمر لتصل إلى 500 ألف معتمر في السنة، قائلا: "كانت تؤثر على الدخل السياحي وتثقل كاهل وأعباء المواطن البسيط الذى عزف بشكل كبير عن أداء العمرة".
وتوقع أن تشهد البرامج السياحية منافسة شديدة لصالح المستهلك وتراجع الأسعار لوجود منافسة لجذب أكبر عدد من المواطنين واختتم كلامه: "حكم محكمة القضاء الإداري واجب النفاذ".
حماية المعتمر من الشركات
موسم العمرة والحج لهذا العام بدأته الحكومة المصرية مبكراً مع بداية عمرة المولد النبوي الشريف، وفي سبيل ذلك اتخذت وزارة السياحة إجراءات لضبط موسم العمرة الحالي 1440هجرية، منعًا لتلاعب الشركات السياحية بالتأشيرات المخصصة للعمرة، والحفاظ على مصالح المواطنين وعدم محالفة الشركات للضوابط المنظمة لبرامج العمرة، بما في ذلك ترحيل بعض التأشيرات لشهر رمضان.
ومن أهم الإجراءات التي اتخذتها اللجنة العليا للحج والعمرة، لضمان الحد من تنفيذ بعض الشركات السياحية للتأشيرات الخاصة بالمواطنين والمخصصة للفترة الأولى، والتي تنتهى مع نهاية شهر شعبان ليتم تنفيذها خلال شهر رمضان الكريم بدء مراجعة تنفيذ كافة الشركات لما تم تنفيذه من تأشيرات عمرة خلال الفترة الماضية وحتى نهاية شهر رجب، ودراسة معدل التنفيذ لكل شركة خلال هذه الفترة.
بالإضافة إلى مراجعة الشركات المنفذة لأعداد ضئيلة من الحصة المخصصة لها، خلال هذه الفترة لتوضيح أسباب ذلك وحصر الشركات التي تقوم بمراجعة أعداد معتمرين شهر شعبان، اعتباراً من نهاية شهر رجب، وسيتم للتأكيد على مسئوليتها بسفر وعودة هؤلاء المعتمرين لضمان عدم ترحيل هذه الأعداد إلى شهر رمضان إلى جانب مراجعة شركات الطيران في سفر وعودة المعتمرين، والشركات المخالفة ستتعرض للجزاء المحدد بالضوابط المعتمدة لهذا الموسم والتي تصل إلى حد إلغاء الترخيص.
وألزمت لجنة الحج الشركات السياحية بفتح الموقع الإلكتروني المسجل عليه تاريخ دخول وخروج تلك المجموعات من الأراضي السعودية، ومطابقتها على التواريخ المعتمدة لهذه البرامج وفى حالة ظهور المخالفة سوف يطبق الجزاء فوراً.
وطالبت وزارة السياحة جميع الشركات السياحية الالتزام بالضوابط الموضوعة لموسم العمرة الحالي وعدم مخالفتها لأى من بنودها، وذلك في ضوء حرص وزارة السياحة على انتظام سير موسم العمرة لعام 1440هــ والحفاظ على مصالح المواطنين وعدم محالفة الشركات السياحية للضوابط المنظمة لبرامج العمرة.
الريال والجنيه
الريال السعودي والجنيه المصري تربطهما علاقة تبلغ ذروتها في مع بدء موسم العمرة والحج اما ارتفاعا أو هبوطا ومع بداية موسم العمرة الحالي، إذ سجّل سعر الريال السعودي بسوق الصرافة المصرية تراجعاً ملحوظاً بداية من مطلع مارس (آذار) الحالي متأثراً بتراجع الدولار في السوق المحلية، فيما أعلنت شركات الصرافة وشركات السياحة، زيادة إقبال المواطنين على مدار الأيام الثلاثة الماضية على الشراء، بالتزامن مع عمره رجب وشعبان لهذا العام.
وقال علي الحريري، نائب رئيس شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن تراجع الريال السعودي بسوق الصرافة المصرية الأسبوعين الماضيين، أدى إلى زيادة الطلب عليه بالتزامن مع موسم عمرة رجب وشعبان، وهو طلب دائماً ما يشهده الريال في سوق الصرافة في مواسم العمرة، إضافة إلى أن التراجعات التي حققها الريال أمام الجنيه من وقت لآخر، تأتى بسبب الارتباط الكبير بين العملة السعودية والدولار الأميركي في السوق المصرية.
وأضاف "الحريري" لـ"اندبندنت عربية" أن عمليات بيع الريال بسوق الصرافة بها وفره، وأكد أن العملات العربية تراجعت بشكل كبير في السوق منذ تحريك سعر الدولار، مضيفًا أننا نلبى الآن أكثر من 20% إلى 50% من طلب العملاء على الدولار، والريال السعودي مستقر ويشهد هدوءاً ومتوافرٌ بالصرافات، موضحاً أنه لا توجد أزمة في توافر الريال السعودي منذ بدء موسم العمرة حتى الآن، مستبعداً هذا العام وجود عمليات لتخزين الريال، نظراً لوفرة المعروض.
منظومة إلكترونية
من جانبه أكد ناصر تركي، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية ورئيس لجنة الإعلام والعلاقات الحكومية، أن موسم العمرة المقبل 1441هـ سيعمل وفق المنظومة الإلكترونية للمملكة العربية السعودية للمرة الأولى، حيث سيكون التعامل بين شركات السياحة والمملكة عبر سيستم إلكتروني منذ بداية الحجز للفندق والانتقالات وحتى استخراج الفيزا، ولن يكون هناك دور للقنصلية السعودية في ذلك.
وأضاف تركي: "إن الميكنة ستقضى بالكامل على التعامل المباشر، مع الوكلاء السعوديين والفنادق وغيرها من الخدمات في الأراضي المقدسة، حيث سيكون التعامل بالكامل من خلال السيستم الإلكتروني الذى سيوفر كل تلك الخدمات "أون لاين".
وأوضح تركي أن الموقع السعودي سيوفر عروض الفنادق المختلفة وأسعارها وشركات الانتقالات والمطوفين وكافة الخدمات، ثم يأتي دور شركة السياحة المصرية بالدخول على السيستم وإدخال بيانات الوفد المعتمر بالعدد والأسماء واختيار نوع الإقامة ومدتها والخدمات التي يرغب فيها المعتمرون، وبعد الانتهاء من إدخال كافة البيانات المطلوبة يتم احتساب قيمة الرحلة بالكامل.
وأشار إلى أنه شرط أساسي تسديد التكلفة بالكامل، وفور ذلك تخرج التأشيرات للمعتمرين وتتم طباعتها وتسليمها دون أي دور للقنصلية السعودية، مشدداً على أن تطبيق هذا النظام سيؤدى إلى زيادة التكلفة لأكثر من سبب، أولا أن دفع كافة الخدمات سيكون مقدماً وليس على مراحل كما هو معمول الآن، كذلك هناك رقابة من الجانب السعودي على الموقع الإلكتروني والضرائب المفروضة.
المملكة تستعد لضيوف الرحمن
وأطلقت وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية مؤشر العمرة الأسبوعي مع مطلع العام الهجري الحالي، والذي يقيس خمسة جوانب رئيسة تتمثل في عرض أعداد تأشيرات العمرة الصادرة، وإجمالي أعداد المعتمرين القادمين إلى المملكة عبر المنافذ الجوية والبرية والبحرية، وأعدادهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى أعداد المعتمرين المغادرين للمملكة بعد أداء مناسك العمرة، وأعداد الموظفين السعوديين.
وفقا للمؤشر فإن وصول المعتمرين إلى المملكة توزع بين ثلاث وسائل نقل، حيث وصل 180 معتمراً عبر المنافذ الجوية 3، 643، وعن طريق المنافذ البرية (405)، 343 معتمراً، وسجل وصول 252 معتمراً عبر المنافذ البحرية.
أما أكثر الجنسيات قدوماً فكانت وبالترتيب: باكستان 981، 131، تليها إندونيسيا 665، 615، بعدها الهند 421، 697، ثم مصر 218، 846، وحلت اليمن خامساً 209، 452 معتمرين. وتأتي بعدها كل من: تركيا 206، 461، ماليزيا 206، 329، الجزائر 149، 364، الأردن 113، 364، العراق 104، 731.
ويهدف المؤشر الأسبوعي إلى تتبع حركة التأشيرات والقدوم والمغادرة بما يسهم في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن من معتمرين وزوّار، والوصول لمستويات متقدمة من الرضا عند المستفيدين، بما يحقق أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030 باستقبال 30 مليون معتمر، وإثراء تجربتهم وتحسينها من خلال خدمات متنوعة ذات جودة وقيمة عالية.
وبدأت شركات السياحة تسيير أولى رحلات العمرة للموسم الجديد 1440 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حيث بدأت أولى الرحلات منتصف الشهر على أن يتم تسيير ما يقرب من 15 رحلة على مدار الموسم، تبدأ برحلة المولد النبوي وتنتهي برحلة شهر رمضان، وتم توزيع الـ500 ألف تأشيرة على الموسم.
وتم تسيير 200 ألف تأشيرة عمرة خلال الفترة من 15 نوفمبر (تشرين الثاني) وحتي 21 يناير (كانون الثاني) الماضي وهو (موسم عمرة المولد النبوي) ثم تسيير 200 تأشيرة أخرى في الفترة من 21 يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى نهاية شهر شعبان، على أن يستأثر شهر رمضان وحده بـ100 ألف تأشيرة عمرة.